منهج ابن تيمية في القراءات

Size: px
Start display at page:

Download "منهج ابن تيمية في القراءات"

Transcription

1

2 الجامعة اإلسالمية غزة عمادة الدراسات العليا كلية أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن منهج ابن تيمية في القراءات وأثرها في استدالالته إعداد الطالب حممد بن عمر العزامي إشراف فضيلة وليد د. بن حممد العامودي قدمت هذه الرسالة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في التفسير وعلوم من كلية القرآن أصول الدين بالجامعة اإلسالمية غزة 1041 م 4153 ه

3

4

5

6 اإلهداء أ

7 الشكر والتقدير شكر وتقدير انطالقا من قول الحق تبارك وتعالى على لسان سيدنا سليمان : ي أ ن ع م ت ع ل و ع ل أ ن أ ش ك ر ن ع م ت ك ال ت الص ا ل ي ]النمل: 91 [. فإني أحمد اهلل تعالى ي ب ر ح ت ك د ي و أ ن أ ع م ل ص ا ل ا ت ر ض اه و أ د خ ل ن و ال على آالئه, وأشكره على و ق ال ر ب أ و ز ع ن ي ع د اد مننه ونعمائه التي غمرني بها, ومن تلك النعم د ارسة العلم الشرعي وتمهيد طرق تحصيله وتذليلها, وكذلك تيسير سبل إنجاز هذا البحث واتمامه على هذا الوجه فلله الحمد أوال وآخ ار. وامتثاال لقوله تعالى: ل ئ ن ش ك ر ت م ل ز يد ن ك م ]إب ارهيم: 7[., وقوله : "م ن ل م ي ش ك ر )9( الن اس ل م ي ش ك ر الل ه " فإني أتوجه بخالص الشكر, وعظيم االمتنان, وبالغ االحت ارم والتقدير لمشرفي وأستاذي وشيخي فضيلة الدكتور: وليد بن محمد العامودي, والذي تكرم مشكو ار بقبول اإلش ارف على هذه الرسالة, فكان لي نعم المشرف الناصح, ونعم األب الحاني في مسيرة كتابتي للرسالة, حيث لم يبخل علي بوقته الثمين رغم كثرة أعبائه, ولم يأل جهدا في توجيهي, ونصحي, وغرسه الثقة في نفسي, وكذلك تشجيعي على المضي قدما في الكتابة أسأل اهلل تعالى أن يجزيه عني خير الج ازء, ويبارك في علمه, وأن يديمه منارة للعلم, وذخ ار لطلبته, وأن يرزقه تمام الصحة والعافية. كما وأتوجه بالشكر الجزيل, والعرفان بالجميل إلى أستاذي الكريمين: فضيلة المقرئ الدكتور: عبد الرحمن الجمل حفظه اهلل ورعاه. الدكتور: الشيخ وفضيلة جمال الهوبي حفظه اهلل ورعاه. لتفضلهما بقبول مناقشة هذه الرسالة, وما بذاله من جهد في ق ارءتها وتنقيحها. )331/4(, ح) 9111 ([. 9 ) ( أخرجه: الترمذي في سننه [ كتاب البر والصلة/ باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك والحديث حسنه الترمذي. المصدر نفسه. وصححه األلباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته ])9994/2(, ح.])4134( ب

8 الشكر والتقدير والشكر موصول إلى جامعة العطاء صرح العلم الشامخ الجامعة اإلسالمية العلم والعلماء, والرقي واإلبداع. محضن الغ ارء, وقبل أن أمضي أتقدم بأسمى آيات الشكر واالمتنان واالحت ارم والتقدير إلى أساتذتي ومشايخي في كلية أصول الدين, الذين حملوا أقدس رسالة في الحياة, ومهدوا لنا طريق العلم والمعرفة, والى جميع الذين كانوا عونا لنا في حياتنا العلمية, ونو ار يضيء لنا الطريق بعلمهم ووقارهم, فج ازهم اهلل عنا كل خير, وجعلهم ذخ ار لإلسالم والمسلمين. وكذا شيوخي األفاضل من خارج الكلية, فضيلة الشيخ الدكتور: سلمان بن نصر الداية حفظه اهلل, والذي احتضننا في مكتبته فكانت بيتنا الثاني, وفضيلة الشيخ الدكتور المسن د المقرئ: سعيد بن صالح زعيمة السكندري- من أعلى إسناد الق ارءات في مصر- شيخي في علم الق ارءات رواية ود ارية على ما أرعاني من اهتمام خاص, فقد أجازني بفضل اهلل بق ارءة ابن كثير ونافع وعاصم, والجزرية والتحفة, وغيرها من إجا ازت المتون في علم الق ارءات والحديث. وال يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى رفاق الدرب, وزمالء الد ارسة, وأصدقاء العمل, وكل من عرفني وعرفته, وجمعني به الحب الخالص في اهلل. وألختي الفاضلة األستاذة: أمل عمر الع ازمي اهلل و ازدها من فضله وكرمه في الدارين. كل الشكر والوفاء لجهدها المبذول, حفظها وللجميع مني كل التقدير والمحبة واالحترام... ت

9 إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده اهلل فال مضل له, ومن يضلل فال هادي له, وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, وصفيه من خلقه وخليله, أد ى األمانة وبل غ الرسالة, وجاهد في اهلل حق جهاده, صلوات وسالمه ربي عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وبعد... نعما ال تحصر, وأضفى لهم آالء ال تقد ر, وان من فإن المنعم قد أنعم على أهل الملة أرفع هذه النعم قدر ا, وأجلها ذكر ا,وأدومها بقاء, وأنقاها صفاء, وأعظمها دواء وشفاء, كتاب الخالق المنز ل فقد أدركت األمة عظمته, ونهلت وال ازلت- من صفو نبعه الخالد, ورقي نظمه الماجد, وكان ممن وفقهم اهلل لذلك ملهم األمة ومقرر المنهج, المتفنن صاحب الفنون, العالم صاحب العلوم, علم األعالم, وشيخ اإلسالم العالمة اإلمام ابن تيمية الذي ما ترك من أنواع التصنيف لون ا يعتب, وما ترك علم ا لآلخرة ينسب, إال وفيه تبحر, ومع أمواجه أبحر, فهداه اهلل للكتاب الموقر, فعلم وعمل وفسر, وكان علم الق ارءات من بين العلوم التي تعلمها, وأبدع فيها, وأفتى في أحكامها واستدل بها في عقيدة أهل الملة, وتشريعهم وأخالقهم فكان- وكما ظهر لي من خالل الغوص في مؤلفاته أثناء كتابة البحث- عالم ا باالستدالل بالق ارءات مفتيا بأحكامها, مستدال بأوجهها موجها لها في بعض األحيان كيف ال والحديث عن شيخ اإلسالم ومجلي األفهام, ومزيل األوهام - خالفا لمن يقول بقلة بضاعة اإلمام في الق ارءات-. فلما كان علم الق ارءات علم ا مستقال بذاته ومن العلوم التي ينبغي لطالب العلم الشرعي, خاصة في قسم التفسير االهتمام بها. ولما كانت شخصية البحث إمام األئمة ومتفنن العلوم الغني عن الحديث عنه في هذا الموضع المقدمة-. ولما كان لهذا العلم مكانة في قلب الباحث ومحبة خاصة له عله ينال شرف كتاب المولى فيبرز درة أو جوهرة أو حتى ذرة من كنوزه د

10 - ولما كثر حديث طلبة العلم, في حوا ارتهم ومناقشاتهم حول شخصية اإلمام في علم الق ارءات بين مبالغ ومنصف ومجحف. *لذلك كله كان ال بد من تسليط الضوء على هذا النمط الثمين من علوم القرآن واالستدالل بها خاصة مع شخصية من أبرز أئمة اإلسالم وشيوخه بعد أن سألت اهلل تعالى في أن يكون موضوع بحثي لنيل درجة الماجستير في هذه القضايا علومها, فوسمته ب عند شيخ اإلسالم, ويلم الق ارءات واالستدالل بها شعثها في مؤلف واحد, ويبين موقفه منها "منهج ابن تيمية في الق ارءات وأثرها في استدالالته" اإلخالص والقبول والتوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه. أوال : أهمية البحث تنبع أهمية هذا الموضوع من خالل النقاط التالية: بما بإذن اهلل موضوعا يعالج وآ ارءه وفتاواه في ارجي ا منه سبحانه 9. التأكيد على أهمية علم الق ارءات, وبيان فضل القرآن كونه دستور ا للمسلمين. 2. يمكن هذا البحث المتخصصين في مجال علم الق ارءات من الوصول إلى عالقة علم الق ارءات بالعلوم األخرى بما يسهم في تقوية اهتمام المتخصصين وغيرهم من المهتمين في إتقان الجانب النظري والعم يل من هذا العلم. 3. محاولة إث ارء المكتبة اإلسالمية بمثل هذا الن وع من البحوث والتي تتناول موضوعات.1 ربطت علم الق ارءات واالستدالل بها في أعظم القضايا كالعقيدة والفقه, والتفسير, اللغة..., يبرز ومجال. ارتباط هذا العلم بغيره من العلوم وصالحيته لالستدالل به في ومكان زمان كل 4. هذا البحث يس لط الضوء على أحكام األحرف والق ارءات وأنواعها والفتاوى المترتبة عليها. يبرز هذا البحث شخصية المحقق المجدد, الشيخ اإلمام ابن تيمية ثانيا : أسباب اختيار الموضوع. إمام في العقيدة ومفت في الفقه, ومفسر للقرآن, و ارسخ في العلم أهمية الموضوع المشار إليها آنفا. المشورة الطيبة من مدرسي ومشايخي في الجامعة اإلسالمية-كلية أصول الدين-, مشورتهم القبول واالهتمام البالغين. فأعرت.9.2 ه

11 من دواعي وأسباب اختيار الموضوع اعتقادي بحاجة الناس إلى هذا العلم في قطاعنا الحبيب خاصة طلبة العلوم الشرعية, وقلة المتخصصين فيه. الرغبة الشديدة في إب ارز منهج االستدالل بالق ارءات عند شيخ اإلسالم. إب ارز هذا الجانب والكتابة فيه لعدم تناول مثل هذا الموضوع على حد علم الباحث, إذ إن معظم الد ارسات تناولت إما مناهج المفسرين أصحاب التصانيف التفسيرية في الق ارءات, أو منهج ابن تيمية في علوم أخرى غير الق ارءات. ما لهذا الموضوع من أهمية عظيمة لطلبة العلم كونه يساهم في إضافة جديد في هذا العلم ثالثا : أهداف الدراسة والغاية منها تتجلى أهداف هذا الموضوع في: ابتغاء األجر والثواب من اهلل في الدنيا واآلخرة وذلك من خالل طلب العلم والعمل. إث ارء المكتبة اإلسالمية بد ارسة علمية محك مة تتناول موضوع ا جديد ا في مجال االستدالل بالق ارءات. توضيح القيمة العلمية للق ارءات واالستدالل بها. فتح آفاق جديدة أمام الدارسين وطلبة العلم الشرعي, وذلك من خالل النتائج والتوصيات التي سيخرج بها الباحث في الخاتمة إن شاء اهلل. تسليط الضوء على أهمية هذا الموضوع, وزيادة االهتمام به من قبل طلبة العلم لالرتقاء بالعلم الشرعي. بيان فضل كتاب اهلل, والبحث فيه, واالستفادة من جواهره ودرره, ودوره في بناء وريادة األمة اإلسالمية, في شتى مجاالت الحياة, فهو كتاب الهداية واإلعجاز. بيان منهج اإلمام ابن تيمية في االستدالل بالق ارءات للعلوم األخرى. بيان ترجيحات اإلمام وفتاواه في مصطلحات علوم الق آرن والرسم العثماني والوقف..., و

12 رابعا : الدراسات السابقة: بعد البحث في العديد من قواعد المعلومات الخاصة بالد ارسات األكاديمية والمتعلقة بالجامعات اإلسالمية والعربية, والبحث عن طريق شبكة المعلومات " اإلنترنت" تبي ن للباحث أن ه ال توجد د ارسة تبرز منهج اإلمام ابن تيمية في استدالله باألحرف والق ارءات القرآنية, بيد أن الد ارسات القريبة من هذا الموضوع إما أنها تسلط الضوء على اإلمام ابن تيمية كعالم في مجال آخر غير الق ارءات, أو تبرز مناهج علماء غير شيخ اإلسالم في الق ارءات. خامسا : منهج الباحث جمع الباحث في هذه الد ارسة- بعون اهلل تعالى- بين المنهج االستنباطي, والتحليلي واالستق ارئي باعتبار الجمع بينها أنسب المناهج لمثل هذا الموضوع, وذلك عن طريق استق ارء مناهجه في الق ارءات, واستنباط جهوده المبذولة في هذا العلم, وتحليل تعريفاته وشرحها وبيان إضافاته وبيان الدالالت المتضمنة لها, وذلك من خالل كتبه والكتب ذات الصلة. وذلك وفق الخطوات التالية: الرجوع إلى المصادر األصلية, وأمهات الكتب إذا كانت المسألة قد تناولها علماؤنا األجالء. االستعانة بكتب الق ارءات وحججها في بيان الق ارءات المتواترة وأصحابها ومعانيها. االستعانة بكتب التفسير وعلوم الق آرن في بيان الق ارءات الشاذة. الرجوع لكالم شيخ اإلسالم في كتبه األصلية المحققة. تحرير المسائل المعروضة ما تيسر, وبسط أقوال أهل العلم, وأدلتهم, ومناقشة ما يستحق المناقشة منها, والرد على االعت ارض ما تيسر, مع ذكر سبب الخالف ما تيسر, والخروج بالقول الذي أحسبه ارجحا وفق ما عرض من أدلة بعيدا عن التعصب والهوى, مع ذكر مسوغات الترجيح, وأيدت آ ارء شيخ اإلسالم وترجيحات, في أغلب المسائل لما ظهر من الحق في قوله, وانتصبت األدلة على ذلك, ولم يخل األمر من مخالفتي لإلمام في مسائل معدودة, متعلقة في ترجيح بعض األقوال في التفسير, وفروع مسائل اختالف الق ارءات كأسباب شذوذ الق ارءة مع االتفاق على شذوذها. ز

13 هذا في الحصول على المعلومة, وعرضها, وترتيبها في صفحات البحث. وأما طريقتي في التوثيق فهي كالتالي: عزو اآليات إلى سورها بذكر اسم السورة ورقم اآلية في متن الرسالة. تخريج األحاديث النبوية, وتوثيقها من مصادرها األصلية, ونقل الصحيحين ما استطعت إلى ذلك سبيال, وذلك في الحواشي. توثيق المسائل العلمية في العقيدة الحكم عليها إن لم تكن في والفقه واللغة وغيرها من المباحث, من كتبها المختصة. االقتصار في توثيق الكتب والمر اجع في الحاشية بذكر لقب المؤلف اسم المرجع, ورقم الجزء إن وجد والصفحة, وباقي المعلومات المصادر والم ارجع. أو اسمه ذكرتها أو - إذا قلت شيخنا أو شيخ اإلسالم أو الشيخ, فالكالم مصروف لإلمام ابن تيمية. - أعقبت البحث بخاتمة ذكرت فيها أهم النتائج والتوصيات. - ختمت البحث بفهارس توضيحي ة لآليات واألحاديث والم ارجع والموضوعات. كنيته, ثم في فهرس سادسا : خطة البحث وضع الباحث خطة لهذا البحث فجعله في مقدمة, وتمهيد وثالثة فصول وخاتمة على النحو التالي: المقدمة: وتشتمل على أهمية البحث, أسباب اختياره, أهداف الد ارسة والغاية منها, الد ارسات السابقة, منهج البحث وطبيعة العمل فيه, وخطة البحث. وفيه ثالثة مباحث: وفيه ثالثة مطالب: ح الفصل التمهيدي المبحث األول: األحرف السبعة. أدلة ثبوتها, وال ارجح فيها. وفيه ثالثة مطالب: المطلب األول: نظرة تاريخية على األحرف-عصر النبي وأبي بكر وعثمان. المطلب الثاني: أدلة ثبوتها. المطلب الثالث: ال ارجح في معنى األحرف. المبحث الثاني: الق ارءات وأنواعها. والق ارء.

14 المطلب األول: تعريف الق ارءات. المطلب الثاني: أنواع الق ارءات. المطلب الثالث: الق ارء ورواتهم. المبحث الثالث: أركان الق ارءة الصحيحة. وفيه ثالثة مطالب: المطلب األول: اتصال السند. المطلب الثاني: موافقة الرسم. المطلب الثالث: موافقة العربية. وفيه ثالثة مباحث: الفصل األول ابن تيمية: عصره, وشخصيته, وحياته العلمية. المبحث األول: عصر اإلمام ابن تيمية. وفيه ثالثة مطالب: المطلب األول: الحالة السياسية. المطلب الثاني: الحالة االجتماعية. المطلب الثالث: الحالة العلمية. المبحث الثاني: شخصيته ونسبه ومولده ووفاته. وفيه أربعة مطالب: المطلب األول: اسمه وأسرته. ونسبه وكنيته المطلب الثاني: صفاته الخ لق ية, وصفاته الخل قية المطلب الثالث: ف ارسته وك ارماته. المطلب ال اربع: محنته وفاته. وتعبده. المبحث الثالث: حياته العلمية وفيه ثالثة مطالب: ط

15 المطلب األول: مذهبه الفقهي وعقيدته, وأقوال أهل العلم فيه. المطلب الثاني: شيوخه وتالميذه. المطلب الثالث: مؤلفاته, ودرر من أقواله. وفيه أربعة مباحث: الفصل الثاني منهج اإلمام ابن تيمية في االستدالل بالقراءات المبحث األول: منهج ابن تيمية في االستدالل بالق ارءات في وفيه أربعة مطالب: المطلب األول: تعريف االستدالل وأنواعه وحكمه المطلب الثاني: االستدالل بالق ارءات ألنواع التوحيد المطلب الثالث: االستدالل بالق ارءات للغيبيات المطلب ال اربع: االستدالل بالق ارءات للرد على الفرق قضايا العقيدة المبحث الثاني: منهج ابن وفيه ثالثة مطالب: تيمية في االستدالل بالق ارءات في الفقه, والرقائق المطلب األول: االستدالل بالق ارءات للطهارة المطلب الثاني: االستدالل بالق ارءات لبعض أركان اإلسالم المطلب الثالث: االستدالل بالق ارءات للرقائق واآلداب المبحث الثالث: منهج ابن تيمية في االستدالل بالق ارءات في التفسير واللغة وفيه مطلبان: المطلب األول : االستدالل بالق ارءات للتفسير المطلب الثاني : االستدالل بالق ارءات للغة ي

16 الفصل الثالث منهج ابن تيمية في العرض والتوجيه والترجيح, وفتاواه وفيه ثالثة مباحث: المبحث األول: وفيه أربعة مطالب: منهج ابن تيمية في عرض القراءات وتوجيهها المطلب األول: عرضه للق ارءات ونسبتها واحالتها إلى مواضع أخرى المطلب الثاني: عرضه للق ارءات وتوجيهه لها دون نسبتها المطلب الثالث: عرضه للق ارءات دون توجيهها ودون نسبتها وبيانه للشاذ المطلب ال اربع: عرضه للق ارءة بأوصاف متعددة المبحث الثاني: منهجه في الترجيح بين الق ارءات وفيه ثالثة مطالب: المطلب األول: تعريف الترجيح, واالختيار وما يتعلق بهما. المطلب الثاني: موقفه من الترجيح في الق ارءات المتواترة. المطلب الثالث: موقفه من الترجيح في الق ارءات الشاذة. المبحث الثالث: فتاوى ابن تيمية في الق ارءات وما يتعلق بها وفيه ثالثة مطالب: المطلب األول: فتاواه في األحرف والق ارءات والتجويد. المطلب الثاني: فتاواه في الرسم والوقف واالبتداء, واستدالله به. المطلب الثالث: فتاواه في الصالة بالق ارءات, والتكبير. وأخي ار فهذا بحثي المتواضع, فما كان فيه من توفيق وافادة وفالح فهو من اهلل العليم كان فيه من خطأ وسهو, فجل من ال يخطئ ويسهو. واهلل الكريم أسأل أن يجعل عملي هذا كله لوجهه خالصا نقيا, وأن ينفعنا به في واآلخرة, إنه ولي ذلك والقادر عليه. الفتاح, الدنيا وما ك

17 والحمد هلل الذي وفقني إلعداد هذه البحث المتواضع بعد طول عناء وسهر وتبحر في كتب شيخي اإلمام ابن تيمية رحمه اهلل... وال أقول تبري ار الختالف أريي وقصور فكري في بحثي إال قول ي ا ] }النساء: 28 {. ل ف ا ك ث اهلل ل و ج د وا ف يه اخ ت ربي ]... و ل و ك ان م ن ع ن د غ ي وصلى اهلل على حبيبنا ونبينا ومعلمنا محمد بن عبد األطهار, ومن ت ب ع هم بإحسان وسلم تسليم ا كثير ا إلى يوم الدين. وصحبه آله وعلى اهلل الطيبين ل

18 . الفصل التمهيدي مدخل إلى األحرف والقراءات وفيه ثالثة مباحث: المبحث األول: األحرف السبعة أدلة ثبوتها والراجح فيها المبحث الثاني: القراءات وأنواعها والقراء المبحث الثالث: أركان القراءة الصحيحة 1

19 المبحث األول األحرف السبعة وأدلة ثبوتها والراجح فيها 2

20 المطلب األول نظرة تاريخية على األحرف "عصر النبي وأبي بكر وعثمان " أولا: عصر النبي من اللحظة األولى التي نزلت أمانة كتاب اهلل حمل النبي فيها القرآن العظيم أطهر الكلمات على خير المخلوقات في أسمى المغا ارت فكان شغله الشاغل وهمه األول وليس أدل على ذلك من تك ارره أللفاظ القرآن, خوف ا من الضياع والنسيان, وحب ا لحفظه وق ارءته حتى جاءه أمر اهلل تعالى بقوله: ال ت ا حر ك ب ه ل ا ساان اك ل تاع ا ج ال ب ه قال شيخ المفسرين: بعضهم: قيل له ذلك ]القيامة: 61 [. "واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل له ذلك فقال ألنه كان إذا نزل عليه منه شيء عجل به, يريد حفظه من حبه إياه, فقيل )6( له: ال تعجل به فإن ا س نحفظ ه عليك", وألن دين اهلل يسر وكتابه يسر قال تعالى: ا ولاقاد ا يس ر انا م د ك ر ]القمر: 61 [ ثم توالى نزول القرآن على أكثر من حرف لغايات كثيرة الق ر اآ ا ن ل لذ ك ر فا ا هل م ن ومقاصد متعددة أهمها: "أن اهلل لم يجعل على عباده حرجا في دينهم, وال ضيق عليهم فيما افترض عليهم. وكانت لغات من أنزل عليهم القرآن مختلفة, ولسان كل صاحب لغة, ال يقدر على رده إلى لغة أخرى إال بعد تكلف ومئونة شديدة, فيسر اهلل عليهم أن أنزل كتابه على سبع لغات متفرقات في القرآن بمعان متفقة ومختلفة, ليق أر كل قوم على لغتهم, على ما يسهل عليهم من لغة غيرهم, وعلى ما جرت به عادتهم" اهلل إال إن مقصد التيسير هذا لم يخل من بعض الخالفات بين أصحاب رسول وفي زمن وجوده وليس أدل على هذا مما حدث بين الفاروق عمر, وهشام بن حكيم صحيح البخاري من حديث في ح ي اة ر س ول الل ه, ع م ر ب ن ال خ ط ا ب قال: ففي "س م ع ت ه ش ام ب ن ح ك يم ي ق ر أ س ور ة ال ف ر ق ا ن ف اس ت م ع ت ل ق ر اء ت ه ف إ ذ ا ه و ي ق ر أ ع ل ى ح ر وف ك ث ير ة ل م ي ق ر ئ ن يه ا ر س ول اهلل, )6( الطبري: تفسيره )16/22(. ابن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 08 (. 3

21 ف ك د ت أ س او ر ه في الص ال ة ف ت ص ب ر ت ح ت ى س ل م ف ل ب ب ت ه ب ر د ائ ه. ف ق ل ت : م ن أ ق ر أ ك ه ذ ه الس ور ة ال ت ي س م ع ت ك ت ق ر أ. ق ال : أ ق ر أ ن يه ا ر س ول الل ه, ف ق ل ت : ك ذ ب ت ف إ ن ر س ول الل ه ق د أ ق ر أ ن يه ا ع ل ى غ ي ر م ا ق ر أ ت. ف ان ط ل ق ت ب ه أ ق ود ه إ ل ى ر س ول الل ه ف ق ل ت : إ ي ن س م ع ت ه ذ ا ي ق ر أ ب س ور ة ال ف ر ق ان ع ل ى ح ر و ف اشام ". ف ق ر أ ع ل ي ه ال ق ر اء ة ال ت ي س م ع ت ه ي ق ر أ. ف ق ا ل ل م ت ق ر ئ ن يه ا. ف ق ال ر س ول الل ه : " أار س ل ه اق ا رأ ا يا ه اكاذل اك أ ن ز لات ". مر ". ف ق ر أ ت ال ق ر اء ة ال تي أق أرني, ف ق ال ر س ول الل ه : ر س ول الل ه : " ث م ق ال : "اق ا رأ ا يا ع ا )6( اكاذل اك أ ن ز لات ", يس ا ر م ن ه ", ثم استمرت عنايته ا ما تا ا " إ ن اهاذا ال ق ر آ ا ن أ ن ز ال ا علاى ا سب ا عة أاح ر ف فااق ا رء وا بكتاب اهلل حتى آخر أيام حياته ال سيما تعاهده القرآن في شهر رمضان فع ن اب ن ع ب ا س, ق ال : " ك ان الن ب ي أ ج و د الن اس ب الخ ي ر, و أ ج و د م ا ي ك ون ف ي ش ه ر ر م ض ان, أل ن ج ب ر يل ك ان ي ل ق اه ف ي ك ل ل ي ل ة ف ي ش ه ر ر م ض ان, ح ت ى ي ن س ل خ ي ع ر ض ع ل ي ه ر س ول الل ه ج ب ر يل ك ان أ ج و د ب الخ ي ر م ن الر يح الم ر س ل ة". ومما يرسخ عظيم اهتمام المصطفى وترتيب سوره وآياته, ما رواه الترمذي من حديث ع ث م ان بن عفان الق ر آن, ف إ ذ ا ل ق ي ه بكتاب اهلل تعالى واهتمامه بوقفية القرآن في تنظيمه أنه قال: "ك ان ر س ول الل ه الش يء د ع ا ب ع ض م ن م م ا ي أ ت ي ع ل ي ه الز م ان و ه و ت ن ز ل ع ل ي ه الس و ر ذ و ات ال ع د د ف ك ان إ ذ ا ن ز ل ع ل ي ه ك ان ي ك ت ب ف ي ق ول ض ع وا ه ؤ الء اآلي ات ف ي الس ور ة ال ت ي ي ذ ك ر ف يه ا ك ذ ا و ك ذ ا و ا ذ ا ن ز ل ت ع ل ي ه اآلي ة, )3( ف ي ق ول ض ع وا ه ذ ه اآل ي ة ف ي الس ور ة ال ت ي ي ذ ك ر ف يه ا ك ذ ا و ك ذ ا". ثانيا: عصر أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول اهلل خ شي على كتاب اهلل فكيف للصديق وردة منعة الزكاة, وخروج الجيوش لقتالهم, اشتد القتل بالق ارء, حتى تعالى, أشار الفاروق على الصديق بجمع القرآن, أمر لم يفعله رسول اهلل الذي هو أشد الناس تأسي ا واتباع ا لنبيه أن يفعله, إنها مصلحة األمة, 4 )6( البخاري/ صحيحه أخرجه: [ كتاب فضائل القرآن/ باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف )6181/2( ) 2186 ([ ومسلم/ صحيحه [ كتاب صالة المسافرين وقصرها/ باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف )616/6(.])061( البخاري/ صحيحه أخرجه: [ كتاب فضائل القرآن/ ب اب : ك ان ج ب ر يل ي ع ر ض الق ر آن ع ل ى الن ب ي ])2111( )601/1( )3( أخرجه: الترمذي/ سننه [ كتاب تفسير القرآن/ باب: ومن سورة التوبة )212/6( )3801([. وقال عنه: حسن صحيح. المصدر ذاته.

22 والخوف الشديد عند صحابة رسول اهلل على كتاب اهلل, )6( "بل واعتبره الشاطبي مثاال الوجه العملي على المصالح المرسلة عند األصوليين وبإجماع صحابة رسول اهلل. يوضح عمليا واتفقت اآل ارء دون معارضة على جمع كتاب اهلل تعالى, وبقيت الق ارءة في عهد أبي بكر باألحرف التي علمها رسول اهلل للصحابة " فخرج ق ارء الصحابة إلى األمصار في عهد أبي بكر وعمر, ليعل موا الناس القرآن والدين فع لم كل واحد منهم أهل مصره, على ما كان يق أر على عهد النبي فاختلفت ق ارءة أهل األمصار على نحو ما اختلفت ق ارءة الصحابة الذين )3( علموهم". فهي الحسنة األولى التي نال شرف ها أبو بكر روى ابن أبي داود في المصاحف أن علي بن أبي طالب ح ي ن». ال م ص اح ف أ ب و ب ك ر ف إ ن ه أ و ل م ن ج م ع ب ي ن الل و بعد عهد رسول اهلل قال: نحو حفظ كتاب اهلل»أ ع ظ م الن اس أ ج ر ا ف ي هل كان جمع المصحف في عهد أبي بكر يشمل األحرف السبعة سؤال ال بد منه والحديث في هذا المقام عن األحرف السبعة في عهد الصديق, والواقع أن هذا الجمع كان لكل ما ك تب من كتاب اهلل بكل حرف من األحرف ويدل على ذلك ما رواه صحيحه من حديث زيد بن ثابت ق ال : البخاري في»أ ر س ل إ ل ي أ ب و ب ك ر م ق ت ل أ ه ل الي م ام ة, ف إ ذ ا ع م ر )6( م ب ن الخ ط اب ع ن د ه «, ق ال أ ب و ب ك ر ر ض ي الل ه ع ن ه : إ ن ع م ر أ ت ان ي ف ق ال : إ ن الق ت ل ق د اس ت ح ر ي و الي م ام ة ب ق ر اء الق ر آن, و ا ني أ خ ش ى أ ن ي س ت ح ر الق ت ل ب الق ر اء ب ال م و اط ن, ف ي ذ ه ب ك ث ير م ن الق ر آن, و ا ني أ ر ى أ ن ت أ م ر ب ج م ع الق ر آن, ق ل ت ل ع م ر : و الل ه خ ي ر,»ك ي ف ت ف ع ل ش ي ئ ا ل م ي ف ع ل ه ر س ول الل ه «ق ال ع م ر : ه ذ ا»ف ل م ي ز ل ع م ر ي ر اج ع ن ي ح ت ى ش ر ح الل ه ص د ر ي ل ذ ل ك, و ر أ ي ت ف ي ذ ل ك ال ذ ي ر أ ى ع م ر«, )6( هو: األصولي غير المقرئ "إب ارهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي )المتوفى: 118 ه(". انظر: الزركلي: األعالم )16/6(. الشاطبي: االعتصام )162/6(. )3( ابن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 20(. ابن أبي داود: المصاحف )ص: 21(. وحسنه ابن حجر. )6( استحر: أ ي: كثر و اش ت د. ابن الجوزي: كشف المشكل من حديث الصحيحين )32/6(. 5

23 ق ال ز ي د : ق ال أ ب و ب ك ر : إ ن ك ر ج ل ش اب ع اق ل ال ن ت ه م ك, و ق د ك ن ت ت ك ت ب الو ح ي ل ر س ول الل ه, ل و ك ل ف ون ي ن ق ل ج ب ل م ن الج ب ال م ا ك ان أ ث ق ل ع ل ي م م ا أ م ر ن ي ب ه م ن ف ت ت ب ع الق ر آن ف اج م ع ه, «ف و الل ه ج م ع الق ر آن «, ق ل ت : «ك ي ف ت ف ع ل ون ش ي ئ ا ل م ي ف ع ل ه ر س ول الل ه «, ق ال : ه و و الل ه خ ي ر, " ف ل م ي ز ل أ ب و ب ك ر ي ر اج ع ن ي ح ت ى ش ر ح الل ه ص د ر ي ل ل ذ ي ش ر ح ل ه ص د ر أ ب ي ب ك ر و ع م ر, ف ت ت ب ع ت )6( ب ة م ع أ ب ي الق ر آن أ ج م ع ه م ن الع س ب و الل خ اف, و ص د ور الر ج ال, ح ت ى و ج د ت آخ ر س ور ة الت و ا ما ا عن ت م خ ز ي م ة األ ن ص ار ي ل م أ ج د ه ا م ع أ ح د غ ي ر ه, لاقاد ا جا ا ءك م ا رس ول م ن أان ف س ك م ا عز يز ا علاي ه ]التوبة: 620[ ح ت ى خ ات م ة ب ر اء ة, ف ك ان ت الص ح ف ع ن د أ ب ي ب ك ر ح ت ى ت و ف اه الل ه, ث م ع ن د ع م ر ح ي ات ه, )3( ث م ع ن د ح ف ص ة ب ن ت ع م ر ". وقد عد اإلمام الزرقاني أن وجود األحرف السبعة في الجمع على عهد الصديق من أهم ما ميز هذا الجمع قال : "وامتازت هذه الصحف: أولا: ثانيا: بأنها جمعت القرآن على أدق وجوه البحث والتحري وأسلم أصول التثبيت العلمي. أنه اقتصر فيها على ما لم تنسخ تالوته. ثالثا: أنها ظفرت بإجماع األمة عليها وتواتر ما فيها. وال يطعن في ذلك التواتر ما مر عليك من أن آخر سورة ب ارءة لم يوجد إال عند أبي خزيمة فإن الم ارد أنه لم يوجد مكتوبا إال عنده وذلك ال ينافي أنه وجد محفوظا عند كثرة غامرة من الصحابة بلغت حد التواتر وقد قلنا غير مرة: إن المعول عليه وقتئذ كان هو الحفظ واالستظهار. وانما اعتمد على الكتابة كمصدر من المصادر زيادة في االحتياط ومبالغة في الدقة والحذر. ول يعزبن عن بالك أن هذا الجمع كان شامال لألحرف السبعة التي نزل بها القرآن تيسي ار على األمة اإلسالمية كما كانت األحرف السبعة في الرقاع كذلك". )6( العسب: جمع ع سيب وهى جريدة من النخل, وجمعه عسبان وأعسب. ابن بطال: شرح صحيح البخاري.)221/68( اللخاف, واحدتها لخفة: و ه ي ح ج ار ة بيض رقاق. ابن الجوزي: كشف المشكل من حديث الصحيحين.)32/6( )3( أخرجه: البخاري/ صحيحه [ كتاب/ فضائل القرآن, باب/ جمع القرآن )2101( )1/ 603([. الز ر قاني: مناهل العرفان )263/6, وما بعدها(. 6

24 ثالثا: عصر عثمان بن عفان )6( "يا أمير المؤمنين, أ د ر ك ه ذ ه األ م ة, ق ب ل أ ن ي خ ت ل ف وا ف ي الك ت اب اخ ت ال ف الي ه ود و الن ص ار ى". كلمات رنانة من حذيفة بن اليمان طرقت اإليمان بكتاب اهلل الذي وقر في قلب أمير المؤمنين عثمان بن عفان أن فهذه نتيجة حتمية التساع بقعة األرض المفتوحة في مشارق الدنيا ومغاربها, وانتشار الصحابة الذين هم أشد الناس حرص ا على تعليم كتاب اهلل فأصبحوا يعلمون الناس في األمصار كل بالحرف الذي تعلمه من رسول اهلل حتى شب الن ازع بين الق ارء في األمصار, وقبل يشرع الباحث في تفصيل جمع القرآن في عهد الموفق عثمان بن عفان اعلم أن كل خطوة خطاها إنما كانت بتوفيق وعناية والهام من اهلل, ظهر ألمير المؤمنين أن إد ارك األمة قبل أن تختلف في كتابها إنما هو في لم شملها على مصحف واحد, خر ج البخاري في صحيحه من حديث )3( و أ ذ ر ب يج ا ن وك ان ي غ از ي أ ه ل الش أ م ف ي ف ت ح أ ر م ين ي ة, حذيفة بن اليمان أنه "ق د م ع ل ى ع ث م ان المؤ م ن ين, أ د ر ك ه ذ ه م ع أ ه ل الع ر اق, ف أ ف ز ع ح ذ ي ف ة اخ ت ال ف ه م ف ي الق ر اء ة, ف ق ال ح ذ ي ف ة ل ع ث م ان : ي ا أ م ير ع ث مان إ ل ى ح ف ص ة :»أ ن األ م ة, ق ب ل أ ن ي خ ت ل ف وا ف ي الك ت اب اخ ت ال ف الي ه ود و الن ص ار ى, ف أ ر س ل أ ر س ل ي إ ل ي ن ا ب الص ح ف ن ن س خ ه ا ف ي الم ص اح ف, ث م ن ر د ه ا إ ل ي ك», ف أ ر س ل ت ب ه ا ح ف ص ة إ ل ى ع ث م ان, ف أ م ر ز ي د ب ن ث اب ت, و ع ب د الل ه ب ن الز ب ي ر, و س ع يد ب ن الع اص, و ع ب د الر ح م ن ب ن الح ار ث ب ن ه ش ا م ف ن س خ وه ا ف ي الم ص اح ف ", و ق ال ع ث م ان ل لر ه ط الق ر ش ي ين الث ال ث ة : ش ي ء م ن الق ر آن ف اك ت ب وه ب ل س ان ق ر ي ش, ف إ ن م ا ن ز ل ب ل س ان ه مإ ذ ا اخ ت ل ف ت م أ ن ت م و ز ي د ب ن ث اب ت ف ي ف ف ع ل وا ح ت ى إ ذ ا ن س خ وا الص ح ف ف ي ب ما الم ص اح ف, ر د ع ث م ان الص ح ف إ ل ى ح ف ص ة, و أ ر س ل إ ل ى ك ل أ ف ق ب م ص ح ف م م ا ن س خ وا, و أ م ر أ و م ص ح ف, أ ن ي ح ر ق ". س و اه م ن الق ر آن ف ي ك ل ص ح يف ة )6( أخرجه: البخاري/ صحيحه [ كتاب/ فضائل القرآن, باب: جمع القرآن, )603/1( )2101([. أرمينية: وهي مدينة جليلة, فتحها سليمان بن ربيعة, سنة أربع وعشرين, في خالفة عثمان رضي اهلل عنه. انظر: المهبلي: المسالك والممالك )ص: 631(. )3( أ ذ ر ب يج ان: ناحية واسعة بين قهستان وا ارن. بها مدن كثيرة وقرى وجبال وأنهار كثيرة, وتقع أذربيجان اليوم في الجزء الشمالي الغربي من إي ارن. القزويني/ آثار العباد )ص: 202 (. أخرجه: البخاري/ صحيحه [ كتاب: المناقب, باب: ب اب ن ز ل الق ر آن ب ل س ان ق ر ي ش )3681( )608/2([. 7

25 منهج عثمان بن عفان في جمع المصحف: تميز الجمع في عصر عثمان بن عفان بصفات تختلف في التنظيم والترتيب والطريقة والمنهج عما كان في عصر الصديق فالمنهج الذي وضعه عثمان كان واضح ا في دالالته, بي ن ا في عبا ارته وكان من أهم ما ميز هذا الجمع: أولا: أن القائمين على هذا الجمع هم أق أر الصحابة وأعلمهم بكتاب اهلل تعالى. ثانيا: كان المنهج العثماني في الفصل بين اختالفهم أن ي كتب على لغة قريش, وهذا يعني أن األصل في كتابة المصحف في عصر عثمان أن يحوي األحرف كلها إال إن تعارض حرفان تعارض ا ظاهر ا ولم يحتمل الرسم هذه األحرف فالحكم لغة قريش. قال الباحث: األقرب للسبعة منه لحرف واحد. والظاهر من هذا أن الرسم في عهد عثمان يحتوي من األحرف ما هو ثالثا: "االقتصار على ما ثبت بالتواتر دون ما كانت روايته آحادا, واهمال ما نسخت تالوته ولم يستقر في العرضة األخيرة. وترتيب السور واآليات على الوجه المعروف اآلن. بخالف صحف أبي بكر المختلفة فقد كانت مرتبة اآليات دون السور. وكتابتها بطريقة كانت تجمع وجوه الق ارءات واألحرف التي نزل عليها القرآن على ما مر بك من عدم إعجامها وشكلها ومن توزيع وجوه الق ارءات على المصاحف إذا لم يحتملها الرسم الواحد. شرح ا وتجريدها من كل ما ليس قرآنا كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة )6( لمعنى أو بيان ا لناسخ ومنسوخ أو نحو ذلك". مقارنة يسيرة بين جمع القرآن في العصرين: ظهر من جملة ما سبق أن دوافع الجمع في العصرين يختلفان, ففي عصر الصديق الدافع مقتل كثير من الق ارء, أما في عصر عثمان كان الدافع اختالف الق ارء وسعة الفتوحات..6 )6( الزرقاني: مناهل العرفان ) /6(. 8

26 كان صاحب الفكرة في عهد الصديق عمر فكان صاحب الفكرة حذيفة بن اليمان. ب ن الخطاب, أما في عهد عثمان.2 القائمون بالمهمة في عصر الصديق أوسع فهم زيد بن ثابت ومن جاء من الصحابة.3 بقرآن مكتوب, أو محفوظ بشهود, أما في عصر عثمان فنال شرف المهمة من حددهم عثمان بن عفان وهم ز ي د ب ن ث اب ث, و عبد الل ه ب ن ال ز ب ي ر, و س ع يد ب ن الع اص, و ع ب د ال رح م ن ب ن الح ار ث ب ن ه شام. أهم الفروق بين الجمعين في هذا المبحث أن الجمع األول في عهد الصديق كان.2 شامال لألحرف السبعة, أما في عهد عثمان فكان شامال لما يحتمله الرسم من األحرف السبعة. وبهذا كما هو شأن اهلل بالعناية بكتابه أن يسخ ر لكل زمان رجاال يحفظون كتاب اهلل من التغيير والتحريف, والنقص والتزييف, سخ ر اهلل لهذه األمة حامل القرآن, وامام التقى واإلحسان, الحيي عثمان بن عفان " وعزم على كل من كان عنده م صحف مخالف المصحف الذي جمعهم )6( عليه, أن يحرقه. فاستوسق ت والهداية" له األمة على ذلك بالطاعة و أرت أن فيما فعل من ذلك الرشد "فلما نسخوا المصحف كتبوه في سبع نسخ. وقيل: في خمس. ورواة األول أكثر. ووج ه عثمان إلى كل مصر مصحف ا, وحرق ما عدا ذلك من المصاحف. وق أر أهل كل مصر من ق ارءتهم, التي كانوا عليها بما يوافق خط المصحف, وتركوا م ن ق ارءتهم ما خالف خط )3( المصحف".كما اهتم عثمان رضي اهلل عنه بإرسال قارئ مع كل مصحف لكل مصر ليعلم الناس القرآن. )6( أي استوثقت وهي كذلك في بعض الروايات عن الطبري انظر, الطبري: تفسيره )12/6( الطبري: تفسيره /6(.)12 )3( ابن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 16(. 9

27 المطلب الثاني أدلة ثبوت األحرف السبعة بسط الباحث هذا الموضوع في مطلب منفصل للوقوف على األدلة والنصوص المتضافرة والتي نقلت لنا أحاديث األحرف السبعة, فسرد الباحث جملة من هذه األحاديث ثم وقف على شرحها وبيان معانيها وال ارجح في ذلك في المطلب التالي تيسير ا وتنظيم ا., ق ال : عن اب ن ع ب اس أ ن ر س ول الل ه "أاق ا رأان ي ج ب ر يل ا علاى ا حر ف افلام ف ارجعته.6 )6( أاازل أاس تاز يد ه ا حت ى ان تا ا هى إ لاى ا سب ا عة أاح ر ف". 2. ع ن ع ب د الر ح م ن ب ن ع ب د الق ار ي, أ ن ه ق ال : )س م ع ت ع م ر ب ن الخ ط اب, ي ق ول : س م ع ت ه ش ام ب ن ح ك يم ب ن ح ز ام, ي ق ر أ س ور ة الف ر ق ان ع ل ى غ ي ر م ا أ ق ر ؤ ه ا, و ك ان ر س ول الل ه أ ق ر أ ن يه ا, و ك د ت أ ن أ ع ج ل ع ل ي ه, ث م أ م ه ل ت ه ح ت ى ان ص ر ف, ث م ل ب ب ت ه ب ر د ائ ه, ف ج ئ ت ب ه ر س ول الل ه, ف ق ل ت : إ ن ي س م ع ت ه ذ ا ي ق ر أ ع ل ى غ ي ر م ا أ ق ر أ ت ن يه ا, ف ق ال ل ي:»أار س ل ه «, ث م ق ال ل ه :,»اق ا رأ «ف ق ر أ, ق ال : «اه اكاذا أ ن ز لات», ث م ق ال ل ي:»اق ا رأ «, ف ق ر أ ت, ف ق ال : «اهاكاذا أ ن ز لات إ ن الق ر آ ا ن أ ن ز ال ا علاى ا سب ا عة أاح ر ف فااق ا رء وا م ن ه ا ما تا ا يس ر"(". ع ن أ ب ي ب ن ك ع ب, ق ال : ك ن ت ف ي ال م س ج د, ف د خ ل ر ج ل ي ص ل ي, ف ق ر أ ق ر اء ة أ ن ك ر ت ه ا ع ل ي ه, ث م.3 د خ ل آخ ر ف ق ر أ ق ر اء ة س و ى ق ر اء ة ص اح ب ه, ف ل م ا ق ض ي ن ا الص ال ة د خ ل ن ا ج م يع ا ع ل ى ر س ول اهلل )6( أخرجه: البخاري/ صحيحه [ كتاب/ بدء الخلق, باب: ذكر المالئكة )663/2(, )3261(, وباب أنزل القرآن على سبعة أحرف )602/1(, )2116([. ض أخرجه: البخاري/ صحيحه [ كتاب/ الخصومات, باب: ب اب ك ال م الخ ص وم ب ع ض ه م ف ي ب ع )663/2(, )3261(, وباب أنزل القرآن على سبعة أحرف )2261(, )622/3([. 11

28 ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م, ف ق ل ت : إ ن ه ذ ا ق ر أ ق ر اء ة أ ن ك ر ت ه ا ع ل ي ه, و د خ ل آخ ر ف ق ر أ س و ى ق ر اء ة و س ل م ص اح ب ه, ف أ م ر ه م ا ر س ول اهلل ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م, ف ق ر آ, ف ح س ن الن ب ي ص ل ى اهلل ع ل ي ه ش أ ن ه م ا, ف س ق ط ف ي ن ف س ي م ن الت ك ذ يب, و ال إ ذ ك ن ت ف ي ال ج اه ل ي ة, ف ل م ا ر أ ى ر س ول اهلل ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م م ا ق د غ ش ي ن ي, ض ر ب ف ي ص د ر ي, ف ف ض ت ع ر ق ا و ك أ ن م ا أ ن ظ ر إ ل ى اهلل ع ز و ج ل ف ر ق ا, ف ق ال ل ي: " ي ا أ ب ي أ ر س ل إ ل ي أ ن اق ر أ ال ق ر آن ع ل ى ح ر ف, ف ر د د ت إ ل ي ه أ ن ه و ن ع ل ى أ م ت ي, ف ر د إ ل ي الث ان ي ة اق ر أ ه ع ل ى ح ر ف ي ن, ف ر د د ت إ ل ي ه أ ن ه و ن ع ل ى أ م ت ي, ف ر د إ ل ي الث ال ث ة اق ر أ ه ع ل ى س ب ع ة أ ح ر ف, ف ل ك ب ك ل ر د ة ر د د ت ك ه ا م س أ ل ة ت س أ ل ن يه ا, ف ق ل ت : الله م اغ ف ر أل م ت ي, الله م اغ ف ر أل م ت ي, و أ خ ر ت الث ال ث ة ل ي و م ي ر غ ب إ ل ي ع ن أ ب ي ب ن ك ع ب, أ ن الن ب ي ك ان ع ن د أ ض اة ) ) 2 ) 1 ( إ ب ر اه يم ". ال خ ل ق ك ل ه م, ح ت ى ب ن ي غ ف ار, ق ال : ف أ ت اه ج ب ر يل, ف ق ال : ا مغ ف ا رتاه ا وا ن إ ن اهلل ي أ م ر ك أ ن ت ق ر أ أ م ت ك ال ق ر آن ع ل ى ح ر ف, ف ق ال :»اأس أال اهلل ا م ا عافااتاه ا و.2 أ م ت ي ال ت ط يق اذل اك«ث م أاتااه الث ان ا ي اة فاقاا ال:»إ ن اهللا ا يأ م ر اك أان تاق ا رأا أ م ت اك ال ق ر آ ا ن ا علاى ا حر فاي ن«, ف ق ال : ا مغ ف ا رتاه ا وا ن»أاس أال اهلل ا م ا عافااتاه ا و أ م ت ي ال ت ط يق اذل اك«, ث م ج اء ه الث ال ث ة, ف ق ال : إ ن اهلل ي أ م ر ك أ ن ت ق ر أ أ م ت ك ال ق ر آن ع ل ى ث ال ث ة أ ح ر ف, ف ق ال :»أاس أال اهلل ا م ا عافااتاه ا مغ ف ا رتاه ا وا ن أ م ت ي ال ت ط يق اذل اك«, ث م ج اء ه الر اب ع ة, ف ق ال : إ ن اهلل ي أ م ر ك أ ن ت ق ر أ أ م ت ك ا و ) 3 ( ال ق ر آن ع ل ى س ب ع ة أ ح ر ف, ف أ ي م ا ح ر ف ق رؤوا ع ل ي ه ف ق د أ ص اب وا(. )6( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ المساجد ومواضع الصالة, باب/ ب اب ب ي ان أ ن ال ق ر آن ع ل ى س ب ع ة أ ح ر ف و ب ي ان م ع ن اه )028( )6/ 616([. اإلضاة: هي الماء المستنقع كالغدير وجمعها أضا كحصاة وحصا واضاء بكسر الهمزة والمد كأكمة واكام. المصدر السابق. )3( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ المساجد ومواضع الصالة, باب/ و ب ي ان م ع ن اه.])612/6( )026( ب اب ب ي ان أ ن ال ق ر آن ع ل ى س ب ع ة أ ح ر ف 11

29 ) 2 ( والترمذي ) 1 ( خر ج أبو داود ) 3 ( والنسائي حديث الصحيحين في حادثة عمر بن الخطاب.6 مع هشام بن حكيم آنف الذكر, وفي التك ارر غ نية. 1. وعند أبي داود أيضا ع ن أ ب ي ب ن ك ع ب, ق ال : ق ال الن ب ي أ و ح ر ف ي ن ف ق ال ال م ل ك ال ذ ي م ع ي: ق ل : ع ل ى ف ق يل ل ي: ع ل ى ح ر ف, : )ي ا أ ب ي, إ ني أ ق ر ئ ت ال ق ر آن ح ر ف ي ن, ق ل ت : ع ل ى ح ر ف ي ن, أ و ث ال ث ة ف ق ال ال م ل ك ال ذ ي م ع ي: ق ل : ع ل ى ث ال ث ة, ق ل ت : ع ل ى ث ال ث ة, ح ت ى ف ق يل ل ي: ع ل ى ح ر ف ي ن, ب ل غ س ب ع ة أ ح ر ف ", ث م ق ال : " ل ي س م ن ه ا إ ال ش اف ك اف, إ ن ق ل ت : س م يع ا ع ل يم ا ع ز يز ا ح ك يم ا, م ا أ و آي ة ر ح م ة ب ع ذ اب ) ل م ت خ ت م آي ة ع ذ اب ب ر ح م ة, )6( 1. وعند النسائي حديث أ بي بن كعب سالف الذكر في صحيح مسلم عند أضاة بني غفار. 8. وأخرج الترمذي من حديث أبي بن كعب ق ال : )ل ق ي ر س ول الل ه ج ب ر يل, ف ق ال : " ي ا و الر ج ل ال ذ ي ل م ج ب ر يل إ ني ب ع ث ت إ ل ى أ م ة أ مي ين : م ن ه م الع ج وز, و الش ي خ الك ب ير, و الغ ال م, و الج ار ي ة, )6( ف ) ي ق ر أ ك ت اب ا ق ط ", ق ال : ي ا م ح م د إ ن الق ر آن أ ن ز ل ع ل ى س ب ع ة أ ح ر )6( أخرجه: أبو داود/ سننه ]كتاب/ الصالة, أ ب و اب ق ر اء ة ال ق ر آن و ت ح ز يب ه و ت ر ت يل ه, باب/ أنزل القرآن على سبعة أحرف )6216( )16/2([, قال األلباني: صحيح.. أخرجه: الترمذي/ سننه ]كتاب/ الصالة, أ ب و اب ق ر اء ة ال ق ر آن و ت ح ز يب ه و ت ر ت يل ه, باب/ أنزل القرآن على سبعة أحرف )2123(, )613/6([, قال األلباني: صحيح. )3( أخرجه: النسائي/ سننه ]كتاب/ االفتتاح, باب/ جامع ما جاء في القرآن ( 130( )666/2([, قال األلباني: صحيح. أخرجه: أبو داود/ سننه ]كتاب/ االفتتاح, أ ب و اب ق ر اء ة ال ق ر آن و ت ح ز يب ه و ت ر ت يل ه, باب/ أنزل القرآن على سبعة أحرف )6211( )2/ 11([, قال األلباني: صحيح. )6( أخرجه: أبو داود/ سننه ]كتاب/ الصالة, باب/ ج ام ع م ا ج اء ف ي ال ق ر آن )131( )662/2([. )1( أخرجه: الترمذي/ سننه ]كتاب/ الصالة, أ ب و اب ق ر اء ة ال ق ر آن و ت ح ز يب ه و ت ر ت يل ه, باب/ أنزل القرآن على سبعة أحرف )2122(, )613/6([, قال األلباني: حسن صحيح. 12

30 الخالصة في سرد بعض أحاديث الباب: و ه ي قال اإلمام الترمذي عقب الحديث:" و ف ي الب اب ع ن ع م ر, و ح ذ ي ف ة ب ن الي م ان, و أ م أ ي وب ام ر أ ة أ ب ي أ ي وب, و س م ر ة, و اب ن ع ب اس, و أ ب ي ه ر ي ر ة, و أ ب ي ج ه ي م ب ن الح ار ث ب ن الص م ة, و ع م ر و ب ن )6( الع اص, و أ ب ي ب ك ر ة. ه ذ ا ح د يث ح س ن ص ح يح ق د ر و ي م ن غ ي ر و ج ه ع ن أ ب ي ب ن ك ع ب " تسعة من الصحابة وردت أحاديث األحرف من طريقهم, الحديث بلغوا واحد ا وعشرين وقد تتبع اإلمام العالمة ابن الجزري األئمة المشهورون على تواتر الحديث. نخلص فهؤالء وذكر غير واحد من العلماء أن عدد رواة أحاديث الباب ونص من جملة األحاديث الواردة في الباب أن روايات ثبوت األحرف كثيرة متعددة واقتصر الباحث على أهم ما ورد في الكتب الستة من هذه األحاديث ليتسنى الوقوف على الشرح والتحليل وبيان الم ارد من معنى األحرف في المطلب التالي. سبعة وت ر ت يل ه, )6( أخرجه: الترمذي/ سننه ]كتاب/ الصالة, أ ب و اب ق ر اء ة ال ق ر آن و ت ح ز يب ه أحرف )2122(, )612/6([, قال األلباني: حسن صحيح. 13 باب/ انظر: ابن الجزري: النشر في الق ارءات ) 26/6 ( السيوطي: اإلتقان في علوم القرآن )26/6(. أنزل القرآن على

31 المطلب الثالث التعريف باألحرف السبعة وبيان الراجح في معناها أولا: تعريف الحرف لغة : قال الف ارهيدي "الح ر ف من ح روف اله جاء. وكل كلمة ب ن ي ت أداة عارية في الكالم لتفرقة المعاني ت سم ى ح ر فا, وان كان بناؤها بح ر ف ي ن أو أكثر مثل ح ت ى وه ل و بل ول ع ل. وكل كلمة. )6( ت قر أ على و جوه من القرآن ت سم ى ح ر فا " وقول الف ارهيدي وهو عالم اللغة أن الكلمة تق أر على وجوه تسمى حرفا يفتح علينا أن نتجه لتعريف الحرف بالوجه ويضيف على ذلك إمام اللغة ابن فارس ثالثة أصول: حد الشيء, والعدول, وتقدير الشيء. فأما الحد فحرف كل شيء حده, كالسيف وغيره. ومنه الحرف, بقوله: "الحاء وال ارء والفاء وهو الوجه. تقول: هو من ا م ن ا يع ب د الل ا ه ا علاى ا حر ف أمره على حرف واحد, أي طريقة واحدة, قال اهلل تعالى ا وم ا ن الن ا س ]الحج: 66[. أي على وجه واحد. وذلك أن العبد يجب عليه طاعة ربه تعالى عند الس ارء والض ارء, فإذا أطاعه عند الس ارء وعصاه عند الض ارء فقد عبده على حرف. أال ت اره قال تعالى: فاإ ن اخي ر اط ا مأا ن ب ه ا وا ن أا ا صا ا بت ه ف ت ان ة ان اقلا ا ب ا علاى ا وج ه ه ]الحج: 66[. ويقال للناقة حرف". وما يفيدنا أا ا صا ا به من تعريف ابن فارس أن )الوجه( أحد المعاني األصلية المستعملة عند العرب لكلمة الحرف, ولعل هذا يجعل في النفوس ميال للقول: إن األحرف وجوها لشيء ما. الم ارد من األحاديث تعني 14 )6( الف ارهيدي: العين )268/63 وما بعدها(. ابن فارس: معجم مقاييس اللغة )22/2(.

32 ثانيا: تعريف السبعة لغة قال ابن فارس: شيء من الوحوش. "السين والباء والعين أصالن مطردان صحيحان: أحدهما في العدد, واآلخر فاألول السبعة. والسبع: جزء من سبعة. ويقال سبعت القوم أسبعهم إذا أخذت سبع أموالهم أو كنت لهم سابعا. ومن ذلك قولهم: هو سباعي البدن, إذا كان تام البدن. والسبع: ظمء من أظماء اإلبل, وهو العدد معلوم عندهم. )6(. وجاء في تاج العروس: "س ب ع ة رجال, بس كون الباء و قد ي حر ك, وأ ن ك ر ه بعض هم. و ق ال : إن المحرك جمع سابع, ككاتب وكتبة, وسبع نسوة فالسبع والسبعة من العدد معروف. وقد تكرر ذكرهما في القرآن, كقول ه ت ع ال ى: ا سب عا لايال وثامان ا ي اة أي ام ح سوما و ا باني نا فاو قاك م ا سب ا عا ش دادا ]الحاقة: 1 [. وقوله تعالى: و ا سب ع ا س نب الت ]يوسف: 23 [. وقوله تعالى: ا و ا يق ول و ا ن ا سب ا عة ا وثاام ن ه م اكل ب ه م ]الكهف: 22 [. وخالصة قول أئمة اللغة في تعريف السبعة: المعنى كثر استخدامها في القرآن الكريم. إنها العدد المعروف بين الستة والثمانية وبهذا ثالثا: تعريف األحرف اصطالحا كثرت اآلثار التي تتحدث عن األحرف السبعة, وعلى كثرة هذه اآلثار كثرت اختالفات أهل العلم في بيان الم ارد منها, وذلك أن شيئا من هذه األحاديث لم يحسم الحقيقة الشرعية التي أ ريدت في معنى األحرف السبعة. وقبل بحث هذه المسألة ال بد من االعتقاد بمسل مات جزم بها جمهور أهل العلم أو كانت محل إجماع بينهم ليتسنى لنا بعدها الوصو ل لتعريف سليم جامع مانع مبني على األدلة التي ستظهر 15 )6( المرجع السابق )620/3(. المرتضى الزبيدي: تاج العروس )612/26(.

33 لنا. التسليم بأن هذه األحرف السبعة في القرآن توقيفية من عند اهلل ال دخل فيها لالجتهاد, وقد.6 دلت أحاديث الباب سالفة الذكر على ذلك. الخالف فيها خالف تكامل وتعاضد, ال خالف تعارض وتناقض " فإن هذه األحرف.2 السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد وال تناف )6( للمعنى وال إحالة وال فساد". إن السبعة المذكورة في حديث األحرف م اردة مقصودة على الحقيقة, خالفا لما ذهب إليه بعضهم من أن الم ارد التكثير )3( كالقاضي عياض وال ارفعي وغيره..3 وبناء على ما سبق ابتداء من عدم تبين نص من النصوص الواردة في الباب معنى األحرف السبعة, مرور ا بعدم ظهور خالف عند الصحابة في فهم معناها, وصوال إلى بداية أقوال العلماء في بيان الم ارد باألحرف السبعة وذلك في عصر محمد بن شهاب الزهري إذ يقول فيها: "هي في األمر الواحد الذي ال اختالف فيه". أي ليست تختلف في الحالل وال في الح ارم. وبقوله هذا بدأت فهوم السلف وم ن بعدهم تختلف في تعيين الم ارد من هذا األثر. قال اإلمام الداني : "فأما معناه ووجهه فإني تدبرته وأنعمت النظر فيه بعد وقوفي ) 5 ( على أقاويل المتقدمين من السلف والمتأخرين من الخلف فوجدته متعلقا بخمسة أسولة محيطة بجميع معانيه وكل وجوهه" )1(. هي ويظهر للباحث أن الخالف في الم ارد من األحرف يزيد مع تأخر الزمن فقول الزهري المتوفى )6( أبو عمرو الداني: األحرف السبعة للقرآن )ص: 18 (. قال ابن الجزري رحمه هللا بعد سرد أحاديث األحرف "ف د ل ع ل ى إ ر اد ة ح ق يق ة ال ع د د و ان ح ص ار ه " ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )21/6(. )3( انظر: مصطفى صادق ال ارفعي: إعجاز القرآن والبالغة النبوية )62-68/6(. القاسم بن سالم: فضائل القرآن )336(, وفيم ذكرناه من طرق هذا الخبر المجمع على صحته كفاية ومقنع )انظر: أبو عمرو الداني/ األحرف السبعة )ص: 26 (. )6( الم ارد خمس مسائل )1( أبو عمرو الداني: األحرف السبعة )ص: 26 (. 16

34 في القرن الثاني انبثق عنه خمسة في عصر أبي عمرو الداني المتوفى في القرن الخامس, وفي )6( القرن الثامن يذكر الزركشي أربعة عشر قوال, وأوصل اإلمام السيوطي المتوفي في القرن العاشر األقوال في الم ارد من األحرف السبعة إلى أربعين في هذه المسألة. قوال, مما يؤكد عظيم الخوض وشدة االختالف لكن هذا ال يعني أن ال يقف الباحثون مع األدلة ويمحصوها ساعين للوصول للحق فيها بعد االستعانة باهلل. خاصة أن ه يمكن تقسيم تلك األقوال إلى قسمين: األول: قسم ال يعتد به وال دليل عليه. لإلطالة. الثاني: )3( قسم آخر له دليل في الجملة أو شبهة دليل وهو ما اختار الباحث بحثه هنا تجنب ا سبعة أشهر أقوال أهل العلم في معنى األحرف السبعة: القول األول: أنها سبع لغات من لغات العرب ألفاظ لغوية في الكلمة الواحدة وقال آخرون بل سبع القول الثاني: )4(, واختلف هذا الفريق فقال بعضهم هي )6( لغات متفرقة في القرآن كله. أنها سبعة وجوه يقع فيها التغاير, وأشهر القائلين به المحقق ابن الجزري ج ه م ن إذ يقول في نشره عن اختالف األحرف " ف إ ذ ا ه و ي ر ج ع اخ ت ال ف ه ا إ ل ى س ب ع ة أ و )6( اال خ ت ال ف ال ي خ ر ج ع ن ه ا" ثم ذكر اإلمام ابن الجزري هذه الوجوه السبعة وحددها. )6( الزركشي: البرهان في علوم القرآن ) /6(. 17 انظر: السيوطي: اإلتقان في علوم القرآن )612/6(. )وهذا باستثناء قول ابن حبان الذي فيه تعديد في األقوال ووحدة في المضمون(. )3( انظر: السندي: صفحات في علوم الق ارءات )ص: 686 (. انظر: الطبري: تفسيره )61/6(. )6( انظر: ابن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 08 ( ومنهج اإلمام الطبري في الق ارءات في تفسيره, د. عبد الرحمن يوسف الجمل, )ص: 0 (, وما بعدها رسالة ماجستير, إش ارف أ.د فضل حسن عباس, رحمه اهلل الجامعة األردنية, 6262 ه. )1( ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )21/6(.

35 المختار من القولين: إن كال من القولين له أدلته القوية ولهذا نجد أن كثير ا من أهل العلم لم يحسموا الخالف في المسألة كاإلمام السيوطي الذي اختار ستة عشر قوال من أربعين قوال ذكرها )1( ألهل العلم في معنى األحرف السبعة, بيد أن ورود الحرف في القرآن الكريم على معنى الوجه, وأكثر استخدام أهل اللغة لكلمة الحرف بمعنى الوجه, كما مر في التعريف اللغوي لهذه الكلمة, ودالالت أحاديث الباب من اختالف الصحابة في ق ارءة بعض اآليات بوجوه متعددة, وظهور حكمة التيسير بهذا وقول ارئد علم الق ارءات وفارسها اإلمام ابن الجزري بأن الم ارد باألحرف السبعة سبعة وجوه, يجعل النفس مرتاحة للقول بأن الم ارد من األحرف السبعة وجوه سبعة, لكن دون تحديد هذه الوجوه إذ لم يقم عليها دليل قاطع, تمام ا كبعض القائلين بأنها سبع لغات ثم ذهبوا لتحديد هذه اللغات دون دليل قاطع. التعريف اإلج ارئي لألحرف السبعة: هي سبعة م اردة من الوجوه المتعددة المتغايرة لفظ ا أو أداء أو مع نى العرب نزل توافق لغا ت بها القرآن. شرح التعريف: قال الباحث )م اردة( ليخرج قول من قال إن العدد غير م ارد على الحقيقة إنما هو للتكثير. والحصر الذي أ ارده الباحث للوجوه ال للغات فقد يتفق وجه واحد في عدة لغات, فتكون.6.2 الوجوه السبعة قد وافقت عدد ا أكثر من سبع لغات. ال ي جزم بتحديد هذه الوجوه إال بالنظر في األحرف كلها ومعلوم مما تقدم في جمع عثمان.3 بن عفان للقرآن ذهاب بعض هذه األحرف. )6( انظر: السيوطي: اإلتقان )6/ وما بعدها 621 (. 18

36 المبحث الثاني القراءات وأنواعها والقراء 19

37 المطلب األول: تعريف القراءات أول: الق ارءات لغة: ")ق ر أ ( و لم ك ل م اته وتتبع به ا ونطق نظ ار ك ل م اته تتبع وقرآنا ق ر اء ة ال كتاب حفظ ع ن أ و نظر ع ن بألفاظها نطق ال ق ر آن من...و اآل ي ة به ا ين طق ف ه و ق ار ئ" )1(. ا جم ا عه و م ع ن ى ا وق ر آانه م ع ن ى الق رآن ]القيامة: 61 [, ي ق ر آنا أل نه ي ج م ع الس و ر, في ض م ها, ال ج م ع, و س م أ ي ج م ع ه وق ارء ته, فاإ ذا قا ا رأ ناه فاات ب ع ق ر آان ه و ق و ل ه ا علاي نا إ ن ت ع ال ى: ]القيامة: 60 [". وخالصة أقوال أهل اللغة في الق ارءات مفرد ق ارءة وهي مأخوذة من ضم الحروف بعضها لبعض, واخت لف في القرآن فقيل سمي بذلك ألنه يجمع السور وقيل هو اس م و ل ي س بمهموز, و لم ر اة و اإل ن ج يل )3(. ي ؤ خ ذ م ن ق أرت, و لكنه اس م لكتاب اهلل, مث ل الت و ثانيا: الق ارءات اصطال ا حا. يخلط بعض الباحثين في العزو لعلماء الق ارءات في تعريفاتهم الخاصة بهذا العلم, ومن المنصف قبل أن نبحث أقوالهم- أن نفرق أوال بين التعريف بالق ارءات والتعريف بعلم الق ارءات, لنعلم أي المع ن يين أ ارد المصنفون من تعريفاتهم. )6( مجموعة مؤلفين: المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية )122/2(. ابن منظور: لسان العرب )620/6(. )3( انظر: األزهري: تهذيب اللغة )281/1(. 21

38 تعريف الق ارءات: : قال اإلمام الزركشي أ و ال حرو ف ك تب ة ف ي ال م ذك و ر ال و ح ي أ لفا ظ ف اخ تال "ه ي ك يفي ت ها و غ ير ه م ا" )1(. و تث قيل تخف يف من : وقال الشيخ الزرقاني في غي ره به مخالف ا الق ارء أئمة من إمام إليه يذهب "مذهب النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه سواء أكانت هذه المخالفة في نطق أم في نطق هيئاتها" ومعروف من طبيعة هذين الكتابين أنهما في علوم القرآن عامة. الحروف تعريف علم الق ارءات: علم الق ارءات: بالكلمات النطق كيفية به يعرف علم هو واختالفا اتفاقا أدائها وطريق القرآنية, وجه كل عزو مع لناقله )3(. والذي يظهر أن القائلين بهذا إن ما أ اردوا تعريف علم العزو في النقل وهي األصل األول في هذا العلم. الق ارءات, خاصة في تأكيدهم على قضية )6( الزركشي: البرهان في علوم القرآن )6/ 360(. الزرقاني: مناهل العرفان )6/ 262(. )3( انظر: أبو شامة: إب ارز المعاني من حرز األماني )ص: 112 ( ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 1 ( القاضي: الق ارءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب )ص: 1(. 21

39 ( المطلب الثاني: أنواع القراءات اختلف تقسيمات أئمة هذا العلم ألنواع الق ارءات أصناف ا عديدة وأنواع ا كثيرة, باعتبارها وردت في كتب التفسير أو الحديث أو السير وأدخلوا فيها ما ليس قرءان ا, وي الحظ من البحث اختال ف األنواع حسب الحالة التي صار إليها أهل الق ارءة في زمن ما وحتي تتضح المسألة بيان ا ال بد من التأكيد على ما يلي: بعد أن وفق اهلل اإلمام الموفق عثمان بن عفان لجمع األمة على مصحف واحد كما مر في جمع عثمان وأخ ذ أهل الق ارءة من أصحاب رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ي قرؤون الناس في أمصارهم بما يوافق رسم المصحف وصارت الق ارءة بأسانيدها إلى النبي وكثرت حينئذ ق ارءات أهل األداء وذلك بسبب "أن برهة في فكانا ق أر, ما عنه, إذا كان ذلك مما من كل أعمارهم من واحد يقرئون األئمة الناس أ قر وا به على أئمتهم" )1(. ق أر بما على أ قر وا, جماعة ق أر فمن بق ارءات عليهم مختلفة, حرف بأي فنقل كان ذلك لم على يرده قال الباحث: فتعددت الق ارءات بتعدد الق ارء, والحالة هذه كان البد من ضابط ي ارعي وحدة األئمة واجتماع هم على عدد يفي ويكفي, وهذا ما صنعه اإلمام الكبير أبو بكر بن مجاهد, فأسس أسس ا ووضع ضوابط اعتمد بها سبعة من الق ارء دون غيرهم وسر ذلك "أن عن الرواة األئمة من الق ارء, كانوا في العصر الثاني والثالث كثي ار في العدد, كثي ار في االختالف, فأ ارد ال ناس )6( مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 03(. ابن مجاهد أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس, ولد سنة خمس وأربعين ومائتين, تال القرآن على قنبل, وأبي الزع ارء بن عبدوس, وق أر عليه خلق كثير: منهم عبد الواحد بن أبي هاشم, وأبو عيسى بكار, والحسن المطوعي, وغيرهم, وقال رجل البن مجاهد: لم ال تختار لنفسك حرف قال: نحن إلى أن تعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا, أحوج منا إلى اختيار. أثنى عليه أبو عمرو الداني فقال: فاق ابن مجاهد سائر نظائره مع اتساع علمه, وب ارعة فهمه, وصدق لهجته, وظهور نسكه, توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وثالث مائة. انظر ترجمته: الذهبي: سير أعالم النبالء ) 213/66 ( البغدادي/ تاريخ بغداد ) 363/1 ( ابن كثير: طبقات الشافعيين )ص: النبالء /66(.)212 الذهبي: سير أعالم

40 في العصر ال اربع أن يقتصروا من الق ارءات, التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه, وتنضبط الق ارء به, فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة واألمانة وحسن الدين, وكمال العلم, قد طال عمره, واشتهر أمره, وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل, وثقت ه فيما ق أر وروى, وعلمه بما يق أر, فلم تخرج ق ارءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم, فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان )1( مصحفا, إماما هذه صفته وق ارءته على مصحف ذلك المصر" وبصنيع ابن مجاهد هذا ظهرت أنواع الق ارءات التي هي موضع الحديث في هذا المطلب فكانت في ذلك العصر- قسمين: األول: ما دخل في السبعة الق ارءات الالتي ن ص عليها. الثاني: ما شذ عن السبعة شذوذ ا اصطالحي ا ال شذوذ ا يخرجها عن قرآنيتها. وهذا ما أ ازل إشكال ه وأوضح إبهام ه وجل ى إيهام ه ابن جني بقوله في قسميها "فضر ب اجتمع مجاهد بن موسى بن أحمد بكر أبو أودعه ما وهو األمصار, ق ارء أكثر عليه كتابه الموسوم بق ارءات السبعة, وهو بشهرته غا ن عن تحديده. وضرب تعدى ذلك, فسماه أهل زماننا شاذ ا أي: خارج ا عن ق ارءة الق ارء السبعة المقدم ذكرها, إال أنه مع خروجه عنها نازع بالثقة إلى ق ارئه, محفوف بالروايات من أمامه وو ارئه, ولعله - وأ كثير ا منه- مساو في الفصاحة للمجتمع )3( عليه" أما عن االقتصار على سبعة ق ارء فال يخفى أن عدد الحروف التي سبق التأصيل لها سبعة, وعدد نسخ المصاحف على قول سبعة, فلعل هذا من باب التيم ن بالعدد ليس إال, وقد وهم من ظن حتمية العالقة بينهما فذهب في تعريف األحرف بأنها الق ارءات وهذا القول ظاهر ب ع ده. )4( )6( مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 01(. ابن جني: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي إمام العربية, ق أر األدب على الشيخ أبي علي الفارسي وفارقه وقعد لإلق ارء بالموصل, وق أر على المتنبي ديوانه, توفي ببغداد في صفر, سنة اثنتين وتسعين وثالث مائة, عن نحو 16 عاما. انظر ترجمته: الذهبي: سير أعالم النبالء ) 61/61 ( اإلربلي: وفيات األعيان ) 221/3 ( البغدادي: تاريخ بغداد )368/66(. )3( ابن جني: المحتسب في تبيين وجوه شواذ الق ارءات )6/ 32(. انظر: مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 18 (. 23

41 من ثم ظهر أئمة جلداء في هذا الفن فأتموها بعشرة كلها مسندة متواترة جزم السلف وأكثر بقرآنيتها, وجعل إمام اإلق ارء ابن الجزري هذا عنوانا لباب في منجده وال السلف من أحد ينكرها لم اليوم إلى بها قرئ لدن وص فها بالشهرة ال بالتواتر إال أنه ب ين م ارده في قوله: "هذا إما رجلين: أحد المقرئون على من أق أر بالعشرة" )1(. السبعة على ازد بما مقرئ والذي يجزم به أهل التحقيق في هذا العلم بل ناقليها ورواتهم, مقروء بها في الصالة متحققة فيها األركان من شيء والعشرة, " يف الخلف- ال واما يشك أن مقرئ ازلت العشر ال انتهى عنوانه- أحد فيه بالسبعة العلماء, فقط الخلف مشهورة وان غي ر وما كان ازل منكر أن ق ارءات العشرة متواترة بسندها محكوم بتعديل. ويرى الباحث أن الفائدة من الموضوع عدم التفصيل والوصول إلى أقسام الق ارءات في هذا العصر مباشرة, وقد وصل الباحث لصياغة تقتضي تقسيم الق ارءات إلى قسمين رئيسين:. )3( األول: قرآن مجزوم بقرآنيته, وهو ما تحقق فيه الشروط واألركان الثاني: ما خرج عن كونه قرآن ا, وهو أنواع, اختلف المصنفون في تسميتها وتعريفيها منهم من ازد وفصل, كاإلمام ابن الجزري, ومنهم من نقل وأصل كاإلمام السيوطي ومنهم من نظر واستحسن كاإلمام الزرقاني, واقتصر جهد الباحث هنا على اختصار الكالم وتذييله بالعزو. 6- المشهور: وهو ما صح سنده ولم يبلغ درجة التواتر ووافق العربية والرسم, واشتهر عن الق ارء فلم يعده من الغلط وال من الشذوذ, والعمدة عليه في التفسير و الترجيحات الفقهية. االشتهار يشتهر لم أو العربية أو الرسم وخالف سنده ما صح وهو اآلحاد: وال المذكور -2 يق أر به. )6( ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 26(. لالست ازدة انظر: القاري حديث األحرف السبعة )ص: 660 (. )3( وسيأتي بيانها في موضعها ( المطلب التالي: أركان الق ارءة الصحيحة(. 24

42 و م ال دين" مل ك ي 3- الشاذ: وهو ما لم يصح سنده غالبا وفيه كتب مؤلفة من ذلك ق ارءة: " بصيغة الماضي ونصب " يوم " و" إي ا ك ي ع ب د "ببنائه للمفعول. ومنه شاذ صح سنده يلحق بالقسم السابق )اآلحاد( وقد صنف القاضي كتاب )الق ارءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب(. وقد رجع الباحث إليه في الرسالة. 2- الموضوع: وهو تتمة لألنواع ال نوع ق ارءة. وهو إضافات 6- المدرج: تفسيرية في بعض مصاحف الصحابة )1(. 25 )6( انظر: أبو شامة: المرشد الوجيز) 6 / الجزري: منجد المقرئ ومرشد الطالبين )ص: مناهل العرفان )6/ 238(. 661 ( الزركشي: البرهان في علوم القرآن )6/ 60 ( السيوطي: اإلتقان في علوم القرآن )6/ 336 ( ابن 212 ( الزرقاني:

43 المطلب الثالث القراء ورواتهم ظهر مما تقدم القطع بقرآنية الق ارءات العشر, وأن ها كلها متواترة. : قال الزرقاني وهو متواترة كلها العشر الق ارءات أن هو الدليل يؤيده الذي "والتحقيق والنويري )1( السبكي األصوليين من المحققين أري كابن والق ارء الجزري وابن شامة أبي أري هو بل آخر صححه نقل في أمره أول قاله أو عليه, مدسوسا اآلنف ال أري يكون أن وجوزوا عنه الناقلون عنه رجع ثم بعد" )3(. لذا من المناسب هنا أن ا لنا كتاب اهلل تعالى. عليهم وعلى رواتهم الذين رو و نترجم لهؤالء الق ارء الذين نقلوا لنا أصل الدين- وأن نتعرف القرآن- )6( عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي األنصاري الخزرجي الشافعي أبو نصر, ولد سنة 121 في القاهرة, ولقب بالسبكي نسبة إلى "سبك" إحدى أعمال المنوفية في مصر, ومن شيوخه والده علي بن عبد الكافي, والحافظ المزي, والذهبي. أجازه شمس الدين بن النقيب باإلفتاء, وكان ذا بالغة وطالوة اللسان عارفا باألمور, وقد أفتى ولم يتجاوز عمره ثماني عشرة سنة. انتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام, وحصل له بسبب القضاء محنة شديدة مرة بعد مرة وهز في غاية الثبات, توفي بدمشق عام 116. انظر ترجمته: الذهبي: المعجم المختص بالمحدثين )ص: 662 ( ابن حجر العسقالني: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة )233/3(. النويري: طاهر بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن مكين النويري المالكي المقرئ, ولد بعد خمس و ت س عين و س ب عمائة وتال على اب ن ال ج زر ي وغيره, صار أحد أئمة المالكية في جمعه للفنون, جامعا بين العلم والعمل, والتواضع والعفة, واالنقطاع عن الناس. ولي تدريس المالكية بالبرقوقية, وبمدرسة حسن, واإلق ارء بالجامع الطولوني. وانتفع به الناس. مات في ربيع األول سنة ست وخمسين وثمانمائة. السيوطي: نظم العقيان في أعيان األعيان )ص: 28(. )3( الزرقاني: مناهل العرفان )6/ 226(. 26

44 وفي وصف السبعة منهم لم أجد كلمات أجزل لفظ ا, وأوسع معن ى من كلمات اإلمام إذ يقول: )1( الشاطبي... ج ز ى و س ل س ال ع ذ با الق ر آ ن ن ق ل وا ل ن ا أ ئ م ة ع ن ا ب ال خ ي ر ا ت اهلل... ت و س ط ت ق د س ب ع ة ب د و ر ف م ن ه م و ك م ال ز ه ار وا ل ع د ل ال ع ل ى س م اء... و ان ج ال ت ف ر ق ح ت ى الد ج ى س و اد ف ن و ر ت اس ت ن ار ت ع ن ه ا ش ه ب ل ه ا... و س و ف و اح د ب ع د و اح دا ت ر اه م اث ن ي ن م ن أ ص ح اب ه م ت م ث ال. م ع أول: تعريف القارئ لغة. القارئ لغة: كاق ت أره, ت اله, وقار ئي ن: وق ر ا ء ب ق أر ة والجمع قار ئ فهو وق ر آنا, وق ارءة ق أر "ق رءا و أ ق ر أته أنا, وص حيف ة ومقروه ومقريه. وق ر أ عليه السالم, أي: فالقارئ إما م كتوبا " السالم كان إذا إال أق ر أه ي قا ل: ال أو كأق أره, أبلغه من نقل الق ارءة أو من ق أر بها من بعده )3(. ال ق رنآ وق أرت ق ر اء ة, وقروت إ لي ه قروا: أ ي قصدته واتبعته )4(. أبو محمد وقيل أبو القاسم, القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي األندلسي الضرير سيد )6( الق ارء, ولد سنة ثمان وثالثين وخمس مائة, تال السبع على أبي عبد اهلل بن أبي العاص النفري, ق أر عليه خلق كثير, قال الذهبي عنه: كان يتوقد ذكا ء, له الباع األطول في فن الق ارءات والرسم والنحو والفقه والحديث, وله النظم ال ارئق, مع الورع والتقوى والتأله والوقار, توفي بمصر, في الثامن والعشرين من جمادى اآلخرة, سنة تسعين وخمس مائة. انظر ترجمته: الذهبي: سير أعالم النبالء ) 213/26 ( الصفدي: الوافي بالوفيات )222/2(. الشاطبي: متن الشاطبية )23-28(. )3( انظر: الفيروزآبادى: القاموس المحيط )ص: 21 ( ابن سيده: المحكم والمحيط )1/ 218(. 27 أبو البقاء الكفوي: الكليات )ص: 123(.

45 ثانيا: تعريف القارئ اصطال ا حا: الق ارءات" )1(. القارئ: "يطلق األئمة من إمام على االصطالح في إليهم تنسب الذين المعروفين ويطلق على غيرهم من الق ارء الذين لم تنقل ق ارءتهم. وقد جعل أهل العلم حد ا للقارئ المبتدئ, فقالوا: هو من أفرد ثالث ق ارءات والمنتهي من جمع جل هذه الق ارءات, )3( أما المتوسط من جمع أربع أو خمس ق ارءات. والمقرئ: غير القارئ إذا إال عشرة, واألربع كلها العشر حفظ ولو حتى والمشافهة )4(. فلو حفظ كتب الق ارءات وحججها ليس له أن يق أر إال إن أ س ن د بها )5(. بالسماع أحكمها والقارئ الذي نعنيه في هذا المقام: هو اإلمام المعروف التي تنسب له الق ارءة. قال السيوطي : " هو م ن له الق ارءة وم ن ال ق ارءة له فليس بقارئ, وال يكون قارئا إال عند وجود الق ارءة, ولو كانت الق ارءة قديمة لكان يجب أن يكو ن الحافظ لكتاب اهلل قارئا له في جميع أحواله, فلما بطل ذلك د ل على أنها مح د ثة, والق ارءة غير الحفظ" )6(. الق ارء السبعة ورواتهم: في بداية الحديث عن كل علم يجد الباحثون أنفسهم يكتبون عن رواد هذا العلم وأهم من أثر في مساره, واألئمة السبعة الق ارء أ فرد في الترجمة لهم مصنفات, وتبحر المختصون في الحديث )6( الز ر قاني: مناهل العرفان )6/ 261(. انظر: أبو شامة: إب ارز المعاني من حرز األماني )ص: 112(. )3( الدمياطي: إتحاف فضالء البشر في الق ارءات األربعة عشر )ص: 1(. صبحي الصالح: مباحث في علوم القرآن )ص: 261(. )6( ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 1 ( وأصل كالم ابن الجزري إب ارز المعاني انظره )ص: 112(. عند أبي شامة في )1( السيوطي: معترك األق ارن في إعجاز القرآن )3/ 613(. 28

46 عنهم وعن علمهم وورعهم وتقواهم. ومنهج الباحث في الترجمة لهم: أن يذكر القارئ, ثم ينقل قول اإلمام الشاطبي في بديعته حرز األماني ووجه التهاني في الق ارءات السبع- فيصد ر الترجمة باألبيات التي تتحدث عن القارئ ويعقبها بترجمة القارئ ثم يذكر أبيات الشاطبي في ال اروي ي ن عن القارئ دون الترجمة لهما اختصار ا. وسار الباحث في ترتيب الق ارء والرواة على ترتيب اإلمام الشاطبي وهذا الترتيب هو المشهور وما عليه أهل التحقيق. القارئ األول: اإلمام نافع المدني رحمه اهلل: : قال اإلمام الشاطبي. )1( فاأام ا اناف ع الطي ب في الس ر ال اكر يم ا من ز ال ال ا مديان اة اخ تا ا ا ر ال ذ ي فااذا اك هو عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم القارىء, أبو رويم وقيل أبو عبد الرحمن,. المدنى, مولى بنى ليث ( و قد ينسب إلى جده ) )3( أصله من أصبهان : حنبل بن أحمد بن اهلل عبد قال أهل ق ارءة قال: إليك أحب الق ارءة أي أبي: سألت. )4( عاصم فق ارءة يكن لم فإن المدينة, )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3(. - - أصفهان أو أصبهان بفتح الهمزة وكسرها ثانية كبرى المدن اإلي ارنية بعد العاصمة طه ارن, وأصلها فى الفارسية أسباهان, أى: مدينة الجيش. تقع بين مدينتى شي ارز وطه ارن, وتبعد عن األخيرة بنحو )228( ميال. وقد فتحها المسلمون سنة )23 ه = 123 م(, وقيل: سنة )61 ه = 128 م( بقيادة أبى موسى األشعرى وعبد اهلل بن بديل الخ ازعى فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب, رضى اهلل عنه, وانتشر اإلسالم فيها. )3( المزي: تهذيب الكمال في أسماء )21/ 206(. الذهبي: معرفة الق ارء )ص: 12(. 29

47 . )1( : وقال مالك الق ارءة في الناس إمام نافع : المصري هالل بن أحمد وقال إن نافع: على ق أر ممن رجل لي قال الشيباني: لي قال أمس ما قال: تقرئ قعدت كلما أتتطيب له: فقلت المسك. ارئحة فيه من يشم تكلم إذا كان نافعا ال ارئحة. أريت ولكني طيبا النبي يق أر في وهو في, فمن ذلك هذه في من أشم الوقت. قال الباحث: )3( وهذا ما عناه الشاطبي في بيته, وذكره البخاري في التاريخ الكبير ومن أشهر الرواة عنه, اإلمام قالون, واإلمام ورش. وقد أخذا عنه الق ارءة مباشرة. : قال الشاطبي... و ر ش ه م ع ث ما ن ث م ع ي س ى و ق ال ون الم ج د ب ص ح ب ت ه ت أ ث ال )4(. الر ف يع. )5( ومائة وستين تسع سنة وتوفي )1( ابن الجزري: النهاية في طبقات الق ارء )2333(. الذهبي: معرفة الق ارء )ص: 12(. )3( انظر: البخاري: التاريخ الكبير) 10/0 (. الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3(. )6( ابن حبان: مشاهير علماء )ص: 222(. 31

48 : القارئ الثاني: اإلمام ابن كثير : قال الشاطبي. )1(... ا مك ة ا عب د ا و م ع تااال ال قاو م كاث ر اكث ير ا ب ن ه ا و م قا ام ه ف ي ا ها اهلل أبيض مفوها بليغ ا فصيح ا "وكان وثقوه معبد", أ ب ا ي كنى المكي الداري كثير بن اهلل عبد هو" العينين, أشهل أسمر جسيما طوي ال اللحية السكينة عليه بالحناء يخضب والوقار" )3(,من فارس, أبناء وكان عطا ار الدار بن هانئ. بني من ألن ه الداري ل ه ق ي ل إنما وي قال: داري, للعطار: يقولون مكة وأهل ب م ك ة, ق أر على مجاهد ودرباس مولى ابن عباس, وح دث عن عبد اهلل بن الزبير وعبد الرحمن بن مطعم, وعمر بن عبد العزيز, وتصدر لإلق ارء وصار إمام أهل مكة في ضبط القرآن, ق أر عليه أبو عمرو بن العالء. )4(. وأشهر الرواة عنه اإلمام الب زي واإلمام قنبل : قال الشاطبي... س ن د ع ل ى و م ح م د ل ه ال ب ز ي أ ح م د ر وى )5( و ه و الم ل ق ب ق ن ب ال. وتوفي سنة عشرين ومئة )6(. )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3(. التنوخي: تاريخ العلماء النحويين )ص: 236(. )3( المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال )66/ 210(. انظر: الذهبي: معرفة الق ارء الكبار )ص: 68 ( ابن حجر: تقريب التهذيب )ص: 360(. )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3(. )1( انظر: الذهبي: معرفة الق ارء الكبار )ص: 68 ( ابن حجر: تقريب التهذيب )ص: 360(. 31

49 القارئ الثالث: اإلمام أبو عمر البصري : : قال الشاطبي و أ م ا أ ف اض اإل م ام الماز ن ي ص ر يح ه م... أ ب و ع م ر و ال ب ص ر ي ف و ال د ه ال ع ال ع ل ى ي ح ي ى ال ي ز ي د ي س ي ب ه... ف أ ص ب ح ب ال ع ذ ب ال ف ر ا ت م ع ل ال. )1( هو "زبان بن العالء بن عمار بن العريان بن عبد اهلل بن الحسين بن الحارث, اختلف في اسمه على نحو عشرين قوال, م ول د ه: ف ي ن حو س ن ة س بع ي ن, ح د ث ب اليس ي ر ع ن: أن س ب ن مالك, و يحيى ب ن يعمر, ومجاهد, وأب ي ص ال ح الس م ان, وأب ي رجا ء العطاردي, و نافع العمر ي, وعطاء بن أ ب ي رباح, و اب ن ش ه ا ب, و ق أر القرآ ن ع ى:ل س عي د بن جبير, ومجاهد, ويحيى بن يعمر, وعكرمة وابن كثير وطائفة. وأشهر من روى عنه اإلمامان الدوري والسوسي. : قال الشاطبي... الد ور ي ع م ر أ ب و ش ع ي ب أ ب و و ص ال ح ه م ه و الس وس ي ع ن ه ت ق ب ال )3(. و م ائ ة" )4(. و خمسين أ ربع سنة رحمه اهلل وتوفي 200 ( الذهبي: سير أعالم النبالء )1/ 200 ( الذهبي: سير أعالم النبالء )1/ 281 ( 281 ( )6( المرجع السابق. انظر: ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ الصفدي: الوافي )62/ 661(. )3( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3 (. انظر: ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ الصفدي: الوافي بالوفيات )62/ 661(. 32

50 القارئ ال اربع: اإلمام ابن عامر الشامي: : قال اإلمام الشاطبي.... م ا حل اال طا ا ا ب ت ا هلل ب ا عب د فات ل اك ا عام ر اب ن ا دا ر الش ا م د ا مش ق ا وأام ا هو "عبد اهلل بن عامر بن يزيد اليحصبي ابن تميم اإلمام الكبير مقرئ الشام, وأحد األعالم, م و ل د ه س ن ة إ ح د ى و ع ش ر ي ن. أبو عم ارن الدمشقي, قيل: ولد عام الفتح, واألصح أ ن ق ر أ ف ي كنيته تسعة أقوال, أصح ها أ ب و ع م ارن, ع ل ى أ ب ي الدرداء, وكان قاضي الجند, ورئيس إدريس أ ب ي بعد دمشق قضا ء ولي وقد المسجد ال يرى فيه بدعة إال غيرها. الني, الخ و الشام أهل ازل وال الصالة, في ق ارءته سمع بل عثمان على يق أر لم عامر ابن أن وروي. )1( الخمسمائة قريب إلى وتلقينا وصالة تالوة عامر ابن ق ارءة على قاطبة أشهر رواته: اإلمامان هشام وابن ذكوان. : قال الشاطبي. ت ن ق ال ا هلل و ع ب د ه ش ام و ه و ان ت س اب ه... ل ذ ك و ان ع ن ه ب اإل س ن ا د ومائة" )3(. يوم بدمشق عشرة ثمان سنة عاشو ارء توفي )6( انظر: ]الذهبي: تاريخ اإلسالم )3/ 216 ( سير أعالم النبالء )6/ 20 ([ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ 222(. 212 ( معرفة الق ارء الكبار )ص: 212 (,ومعرفة الق ارء الكبار )ص: الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3 (. )3( انظر: ]الذهبي: تاريخ اإلسالم )3/ 216(, سير أعالم النبالء )6/ 20 ([ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ 222(. 33

51 القارئ الخامس: اإلمام عاصم الكوفي : قال الشاطبي... م ن ه م ال اغر ا ء ا وب ال ك وفاة ا وقا ا رن ف اال اشذا ا ضا ا ع ت فاقا د أااذاع وا ثاالاتا ة. )1(... م ا بك ر أاب و فاأام ا اس م ه ا و ا عاص كنيته بهدلة, النجود أبي اسم كان بهدلة بن عاصم وهو األسدي النجود أبي بن هو "عاصم أهل من بكر أبو الكوفة" في السلمي الرحمن عبد أبي بعد بالكوفة اإلق ارء رئاسة إليه "انتهت موضعه جمع بين الفصاحة واإلتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوت ا بالقرآن,, وقال حفص كان عاصم إذا قرئ عليه أخرج يده فعد وكان من التابعين, أخذ الق ارءة عرض ا عن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي عمر والشباني" )3(. زر بن وأشهر من روى عنه اإلمامان شعبة وحفص. : قال اإلمام الشاطبي أ ف ض ال الم ب ر ز ر او ي ه "ف ش ع ب ة الر ض ا ب ك ر أ ب و ع ي ا ش اب ن و ذ اك و ح ف ص كا ن و ب ا إلت ق ا ن )4( م فض ال". )5( وعشرين ثمان سنة ومائة" "توفي )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3(. ابن حبان: الثقات )1/ 261(. )3( انظر: ابن الجزري: غاية النهاية )6/ 321(. الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3 (. )6( ابن حبان: مشاهير علماء األمصار )ص: 216( 34

52 القارئ السادس: اإلمام حمزة الزيات. : قال الشاطبي م ا رت اال" )1(.... ل لق ار ن ا صب و ار إ ا ماما م تا ا ور ع م ن أاز كاه ا ما ا و ا حم ازة بنى مولى موالهم, التيمي الكوفي عمارة أبو القاريء, الزيات عمارة بن حبيب بن حمزة هو" ربيعة. من اهلل تيم اهلل, قاا ال كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلون ثم يجلب منها الجبن والجوز وكان إماما ق ي ما ل ك ت ا ب الذ ك ر, عالما بالحديث والف ارئض, أ ص ل ه ف ا رس ي. ق ان تا هلل, ثخين الورع, رف ي ع : الث و ر ي ما ق أر حمزة حرفا إال بأثر, وقال اإلمام األكبر: غلب حمزة الناس بالقرآن والف ارئض.. ولإلمام حمزة رؤيا منامية تخلع قلوب المتقين سليمان عن عرضا الق ارءة األعمش, إسحاق وأبي أعين, بن وحم ارن السبيعي. أخذ وثقه النسائي وابن معين. ق ر اء ة بعضهم كره و قد ح م ز ة, وأوجبوا إعادة صالة من ق أر بها وهذا غلو ال ح ال اس ت قر و قد م سلم ل ه,روى ق ر اء ته ث ب وت على اإل ج م اع وانعقد واألرب عة )3(. أشهر رواته بواسطة س ليم- اإلمامان خلف وخالد. )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 3( انظرها: المزي: تهذيب الكمال )1/ 361( وخالصتها أنه أرى المولى في رؤيا تذرف العيون العب ارت لسماعها. )3( انظر: ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ 216 ( الصفدي: الوافي بالوفيات) 63 / 681 ( المزي: تهذيب الكمال )1/ 361(. 35

53 : قال اإلمام الشاطبي و م ح ص ال" )1(.... ال ذ ي و خ ال د ع ن ه خ ل ف ر و ى م ت ق نا ر و اه س ل ي م و م ائ ة". و خمسين ت س سنة و ت وف ي 216 ( الصفدي: الوافي بالوفيات )63/ 681 ( )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 2 (. انظر: ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ المزي: تهذيب الكمال )1/ 361(. 36

54 القارئ السابع: اإلمام الكسائي: : قال الشاطبي. )1(... ت س ر ب ال ف ي ه اإل ح ر ا م في كا ن ل م ا ن ع ت ه ف ال ك س ائ ي ع ل ي و أ م ا األس د ي الح س ن أبو أسد, بني مولى فيروز, بن بهمن بن علي بن حمزة بن عبد اهلل هو " الكوفي الك سائي, شيخ الق ارء والن حاة.. ومائة عشرين سنة حدود في ولد بحر )3(. : قال الف ارء يوما الكسائي ناظرت من أشرب طائ ار كنت فكأني وزدت الز ي ات حمزة على القرآن ق أر بغداد, "نزل أربع م ارت, أ ب ي ب ن الر ح م ن ع ب د ب ن م ح م د وعلى عر ضا. ل ي ل ى الصادق, جعفر ع ن: و ر و ى واألعمش, أيض ا وتال عي اش, بن بكر وأبي أرقم, بن وسليمان ع م ر بن عيسى على اله م داني, وتعل م الن ح و على ك ب ر سن ه )4(. ": موسى بن الرحيم عبد قال ك ساء, في أح ر م ت ألن ي قال: الك سائي س م يت ل م سألته حمزة أصحاب فلق به كساء, في يل ت ف كان حمزة على ق ارءته أي ام ألن ه بالك سائي ع رف إن ما وقيل: بالك سائي" )5(. )6( الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 2 (. الذهبي: تاريخ اإلسالم )2/ 121(. )3( الذهبي: معرفة الق ارء )ص: 12(. )4( الصفدي: الوافي بالوفيات )20/26(. )5( الذهبي: تاريخ اإلسالم )120/2(. 37

55 و". )1( ": وقال الك سائي" على ع يا ل فهو الن ح و في يتبحر أن أ ارد من الش افعي ": وقال اخلاف بن هشام الن اس, على يق أر وهو الك سائي, يدي بين أحضر كنت. وينق طون ق ارءته" على م ص احف هم منها: كتاب "معاني وتصانيف أ خر" القرآن", "ومختصر في وكتاب الن ح و",. )3( ف, وللك سائي ع د ة ت ص ان ي " الق ارءات, وكتاب "النوادر الكبير", أشهر رواته اإلمامان أبو الحارث الليث, والدوري. : قال الشاطبي... الر ضا ال ح ار ث أ ب و ع ن ه ل ي ث ه م "ر و ى و ح ف ص ه و الد ور ي و ف ي الذ ك ر ق د خ ال" )4(. 5 توفي برنبويه, سنة سبع وثمانين ومائة ")6(. )1( البغدادي: تاريخ بغداد )326/63(. الذهبي: تاريخ اإلسالم )121/2(. )3( الذهبي: سير أعالم النبالء )662/1(. الشاطبي: متن الشاطبية )ص: 2 (. 5 ر ن ب وي ه: ( ) بفتح أو له, وسكون ثانيه ثم باء موحدة, وبعد الواو ياء مثناة من تحت مفتوحة: وهي قرية قرب الري,, الحموي معجم البلدان )3/ 13( )1( الذهبي: معرفة الق ارء الكبار )ص: 12(. 38

56 الق ارء الثالثة تمام العشرة ورواتهم. وسيذكر الباحث الق ارء الثالثة ومن روى عنهم باختصار في مقام واحد.. القارئ األول: اإلمام أبو جعفر المدني واألول أشهر" )1(.,, القعقاع, بن فيروز قيل و فيروز بن جندب قيل و القعقاع بن يزيد هو " ": قال سليمان بن مسلم كان من أق أر الناس, وكنت أرى كل ما يق أر, وأخذت عنه ق ارءته". ا وقاا ال اناف ع القارئ:" كان أبو جعفر يقوم الليل, فإذا أق أر, ينعس, فيقول لهم: ضعوا الحصى بين أصابعي, وضموها, فكانوا يفعلون ذلك, والنوم يغلبه" )3(. وقال سليمان بن أخبرني مسلم:" أبو جعفر أنه أتي به أم سلمة زوج النبي وهو صغير فمسحت على أرسه ودعت فيه بالبركة روى ق ارءته: وردان بن عيسى و جماز بن مسلم بن سليمان )4(. "مات سنة ثالثين ومائة" )5(. )1( المزي: الكمال في أسماء الرجال )288/33(. الذهبي: سير أعالم النبالء )6/ 201( )3( ابن عساكر: تاريخ دمشق )16/ 361(. ]الذهبي: سير أعالم النبالء )6/ 201 ( معرفة الق ارء )ص: الكبار 28 ([ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )2/ 302(. )6( انظر الم ارجع السابقة. 39

57 القارئ الثاني: اإلمام يعقوب الحضرمي هو "يع ق وب بن إ س ح اق بن زيد بن عبد اهلل بن أبي إ س حاق الحضرمي والء البصري ال ق ارئ أبو محمد وأبو يوسف, كا ن أعلم الن اس ف ي ز م انه بالق ارءات والعربية وكالم العرب والرواية, ف اضال تقيا و ه و ف ي ال صال ة ور د إ ل ي ه و لم يش عر لشغله ب الص ال ة. و بلغ من جاهه ب الب صر ة ورعا ازهدا, سرق ر د اؤ ه أ نه ك ا ن يحبس و ي طلق" )1(. ع ن د واز د ح م أ ئمة, الق ر ا ء ه و أ رج ح م ن ه وفاق الناس في الق ارءة, وما هو بدون الكسائي, ب ل ع ل ى يعقوب, فت ال ع ل ي ه:, الوليد بن حسان, وأحمد بن عبد الخالق, و ع د د. ك ث ير نقل الق ارءة عنه: و ح اإلمامان عب د ب ن ر الم ؤ م ن, محمد بن المتوكل ر و ي س )3(. توفي سنة خمس ومائتين" )4(. القارئ الثالث: اإلمام خلف الب ازر., البغدادي الب ازر غ ارب بن طالب بن هشام بن خلف يقال و, ثعلب بن هشام بن "خلف هو م و ل د ه : س ن ة خ م س ي ن أبو محمد المقرىء, صاحب الرواية عن حمزة سبق ذكره في التعريف لحمزة و مائ ة, سمع مالك بن أنس, وحماد بن زيد وأبا عوانة, وغيرهم, و ت ال ع ل ى: س ل ي م, و ع ل ى أبي يوسف األعشى, وغيرهما, و ت ص د ر لإل قر ا ء و الر و اي ة" )5(. ر و ى ع ن ه الق ر اءة ع ر ضا : أحمد بن يزيد الحلواني, وسلمة بن عاصم, ومحمد بن الجهم السمري حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين وابتدأ في الطلب وهو ابن ثالث عشرة وكان ثقة كبير ا ازهد ا عابد ا السيوطي: بغية الوعاة )2/ 320(. ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )2/ 301( و. الذهبي: سير أعالم النبالء) 68 / 618(. انظر المرجعين السابقين. ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )2/ 301 ( الذهبي: سير أعالم النبالء) 68 / 618(. الذهبي: سير أعالم النبالء) 68 / 611(. )6( )3( )6( 41

58 عالم ا )1(. نقل عنه الق ارءة: إب ارهيم بن إسحاق و ادريس بن عبد الكريم الحداد. ببغداد )3(. توفي رحمه اهلل في شهر ومائتين وعشرين تسع سنة اآلخرة جمادى انظر, الذهبي: معرفة الق ارء الكبار على الطبقات واألعصار )ص: 623( و ابن الجزري: غاية النهاية )6( في طبقات الق ارء )6/ 213(. انظر: المرجعين السابقين. الذهبي: معرفة الق ارء الكبار )ص: 623 ( ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات الق ارء )6/ 213(. )3( 41

59 المبحث الثالث: أركان القراءة الصحيحة 42

60 "أخذ أهل اإلق ارء في تلقين الناس ما أخذوه عن األوائل في مجالسهم وكان الجالس ال ينتهون من التلقي إال وقد أتقنوا ما تلقوه من ألوان الق ارءة وهذا "أدى إلى أن يختلط بالحفاظ المتقنين من هم أقل منهم اتقانا وضبطا للحروف... فاحتاج أهل الق ارءة حينئذ إلى وضع الضوابط التي يميزون بها )1( األحرف القرآنية الثابتة من غيرها" حال بحسب وضعفا قوة يختلف الناقلة بعزو النقل كان "ولما المقبولة". وغير المقبولة الق ارءة به تميز إلى ضابط األمر احتاج فقد الناقلة, وقد بين غير واحد من أئمة اإلق ارء قديم ا وحديث ا هذه الضوابط, والتي أصبحت تعرف بعد ذلك باألركان األصلية ألي ق ارءة صحيحة, وكان اإلمام الطبري أول من أشار إلى هذه " الضوابط فيما ذكر اإلمام مكي به أيضا نقض كالما له الق ارءات كتاب في قال وقد مذهبه قال: أذن اهلل له, كل ما صح عندنا من الق ارءات, أنه علمه رسول اهلل ولهم أن يقرءوا بها القرآن, فليس لنا أن نخطئ من كان ألمته من األحرف السبعة التي ذلك به موافقا لخط المصحف, فيه" )3(. الكالم وعن عنه, ووقفنا نق أر به, لم المصحف لخط مخالفا كان فإن : يقول ابن الجزري "ف ك ل م ا و اف ق و ج ه ن ح و... و ك ان للر س م اح ت م اال ي ح و ي و ص ح إس نادا ه و ال ق رآن... ف ه ذ ه الث الث ة األ ر كا ن وح يث ما ي خ ت ل ر ك ن أ ث ب ت... ش ذ وذ ه ل و أن ه ف ي الس بع ة أو م خ ت ل ف فك ن ع لى ن ه ج س ب يل الس لف... فى م ج م ع ع ل ي ه وأ ص ل االخ ت الف أن ر ب ن ا... أ نز ل ه ب س ب ع ة م ه و نا" )4(. القاري: حديث األحرف السبعة )ص: 11 (. )6( نور الدين عتر: علوم القرآن الكريم )ص: 621(. مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 63(. )3( )4( ابن الجزري: متن طيبة النشر )ص: 32(. 43

61 اتصال السند األول: الركن اتصال السند هو الركن األول أهمية من هذه الثالثة األركان وم ارده "أن إلى الثقات عن ينقل النبي " " )1(. وما عناه اإلمام الجزري بقوله "وصح إسناد ا هو القرآن" أي صح بطريق التواتر, وان كان قد صرح بالصحة دون التواتر فقد بين م ارده في منجده عند معرض الحديث عن األركان بقوله :" غير من العلم يفيد منتهاه إلى كذا جماعة و اره ما بالتواتر ونعني عشرون, وقيل: عشر اثنا وقيل ستة فقيل فيه واختلفوا بالتعيين وقيل الصحيح, هو هذا عدد تعيين العشرة األئمة ق ارءة هو الثالثة األركان هذه زماننا في جمع والذي سبعون وقيل: أربعون, وقيل: بالقبول" تلقيها على الناس أجمع التي وقد عدل اإلمام ابن الجزري عن التواتر واالكتفاء بالصحة في كتاب النشر وأفاد أن كثير ا من 3 وجوه األداء تذهب من ق ارءة السبعة إذا اشترطنا التواتر الباحث: قال وقد أ فر دت أبواب في مصنفات أهل العلم بأسانيد هذه الق ارءات إلى رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم )4(. )6( مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 66(. ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 60(. )3( ابن اجلزري: النشر )13/1( انظرها: اليشكري: الكامل في الق ارءات واألربعين ال ازئدة عليها. 44

62 الركن الثاني: موافقة الرسم العثماني. )1( المصحف" : قال اإلمام مكي لخط موافقا "ويكون والم ارد, موافقة نسخة من نسخ الرسم العثماني التي أ رسلت في األمصار. : قال ابن الجزري المصاحف أحد "ووافقت هذه نقلها, وتواتر تقدي ار ولو العثمانية المتواترة الق ارءة المصاحف أحد ومعنى بها المقطوع وجهها التي المصاحف من واحد العثمانية عثمان إلى األمصار, وكق ارءة ابن كثير في التوبة ا جن ات تاج ر ي م ن تاح ت ا ها األ ان ا ها ر ]التوبة: 12[ بزيادة "من" فإنها ال توجد إال في مصحف مكة. ومعنى "ولو تقدي ار " ما يحتمله رسم المصحف من كق ارءة المصاحف, ا يو م ا مال ك ق أر: فاحتملت الكتابة الد ي ن تكون أن ]الفاتحة: "مالك" ]2 وفعل باأللف كما بها فإنها فعل كتبت باسم بغير الفاعل و"صالح" ونحو ذلك مما حذفت منه األلف لالختصار, فهو موافق للرسم تقدي ار". ألف من جميع في قوله: "قادر" قال الباحث: وهذه هي موافقة الرسم ولو تقدي ار, أما الموافقة الصريحة فمنها ما مث ل لها الشيخ الزرقاني بقوله:" أما الموافقة الصريحة فكثيرة نحو قوله سبحانه: ا وان ظ ر إ لاى ال ع ظاا م اكي اف ن ن ش ز اها وق ارءة األصل الصورة 261[ ]البقرة: ننشرها بال ارء. ومن الص ارط األصل أيضا مخالفة بعد كانوا الواحدة نظر يكتبونها على والمصيطرون لتكون محتملة, للرسم ق ارءة ولو واألصل فإن ها الصحابة بالحرف الق ارءتين بالصاد السين كتب كتبت وان ذلك كليهما. في في رسم الذي يدل إذ المبدلة خالفت بالسين ولذلك المصحف المصحف يخالف على بالسين الرسم على كان بدون أن األصل إحداهما قد فإنهم أتت األصل الخالف نقط, الكلمة ليتعادل وهنا التي بالحروف كتبوهما على لفات المشهور مع وافقت رويت األصل وعلى بالصاد األصل هذا في االحتمال بصطة ق ارءة على الثانية الذي وعدلوا فيعتدالن األصل لم ن ن ش ز اها يكتب باألصل. عن وعدت األع ارف وتكون السين ق ارءة دون وعلى في نحو ق ارءة غير التي بسطة بال ازي خالف داللة كلمتي هي اإلشمام السين البقرة مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 66( ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 60(. )6( 45

63 بالصاد" )1(. وحرف بالسين كتب البقرة حرف لكون كتب األع ارف الركن الثالث: موافقة وجه من العربية قال اإلمام مكي : "ويكون وجه ه في العربية, التي نزل بها القرآن شائعا") 2 (, فموافقة العربية ولو بوجه أحد الحدود الالزمة التي ال يقطع بقبول المنقول, وال يجزم بقرآنيته إال إن توفر هذا الحد, وان اختل هذا الركن الجامع من األركان الثالثة لم ي جزم بقرآنيته )3(. " وعبر عنه ابن الجزري "العربية ومعنى مطلقا, العربية وافقت ق ارءة كل بقوله: ]6 حمزة ق ارءة نحو اإلع ارب من بوجه ولو أي مطلقا" ا واأل ار ا حام ]النساء: جعفر أبي وق ارءة بالجر )4( "]62 ]الجاثية: قاو ا ما ل ا يج ز ئ حكم الق ارءة التي جمعت الشروط وحكم إنكارها بعد أن قدمنا لهذه األركان بشيء من تبيا ن فيه فائدة وأهمية, جم ل أن نبين حكم اإليمان بالق ارءة التي استوفت هذه الشروط, وحكم من أنكر شيئ ا منها, وحكم ما خرج عن هذه الشروط. : قال اإلمام مكي مغيبه على وقطع به, قرئ الثالث الخالل هذه فيه اجتمعت "فإذا جحده") 5 (. وصحته المصحف, لخط موافقته جهة من إجماع عن أخذ أل نه وصدقه من وكفر ) 6 (الزرقاني: مناهل العرفان )6/ 261(. مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 66(. )3( انظر: ابن الجزري: تحبير التيسير في الق ارءات العشر)ص: 12(. ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 60(. )6( مكي بن أبي طالب: اإلبانة عن معاني الق ارءات )ص: 66(. 46

64 : ويقول ابن الجزري عن الق ارءة إن جمعت هذه األركان ما نصه: "فهي الق ارءة الصحيحة التي ال يجوز ردها وال يحل إنكارها, بل هي من األحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها, سواء كانت عن األئمة السبعة, أم عن العشرة, أم عن غيرهم من األئمة المقبولين, ومتى اختل ركن من هذه األركان الثالثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة, سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم, هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف" )1(. وقال أي ا ضا في تحبير التيسير: عليه حكم حرف ف ي الث ال ث ة هذه من ركن اخ ت ل "و م تى بالشذوذ". فالحمد هلل الذي سخر لهذه األمة عظام ا يذودون عن حماها, ويحفظون لها دينها, وينقلون لها كتاب ربها بكل حرص وأمانة, واتقان وعناية مصداق ا لقول ربنا : إ ن ا انح ن انز ل انا الذ ك ا ر ا وا ن ا لا ه لا ا حاف ظ و ا ن ]الحجر: 1[. )6( ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )6/ 1(. ابن الجزري: تحبير التيسير في الق ارءات العشر )ص: 12(. 47

65 الفصل األول ابن تيمية عصره وشخصيته وحياته العلمية وفيه ثالثة مباحث: المبحث األول: عصر اإلمام ابن تيمية المبحث الثاني: شخصيته ونسبه ومولده ووفاته المبحث الثالث: حياته العلمية 48

66 المبحث األول: عصر اإلمام ابن تيمية 49

67 قبل الشروع في الحديث عن إمام األمة ومفتي األئمة, سيد الحفاظ, وشيخ الوعاظ, علم األعالم, وشيخ اإلسالم تقي الدين "أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أبي القاسم واسمه الخضر بن محمد بن علي بن عبد اهلل الح ارني ثم الدمشقي الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن الشيخ )1( شهاب الدين ابن الشيخ مجد الدين المعروف بابن تيمية." اإلمام العالمة, الحافظ الحجة, فريد دهره, ووحيد عصره." كان البد لنا من التعريج على العصر الذي عاش فيه اإلمام بجوانبه السياسية واالجتماعية والعلمية, ليحصل للقارئ معرفة موجزة عن هذه الفترة التي عاصرها شيخنا. المطلب األول: الحالة السياسية. عاش ابن تيمية رحمه اهلل بين القرن السابع الهجري مولده سنة ) 661 ه( فكانت وفاته سنة ) 828 ه( )3(. والقرن الثامن الهجري فكان وفي وميز هذا العصر انعدام االستق ارر السياسي واالجتماعي والعسكري واالقتصادي والفكري معظم نواحي الحياة, فغا ارت الفرنجة, التي اجتاحت العالم اإلسالمي من جهة, وتفكك المسلمين إلى دويالت من أخرى, والتتار وغزوهم لبالد المسلمين من ثالثة, كل ذلك طمع ا في خي ارت بالد المسلمين, فأمعنوا فيها قتال ودمار ا وتشريد ا, قل من نجا من تغول هؤالء المفسدين, وفي هذا المشهد يقول ضررها, وسارت في البالد كالسحاب اإلمام ابن األثير رحمه اهلل تعالى: " هذه الحادثة التي استطار شررها, وعم استدبرته الريح, فإن قوما خرجوا من أط ارف الصين, فقصدوا )6( الفاسي: ذيل التقييد )6/ 326(. ابن تغري بردي: المنهل الصافي )6/ 360(. )3( انظر: المرجعين السابقين. 51

68 )1( مثل كاشغر بالد تركستان وبالساغون )3(, ثم منها إلى بالد ما و ارء النهر, مثل وغيرهما, فيملكونها, ويفعلون بأهلها ما نذكره, ثم تعبر طائفة منهم إلى )5( وبخارى )4( سمرقند خ ارسان )6(, فيفرغون منها ملكا, وتخريبا, وقتال ونهبا, ثم يتجاوزونها إلى الري )1(, وهمذان, وبلد )6( تركستان: اسم جامع لجميع بالد الترك, وعاصمتها طاشقند, ويمتاز أهلها عن سائر األمم بالجالدة والشجاعة, وقساوة القلب ومشابهة السباع, والغالب على طباعهم الظلم والعسف والقهر, وال يرون إال ما كان غصبا لطبع السباع, وهمهم شن غارة أو طلب ظبي أو صيد طير. وعندهم من كبر انه لو سبي أحدهم وتربى في العبودية, فإذا بلغ أشده يريد أن يكون زعيم عسكر سيده, بل يريد أن يخالفه ويقوم مقامه وينسى حق التربية واالنعام السابق. انظر: الحموي: معجم البلدان )2/ 23 ( القزويني: آثار البالد )ص: 061(. كاش غ ر: بالتقاء الساكنين, والشين معجمة والغين أيضا, وهي مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي, وهي في وسط بالد الترك وأهلها مسلمون, وتقع على ضفة نهر صغير يأتي من شمالها, يقع من جبل, وبهذا الجبل معادن الفضة الطيبة الفائقة السهلة التخلص, وهي اليوم من بالد تركستان الصينية. انظر: الحموي: معجم البلدان )2/ 238 ( ابن المظفر: خريدة العجائب )ص: 632(. )3( بالساغون: السين مهملة, والغين معجمة: بلد عظيم في ثغور الترك و ارء نهر سيحون قريب من كاشغر التي سبق الترجمة لها, وكان قاعدة خانات تركستان في غضون القرن ال اربع والخامس الهجري. يصعب اليوم تعيين موضعها. انظر: الحموي: معجم البلدان )6/ 320 ( موقع االسالم: تعريف باألماكن الواردة في البداية والنهاية )ص: 320(. سمرقند: ويقال لها بالعربي ة سم ارن: بلد معروف مشهور, وهي من أجل البلدان وأعظمها قد ار وأشدها امتناعا وأكثرها رجاال وأشدها بطال وأصبرها محاربا وهي نحر الترك, نعمها وفيرة يجتمع فيها التجار من اآلفاق. ولها مدينة وقلعة وربض يمر من فوق سقف سوقها ماء جار في نهر من رصاص, ويأتيها الماء من جبل, فتحها مسلم بن قتيبة, وهي اليوم تقع في والية )أوزبيكستان( الروسية. حدود العالم )ص: 621 ( اليعقوبي/ البلدان )ص: 622 ( الحموي: معجم البلدان )220/3(. )6( بخارى: بالضم: من أعظم مدن ما و ارء النهر وأجل ها, يعبر إليها من آمل الش ط, وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه, وبينها وبين سمرقند سبعة أيام وسبعة وثالثون فرسخا, وكانت قاعدة ملك السامانية, وهي مكان رطب ذات فواكه كثيرة ومياه جارية. أهلها رماة وغ ازة. ترتفع منها البسط والمصل يات وثياب من الصوف تستحسن, والشورة التي تحمل إلى اآلفاق, ومن أجل من خرجت من العلماء اإلمام البخاري, وتقع اليوم في إقليم أوزبكستان بروسيا األسيوية. انظر: حدود العالم )ص: 621 ( الحموي: معجم البلدان ) 363/3 ( القزويني: آثار البلدان )ص: 681(. )1( خ ارسان: بالد واسعة, أول حدودها مما يلي الع ارق أ ازذوار قصبة جوين وبيهق, وآخر حدودها مما يلي= 51

69 الجبل )3(, وما فيها من البالد إلى حد الع ارق, ثم يقصدون بالد أذربيجان وأ ارنية )4(, ويخربونها, ويقتلون أكثر أهلها, ولم ينج إال الشريد النادر في أقل من سنة, هذا ما لم يسمع بمثله") 5 (. ثم توالت هجماتهم لعقر دار المسلمين حتى أعظموا فيها الفساد فكانت شر بلية ابتلي بها أهل الملة, قال ابن األثير: "ولقد بلي اإلسالم والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل بها أحد من األمم, منها هؤالء التتر قبحهم اهلل, أقبلوا من المشرق ففعلوا األفعال التي يستعظمها كل من سمع بها, ومنها خروج الفرنج - لعنهم اهلل - من المغرب إلى الشام, وقصدهم ديار مصر وملكهم ثغر دمياط منها, وأشرفت ديار مصر والشام وغيرها على أن يملكوها لوال لطف اهلل تعالى ونصره عليهم") 1 (. الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان, وتشتمل على أم هات من البالد منها نيسابور وه ارة ومرو, وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وكانت تسم ى في القديم بلد أشيرية, سم يت بأشور بن سام بن نوح, وهو أو ل من اعتمر ذلك الصقع بعد الطوفان, وفيها قتل يزدجرد آخر سالطين الفرس. البكري: المسالك والممالك ) 226/6 ( الحموي/ معجم البلدان ) 368/2 ( العمري: مسالك األبصار )661/6(. )6( الري: بفتح أو له, وتشديد ثانيه, فإن كان عربي ا فأصله من رويت على ال اروية, وهي مدينة مشهورة من أم هات البالد وأعالم المدن كثيرة الفواكه والخي ارت, تقع في الطرف الشمالي الشرقي من إقليم الجبال واسمها عند اليونان اركس,(raxes( فتحها نعيم بن مقرن, وفي المئة ال اربعة للهجرة خرب أكثرها وتحول أهلها إلى طه ارن القريبة, ومن ألمع علمائها الفخر ال ارزي. انظر: الحموي/ معجم البلدان ) 661/2 ( الحميري/ الروض المعطار )ص: 210(. همذان: بالتحريك, والذال معجمة, وآخره نون, مدينة مشهورة من مدن الجبال, قال هشام بن الكلبي: همذان سميت بهمذان بن الفل وج ابن سام بن نوح, عليه الس الم, فتحها المغيرة بن شعبة في سنة 22 من الهجرة, انظر: الحموي/ معجم البلدان ) 661/2 ( القزويني: آثار البالد )ص: 203(. )3( اسم لمجموعة من البلدان منها: أسد أباذ, أوة, الدينور, ساوة, شهروز, وقاشان, وقرماسين, وقم, وغيرها.. انظر: ابن الفقيه: البلدان )ص: 361(. الذي يبدو أنه أريد بها ارمينية: وهي مدينة جليلة, فتحها سليمان بن ربيعة, سنة أربع وعشرين, في خالفة عثمان رضي اهلل عنه. انظر: المهبلي: المسالك والممالك )ص: 631(. )6( ابن األثير: الكامل في التاريخ )68/ 332(. )1( المرجع السابق /68(.)336 52

70 ك ان وا ولطف اهلل تعالى هذا هو الذي وفق قادة األمة وجنودها في عصره فحرروها من الفرنجة كما ال ب ال د هو الحال في كل عصر وكانت حينئذ نهاية هجمات الفرنجة. "وتكملت ب ه ذ ه الفتوحات ج م يع الساحلية االسالمية و ك ان األ مر ال يط مع ف يه و ال ي ارم وتطهرت الش ام والسواحل من االفرنج بعد أ ن أشرفوا على الديار المصرية وع لى ملك دمشق و غ يره ا من الش ام و لل ه ال ح مد وال من ة و ك ا ن ان ق ط اع االفرنج و ز و ال دولتهم من ب ال د االسالم والسواحل زواال ال ر ج وع بعده ف ي ه ذ ه الس نة و ه ي سنة تسعين وس تم ائ ة") 6 (. وأما التتار فكان بداية هجومهم على المسلمين بقيادة جنكيزخان, في السنة السادسة عشرة وست مائة, وبمقارنة التواريخ يظهر أن الفرنجة لم يكن لهم وقت اإلمام ابن تيمية هجمات عنيفة مثلما كان للتتار الذين شارك اإلمام ابن تيمية في قتالهم وصدهم عن سيظهر من مواقفه الجهادية. )3( اإلسالم والمسلمين ديار كما وليس أدل على عظم الجرم وقبح المشهد الذي عاشته ديار اإلسالم من تردد المؤرخين, وعكوف الكت اب, وترك الواصفين ممن عاصروا مشاهد المذابح التي ارت كبت أن يصفوا أو يتحدثوا, حتى بلغ الواحد ممن نجى منهم سنين تصيبه الدهشة ويقف عن الكالم أيام ا لهول ما حدث بأمة اإلسالم, حتى إن ابن األثير عزم على العكوف عن وصف المجازر هذه في قوله:" لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها فأنا أ قدم إليه رجال وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي اإلسالم والمسلمين ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك فيا ليت أمي لم تلدني ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا إال أني حثني جماعة من األصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف, ثم أريت أن ترك ذلك ال يجدي نفعا, فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى, والمصيبة الكبرى التي عقت األيام والليالي عن مثلها, عمت الخالئق, وخصت المسلمين, فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق اهلل لم تتضمن ما يقاربها وال ما يدانيها. آدم, إلى اآلن, لم يبتلوا بمثلها, لكان صادقا, فإن التواريخ )6( العليمي: األنس الجليل )2/ 01(. جنكيزخان: السلطان األعظم عند التتار والد ملوكهم اليوم, ينتسبون إليه, وكانت تزعم أمه أنها حملته من شعاع الشمس, فلهذا ال يعرف له أب, والظاهر أنه مجهول النسب انظر: ابن كثير: البداية والنهاية )661/63(. )3( انظر: ابن كثير: البداية والنهاية )63/ 10(. 53

71 ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بخت نصر ببني إس ارئيل من القتل, وتخريب البيت المقدس, وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤالء المالعن من البالد, التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس, وما بنو إس ارئيل بالنسبة إلى من قتلوا, فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إس ارئيل, ولعل الخلق ال يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم, وتفنى الدنيا, إال يأجوج ومأجوج. وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه, ويهلك من خالفه, وهؤالء لم يبقوا على أحد, بل قتلوا النساء والرجال واألطفال, وشقوا بطون الحوامل, وقتلوا األجنة,..." )1(. دور شيخ اإلسالم في قتال التتار وأعوانهم واخ ارجهم من ديار المسلمين. ظهر دور شيخ اإلسالم في القضايا الجهادية في جوانب عديدة, فلم يقتصر دوره على الخطب الجهادية وحث المجاهدين على القتال في سبيل اهلل والذب عن بيضة اإلسالم بل خرج عن هذا ليشارك فعليا في المعارك ويباشر القتال. ومن فضل اهلل أن شيخنا كان من أهم أعمدة النصر الذي تحقق, ومن قادته الذين صنعوه, وح رر به أسارى كثير من المسلمين. : قال ابن كثير "وخرج الشيخ تقي الدين بن تيمية إلى مخيم بوالي فاجتمع به في فكاك من كان معه من أسارى المسلمين, فاستنقذ كثي ار منهم من أيديهم, وأقام عنده ثالثة أيام ثم عاد, ثم ارح إليه جماعة من أعيان دمشق ثم عادوا من عنده فشلحوا عند باب شرقي, وأخذ ثيابهم وعمائمهم ورجعوا في شر حالة, ثم بعث في طلبهم فاختفى أكثرهم وتغيبوا عنه, ونودي بالجامع بعد الصالة ثالث رجب من جهة نائب القلعة بأن العساكر المصرية قادمة إلى الشام, وفي عشية يوم السبت رحل بوالي وأصحابه من التتر وانشمروا عن دمشق وقد أ ارح اهلل منهم" )3(. )6( ابن األثير: الكامل في التاريخ )68/ 333(. أمير من أم ارء التتر. )3( ابن كثير: البداية والنهاية )62/ 63(. 54

72 وكان لشيخ اإلسالم فضل كبير في هذا. "ووصل التتار إلى حمص وبعلبك وعاثوا في تلك األ ارضي فسادا, وقلق الناس قلقا عظيما, وخافوا خوفا شديدا, واختبط البلد لتأخر قدوم السلطان ببقية الجيش, وقال الناس ال طاقة لجيش الشام مع هؤالء المصريين بلقاء التتار لكثرتهم, وانما سبيلهم أن يتأخروا عنهم مرحلة مرحلة, وتحدث الناس باأل ارجيف فاجتمع األم ارء يوم األحد المذكور بالميدان وتحالفوا على لقاء العدو, وشجعوا أنفسهم, ونودي بالبلد أن ال يرحل أحد منه, فسكن الناس وجلس القضاة بالجامع وحل فوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال, وتوجه الشيخ تقي الدين بن تيمية إلى العسكر الواصل من حماة فاجتمع بهم في القطيعة فأعلمهم بما تحالف )1( عليه األم ارء والناس من لقاء العدو, فأجابوا إلى ذلك وحلفوا معهم" ولم يقتصر دور شيخ اإلسالم على المناظ ارت مع هؤالء بل يجيش مشاعر المجاهدين ويثور ع ازئمهم, ويزيل شبهات ترك القتال "وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يحل ف لألم ارء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون, فيقول له األم ارء: قل إن شاء اهلل, فيقول إن شاء اهلل تحقيقا ال تعليقا...وقد تكلم الناس في كيفية قتال هؤالء التتر من أي قبيل هو, فإنهم يظهرون اإلسالم وليسوا بغاة على اإلمام, فإنهم لم يكونوا في طاعته في وقت ثم خالفوه. فقال الشيخ تقي الدين: هؤالء من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية, و أروا أنهم أحق باألمر منهما, وهؤالء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين, ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والظلم, وهم متلبسون بما هو أعظم منه بأضعاف مضاعفة, فتفطن العلماء والناس لذلك, وكان يقول للناس: إذا أريتموني من ذلك الجانب وعلى أرسي مصحف فاقتلوني, فتشجع الناس في قتال التتار وقويت قلوبهم ونياتهم وهلل الحمد". وبهذا الحث على الجهاد, وتقوية الع ازئم كتب اهلل النصر على أيدي 8 هؤالء المخلصين " وفي يوم االثنين اربع الشهر رجع الناس من الكسوة إلى دمشق فبشروا الناس بالنصر. وفيه دخل الشيخ تقي الدين بن تيمية البلد ومعه أصحابه من الجهاد, ففرح الناس به ودعوا له وهنأوه بما يسر اهلل على يديه من الخير, وذلك أنه ندبه العسكر الشامي أن يسير إلى السلطان ابن كثير: البداية والنهاية )62/ 20-21(. المصدر السابق )62/ 20(. )6( 55

73 يستحثه على السير إلى دمشق فسار إليه فحثه على المجئ إلى دمشق بعد أن كاد يرجع إلى مصر, فجاء هو واياه جميعا فسأله السلطان أن يقف معه في معركة القتال, فقال له الشيخ: السنة أن يقف الرجل تحت ارية قومه, ونحن من جيش الشام ال نقف إال معهم, وحرض السلطان على القتال وبشره بالنصر وجعل يحلف باهلل الذي ال إله إال هو إنكم منصورون عليهم في هذه المرة, فيقول له األم ارء: قل إن شاء اهلل, فيقول إن شاء اهلل تحقيقا ال تعليقا" )1(. وكان للشيخ دور بارز في إفتاء المجاهدين في مسائل الجهاد, ومنها إفتاؤه لهم بالفطر. : قال ابن كثير "وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم وأفطر هو أيضا" وهكذا كانت الحالة السياسية للمسلمين في ذلك العصر مضطربة والصعاب, وما ذلك إال وسنة رسوله المسار, كابن تيمية بسبب البعد عن الدين, واتباع مليئة بالشدائد عصيبة, البدع واالنح ارفات, والعزوف عن كتاب اهلل, إلى أن من اهلل على األمة بالعلماء الربانيين الذين يصححون الطريق ويصوبون نحسبه منهم, وال نزكي على اهلل أحد ا. )6( ابن كثير: البداية والنهاية )62/ 38(. ) 2 (المصدر السابق )62/ 38(.. 56

74 المطلب الثاني: الحالة االجتماعية "ال مرية في أن األوضاع االجتماعية في عصر من العصور تؤثر تأثير ا كبير ا في أف ارد المجتمع عامتهم وخاصتهم على السواء, ولعل أكثر الطبقات االجتماعية تأثر ا بهذه األوضاع هم العلماء فهم أكثر اتصاال بحياة الناس وأشد اهتمام ا بشئونهم ورغبة في معرفة مشاكلهم والقضاء عليها. وم اردنا من د ارسة الحالة االجتماعية: بيان طبقات المجتمع من حيث: الجنس, والد ين, وما يربط هذه الطبقات بعضها ببعض من صالت وأواصر دينية أو اقتصادية أو اجتماعية. والحكام كما ت عني د ارسة األوضاع االجتماعية عناية فائقة بمظاهر الحياة في المجتمع" )1(. وعلى هذا فإن الطبقة األقدر أي مجتمع في أي زمان, وطبقة التجار, ال يخلو من طبقات أربع, العلماء التي لها أثر كبير من خالل معامالتهم, محل الص ارع ومكان التأثير بما يدور على الساحة من خير وشر. فتداخلت أصحاب التأثير, هم الذين والعامة ونظر ا الضط ارب الحالة السياسية فقد اختلط أهل األمصار اإلسالمية بعضهم ببعض, التقاليد والعادات واألفكار, واألجناس فكان السكان أهل خليط ا من الشام, ومصر, واألت ارك, والعب ارنيين, والتتار, وبدأت النظرة العنصرية تت ازحم عند أصحاب األفكار, ولعله من أسباب انتشار البدع. وترتب على الحالة السياسية السيئة التي ذ كرت سوء الحالة االقتصادية والمعمارية والصحية بسبب ذلك االضط ارب, سوء ا على سوء, فتسلل االحتكار إليهم وتفشى غالء األسعار, ومما ازد األمر "قد وم ج ارد عظيم إلى الشام, في شوال سنة ) 186 ه(, أكل الزرع والثمار وجرد األشجار حتى صارت مثل العصي, ولم يعهد مثل هذا, وفي هذا الشهر عقد مجلس لليهود الخيابرة وألزموا بأداء الجزية أسوة بأمثالهم من اليهود, فأحضروا كتاب ا معهم يزعمون أنه من رسول اهلل )6( الماتريدي: تأويالت أهل السنة") 6 / 62(. 57

75 بوضع الجزية عنهم, فلما وقف عليه الفقهاء تبينوا أنه مكذوب مفتعل لما فيه من األلفاظ الركيكة, والتواريخ المحبطة, واللحن الفاحش, وحاققهم عليه شيخ اإلسالم ابن تيمية, وبين لهم خطأهم وكذبهم, وأنه مزور مكذوب, فأنابوا إلى أداء الجزية, وخافوا من أن تستعاد منهم الشؤون الماضية" )1(. "وكانت تتغلب تلك العادات والسلوكيات بحسب قوة أهلها وتأثيرهم في الناس كما أنه كان يقيم بين المسلمين عدد كبير من اليهود والنصارى والزنادقة الملحدين, مما سبب في وقوع الص ارعات الفكرية والعقدية واستفحالها في ظل الحروب الصليبية والتترية فأشغلت المفكرين والعلماء في المجتمع اإلسالمي وعكف كثير منهم للتصدي لهذه العقائد الفاسدة والشبهات الخبيثة". ولعل وجودهم أوجد الفتن والمشاحنات بين أرباب المذاهب الفقهية, أضف إلى ذلك انحياز بعض الوالة لفريق دون اآلخر, صورة سيئة يملؤها الفساد, واالحتكار وتطفيف المي ازن, إصالح وتغير يرجع العاملين, والدعاة الربانيين األمور إلى وبالجملة فقد كانت حياة المسلمين االجتماعية في ذلك العصر في مسارها القويم, وطريقها السليم, كل المصلحين, بدور رفيع بشتى الوسائل, فص نفت المصنفات والكتب وألقيت فاحتاج الحال االجتماعي لألمة حينها إلى هذا دفع إلى نهوض العلماء في محاربة تلك الظواهر االجتماعية الفاسدة الدروس والمحاض ارت, وكان على أرس هؤالء العلماء اإلمام شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل تعالى, فبذل قصارى جهده, في إصالح هذه الحالة االجتماعية السيئة التي يعيشها مجتمعه مستمد ا منهجه اإلصالحي من الكتاب عليه سلف األمة. والسنة وما كان وقيل في وصف هذه الحالة العصيبة, ودور شيخ اإلسالم في النهوض بها: "وساءت األحوال االقتصادية بين العامة والزهاد, وانتشرت الفاقة وعم البؤس وكثر قطاع الطرق واللصوص, واشتد الغالء, وعمد الناس إلى الغش والخداع والحيل واالحتكار, والتطفيف في الكيل والمي ازن, فألف العلماء بسبب ذلك المؤلفات ليشاركوا في حل هذه المشكلة حال إسالمي ا, ودعوا إلى )6( انظر ابن كثير: البداية والنهاية )62/ 22(. الصرصري: االنتصا ارت اإلسالمية )6/ 21(. 58

76 النظر في مصالح العامة وفرض التسعي ارت الجبرية عند اشتداد الغالء, والضرب على أيدي المطففين والمحتكرين. من ذلك ما كتبه شيخ الطوفي وابن عمره, شيخ اإلسالم ابن تيمية- رحمه )1( اهلل- في كتاب الحسبة في اإلسالم, والسياسة الشرعية في إصالح ال ارعي والرعية.". الصرصري: االنتصا ارت اإلسالمية )6/ 21(. 59 )6(

77 المطلب الثالث: الحياة العلمية: رغم سوء األحوال السياسية واالجتماعية في عصر شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمة اهلل تعالى عليه, إال أن التأليف, والتصنيف, والكتابة في شتى العلوم كانت غزيرة, وكان االهتمام بها وافر ا, وظهرت المؤلفات في جميع المجاالت, كالتفسير والحديث, واللغة, والفقه وأصوله, و التاريخ, أذكر منها تمثيال ال حصر ا بترتيب تاريخ الوفاة للمؤلفين, بداية المجتهد ونهاية المقتصد البن رشد )ت 616 ه( وتفسير الفخر ال ارزي )ت 181 ه(, وكذا مؤلفات ال ارزي األخرى والمغني البن قدامة المقدسي )ت 166 ه(, والكامل في التاريخ البن األثير )ت 138 ه( واألحكام لآلمدي )ت 136 ه(, والمجموع للنووي )ت 111 ه(, ومصنفاته األخرى, وتهذيب الكمال للمزي )ت 122 ه(, وتذهيب التهذيب, وسير أعالم النبالء للذهبي وسائر مؤلفاته )ت 120 ه(. ولوحظ - على غ ازرة المؤلفات- أن التقليد, والتبعية غلبت على هذا العصر, السيما االجتهادات الفقهية, واإلضافات التي تناسب أهل العصر حتى شاع الذم لكل فتوى تخرج عن أصول المذاهب هذه, ولعل الحالة العامة للمجتمع حينها ساعد على ذلك, غير أن شيخنا ابن تيمية حمل لواء التجديد, وساهم بتصويب المسار العلمي بالشكل القويم. ويصف ابن خلدون تلك الحالة بقوله:" ووقف التقليد في األمصار عند هؤالء األربعة, ودرس المقلدون لمن سواهم, وسد الناس باب الخالف وطرقه لما كثر تشعب االصطالحات في العلوم ولما عاق عن الوصول إلى رتبة االجتهاد, ولما خ ش ي من إسناد ذلك إلى غير أهله ومن ال يوثق ب أريه وال بدينه, فصرحوا بالعجز واإلعواز, وردوا الناس إلى تقليد هؤالء كل من اختص به من المقلدين, وحظروا أن يتداول تقليدهم لما فيه من التالعب, ولم يبق إال نقل مذاهبهم, وعمل كل مقلد بمذهب من قلده منهم بعد تصحيح األصول واتصال سندها بالرواية, ال محصول اليوم للفقه غير هذا, ومدعي االجتهاد لهذا العهد مردود على عقبه, مهجور تقليده, وقد صار أهل اإلسالم اليوم على تقليد هؤالء األئمة األربعة" )1(. 61 )6( ابن خلدون: تاريخه )6/ 611(.

78 وقد أفاد شيخ اإلسالم من هذه النهضة العلمية وواكبها إل أن استفادته من كتب السلف وثروتهم كانت أكبر بل وهي التي شكلت شخصية اإلمام العلمية كما ساهمت مؤلفاته العديدة ومصنفاته وتواصلها. الجديدة في إحياء هذه الثروة العلمية 61

79 المبحث الثاني: شخصيته ونسبه ومولده ووفاته 62

80 يعرض الباحث في هذا المبحث مطالب في حياة اإلمام شيخ اإلسالم ابن تيمية من بيان اسمه ونسبه و ونشأته, وهيئته, ك ارماته... إلى وفاته. ويشتمل على خمسة مطالب: المطلب األول: اسمه وكنيته ونسبه وأسرته هو الشيخ اإلمام الرباني إمام األئمة, ومفتي األمة, وبحر العلوم, سيد الحفاظ, وفارس المعاني واأللفاظ,..., تقي الدين أبو العباس أحمد ابن - الشيخ اإلمام العالمة - شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم ابن - الشيخ اإلمام العالمة شيخ اإلسالم مجد الدين أبي البركات - عبد السالم بن أبي محمد عبد اهلل ابن أبي القاسم الخضر ابن محمد بن الخضر بن علي بن عبد اهلل )1( بن تيمية الح ارني, نزيل دمشق, وصاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها واسم شهرته ابن تيمية ولقد اخت لف في سبب اشتهاره بذلك على روايتين عن أهل العلم وهما أن جده لما كان بتيماء أرى جويرية خرجت من خباء, فلما رجع إلى ح ارن وجد ام أرته قد وضعت جارية, فلما رفعوها إليه قال: يا تيمية! يا تيمية! يعني أنها تشبه التي أرى بتيماء فسمي بها. وقيل بل جده "محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد الحر اني, يعرف بابن تيمي ة, وهو اسم لجد ته, وكانت واعظة البلد, يعرف بالباجد اي )3(, وكان شيخا معظ ما بحر ان وخطيبها وواعظها )4( ومفتيها, وألهل حر ان فيه اعتقاد طاهر صالح, وكان نافذ األمر فيهم مطاعا. سمع الحديث ورواه" )6( انظر: الذهبي/ ثالث ت ارجم نفيسة لألئمة األعالم )ص: 22(. ) 2 (ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية )ص 60 ( وانظر: الكرمي: الشهادة الزكية )ص 22 (. )3( الباجدي: بفتح الجيم, وتشديد الدال, والقصر: قرية كبيرة بين أرس عين والر ق ة انظر: الحموي: معجم البلدان /6(.)363 الحموي: معجم البلدان )6/ 363(. 63

81 مولده: "ولد في ربيع األول سنة إحدى وستين وستمائة") 6 ( ومعلوم مما تقدم في مطلبي الحالة السياسية واالجتماعية ما آلت إليه أوضاع األمة في هذه الفترة, فشاء اهلل أن يولد الجهبذ المجدد شيخ اإلسالم في هذه الظروف. أسرته: ولد شيخ اإلسالم ألسرة كريمة مشتغلة بالعلم حتى ع رفت به, وبرزت فيه, فكانت أسرة علم وتقوى وزهده, بل كان جده وأبوه من العلماء ال ارسخين, والدعاة الربانيين في ذلك العصر.. وكأن اهلل ييسر الظروف, وتتهيأ األجواء لخروج النسل الطاهر والذرية المباركة شيخ اإلسالم "فأما جده أبو البركات عبد السالم بن عبد اهلل بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن علي ابن تيمية الح ارني الحنبلي, قال ابن كثير: "ولد في حدود سنة تسعين وخمسمائة ) 618 ه( وتفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين, وسمع الكثير ورحل إلى البالد, وبرع في الحديث, والفقه, وغيره, ودرس, وأفتى, وانتفع به الطلبة, ومات يوم الفطر بح ارن". " : قال عنه الذهبي وكان إمام ا حج ة بارع ا ف ي الفقه والحديث, وله يد طولى ف ي التفسير, ومعرفة تامة باألصول, واطالع على مذاهب الناس. وله ذكاء مفرط ولم يكن ف ي زمانه أحد مثله في مذهبه. وله المصن فات النافعة التي انتشرت ف ي اآلفاق " كاألحكام ", و " شرح الهداية ", وقد بي ض منه ر ب عه األو ل وصن ف " أر جوزة ف ي الق ارءات ", وكتاب ا " ف ي أصول الفقه ", قال شيخنا: وكانت )3( ف ي جدنا حدة. وقد ق أر عليه الق ارءات غير واحد, ". 64 )6( الذهبي: تذكرة الحفاظ )2/ 612(. ابن كثير: البداية والنهاية )261/63(. )3( الذهبي: تاريخ اإلسالم )62/ 120(.

82 وكذا أبوه ع ب د الحليم ب ن ع ب د السالم بن عبد اهلل بن أبي القاسم, اإل م ام, المفتي, المفن ن شهاب الد ين ابن العالمة شيخ اإلسالم أبي البركات ابن تيمية الح ارني, الحنبلي, )المتوفى: 102 ه( و ل د سنة سبع وعشرين وست مائة بحر ان, وق أر المذهب حت ى أتقنه ع ل ى والده, ودر س وأفتى وصن ف وصار شيخ البلد بعد أب يه وخطيبه وحاكمه. وكان إمام ا متقن ا, محق ق ا لما ينقله, كثير الفنون, جي د المشاركة ف ي العلوم, ل ه يد ط ولي ف ي الف ارئض والحساب والهيئة, وكان دي ن ا, خير ا, متواضع ا, ح س ن األخالق, موط أ األكناف, كريم ا جواد ا, نبيال, من ح س نات العصر" )1(. ولم يقتصر العلم في الوالد والجد بل كان كثير من أبناء : أسرته من أهل العلم منهم أخوه ô ففي معرض الحديث عن والد شيخنا قال الذهبي "وتفق ه عليه ولداه أ ب و ال ع ب اس وأبو م ح م د, و ح د ث ن ا ع ن ه ع ل ى المنبر ولده". وظهر أن من نسل هذين العلمين ال ارسخ ين المتفننين آجره اهلل وج ازه وأهله, وشيوخه وتالميذه عنا خير الج ازء. الجد والوالد- خرج شيخنا تقي الدين الذهبي/ تاريخ اإلسالم )66/ 210(. الذهبي/ تاريخ اإلسالم )66/ 210(. )6( 65

83 المطلب الثاني: صفاته الخ ل ق ية وصفاته الخ ل ق ية وتعبده. ت ازحمت السطور في كتب الت ارجم من بعد حقبة ابن تيمية في وصفه ونقل أخباره وآثاره بل وأفردت مصنفات في ذلك منها ما خ صص لنقل آثاره وأقواله ومنها ما تميزت بذكر مناقبه وأخباره ومنها ما كان عام ا في ترجمته أشهر هذه الكتب: 1- الشهادة الزكية في ثناء األئمة على ابن تيمية )1(. 2- األعالم العلية في مناقب ابن تيمية. 3- العقود الدرية من مناقب شيخ اإلسالم أحمد بن تيمية )3(. 2- ثالث ت ارجم نفيسة لألئمة األعالم )4(. أول: صفته الخ ل قية: وصفه من رآه بقوله: "وكان الشيخ أبي ضا, أسو د الشعر واللحية, قليل الشيب, شعره إلى شحمة أذنيه, كأن عينيه لسانان ناطقان, ربعة من الرجال, بعيد ما بين المنكبين, جهوري الصوت, فصيح ا سريع الق ارءة, تعتريه ح دة ثم يقهرها بحلم وصفح و ا ل ي ه ك ان ال م ن ت هى ف ي فرط الشج اع ة والسماحة و ق و ة الذكاء و لم أر مثله ف ي ابتهاله واستغاثته ب الل ه ت ع ال ى و ك ث ر ة توجهه" )5(. وهو ضمن الكتب التي اعتمد عليها الباحث في الترجمة لإلمام ابن تيمية. )6( الب ازر: األعالم العلية. )3( رجع الباحث للكتاب. وقد ر جع إليه في ما تقدم. الذهبي: ثالث ت ارجم نفيسة لألئمة األعالم )ص (, وانظر: ابن حجر: الدرر الكامنة )611/6(. )6( 66

84 وصفته لباسه ثانيا: الخ ل قية وتواضعه: كلمات من ذهب ن سجت في وصف أخالقه وتواضعه قال تلميذه الب ازر:" كان متوسط ا في لباسه وهيئته ال يلبس فاخر الثياب بحيث ي رمق ويمد النظر إليه, وي ميز من عامة الناس بصفة خاصة ي اره الناس فيها من عالم وعابد, و كان يلبس ما اتفق وح ص ل, ويأكل ما ح ضر, وكانت بذاذة اإليمان عليه ظاهرة, ال ي رى م ت ص ن ع ا في عمامة وال لباس وال مشية وال قيا م وال جلوس, وال يتهيأ ألحد يلقاه, وال لمن ي ر د عليه من بلد, ومن العجب أني كنت قد أريته قبل ل ق يه بمدة فيما ي رى النائم ونحن ج لوس نأكل طعام ا على ص ف ة م عينة, ف ح ال ل ق ي ت ي له ود خولي عليه, و ج دته يأكل مثل ذلك الطعام على نحو من الص ف ة التي أريت فأجلسني وأكلنا جميع ا كما أريت في المنام, وأخبرني غير واحد أنه ما رآه وال سمع أنه طلب طعام ا قط, وال غداء وال عشاء ولو بقي مهما بقي, لشدة اشتغاله بما هو فيه من العلم والعمل, بل كان ي ؤ تى بالطعام وربما ي ترك عنده زمان ا حتى يلتفت إليه, واذا أ ك ل أ ك ل شيئ ا يسير ا, قال: وما أريناه يذكر شيئ ا من مالذ الدنيا ونعيمها, وال كان يخوض في شيء من حديثها, وال يسأل عن شيء من معيشتها, بل جعل هم ت ه وحديثه في طلب اآلخرة وما يقر ب إلى اهلل تعالى. وأخبر أخوه الذي كان ينظر في مصالحه الدنيوية, أن هذا حاله في طعامه وش اربه ولباسه وما يحتاج إليه مما ال بد منه من أمور الدنيا, وما أريت أحد ا كان أشد تعظيما للشيخ من أخيه هذا - أعني القائم بأوده - وكان يجلس بحضرته كأن على أرسه الطير, وكان يهابه كما يهاب سلطان ا, وكنا نعجب منه في ذلك, ونقول: من الع ر ف والع اد ة أن أهل الرجل ال يحتشمونه كاألجانب, بل يكون انبساطهم معه فضال عن األجنبي, ونحن ن ارك مع الشيخ كتلميذ مبالغ في احتشامه واحت ارمه فيقول: إني أرى منه أشياء ال ي ارها غيري أوجبت علي أن أكون معه كما ترون, وكان. )1( ي سأل عن ذلك فال يذكر منه شيئ ا, لما يعلم من عدم إيثار الشيخ لذلك" )6( الب ازر: األعالم العلية )ص (. 67

85 قال أعلم الناس بحاله اإلمام الذهبي : " وكان محافظ ا على الصالة, والوضوء, وصوم رمضان, معظم ا للشريعة ظاهر ا وباطن ا, ال ي ؤتى من سوء فهم, بل له الذكاء المفرط, وال من قلة علم فإنه بحر زخار بصير بالكتاب والسنة عديم النظير في ذلك, وال هو بمتالعب بالدين, فلو كان كذلك لكان أسرع شيء إلى مداهنة خصومه وموافقتهم ومنافقتهم, وال هو يتفرد بمسائل بالتشهي, وال يفتي بما اتفق, بل مسائله المفردة يحتج لها بالقرآن وبالحديث أو بالقياس, ويبرهنها ويناظر عليها, وينقل فيها الخالف ويطيل البحث, أسوة من تقدمه من األئمة, فإن كان قد أخطأ فيها فله أجر المجتهد من العلماء, وان كان قد أصاب فله أج ارن, وانما الذم والمقت ألحد رجلين: رجل أفتى في مسألة بالهوى ولم ي بد حجة, ورجل تكلم في مسألة بال خميرة من علم وال توسع في نقل, فنعوذ باهلل من الهوى والجهل. وال ريب أنه ال اعتبار بذم أعداء العالم فإن الهوى والغضب يحملهم على عدم اإلنصاف والقيام عليه, وال اعتبار بمدح خواصه والغالة فيه فإن الحب يحملهم على تغطية هناته, بل قد يعدوها له محاسن, وانما العبرة بأهل الورع والتقوى من الطرفين الذين يتكلمون بالقسط ويقومون هلل ولو على أنفسهم وآبائهم, فهذا الرجل ال أرجوا على ما قلته فيه دنيا وال ماال وال جاه ا بوجه أصال مع خبرتي التامة به, ولكن ال يسعني في ديني وال عقلي أن أكتم محاسنه وأدفن فضائله وأبرز ذنوب ا له مغفورة في سعة كرم اهلل تعالى, وصفحة مغمورة في بحر علمه وجوده, فاهلل يغفر له ويرضى عنه ويرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه, مع أني مخالف له في مسائل أصلية وفرعية, قد أبديت آنفا أن خطأه فيها مغفور, بل قد يثيبه اهلل تعالى فيها على حسن قصده وبذل وسعه, واهلل الموعد, مع أني قد أوذيت لكالمي فيه من أصحابه وأضداده فحسبي اهلل" )6(. ثالثاا: عبادته وو رده. مما ميز شيخنا جمعه بين العلم والعمل واالجتهاد في الطاعات, وفي وصف تنسكه ": وتعبده قال تلميذه الب ازر ألنه سمع بمثله, أن فإنه قل كان قد قطع جل وقته وزمانه فيه, حتى أنه لم يجعل لنفسه شاغلة ت شغله عن اهلل تعالى ما ي ارد له, أهل ال من وال من مال. )6( الذهبي: ثالث ت ارجم نفيسة لألئمة األعالم )ص 26 (. 68

86 وكان في ليله متفر دا عن الناس كلهم خاليا بربه,, الفجر, مكرر ا ألنواع التعبدات الليلية والنهارية, يأتي بسنتها قبل إذا وكان إليهم, إتيانه وكان ضارع ا مواظ با على تالوة القرآن العظيم إذا ذهب الليل وحضر مع الناس, أحرم بالصالة تكاد تتخلع القلوب لهيبة بدأ بصالة إتيانه بتكبيرة اإلح ارم, فإذا دخل في الصالة ترتعد أعضاؤه حتى يميله يمنة ويسرة, وكان إذا ق أر يمد ق ارءته م دا, كما صح في ق ارءة رسول اهلل, فإذا فرغ من الصالة أثنى على اهلل هو ومن حضر, بما ورد "اللهم من قوله: أنت السالم ومنك السالم, "اللهم انصرنا وال تنصر علينا, شاكرين, أواهين, لك لك ذاكرين, تباركت يا ذا الجالل وامكر لنا وال تمكر علينا, لك مخبتين, إليك ارغبين, وب اتنا, وثبت ح ج جنا, واهد ق لوبنا, اسل ل توباتنا, واغسل ح على النبي, ثم يشرع في الذكر. نفسه, وكان قد عرفت عادته ال يكلمه واإلك ارم" )1(, وكان واهدنا ويسر الهدى لنا, إليك ارهبين, أحد بغير ضرورة بعد صالة الفجر, لك مطاويع, غالب دعائه: اللهم اجعلنا لك ربنا تقبل يمة صدورنا", يفتتحه ويختمه بالصالة سخ فال ي ازل في الذكر يسمع وربما يسمع ذكره من إلى جانبه, مع كونه في خالل ذلك يكثر من تقليب بصره نحو السماء, هكذا دأبه حتى ترتفع الشمس ويزول وقت النهي عن الصالة. - ثم إنه كان يركع فإذا الضحى أ ارد سماع حديث في مكان آخر سارع إليه من فوره مع من يصحبه. واذا أرى ا منك ر في طريقه أ ازله أو سمع بجنازة سارع إلى الصالة عليها أو تأسف على فواتها, وربما ذهب إلى قبر صاحبها بعد ف ارغه من سماع الحديث فصلى عليه. ثم يعود إلى مسجده فال ي ازل تارة في إفتاء الناس, وتارة في قضاء حوائجهم, حتى يصلي الظهر مع الجماعة, ثم كذلك بقية يومه. عاما للكبير والصغير, والجليل والحقير, وكان مجلسه على كل من ي ر د عليه من الناس, يرى كل منهم في نفسه والحر والعبد, أن لم يكرم والذكر واألنثى, أح دا بقدره. قد وسع ثم يصلي المغرب, ثم يتطوع بما يسره اهلل, ثم أق أر عليه من مؤلفاته, أو غيري, فيفيدنا بالط ارئف ويمدنا باللطائف, حتى يصلي العشاء, ثم بعدها كما كنا, وكان من اإلقبال على العلوم )6( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]باب استحباب الذكر بعد الصالة وبيان صفته )262/6( )616(,[. 69

87 إلى أن يذهب ه و ي من الليل طويل, تعالى, ويوحده ويستغفره. وهو في خالل ذلك كله في النهار والليل, ال ي ازل يذكر اهلل وكان كثير ا ما يرفع طرفه إلى السماء, فكان هذا دأبه مدة إقامتي بحضرته. ال يكاد يفتر من ذلك, كأنه يرى شيئ ا يثبته بنظره, فسبحان اهلل ما اقصر ما كانت, يا ليتها كانت طالت, وال واهلل ما مر على عمري زمان كان أحب إلي من ذلك الحين, وال أريتني في وقت أحسن حاال مني حينئذ, وما كان الشيخ رضي اهلل عنه, وكان في كل أسبوع يعود المرضى. إلى اآلن إال ببركة وأخبرني غير واحد ممن ل يشك في عدالته: أن جميع زمن الشيخ ينقضي على ما أريته, فأي عبادة وجهاد أفضل من ذلك, فسبحان الموفق من يشاء لما يشاء" )6(. ارب ا عا: ورعه وزهده: وفي معرض الحديث عن ورع اإلمام فإن فيما أورده اإلمام الب ازر في مناقب الشيخ غنية, قال رحمه اهلل: "كان في الغاية التي ينتهي إليها في الورع, ألن اهلل تعالى أج اره مدة عمره كلها عليه فإنه ما خالط الناس في بيع وال ش ارء وال معاملة وال تجارة وال مشاركة وال ز ارعة وال عمارة, وال كان ناظر ا ا مباش ر لمال وقف, ولم يكن يقبل ج ارية وال صلة لنفسه من سلطان, وال أمير, طعاما, وانما كانت بضاعته مدة حياته درهما وال متا عا وال ا مدخ ر ا دينا ر وال وال تاجر, وال كان ومي ارثه بعد وفاته العلم, اقتداء بسيد المرسلين وخاتم النبيين... فلما وفق اهلل هذا اإلمام لرفض غير الضروري منها انصبت عليه العواطف اإللهية, فحصل بها كل فضيلة جليلة, بخالف غيره من علماء الدنيا مختاريها وطالبيها والساعين لتحصيلها... فحرصوا على الفتك به أين ما وجدوه, وأنسوا أنهم ثعالب وهو أسد, فحماه اهلل تعالى منهم بح ارسته, وصنع له غير مرة كما صنع لخاصته, وحفظه مدة حياته, وحماه ونشر له عند وفاته )6( انظر: الب ازر األعالم العلية )ص 26-31(. 71

88 علما في األقطار بما وااله" )6(. وفي زهد شيخ اإلسالم قال التلميذ البار, اإلمام الب ازر : "أما زهده في الدنيا ومتاعها مالزمته, فإن اهلل تعالى جعل ذلك له ا شعا ر من صغره, أنه ما أرى مثله في الزهد في الدنيا, قلب القريب والبعيد من كل من سمع بصفاته على وجهها, الشيخ, ولقد اتفق كل من رآه, حتى لقد صار ذلك مشهور ا, من كان أزهد أهل هذا العصر وأكملهم في رفض فضول الدنيا, اآلخرة لقال: ما سمعت بمثل ابن تيمية رحمة اهلل عليه. وما اشتهر له ذلك إال لمبالغته فيه, الدنيا بمثل ما قنع هو منها, حسناء, وال درهم, وال سرية حو ارء, وال مع تصحيح النية, أو رضي بمثل حالته التي كان عليها, وال دار قو ارء, رغب في دواب وال نعم, وال مماليك جوار, خصوص ا من أطال بحيث قد استقر في بل لو س ئل عامي من أهل بلد بعيد من وأحرصهم على طلب واال فمن أرينا من العلماء قنع من وال بساتين, وال ثياب ناعمة فاخرة وال حشم, لم يسمع وال عقار, أنه رغب في زوجة وال شد على دينار وال ازحم في طلب الرئاسات, وال ر ئي ساع يا في تحصيل المباحات, مع أن الملوك واألم ارء, والتجار والكب ارء, كانوا طوع أمره, خاضعين لقوله وفعله, وادي ن أن يتقربوا إلى قلبه مهما أمكنهم, مظهرين إلجالله, أو أن يؤهل كال منهم في بذل ماله. فأين حاله هذه من أحوال بعض المنتسبين إلى العلم وليسوا من أهله, الشيطان بالوقيعة فيه بقوله وفعله ". ممن قد أغ ارهم ومن أبرز ما ذكر المترجمون له في زهده في الدنيا ومتاعها ال ازئل, أنه لم يتزوج تعالى )3(. وهذا من الزهد الذي ال ينبغي التمسك به وال دعوة الشباب إليه, وان كان يناسب حالة الشيخ رحمه اهلل. )6( الب ازر: األعالم العلية )ص 22-22(. الب ازر: األعالم العلية )ص 21-26(. )3( انظر: األلوسي/ جالء العينين في محاكمة األحمدين )ص: 26( 71

89 المطلب الثالث: فراسته وكراماته. لقد أكرم اهلل تعالى عبده المحسن ابن تيمية بك ارمات كثيرة وف ارسة عظيمة, دهشت األنصار, وألزمت الخصوم, وقد أبدع اإلمام الب ازر روايتها ومنها. ف ارسته بخواطر تالميذه )6( : قال الب ازر: "جرى بيني وبين بعض الفضالء منازعة في عدة مسائل وطال كالمنا فيها, وجعلنا نقطع الكالم في كل مسألة بأن نرجع إلى الشيخ, وما يرجحه من القول فيها. ثم أن الشيخ حضر, فلما هممنا بسؤاله عن ذلك سبقنا هو, وشرع يذكر لنا مسألة مسألة كما كنا فيه, وجعل يذكر غالب ما أوردناه في كل مسألة, ويذكر أقوال العلماء, ثم يرجح منها ما يرجحه الدليل, حتى أتى على آخر ما أردنا أن نسأله عنه, وبين لنا ما قصدنا أن نستعلمه منه, فبقيت أنا وصاحبي ومن حضرنا أوال مبهوتين متعجبين مما كاشفنا به, وأظهره اهلل عليه مما كان في خواطرنا. وكنت في خالل األيام التي صحبته فيها إذا بحث مسألة به حتى يشرع فيورده, ويذكر الجواب من عدة وجوه. يحضر لي إي ارد, فما يستتم خاطري تقديره لموقف أهل الفاقة دون إخباره والقيام بمساعدتهم: وقال: حدثني الشيخ الصالح المقريء أحمد بن الحريمي: أني لما قدمتها لم يكن معي شيء من النفقة البتة, وأنا ال أعرف زقاق منها, فيها د ارهم صالحة, فإذا بشيخ قد أقبل نحوي مسرع ا, وقال لي: أنفق هذه اآلن وخلي خاطرك مما رد على أثره كأنه ما جاء إال من أجلي, فدعوت له وفرحت بذلك. "أنه سافر أح دا من فسلم وهش في وجهي, أنت فيه, إلى أهلها, فاتفق قال: دمشق, فجعلت أمشي في كالحائر ووضع في يدي صرة فإن اهلل ال يضيعك, ثم 72 )6( انظر: الب ازر: األعالم العلية )ص 61-12(.

90 وقلت لبعض من أريته من الناس: من هذا الشيخ فقال: وكأنك ال تعرفه! هذا ابن تيمية, لي مدة طويلة لم أره اجتاز بهذا الدرب. وكان جل قصدي من سفري إلى دمشق لقاءه, فتحققت أن اهلل أظهره علي, وعلى حالي فما احتجت بعدها إلى أحد مدة إقامتي بدمشق, بل فتح اهلل علي من حيث ال أحتسب, واستدللت فيما بعد عليه, وقصدت زيارته والسالم عليه, فكان يكرمني ويسألني عن حالي, فأحمد اهلل تعالى إليه. إخباره بقدوم مريض ومساعدته: وقال: حدثني الشيخ العالم المقريء تقي الدين عبد اهلل ابن الشيخ الصالح المقريء أحمد ابن مقيما بها, فاتفق أني قدمتها ليال وأنا مثقل مريض, سعيد قال: سافرت إلى مصر حين كان الشيخ فأنزلت في بعض األمكنة, فلم ألبث أن سمعت من ينادي باسمي وكنيتي, فأجبته وأنا ضعيف, فدخل إلي جماعة من أصحاب الشيخ ممن كنت قد اجتمعت ببعضهم في دمشق, عرفتم بقدومي, وأنا قدمت هذه الساعة! أن نسرع بنقلك, وما أرينا أحد ا جاء وال أخبرنا بشيء. فعلمت أن ذلك من ك ارمات الشيخ رضي اهلل عنه. فقلت: فذكروا أن الشيخ أخبرنا بأنك قدمت وأنت مريض, كيف وأمرنا دعاؤه للمريض وشفاؤه في حينها: وقال حدثني أي ضا: مرضت بدمشق إذ كنت فيها مرضة شديدة, منعتني حتى من الجلوس, فلم أشعر إال والشيخ عند أرسي وأنا مثقل مشتد بالحمى والمرض, فدعا لي, وقال: جاءت العافية, فما هو إال أن فارقني وجاءت العافية, وشفيت من وقتي. ابتالء من وقع في شيخ اإلسالم بش عره: حدثني: وقال: كنت قد استكتبت ا شع ر لبعض من انحرف عن الحق في الشيخ, قد تنقصه 73

91 فيه, وكان سبب قول ذلك الشعر أنه نسب إلي قائله شعر وكالم يدل على الرفض, فأ خذ الرجل وأ ثبت ذلك عليه في وجهه عند حاكم من حكام الشرع المطهر, فأ مر به فشهر حاله بين الناس, فتوهم أن الذي كان سبب ذلك الشيخ, فحمله ذلك على أن قال فيه ذلك الشعر, وبقي عندي, وكنت ربما أورد بعضه في بعض األحيان, فوقعت في عدة أشياء من المكروه والخوف متواترة, ولوال لطف اهلل تعالى بي فيها ألتت على نفسي, ف ظن رت من أين دهيت, فلم أر لذلك سبب ا إال إي اردي لبعض ذلك الشعر, فعاهدت اهلل أن ال أتفوه بشيء منه, ف ازل عني أكثر ما كنت فيه من المكاره, وبقي بعضه, وكان ذلك الشعر عندي فأخذته وحرقته وغسلته, حتى لم يبق له أثر, واستغفرت اهلل تعالى من ذلك, فأذهب اهلل عني جميع ما كنت فيه من المكروه والخوف, وأبدلني اهلل به عكسه, ولم أزل بعد ذلك في خير وعافية. و أريت ذلك حاال من أحوال الشيخ, ومن ك ارمته على اهلل تعالى. علمه بنفاذ نفقة تلميذه ومساعدته: وقال: حدثني أي ضا: أخبرني الشيخ ابن عماد الدين المقرئ المطرز, قال: قدمت على الشيخ ومعي حينئذ نفقة, فسلمت عليه, فرد علي ورحب بي, وأدناني ولم يسألني هل معك نفقة أم ال. فلما كان بعد أيام ونفدت نفقتي, أردت أن أخرج من مجلسه بعد فمنعني وأجلسني دونهم, فلما خال المجلس دفع إل ي جملة د ارهم, فارتفق بهذه, فعجبت من ذلك. أن صليت مع الناس و ارءه, وقال: أنت اآلن بغير نفقة وعلمت أن اهلل كشفه على حالي أوال لما كان معي نفقة, وآخر ا لما نفدت واحتجت إلى نفقة. استجابة اهلل لدعائه نصر المسلمين بعد ثالث: وقال: حدثني من ال أتهمه: أهلها وخافوا خوف ا شدي دا. أن الشيخ الم غل بالشام ألخذ دمشق وغيرها, حين نزل رجف وجاء إليه جماعة منهم وسألوه الدعاء للمسلمين, فتوجه إلى اهلل ثم قال: أبشروا, بالنصر في اليوم الفالني بعد ثالثة, حتى ترون الرؤوس معبأة بعضها فوق بعض. فإن اهلل يأتيكم 74

92 قال الذي حدثني: فوالذي نفسي بيده, - أو كما حلف - ما مضى إال ثالث مثل قوله حتى أرينا رؤوسهم كما قال الشيخ على ظاهر دمشق, معبأة بعضها فوق بعض. إخباره بموت القاضي قبل وصوله مصر: وقال: حدثني من أثق به: أن الشيخ أ خبر عن بعض القضاة أنه قد مضى متوجه ا إلى مصر المحروسة, ل ي قل د القضاء, وأنه سمعه يقول: حال ما أصل إلى البلد قاض يا أحكم بقتل فالن, رجل معين من فضالء أهل العلم والدين, قد أجمع الناس على علمه وزهده وورعه, ولكن حصل في قلب القاضي منه من الشحناء والعداوة ما صوب له الحكم بقتله, خوف ا من وقوع ما عزم عليه من القتل لمثل هذا الرجل الصالح, الهوى والشيطان في ذلك, فيلقى اهلل متلبس ا بدم ح ارم, فعظم ذلك على من سمعه, وحذر ا على القاضي وفتك بمسلم معصوم الدم بيقين, مثل ذلك لما فيه من عظيم المفاسد, فأبلغ الشيخ هذا الخبر بصفته. فقال: إن اهلل ال يمكنه مما قصد, قدر يسير وأدركه, عنه. وال يصل فمات قبل وصولها كما إلى مصر ح يا, أن يوقعه وكرهوا وقوع فبقى بين القاضي وبين مصر الموت أجرى اهلل تعالى على لسان الشيخ رضي اهلل ابتالء من عادوه في دينهم: وقال:-أي الب ازر في كتاب األعالم العلية-: وك ارمات الشيخ كثيرة جد ا, ال يليق بهذا المختصر أكثر من ذكر هذا القدر منها, ومن أظهر ك ارماته: أنه ما سمع بأحد عاداه أو غض منه إال وابتلي بعدة باليا, غالبها في دينه, وهذا ظاهر مشهور ال يحتاج فيه إلى شرح صفته". 75

93 المطلب الرابع: محنته وفاته أول: محنته االبتالءات والمحن سنة اهلل في عباده المخلصين من األنبياء والمرسلين واألولياء المؤمنين, وما ازل هؤالء في شدة وابتالء, إلى أن يلقوا رب األرض والسماء, وهم ثابتون على دين اإلسالم, يضحون التضحيات الجسام, ويبذلون الجهود العظام, ممتثلين قول رب األنام: ا ولاانب ل ا ون ك م ا و ا بش ر الص اب ر ي ا ن* ال ذ ي ا ن إ اذا ا والث ا م ا رات ا واأل ان ف س ا وال ج وع ا وانق ص م ا ن األ ام ا وال ب اشي ء م ا ن ال اخو ف ه م ا راج ع و ا ن* أ ولائ اك ا علاي ه م ا صلا ا وات م ن ا رب ه م ا و ا رح ا مة ا وأ ولائ اك ا و ا ن ا إ لاي ه أا ا صا ا بت ه م م ص ي ا بة قاال وا إ ن ا ل ل ه ال م ه تاد و ا ن ]البقرة: 61[. 66, وقوله تعاىل: ا ولاانب ل ا ون ك م ا حت ى انع لا ا م ال م ا جاه د ي ا ن م ن ك م ا والص اب ر ي ا ن ا وانب ل ا و أاخ ا با ا رك م ]محمد: 36[., وفي الحديث عند اإلمام الترمذي من رواية سعد ابن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول اهلل: أي الناس أشد بالء قال: "األنبياء ثم األمثل فاألمثل, فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلب ا اشتد بالؤه, وان كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه, فما يبرح البالء بالعبد حتى يتركه يمشى على األرض ما عليه خطيئة" )6(, وأمثل الناس باألنبياء ورثتهم العلماء. وقد كثرت اآلثار التي بينت عظيم المحن التي مر بها شيخنا شيخ اإلسالم ابن تيمية بسبب أصحاب البدع, وأهل الشبهات واألهواء ال لشيء إال حسد ا من عند أنفسهم هدانا اهلل واياهم. "اعتقل الش ي خ ت ق ي الد ين بن ت ي م ية بقلعة دمشق مكرما ر اك ب ا و ف ي خدمته مشد األ و ق اف والحاجب اب ن الخطير وأخليت ل ه قاعة ورتب ل ه م ا يقوم بكفايته, ورسم الس ل ط ان ب م ن عه من ال فتيا. " وكان سبب هذه األحداث العصيبة التي مرت بالشيخ وقوفه في وجه البدع, "وكان قد )6( أخرجه: الترمذي/ سننه ]كتاب الزهد, باب ما جاء في الصبر على البالء )2310( ) 186/2 ([ وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ابن الوردي: تاريخه )2/ 218 ( ابن كثير: البداية والنهاية )62/ 622(. 76

94 )1( اعتقل الشيخ تقي الدين بن تيمية في قلعة دمشق بسبب " مسألة الزيارة " والم ارد زيارة قبور األنبياء واألولياء, والصالحين, وكان هذا مما انتشر في عصره, قال اإلمام شهاب الدين النويري : "وفى هذه السنة- في يوم االثنين السادس من شعبان- اعتقل الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية بقلعة دمشق المحروسة, حسب األمر الشريف السلطاني, واعتقل معه أخوه زين الدين عبد الرحمن, ومنع من الفتيا واجتماع الناس به. وسبب ذلك أنه أفتى أنه ال يجوز زيارة قبر رسول اهلل, وال قبر إب ارهيم الخليل, وال غيرهما. من قبول األنبياء والصالحين") 2 ( وذلك إذا شد الرحال إلى هذه القبور أو إلى غيرها, أو اعتقد في أصاحبها النفع والضر, أو استغاث بهم, ومن البدع التي ال ازلت منتشرة في زماننا أن بعض الناس يتمسح بقبر النبي صلى اهلل عليه وسلم أو يستقبل القبر عند الدعاء وعند تالوة القرآن هذا ال يصح. وكله وكذلك من أهم المسائل التي أوذي الشيخ بسببها, اجتهاداته في فتاوى الطالق التي تناسب مجتمعه في تلك الحقبة, وع قدت له المجالس والمحاكم لمنعه من الوعظ والتدريس واإلفتاء, ثم منع من التأليف والكتابة الحق ا, قال أهل التأريخ: "و ف ي ث ان ي عشري ر ج ب: عقد بدار الس ع اد ة م ع اش ور اء سنة ب د م ش ق مج ل س إلبن ت ي م ية و منع من اإل ف ت اء ب م س أ ل ة الط ال ق ثم اعتقل بالقلعة إ ل ى ي و إ ح د ى و عش رين فأفرج ع نه " )3(. ويصف الرحالة ابن بطوطة جانب ا من محن الشيخ وسجنه بقوله: "كان بدمشق من كبار فقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون إال أن في عقله شيئا. وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم ويعظهم على المنبر وتكلم مرة بأمر أنكره الفقهاء ورفعوه إلى الملك الناصر فأمر بإشخاصه إلى القاهرة وجمع القضاة والفقهاء بمجلس الملك الناصر وتكلم شرف الدين الزواوي )6( الصفدي: أعيان العصر وأعوان النصر )2/ 310(. النويري/ نهاية األرب) 33 / 263(. )3( المقريزي/ السلوك لمعرفة دول الملوك )36/3(. 77

95 المالكي )1(, وقال أن هذا الرجل قال كذا وكذا وعدد ما أنكر على ابن تيمية وأحضر العقود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة وقال قاضي القضاة البن تيمية ما تقول قال ال إله إال اهلل فأعاد عليه فأجاب بمثل قوله فأمر الملك الناصر بسجنه فسجن أعواما. وصنف في السجن كتابا في تفسير الق آرن سماه البحر المحيط في نحو أربعين مجلدا ) 3 ( ثم إن أمه تعرضت للملك الناصر وشكت إليه فأمر بإطالقه إلى أن وقع منه ذلك ثانية" )4( ويظهر من قول ابن بطوطة هذا تحامله على الشيخ رغم مديحه له ووصفه باإلمام الكبير المتفنن الذي يبجله أهل دمشق, ولعل هذا التناقض الذي وقع فيه بعضهم في وصف الشيخ إما بعدم وضوح الصورة لكثرة من تآمر عليه من المخالفين, واألم ارء, وأهل البدع, أو قالوا هذا خوف ا, واهلل تعالى أعلم. وفاته: بعد المحن الجليلة والمصائب المتواصلة التي تعرض لها شيخ اإلسالم كانت الدنيا )6( ع م ر ب ن ع يس ى ب ن م س ع ود, ال ف ق يه ال ع ال م س ر اج الد ين أ ب و ح ف ص اب ن ال ق اض ي ال ع ال م ة ش ر ف الد ي ن الز و او ي ال م ال ك ي, ش اب ف اض ل, و ل د س ن ة س ب ع ع ش ر ة و س ب ع م ائ ة, و ر ح ل ف أ خ ذ ع ن و ع د ة, و ق ر أ س ن ن أ ب ي د او د و غ ي ر ذ ل ك. قال الذهبي: أ خ ذ ع ن ي و الل ه ي س ع د ه, ت و ف ي س ن ة 130 )ص: 620(. ر ح م ه الل ه. انظر: الذهبي/ المعجم المختص بالمحدثين وفي قول شيخ اإلسالم هذا رد مفحم, ألنه إثبات للتوحيد واشارة ألن ما يفعله البعض عند القبور مناقض لهذه الكلمة. )3( قال الباحث: وذ ك ر ابن بطوطة مصنفا للتفسير بهذا الحجم لشيخ اإلسالم أثار البحث عندي فعمدت إلى كتب من ترجموا لشيخ اإلسالم وذكروه كأسماء كتب ابن تيمية لتلميذه ابن القيم, وكذا الكتب التي رجعت إليها في ترجمتي للشيخ كاألعالم العلية وثالث ت ارجم.., والدرر الكامنة, وغيرها فلم أجد كالم ا مفاده أن البحر المحيط كتاب تفسير لشيخ اإلسالم وال يخفى البحر المحيط ألبي حيان, غير أن شيخ اإلسالم فسر كثير ا من اآليات في ابن تيمية: مجموع الفتاوى, وكذا ما جمعه أهل العلم في مصنفات ككتاب دقائق التفسير جمعه د. محمد السيد الجليند, وال شك أن تفاسير الشيخ لو جمعت لوصلت لمجلدات. أما البحر المحيط هذا فإما أنه لم يصلنا, أو أن هذا وهم ا من ابن بطوطة والثاني أرجح, فلم يذكر أحد غير ابن بطوطة ذلك. ابن بطوطة: رحلته )6/ 12(. 78

96 على موعد مع مفارقة أمة برجل ورجل بأمة يجف الحبر, ويعجز اللسان, وتقف الكلمات ويثبت البنان حياء منهم, ولطف ا بالقلوب أن تصف لحظات وداعه, من أحببناه دون أن ن اره, ونحن على أمل بأن نلقاه, في جنات النعيم, والخلود المقيم. وقبل وفاته وبعد منعه من الكتابة حتى في سجنه عكف على كتاب اهلل حتى مرض )1( : "وفيها مرض ا شديد ا قال شهاب الدين النويري في الثلث األخير من ليلة االثنين المسفر صباحها عن العشرين من ذي القعدة كانت وفاة الشيخ العالم الورع تقى الدين أحمد بن الشيخ شهاب الدين أبى المحاسن عبد الحليم بن الشيخ مجد الدين أبى البركات عبد السالم ابن عبد اهلل بن أبى القاسم بن محمد بن تيمية الحر اني في ثم الدمشقي معتقله بدمشق, ومرض سبعة عشر يوما, ولما منع من الكتابة والتصنيف عكف على تالوة كتاب اهلل تعالى, فيقال إنه ق أر ثمانين ختمة, وق أر من الحادية والثمانين إلى سورة الرحمن, وأكملها أصحابه الذين دخلوا عليه حال غسله... وتكفينه, ثم حمل إلى الجامع األموي, ووضعت جنازته في أول الساعة الخامسة, وامتأل الجامع بالناس, وغل قت أسواق المدينة, وصل ى عليه بعد صالة الظهر, ثم حمل وأخرج من باب الفرج, وازدحم الناس حتى تفرقوا في الخيل بالناس, وصلى عليه مرة ثالثة وأم الناس في الرحمن, وحمل إلى مقبرة الصوفية". أبواب المدينة وصل ى عليه بعد صالة الظهر... وامتأل سوق الصالة عليه أخوه الشيخ زين الدين عبد وفاضت روحه الطاهرة إلى باريها, وكأن الدنيا أظلمت, والسماء تعتمت, حزن ا وجزع ا على ف ارقه, وما يدريك لعل المالئكة افتقدت دروسه, لكن أجرها ال ازل يجري في صحيفته. وقد رثاه كثير من أهل العلم ممن أحبوه والزموه وتتلمذوا عليه, أو سمعوا عنه وق أروا كتبه ولم يروه وقد سجل ابن هادي المقدسي من الرثاء فيه قول القائل: رثاء ورسائل ألهل العلم في زمانه لما سمعوا نبأ وفاته, "ك أ ن م ا الش م س ف ي جو السما كسفت... وضوؤها ب ائ ن ع ن ه ا ومنفصل والجو ف ي مأتم كالليل منظره... ك أ ن جنح الدجى ف ي الل ي ل منسبل 79 )6( يعني )سنة 120 ه(. النويري: نهاية اآلرب )33/ 210(.

97 فدمعتي بدمي ي ا سعد قد مزجت... ك أ ن م ا ف ي ف ؤ اد ي الن ار تشتعل أ م س ى و أص بح و األ ح ز ان تكمدني... وحسرتي بدوام الد ه ر تتصل قد ازدني أسفي و اش ت د ب ي جزعي... أيقنت أ ن ح يات ي حثها األ ج ل" )1(. ومن الرسائل التي أرسلت: " فوافاني خبر وفاته رحمه اهلل تعالى مع الرجوع إلى الع ارق قبيل وصول الكوفة, فوجدت عليه ما ال يجده األخ على شقيقه, واستغفر اهلل!! بل وال الوالد الثاكل على ولده, وما دخل على قلبي من الحزن لموت أحد من الولد واألقارب واإلخوان كما وجدته عليه رحمه اهلل تعالى, وال تخيلته قط في نفسي وال تمثلته في قلبي إال ويتجدد لي حزن قديمه كأنه محدثه, وواهلل ما كتبتها إال وأدمعي تتساقط عند ذكره أسف ا على ف ارقه وعدم مالقاته, فإنا هلل وانا إليه ارجعون, وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم, وما شرحت هذه النبذة من محبة الشيخ رحمة اهلل تعالى عليه إال ليتحقق بعدي عن الملك الموهوم". قال الباحث: وانطفأت شمس, وأشرقت نورها, وال ازلت األمة تنهل من معينه, وتستنير بما تركه من آثار وأنوار, لكن أني للدنيا أن تلد شمس ا منيرة, كشمس الشموس, وقمر األقمار, وسيد األب ارر, وخير الك ب ار, شيخ األئمة, وامام األخيار- رحمك اهلل رحمة واسعة, وأنزل من رحماته ورضوانه ومغفرته عليك, وطيب ث ارك, ورفع ذكرك, وأنسأ أثرك وجمعنا اهلل بك في مستقر رحمته اللهم آمين. )6( ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية من مناقب شيخ اإلسالم أحمد بن تيمية )ص: 663( وانظر قصيدة نظمها رجل اس مه جمال الد ين م ح م ود بن األ م ير ال حل ب ي المرجع نفسه )ص: 212(. ) 2 (ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية )ص: 626 (. 81

98 المبحث الثالث: حياته العلمية 81

99 نشأ شيخ اإلسالم في أسرة, كتاب اهلل مأدبتها, وسنة رسوله أرس مالها, بل وعلوم الفقه والتفسير والحديث والعربية قوتها وغذاؤها, "فجده اإلمام ال م ق ر ي المحدث المفسر, األصولي النحوي مجد الدين أ ب و البركات وقد أ لين له الفقه ك م ا أ لين لداود الحديد, ووالده الشيخ العالمة الفقيه شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم شيخه في كثير من العلوم كما سيأتي في المطالب التالية") 6 ( وال شك أن ذلك أث ر فيه أيما تأثير "وقدم ب ه والده وبإخوته إ ل ى دمشق, ع ن د استيالء التتر ع ل ى البالد, سنة سبع وستين وستمائة, فسمع الشيخ ب ه ا من كبار علماء الشام") 2 (. قال اإلمام األلوسي:" ثم )3( أخذ كتاب سيبويه فتأمله وفهمه وعنى بالحديث وسمع الستة والمسند م ارت". قال الباحث: وأنصف اإلمام الذهبي -في سياق بيانه لعلم شيخنا- فبين سعة علمه في الصحاح والسنن والمسانيد, واستفاضته في المعتقد والتفسير والفرق, واألصول, والترجيح وبيان هذا في مقام أقوال العلماء فيه الذي سيأتي أنسب. )6( ابن رجب الحنبلي: ذيل طبقات الحنابلة )2-2/2(. ابن رجب الحنبلي: ذيل طبقات الحنابلة )2/ 213(. )3( األلوسي: جالء العينين في محاكمة األحمدين )ص: 60(. انظر: الذهبي: ثالث ت ارجم نفيسة لألئمة األعالم )ص: 23(. 82

100 أول: مذهبه الفقهي المطلب األول: مذهبه الفقهي وعقيدته وأقوال العلماء فيه. تبحر شيخنا في المذاهب الفقهية كلها, فأتقنها أيما إتقان, بل وكان أرباب المذاهب يستفيدون ألنفسهم من علمه في مذاهبهم واليك شهادة إنصاف من أحد خصومه "و ق ال ال ع الم ة ك م ال الد ين اب ن الزملكاني ك ان إ ذا س ئ ل ع ن فن من ال علم ظن الر ائ ي و الس ام ع انه ال يعرف غير ذ ل ك ال ف ن و حكم أن أحدا ال يعرف مثله و ك ان ال ف ق ه اء من س ائ ر الطوائف إ ذا ج ل س وا م ع ه استفادوا ف ي )1( مذاهبهم م ن ه م ا لم ي ك ون وا عرفوه قبل ذ ل ك" وألن الشيخ قد ترعرع في أسرة حنبلية المذهب وأخذ الفقه واألصول عن والده, فاختار لنفسه مذهب إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ولم يكن الشيخ يقف عند حدود الفقه الحنبلي وال يخالفه أو يجتهد فيه, السيما إن ظهر له دليل : خالف قول المذهب فع د من أعالم المجتهدين في المذهب قال الشوكاني "...الحنبلي تقي الد ين أ ب و ال ع ب اس شيخ اإلسالم إمام األ ئ م ة ال م ج ت هد ال م طلق") 3 ( وم ن ق بل الشوكاني تواتر وصف العلماء لشيخ اإلسالم بهذا الوصف "المجتهد المطلق" فقال ابن هادي )4( المقدسي : "و ا ن عد ال ف ق ه اء ف ه و مجتهدهم ال م طلق" وقال اإلمام الكرمي رحمه اهلل: "و ك ا ن )5( إ م ام ا ال يل حق غباره ف ي كل ش ي ء و بلغ ر ت ب ة اال ج ت ه اد و اج تمعت ف يه ش ر وط ال م ج ت هدين" "و ق ال الش ي خ ك م ال الد ين بن الزملكاني أ ي ضا ع ن الش ي خ ت ق ي الد ين اب ن ت ي م ية اج تمعت ف يه ش ر وط اال ج ت ه اد على و جهه ا و له ال ي د الط ولى ف ي حسن التصنيف وجودة ال عبار ة و الت ر ت يب والتقسيم ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص: 60(. األلوسي: جالء العينين )ص: 60(. الشوكاني: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع )6/ 13(. ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية )ص: 28(. الكرمي: الشهادة الزكية )ص: 20(. )6( )3( )6( 83

101 وبعد اجتهاده هذا لم يتقيد بمذهب, فكان إفتاؤه بما قام عليه الدليل عنده, قال ابن )1( والتبيين". الوردي :"و ب ق ي عد ة س ن ين ال ي ف ت ي ب مذهب مع ين بل ب م ا ق ام الد ل يل ع ل ي ه ع ن ده" قال الباحث: فنقوالت أهل العلم هذه بأن شيخ اإلسالم كان مجتهد ا مطلق ا دلت على وقوف الشيخ مع الدليل الذي يظهر له دون هوى أو تبعية, وان كان مخالف ا لمذهبه األول مذهب اإلمام أحمد, أو حتى للمذاهب كلها, وال تخفى فتاواه في الطالق, والتي كانت من أسباب. محنته كما ذ كر في مطلب محنته ووفاته ثانيا: معتقده في مقام الحديث عن ورع الشيخ وزهده, أو عبادته وفقهه كان الكالم لتالمذته األب ارر, وقرنائه األخيار, ممن عاصروه وناصروه, فو صفوا ما أرت أعينهم من صفاته, وك ارماته, وما سمعت آذانهم من فتاواه وترجيحات ه, لكنا وفي معرض الحديث عن معتقده ليس لنا إال أن نترك الكالم لشيخنا ليحدثنا عن معتقده في نظمه هذا: : قال شيخ اإلسالم "يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي رزق الهدى من للهداية يسأل اسمع كالم محقق في قوله ال ينثني عنه وال يتبدل حب الصحابة كلهم لي مذهب ولكلهم قدر وفضل ساطع وأقر في القرآن ما جاءت به وجميع آيات الصفات أمرها ومودة القربى بها أتوسل لكنما الصديق منهم أفضل آياته فهو القديم المنز ل حق ا كما نقل الط ارز األول )6( ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص: 60(. ابن الوردي: تاريخه )2/ 211(. 84

102 وأرد عهدت ها إلى نقالها وأصون ها عن كل ما يتخيل قبح ا لمن نبذ القرآن و ارءه فالمؤمنون يرون حقا رب هم وأقر بالمي ازن والحوض الذي وكذا الص ارط ي مد فوق جنهم والنار يصالها الشقي بحكمة ولكل حي عاقل في قبره هذا اعتقاد الشافعي ومالك فإن اتبعت سبيلهم فموفق واذا استدل يقول قال األخطل والى السماء بغير كيف ينزل أرجو بأني منه ريا أنهل فموحد ناج وآخر مهمل وكذا التقي إلى الجنان سيدخل عمل يقارنه هناك ويسأل وأبي حنيفة ثم أحمد ينقل وان ابتدعت فما عليك معول" )1(. فعقيدته في صفات اهلل عز وجل ليس بمؤول وال مشبه وال مجسم, بل غاية قوله الدليل من كتاب اهلل تعالى, وسنة نبيه, وفهم سلف األمة, فمن اإلجحاف أن نقول أن شيخ اإلسالم كان سلفي ا فحسب, بل كان حامل لواء السلف, مجدد عصره, ونادرة دهره واستفاضت كتبه في بيان معتقده في صحابة رسول اهلل, وآل بيته, وذلك أوضح من الشمس في اربعة النهار. )6( األلوسي: جالء العينين )ص: (. 85

103 ثالثا: أقوال أهل العلم فيه هذا مقام عريق والكالم فيه يطول زخت به كتب الت ارجم والتاريخ فمن أهل العلم من نظم كالمه في مديح الشيخ شعر ا, ومنهم من جعله نثر ا, وبعضهم أفرد لترجمته مؤلف ا, فأجزلوا األلفاظ وحب روها مع سعة المعاني الم اردة منها وكي ال يطول المقام أبدأ بتلميذه النجيب ابن القيم, وقد أجاد في قوله: " فاق أر تصانيف اإلمام )6( حقيقة... شيخ الوجود العالم الرباني أعني أبا العباس أحمد ذل... ك البحر المحيط بسائر الخلجان". وفي العقود الدرية من مناقب شيخ اإلسالم مجموعة من الكتب والرسائل والمدائح في شيخ اإلسالم لكبار علماء عصره منها قولهم:" ش يخن ا الس يد اإل م ام األ مة ال همام محيي الس نة وقامع ال ب د ع ة ن اص ر الح د يث مفتي ال فرق ال ف ائ ق ع ن ال ح ق ائ ق وموصلها باألصول الش ر ع ي ة للط ال ب الذائق ال ج ام ع ب ين الظ اه ر و ال ب اط ن ف ه و يق ض ي ب ال ح ق ظ اه ار و ق لبه ف ي العلى قاطن أنموذج ال خ ل ف اء الر اش دين و األ ئ م ة المهديين ال ذين غ اب ت ع ن ال ق ل وب سيرهم ونسيت األ مة حذوهم وسبلهم ف ذك رهم به ا الش ي خ ف ك ان ف ي دارس نهجهم سالكا ولموات حذوهم محي يا وألعنة قواعدهم م ال ك ا...وذكر نسب الشيخ كامال, وأكمل قائال: أع اد اهلل علينا بركته و رفع إ ل ى مدارج العلى د ر ج ته وأدام توفيق الس ادة المبدو بذكرهم وتسديدهم وأجزل ل ه م حظهم ومزيدهم...ثم بدأ كتابه في مديح الشيخ والثناء عليه في )3( كالم جزل حصيف" )6( وهذه األوصاف مصروفة إلى زمانه رحمه اهلل ال على اإلطالق. ابن القيم: نونيته )ص: 238(. ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية )ص: 381, وما بعدها(. )3( 86

104 "وكتب ابن سعد )6(,بخطه: الشيخ اإلمام العالم العالمة األوحد البارع, الحجة الحافظ, ال ازهد العابد الورع, شيخ مشايخ اإلسالم بقية األئمة األعالم, إمام األئمة قدوة األمة, عالمة الزمان فريد الدهر واألوان بحر العلوم,...وذكر نسب الشيخ". ووصفوه بقولهم: "الش ي خ اإل م ام ال ع الم ال ع الم ة األوحد ال ح اف ظ ال م ج ت هد الز اه د العابد ال قد و ة إ م ام األ ئ م ة قدوة األ مة ع الم ة ال علم اء و ار ث األ ن ب ي اء آخر ال م ج ت هدين أوحد ع ل م اء الد ين برك ة اإل س ال م حج ة األ ع ال م بره ان ال م ت ك لمين قامع المبتدعين محيي الس نة و من عظمت ب ه هلل علينا ال م ن ة و ق ام ت ب ه على أعدائه ال حج ة واستبانت ببركته وهديه المحجة ت ق ي الد ين أبي ال ع ب اس أ ح مد بن عبد ال ح ل يم بن عبد السالم بن ت ي م ية ال ح ر ان ي أ عل ى اهلل مناره وشيد ب ه من الد ين أ ر ك انه, م اذ ا ي ق ول الواصفون ل ه و ص ف اته جلت ع ن ال حص ر ه و حج ة هلل قاهرة... ه و ب ي نن ا أعجوبة الد ه ر ه و آي ة ل ل خلق ظ اه ر ة... أنوارها أربت على ال فج ر قدوة األ مة أعجوبة الز م ان ب حر ال ع ل وم حبر )3(., في شيخ اإلسالم وقال القاضي الوزير ابن فضل اهلل العمري "هو نادرة العصر": هو البحر من أي النواحي جئته والبدر من أي الضواحي أريته. )6( العالم الفاضل المحدث البارع المؤرخ المفيد, شمس الدين جمال المخرجين أبو عبد اهلل, محمد ابن الشيخ المسند الكبير أبي زكريا يحيى, األنصاري المقدسي األصل ثم الدمشقي الصالحي الشهير بابن سعد,, ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين, ومات في ذي القعدة سنة ) 161 ه(. ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص 12 (. انظر: ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص 12 (. )3( انظر: ابن عبد الهادي المقدسي: العقود الدرية )ص: 26(. القاضي الفاضل, مجموع الفضائل, البارع النبيل العالم األصيل, شهاب الدين أبو العباس أحمد بن القاضي اإلمام يمين مملكة اإلسالم محيي الدين أبي الفضل يحيى بن جمال الدين فضل اهلل بن مجلي ابن العدوي العمري الشافعي, ولد سنة سبع وتسعين وستمائة, وتوفي يوم عرفة سنة تسع وأربعين وسبعمائة, سمع الحديث وق أر على الشيوخ, وله تصانيف كثيرة انتهى. ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص 06 (. 87

105 وقال: "رضع ثدي العلم منذ ف طم, وطلع فجر الصباح ليحاكيه فلطم, وقطع الليل والنهار دائبين, واتخذ العلم والعمل صاحبين, إلى أن آس السلف بهداه, ونأى الخلف عن بلوغ مداه. وقال: نشأ منه علماء في سالف الدهور, ونشأت منه عظماء على المشاهير الشهور, فأحيى معالم بيته القديم, إذ درس وجنى من فننه الرطيب ما غرس, وأصبح في فضله آية إال أنه آية,وأخمد من أهل البدع كل حديث وقديم, ولم يكن منهم إال من يجفل عنه إجفال الظليم, ويتضاءل لديه تضاؤل الغريم, جاء في عصر مأهول بالعلماء, مشحون بنجوم السماء, إال أن شمسه طمست تلك النجوم, وبحره غرق تلك العلوم. وقال أي ا ضا: هذا مع ما له من جهاد في اهلل لم تفزعه فيه ظلل الوشيج. وقال: واال فلقد اجتمع عليه عصب الفقهاء والقضاة بمصر والشام وحشدوا عليه بخيلهم ورجلهم فقطع الجميع وألزمهم بالحجج الواضحات, أي إل ازم, فلما أفلسوا أخذوه بالجاه والحكام, وقد مضى ومضوا إلى الملك العالم, ليجزي اهلل الذين أساؤ وا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا )6( بالحسنى" ولو تأملنا كتاب الرد الوافر لوجدنا محور موضوعه في من وصف-من األئمة األعالم- ابن تيمية بشيخ اإلسالم, وقد أحصى الباحث عدد هم في الكتاب فبلغوا ثمانية وثمانين إمام ا. اإلمام )6( انظر: ابن ناصر الدين: الرد الوافر )ص (. 88

106 المطلب الثاني: شيوخه وتالميذه وهم أكثر من أن يحصوا, وأكبر من أن يعدوا, فلشغفه في طلب العلم, كثر الشيوخ الذين سمع منهم الحديث, أو أخذ عنهم الفقه وعلوم المعتقد, وكثر شيوخه في الفنون كلها, وكذا انهال عليه أهل العلم من الطالب النجباء من أصقاع األرض قاطبة غايتهم أن ينهلوا من هذا المعين النقي. أول: شيوخه بلغ عدد شيوخ شيخنا الهمام ابن تيمية أكثر من مائتي شيخ, فما وصل لهذه المنزلة العظيمة التي غ بط عليها, إال بجده الحثيث, واجتهاده الكبير, وبثني ركبتيه عند العلماء ومالزمة الشيوخ, وسهر الليالي في الفهم والق ارءة والتصنيف, ولم يقتصر في طلبه على الشيوخ من الرجال بل كان له شيو خ من النساء. وفي ثنايا البحث عن شيوخ شيخ اإلسالم وقع الباحث على أربعين حديث ا رواها شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى بأسانيدها المتصلة إلى رسول اهلل, أذكر من شيوخه فيها أشهرهم تجنب ا لإلطالة. 89

107 6- اإلمام زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد المقدسي, مولده في )1( صفر سنة خمس وسبعين وخمسمائة, وتوفي يوم االثنين ثامن رجب سنة ثمان وستين وستمائة. 2- اإلمام المسند زين الدين أبو العباس أحمد بن أبي الخير سالمة بن إب ارهيم بن سالمة بن الحداد الدمشقي, مولده في سنة تسع وستمائة, وتوفي في يوم عاشو ارء سنة ثمان وسبعين وستمائة. 3- اإلمام تقي الدين أبو محمد إسماعيل بن إب ارهيم بن أبي اليسر التنوخي, مولده سنة تسع وثمانين وخمسمائة, وتوفي سنة ثنتين وسبعين وستمائة. )3( 2- اإلمام شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك بن عثمان بن عبد اهلل بن سعد المقدسي, مولده سنة ست وستمائة, وتوفي في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة. )4( 6- الشيخ اإلمام العالم العال مة ال ازهد قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي, ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة, وتوفي في سنة ثنتين وثمانين وستمائة. 1- الشيخ الجليل الصالح كمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الملك بن يوسف بن قدامة المقدسي, ولد في حدود سنة ثمان وتسعين وخمسمائة, وتوفي في جمادي األول سنة ثمانين وستمائة. )5( )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )10-11/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )12-16/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )08-11/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى ) /60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )11-16/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )681/60(. )6( )3( )6( )1( 91

108 1- الفقيه سيف الدين أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب الحنبلي, ولد )1( في سنة ثنتين وتسعين وخمسمائة, وتوفي في شوال سنة ثنتين وسبعين وستمائة. 0- الحاج المسند أبو محمد: أبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع الهروي, ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة, وتوفي في رجب سنة ثالث وسبعين وستمائة. 1- أبو بكر بن عمر بن يونس المزي الحنفي, ولد سنة ثالث وتسعين وخمسمائة, وتوفي في )3( شعبان سنة ثمانين وستمائة. 68- الشيخة الجليلة األصيلة أم العرب فاطمة بنت أبي القاسم علي بن أبي محمد القاسم بن أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل بن عبد اهلل بن الحسين بن عساكر, ولدت سنة ثمان )4( وتسعين وخمسمائة, وتوفيت في شعبان سنة ثالث وثمانين وستمائة. ثانيا: تالميذه. ال غ اربة أن تجد أشهر علماء األئمة, وأصحاب السبق في التصانيف بشتى المجاالت, كابن القيم صاحب الكتب القيمة, واإلمام الكبير الذهبي, صاحب الت ارجم والطبقات, والعالم بأحوال الرجال صاحب تهذيب الكمال اإلمام المزي رمحه اهلل, وابن كثير صاحب التاريخ والتفسير هم حسنة. من حسنات شيخ اإلسالم وأقتصر على ذكر أشهر تالميذه وستأتي ترجمتهم عند ذكرهم. 6- أبو العباس أحمد بن إب ارهيم بن عبد الرحمن بن مسعود ابن عمر الواسطي الح ازمي ابن شيخ الح ازميين, ولد سنة سبع وخمسين وستمائة, كان ازهد ا عابد ا معمور بالمطالعة والتصنيف واإلفادة, توفي رحمه اهلل سنة إحدى عشرة وسبعمائة. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )06-08/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى) 03-02/60 (. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )13-12/60(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى ) /60(. انظر: ابن ناصر الدين: الرد الوافر)ص (. 91 )6( )3( )6(

109 2- شرف الدين أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد اهلل بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة الحنبلي,, مولده سنة ثالث وتسعين وستمائة, وكان متفنن ا عالم ا بالحديث وعلله والنحو واللغة واألصاين والمنطق, ق أر على الشيخ تقي الدين بن تيمية عدة مصنفات في علوم شتى, وأذن له في اإلفتاء فأفتى في شبيبته توفي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة )1( 3- إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع البصروي ثم الدمشقي, الفقيه الشافعي, صاحب التفسير, وابن كثير: البداية والنهاية, ولد سنة سبعمائة, وقدم دمشق وله نحو سبع سنين, توفي سنة أربعة وسبعين وسبعمائة 2- الشيخ اإلمام العالمة ذو الفنون شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الحنبلي المشهور بابن قيم الجوزية, تفقه بشيخ اإلسالم تقي الدين بن تيمية, وكان من عيون أصحابه, وأفتى, ودرس, وناظر, وصنف, وأفاد, وحدث عن شيخه التعبير, وغيره, ومصنفاته سائرة مشهورة, توفي في رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. )3( 6 ا- إل م ام ال ح اف ظ م حدث ال ع ص ر وخاتمة ال حفاظ ومؤرخ اإل س ال م وفرد الد ه ر والقائم بأعباء ه ذ ه الص ن اع ة شمس الد ين أ ب و عبد اهلل م ح م د بن أ ح مد بن ع ث م ان قايماز التركماني ثم الد م ش ق ي ال م ق ر ئ... وكان مولده في ربيع األول سنة ثالث وسبعين وستمائة, وتوفي في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. )4( 1 -يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف, أبو الحجاج, المزي محدث الديار الشامية في عصره. ولد سنة أربع وخمسين وستمائة وتوفي في دمشق سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. مهر في اللغة, ثم )5( في الحديث ومعرفة رجاله, أشهر مصنفاته تهذيب الكمال في أسماء الرجال. انظر: ابن العماد/ شذ ارت الذهب )0/ 311(. انظر: ابن حجر عسقالن/ إنباء الغمر بأبناء العمر )31/6(. انظر: الذهبي: العبر في خبر من غبر ( (. انظر: السيوطي/ طبقات الحفاظ )ص: 626( انظر: الزركلي: األعالم )0/ 231(. 92 )6( )3( )6(

110 المطلب الثالث: مؤلفاته ودرر من أقواله. أول: مؤلفاته قال كثير من أهل العلم بلغت مصنفاته, أكثر من مائتين وقال آخرون أكثر من ثالثمائة, وجزم تلميذه المالزم له اإلمام الذهبي, بأنها تربو عن ألف مصنف. : "جمعت مصنفات شيخ االسالم ت ق ي الد ين أبي ال ع ب اس أ ح مد بن ت ي م ية ف و ج دته قال )1( ألف م ص نف ثم ر أ ي ت ل ه أيضا مصنفات أخر" بل قيل: "إن تصانيفه ن ح و أ ر ب ع ة آال ف ك ارسة و أك ثر" " وأجاد ابن القيم في نونيته في معرض حديثه عن شيخ اإلسالم ومؤلفاته فقال: فاق أر تصانيف اإلمام حقيقة... شيخ الوجود العالم الرباني أعني أبا العباس أحمد ذل... ك البحر المحيط بسائر الخلجان واق أر كتاب العقل والنقل الذي... ما في الوجود له نظير ثان وكذاك منهاج له في رده... قول الروافض شيعة الشيطان وكذاك أهل االعت ازل فإنه... أرداهم في حفرة الجبان") 3 (.. ثم ذكر جملة كبيرة من كتبه وقد امتألت كتب تالميذه الذين ترجموا له بأسماء كتبه كابن القيم, والب ازر في كتابه "األعالم العلية", وابن عبد الهادي المقدسي في كتابه "العقود الدرية", وقد سبق التعريف بهذه الكتب ونقل الباحث منها كثير ا في الترجمة للشيخ. انظر: الرد الوافر البن ناصر الدين الدمشقي )ص 36 (. انظر: ابن حجر: الدرر الكامنة )6/ 606(, وانظر: الزركلي: األعالم )622/6(. ابن القيم: نونيته )ص: 238(. )6( )3( 93

111 ثانيا: درر من أقواله إن ما تعرض له الشيخ من شدائد ومحن, ساهمت في تشكيل شخصيته العلمية وكان لسانه غالب ا ما يلهج بالدرر والجواهر في مثل هذه المواقف. ذكر ابن القيم أنه سمع شيخ اإلسالم يقول: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها ال يدخل جنة اآلخرة. : وقال شيخ اإلسالم ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري, إن رحت فهي معي ال تفارقني, إن حبسي خلوة, وقتلي شهادة, واخ ارجي من بلدي سياحة. وقال وهو في سجنه: قال: "ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير وقال أي ا ضا: لو بذلت ملء هذه القاعة ذهب ا ما عدل عندي شكر هذه النعمة", أو المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى, والمأسور من أ سره هواه", ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: ا وظااه ر ه م ن ق ا بل ه ال ا عاذاب ]الحديد 63[. فاض ر ا ب ا بي انه م ب س ور لاه ا باب ا باط ن ه ف يه الر ح ا مة وعلق ابن القيم على هذا بقوله: وعلم اهلل ما أريت أحد ا أطيب عيش ا منه قط, مع ما كان فيه من ضيق العيش, وخالف الرفاهية والنعيم بل ضدها, ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد واإلرهاق, وهو مع ذلك من أطيب الناس عيش ا, وأشرحهم صدر ا, وأقواهم قلب ا, وأسرهم نفس ا, تلوح نضرة النعيم على وجهه, وكنا إذا اشتد بنا الخوف, وساءت منا الظنون, وضاقت بنا األرض أتيناه, فما هو إال أن ن اره ونسمع كالمه فيذهب ذلك كل ه, وينقلب انش ارح ا وقوة ويقين ا وطمأنينة, فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه, وفتح لهم أبوابها في دار العمل فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها" )6(. )6( ابن القيم: الوابل الصيب )ص: 20(. 94

112 الفصل الثاني منهج اإلمام ابن تيمية في االستدالل بالقراءات وفيه أربعة مباحث: المبحث األول: االستدالل للقراءات واالستدالل بالقراءات والفرق بينهما المبحث الثاني: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات في قضايا العقيدة المبحث الثالث: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات للفقه والرقائق المبحث الرابع: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات للتفسير واللغة 95

113 المبحث األول: االستدالل للقراءات واالستدالل بالقراءات والفرق بينهما 96

114 المطلب األول تعريف المنهج واالستدالل وأنواعه وأحكامه أول: المنهج لغة واصطال ا حا المنهج في اللغة: ")نهج( النون والهاء والجيم أصالن متباينان: األول النهج, الطريق. ونهج لي األمر: أوضحه. وهو مستقيم المنهاج, والمنهج: الطريق أيضا, والجمع المناهج, واآلخر االنقطاع. وأتانا فالن ينهج, إذا أتى مبهو ار منقطع النفس, وضربت فال نا حتى أنهج, أي سقط. ومن الباب نهج.)1( الثوب وأنهج: أخلق ولما ينشق" قال الباحث: فالمنهج في لغة العرب الطريقة واألسلوب في التعامل مع العلوم بحث ا, وطرح ا, وهو ليس ببعيد عن معناه االصطالحي. والمنهج في الصطالح: هو الطريق البين المستمر, "ومجموعة الركائز واألسس المهمة التي توضح مسلك الفرد أو المجتمع أو األمة لتحقيق اآلثار التي يصبو إليها كل منهم" )3(. فظهر من ذلك أن المنهج فن وعلم ومعرفة في آن واحد. قال الباحث: وبمعنى قريب من هذا ورد المنهاج في كتاب اهلل, قال اهلل تعالى: ل ك ل ا ج ا عل انا م ن ك م ش ر ا ع اة ا وم ن ا ها ا جا ]المائدة: 20[ "فالمنهاج هنا الطريقة, والسنة والسبيل" )4(, والذي نريده من المنهج, هو طريقة شيخ اإلسالم في االهتمام بالق ارءات القرآنية و القواعد التي اعتمد عليها ابن فارس: مقاييس اللغة )6/ 316(. )6( انظر: القرطبي: الجامع ألحكام القرآن )266/1(. مجلة البحوث اإلسالمية )60/ 388( - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة إلدا ارت البحوث )3( العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد المؤلف: الرئاسة العامة إلدا ارت البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد. انظر: ابن أبي حاتم: تفسيره )2/ 6662(. 97

115 في االستدالل والعرض واإلفتاء فيما يتعلق بالق ارءات وعلومها. ثان ا يا: تعريف الستدلل الستدلل: " هو تقرير الدليل إلثبات المدلول" )1(, واالستدالل فعل المستدل, أم ا الداللة فهي ما يمكن االستدالل به. أركان االستدالل: ذكر اإلمام السيوطي أربعة أركان لالستدالل الصحيح وهي: المستد ل وهو الناظر الطالب للعلم. المستد ل وهو المطالب بالداللة. المستدل له وهو الحكم المطلوب عن النظر. المستدل عليه وهو الحكم المدلول بالدليل )3( أهميته: قديما وحديث ا في سائر الفنون, وهو مصطلح مستخدم في أكثر اشتهر مصطلح االستدالل اللغات كضرورة في شتى العلوم للبرهنة على صحة هذه العلوم )4(, ويسمى بمسميات أخرى مقاربة في المعنى لمصطلح االستدالل كالحجة واالحتجاج, وان كانت هناك فروق دقيقة بين هذه الجرجاني: التعريفات )ص: 61 ( وانظر: أبو البقاء الكفوي: الكليات )ص: 662(. )6( أبو هالل العسكري: الفروق اللغوية للعسكري )ص: 18(. )3( انظر: السيوطي: معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم )ص: 11(. التهانوي: انظر Research of the proof inference ويطلق عليه في اإلنجليزية اصطالحات الفنون والعلوم )6/ 666(. كشاف 98

116 المسميات كما في كتب الفروق اللغوية إال أن الم ارد واحد فال مشاحة في االصطالح )1(. المطلب الثاني: أقسام االستدالل وأنواعه في علم القراءات وأحكامه للوصول لتعريف اصطالحي دقيق لالستدالل فيما يتعلق بعلم الق ارءات ال بد من التفريق بين مصطلحين أساسيين بل يمكن لنا أن نجعلهما قسمين من أقسام االستدالل المقبول في علم الق ارءات هما )االستدالل للق ارءات( و )االستدالل بالق ارءات(, وحينها ي عر ف كل منهما تعريف ا دقيق ا خاص ا به. أول: الستدلل للق ارءات: ويقال له توجيه الق ارءات أو عللها أو الحتجاج لها ول حاجة لمن ثبتت عندهم الق ارءة بالتواتر لهذا النوع إل من باب فهم علة الق ارءة وتوجيهها والتخفيف والتيسير في الفهم أما من لم يثبتوها فنستطيع القول بأن هذا النوع إنما ساعد في نشأته هذه الغاية النبيلة وهي الرد بإفحام عليهم. واذا كان االستدالل في لغة العرب-كما سبق- للق ارءات ليس بعيد ا عن هذا. تقرير الدليل إلثبات المدلول فالقول في االستدالل فنقول: إن االستدالل للق ارءات هو تقرير ثبوت الق ارءة بأدلة يقينية من العلوم األخرى ذات الصلة كق ارءة جمهرة الق ارء أو الحديث واللغة والشعر والنحو ونحو ذلك. )6( مثال ذلك الفرق بين االحتجاج واالستدالل فاالستدالل طلب الشيء من جهة غيره واالحتجاج هو االستقامة في النظر على ما ذكرنا سواء كان من جهة ما يطلب معرفته أو من جهة غيره. انظر: أبو هالل العسكري: الفروق اللغوية )ص: 18(. انظر: السندي: صفحات في علوم الق ارءات )ص: 201(. 99

117 ثان ا يا: الستدلل بالق ارءات ونريد به تقرير صحة بعض المسائل في العلوم األخرى كاللغة والنحو والفقه والعقيدة بدليل الق ارءات. ومن خالل البحث تبين للباحث أن االهتمام بالفرق بينهما لم يكن وليد ا عند المح دثين, بل فر ق القدماء في كتبهم بين المعنيين, واختلفوا في حكمهما كما سيظهر عند الحديث عن حكم االستدالل في علم الق ارءات, وان كان التفريق بينهما ضمن ا, إال أن ه نص عليه بعض أهل العلم حديث ا, بقولهم: أما األول: "هناك فرق بين االحتجاج بالق ارءات, واالحتجاج للق ارءات. فال ريب فيه إذ نحتج بالق ارءات السبع والعشر في كل األمور شرعية, أم غير ذلك ألن ها القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم, والتوقف أمام واحدة منها ضاللة ضالة. أم لغوية, وأما الثاني: فهو منهج علماء الق ارءات في إثبات صحتها" )1(. نشأة الستدلل في علم الق ارءات: كبداية كل علم نشأ علم االستدالل لصحة بعض الق ارءات بتفسيرها بق ارءات أخرى شفوي ا قبل عهد التدوين, ومنه استدالل ابن عباس لبعض األحرف حمال على وجوه أخرى, ثم بدأ عصر التدوين لعلم االستدالل فذكر أكثر أهل العلم أنه بدأ مبكر ا في القرن الثاني, وبلغ التدوين فيه ذروته في القرن ال اربع وما بعده. )6( د. السيد رزق الطويل: مدخل في علوم الق ارءات )ص: 381(. انظر: السندي: صفحات في علوم الق ارءات )ص: 28 ( النيرباني: الجوانب الصوتية في كتب االحتجاج للق ارءات )ص (. 111

118 أشهر مؤلفات الستدلل في علم لق ارءات: كثر التصنيف وتنوعت طرقه ومناهجه في علم االستدالل ال سيما بين القرنين الثاني والخامس فكانت بعض المصنفات تحتج لق ارءات دون أخرى, وبعضها تحتج للمتواتر دون الشاذ أو العكس أو كليهما, و"ارتقى التأليف في االحتجاج للق ارءات من نظ ارت متناثرة رويت لنا عن بعض الصحابة وأئمة الق ارء إلى وضع مؤلفات استوعبت الق ارءات أجمع, من أشهرها: )وجوه الق ارءات( لهارون بن موسى األعور )ت 618 ه( )الق ارءات( ألبي عبيد القاسم بن سال م )ت وعشرين قارئا مع األئمة السبعة, بعللها. ه(, جمع فيه ق ارءات خمسة )وجوه الق ارءات( البن قتيبة )ت 211 ه(. -3 )ق ارءة ابن عامر بالعلل( لهارون بن موسى األخفش )ت 212 ه(. -2 )معاني الق ارءات( ألبي منصور األزهري )ت 318 ه(. -6 )إع ارب الق ارءات السبع وعللها( البن خالويه )ت 318 ه( ه(" 1- )المحتسب في تبيين وجوه شواذ الق ارءات واإليضاح عنها( البن جني )ت. )1( وقد رجع الباحث في بحثه إلى جلها. انظر: النيرباني/ الجوانب الصوتية في كتب االحتجاج للق ارءات )ص (. 111 )6(

119 أنواع الستدلل في علم الق ارءات: ويعد تقسيم الستدلل إلى قسمين أساسيين بقي أن نشير إلى األنواع بالعتبار يمكن أن ي ست ا دل به وله في علم الق ارءات. الذي فيها. أولا: باعتبار المست ا دل به 1- االستدالل بالق ارءة المتواترة: وهو االستدالل بإحدى الق ارءات العشرة التي سبق التفصيل -2 االستدالل بالق ارءة الشاذة: وسيذكر الباحث أقوال أهل العلم في حكم االستدالل بالق ارءة الشاذة عند الحديث عن أحكام االستدالل. ثانيا: باعتبار المست ا دل له )صور الستدلل بالق ارءات( واقتصر الباحث على أربعة وما يندرج تحت هذه العلوم من فروع( "وكان االحتجاج النحو وعلم اللغة ولكن لدى قلة من اللغويين وبقدر محدود" من هذه الصور هي )االستدالل للعقيدة, والفقه, والتفسير, بالق ارءات. )1( -لدى القدامى- واللغة- إلثبات قواعد السندي/ صفحات في علوم الق ارءات )ص: 201( 112 )6(

120 أحكام الستدلل بالق ارءات رغم انتصار فرق من أهل اللغة بتصحيح النحو وتقعيد قواعده اعتماد ا على الق ارءات, إال أ ن بعض النحويين رد بعض وجوه الق ارءات المتواترة بحجة مخالفتها لكالم العرب وأشعارهم. والحق بطالن هذا المذهب. يقول اإلمام الفخر ال ارزي : "وذلك ألنا إذا جوزنا إثبات اللغة بشعر مجهول منقول عن قائل مجهول, فألن يجوز إثباتها بالقرآن العظيم, كان ذلك أولى, أقصى ما في الباب أن يقال»إذ«حقيقة في المستقبل, ولكن لم ال يجوز استعماله في الماضي على سبيل المجاز لما بينه وبين كلمة»إذ«من المشابهة الشديدة. وكثي ار أرى النحويين يتحيرون في تقرير األلفاظ الواردة في القرآن, فإذا استشهدوا في تقريره ببيت مجهول فرحوا به, وأنا شديد التعجب منهم, فإن هم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقه دليال على صحته, فألن يجعلوا ورود القرآن به دليال على صحته كان أولى" )1(. حكم الستدلل بالق ارءات غير المتواترة حسب أنواعها كما يأتي: أن يكون االستدالل بق ارءة مكذوبة ال يصح فيها سند فهذا منكر ال يجوز لعدم ثبوت -6 الق ارءة. 2- أن يكون االستدالل بق ارءة شاذة فقد ذهب كثير من الفقهاء ومنهم الشافعية إلى عدم االحتجاج بالق ارءة الشاذة, ألنها زعمت قرآنا ولم يثبت ذلك, ألن ثبوت القرآن إنما يكون بالتواتر. وخالف الحنفية فقالوا: يجوز االحتجاج بها تفسير نقله الصحابي عن النبي. في األحكام, ألنها من قبيل التفسير, والظاهر أنه )6( ال ارزي/ التفسير الكبير )1/ 286( 113

121 -3 أما االحتجاج بالق ارءات الشاذة في اللغة فال ارجح قبولها, ألنها ال تقل عن كثير من شواهد النحويين واللغويين )1(. )6( انظر: نور الدين عتر/ علوم القرآن الكريم )ص: ( الزركشي: البحر المحيط في أصول الفقه /2( )

122 من المشهور المطلب الثالث: موقف اإلمام ابن تيمية من االستدالل جد ا بروز شيخ اإلسالم في سائر العلوم وألوان الفنون, إال أن شبهة ذكروها في )6( علم شيخ اإلسالم في الق ارءات, وقبل الولوج أن نرد على هذه الشبهة. هل كان شيخ اإلسالم عالما بالق ارءات أم ل في أعماق مسائل االستدالل عند شيخ اإلسالم لزم أولا: لئن قلنا إن ه عالم بالتفسير لزم علمه بالق ارءات على األرجح-, كأداة الزمة له. ثانيا: علم النحو واللغة عند شيخ اإلسالم مبنية قواعده على اختالف الق ارءات, وسيظهر في ذكره أمثلة على ذلك في موضعه. ثالثا: كون اإلمام لم يبرز في الق ارءات كبروزه في غيرها من العلوم كالعقيدة والفقه والحديث, أو أن ه لم يصل لمستوى كبار أئمة الق ارءات كالداني والشاطبي, ال يعني عدم علمه بالق ارءات. اربعا: قد يقال تجاوز ا قولهم هذا محمول على علم الرواية ال الد ارية, رغم أن الظاهر من وجوده في الع ارق ثم ارتحاله للشام يبي ن إتقانه لق ارءة البصري, والشامي على األقل, كما ذ كر في ترجمته, ودلت على ذلك أقوله. خامسا: بداية طلب شيخ اإلسالم العلم كان على يد والده وأهل بيته, ووالده وجده من أهل علم الق ارءات وقد ص ن فوا فيه مؤلفات كما سبق في ترجمة شيخ اإلسالم. جده أبو ويؤكد ذلك استدالله في أكثر من موضع من ترجيحاته في األحرف والق ارءات لما ذهب إليه البركات سماع ا. سادسا: الواقع العملي لمن انكب على طلب العلم, أن هم يتقنون في البداية حفظ القرآن )6( طعن بعض المعاصرين لشيخ اإلسالم فيه, وكان ذلك حسد ا من عند أنفسهم, وبين الباحث هذه القضية مدعمة باألدلة في فصل الترجمة لشيخ اإلسالم, وليس الذي يعنيه الباحث في هذا المقام ما ذ كر من باب الطعن في شيخ اإلسالم, إن ما الذي ذكره اإلمام الذهبي من شبهة لم يوافقه عليها أحد من أهل العلم ولم توضع في مكانها الصحيح أن شيخ اإلسالم برع في علوم الدين سوى الق ارءات. انظر: ابن عبد الهادي: العقود الدرية )ص 28(. انظر: ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )2/ 228( و مجموع الفتاوى )63/ 310( 115

123 والق ارءات. سابعا: الن اظر في كالم شيخ اإلسالم ي ج د ه يذكر أوال اآلية من كتاب اهلل ثم يعقبها بوجوه الق ارءات فيها, وان كان بصدد مسألة أخرى غير الق ارءات. ثامانا: العثور على إجازة بخط شيخ اإلسالم ابن تيمية جاء فيها "وقال الشيخ علم الدين أريت في إجازة البن الشهرزورى الموصلي خط الشيخ تقي الدين بن تيمية وقد كتب تحته الشيخ شمس الدين الذهبي: هذا خط شيخنا اإلمام شيخ اإلسالم فرد الزمان بحر العلوم تقي الدين مولده عاشر ربيع األول سنة إحدى وستين وستمائة وق أر القرآن والفقه وناظر واستدل وهو دون البلوغ وبرع في )6( العلم". تاس ا عا: واقع مؤلفات شيخ اإلسالم تتحدث عن نفسها فقد وقف الباحث في مجموع الفتاوى وحده على أكثر من أربعين موضع ا مطوال بلغ بعضها عش ارت الصفحات, في توجيه الق ارءات, أو االحتجاج لها, أو االستدالل بها, أو ذكر وجوهها. وخالصة أري الباحث في هذه المسألة: أن شيخ اإلسالم الق ارءات, عالم ا باالستدالل لها, وبها, مفتي ا عنه سند في رواية الق ارءات. كان عالم ا بوجوه كثير من بأحكامها, ي حسن عرض ها, وتوجيهها, إال أنه لم ي نقل )6( ابن عبد الهادي: العقود الدرية )ص: 30( خاصة ق ارءة أبي عمرو البصري وهي معتمده, ثم ق ارءة ابن عامر الشامي لما رحل للشام لما غ زيت بغداد, وقد تقدم. 116

124 استدللت شيخ اإلسالم للق ارءات كان موقف شيخ اإلسالم حاسم ا في االنتصار لكثير من قضايا الق ارءات. أولا: موقفه من الق ارءات المتواترة : قال شيخ اإلسالم "والقرآن الذي بين لوحي المصحف متواتر فإن هذه المصاحف المكتوبة اتفق عليها الصحابة ونقلوها قرآنا عن النبي صلى اهلل عليه وسلم وهي متواترة من عهد الصحابة نعلم علما ضروريا أنها ما غيرت والق ارءة المعروفة عن السلف الموافقة للمصحف تجوز الق ارءة بها بال ن ازع بين األئمة وال فرق عند األئمة بين ق ارءة أبي جعفر ويعقوب وخلف وبين ق ارءة حمزة والكسائي وأبي عمرو ونعيم ولم يقل أحد من سلف األمة وأئمتها إن الق ارءة مختصة بالق ارء السبعة. فاإ ن اهؤ الء : إنما جمع ق ارءاتهم أبو بكر ابن مجاهد بعد ثالثمائة سنة من الهجرة واتبعه الناس على ذلك وقصد أن ينتخب ق ارءة سبعة من ق ارء األمصار ولم يقل هو وال أحد من األئمة إن ما )1( خرج عن هذه السبعة فهو باطل وال إن قول النبي "أ ن ز ال ال ق ر آن ا علاى ا سب ا عة أاح ر ف" أ ر يد ب ه ق ارءة هؤالء السبع ة ". ثان ا يا: موقفه من اختالف الق ارء في الق ارءات المتواترة اعتبر شيخ اإلسالم الخالف عند الق ارء خالف تنوع مفيد سليم, ال اختالف تضاد عقيم. : ع ان : " ال خ ال ف ن و خالف تضاد, وخالف تنوع. قال فااأل او ل : مثل أن يوجب هذا شيئا ويحرمه اآلخ ر. ا والن و ع الث ان ي: م ث ل ال ق ر اء ا ت التي يجوز كل منها, وان كان هذا يختار ق ارءة, وهذا يختار سبق تخريجه. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ 611(. )6( 117

125 . )1( " ق ارءة. ك م ا ث ب ت ف ي الص ح اح, ب ل اس ت ف اض ع ن الن ب ي استدللت شيخ اإلسالم للق ارءات تنوعت استدالالت شيخ اإلسالم للق ارءات فتارة تجد الشيخ يستدل للق ارءة المتواترة بق ارءة أخرى متواترة, أو بما ثبت من األحاديث, وأحيان ا يستدل بكالم العرب وأشعارهم. وقد اخترت موضع ا لشيخ اإلسالم يجمع فيه لالستدالل للق ارءة المتواترة بين آيات أخرى ثابتة وما تقرر عنده من السنة النبوية وبين كالم العرب أيض ا. قال : في استدلله لق ارءة وأرجل كم بالخفض "ومن لغتهم في مثل ذلك أن يكتفي ك ق و ل ه م : ع ل ف ت ه ا ت ب ن ا و م اء ب ار د ا, بأحد اللفظين الوغى... متقلد ا سيفا ورمحا, و الر م ح ال ي ت ق ل د. و ق و ل ه : والماء سقي ال علف, و أريت زوجك في - 61 و م ن ه ق وله ت ع ال ى: ا يط وف ا علاي ه م و ل ا دان ق و ل ه : ا وح ور ع ين ]الواقعة: 22[. إل ى م اخل د و ا ن ب أاك ا واب ا وأا ا بار ي ا ق ا وا كأ س ]الواقعة: ]60 ]المائدة: ق و ل ه : فكذلك اكتفى بذكر أحد اللفظين, وان كان م ارده الغسل, و د ل ع ل ي ه )3( 1[ و ال ق ر اء ة األ خ ر ى مع السنة المتواترة" إ لاى ال اكع ا بي ن وليس أدل على اهتمام شيخ اإلسالم باالستدالل للق ارءة المتواترة من أمرين: األول: مع أصل ثابث. اهتمامه بالدفاع عن الق ارءة المتواترة, خاصة المشكلة منها والتي يظهر منها تعارض ا المتواتر. الثاني: استفاضته بشكل كبير في الرد على المخالفين والمنكرين لها, وجمع األدلة في إثبات )6( ابن تيمية: مختصر منهاج السنة )ص: 201(. ق أر»وأرجل كم إلى الكعبين«بالنصب, يعقوب وحفص وابن عامر ونافع والكسائي, والباقون بالخفض. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 261 (.وسيأتي في مبحث االستدالل للفقه. )3( ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )6/ 311(. 118

126 واختار الباحث موض ا عا من كالم شيخ اإلسالم يجمع بين األمرين. قال : " في قوله تعالى قاال وا إ ن اهاذان لا ا ساح ا ران ]طه: 13[, فإن هذا مما أشكل على كثير من الناس فإن الذي في مصاحف المسلمين إ ن اهاذان باأللف وبهذا ق أر جماهير الق ارء وأكثرهم يق أر إن مشددة وق أر ابن كثير, وحفص عن عاصم إن مخففة لكن ابن كثير )1( يشدد نون هذان دون حفص واإلشكال من جهة العربية على الق ارءة المشهورة..." ثم استفاض في الرد على هذه المسألة في ق اربة سبع صفحات, أكثر فيها النقل, والرد, والتوجيه, وخلص بإثبات الق ارءة المتواترة المعارضة ظاهر ا- للغة والرسم بأدلة يقينية. استدللت شيخ اإلسالم بالق ارءات والكالم في االستدالل بالق ارءات هو محور هذا الفصل, -ففي العقيدة- أثبت شيخ اإلسالم صفات هلل معتمد ا على ق ارءات متواترة, كما أنشأ في الفقه- أحكام ا فقهية مبنية على اختالف الق ارءات, وساهمت استدالالته بالق ارءات في ترجيحاته في اللغة, وأظهرت له معان تفسيرية جديدة, وكأن اهلل فتح لشيخ اإلسالم باب ا بل أبواب ا كثيرة من أس ارر اآليات, وح كم التأويل, ما كانت لتظهر له لوال أن وفقه اهلل لالهتمام بعلوم الق ارءات, وأحكام التنزيل. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ (. 119

127 المبحث الثاني: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات في قضايا العقيدة 111

128 لما كان علم التوحيد علم ا ي عنى بمعرفة اهلل تعالى واإليمان به, ومعرفة ما يجب له سبحانه, وما يستحيل عليه وما هو من أركان اإليمان الستة ويلحق بها, وهو أشرف العلوم وأكرمها على اهلل تعالى بشرط أن ال يخرج عن مدلول الكتاب والسنة الصحيحة واجماع العدول وفهم العقول في حدود القواعد الشرعية وقواعد اللغة العربية األصيلة. السليمة أنزل اهلل تعالى القرآن على العرب وغيرهم بلسان العرب وأسلوبهم وبيانهم مع إعجازه هو دون كالمهم, ففهموه وعقلوا معانيه, وفسر لهم رسول اهلل )6( بعض ما احتاجوا إلى تفسيره منه. ولما بدأت فهوم بعض الناس تزيغ في مسائل التوحيد, واعتمد أرباب بعض المذاهب على العقل وقدموه على النقل انبرى لهم ثلة من السلف والخلف يبينوا لألمة عقيدتها السليمة التي أ ارداها اهلل, فصنف أهل العلم في بيان المعتقد الحق, وكان شيخ اإلسالم واحد ا من هؤالء, إال أنه تميز بمنهجه الفريد, و أريه السديد في مسائل المعتقد, دون أن ي ج او ز األصول التي تبنى عليها هذه العقائد, وأولها القرآن الكريم, برز منهج شيخ اإلسالم في إثبات بعض قضايا العقيدة معتمد ا على ق ارءات القرآن الكريم. المطلب األول: االستدالل بالقراءات للدفاع عن مقام النبوة والرسالة لقد أرسل اهلل تعالى األنبياء والمرسلين لدعوة الناس إليه وعبادته وحده. قال تعالى: ا ولاقاد ا ب ا عث انا ف ي ك ل أ م ة ا رس وال أان اع ب د وا الل ا ه ا واج تان ب وا الط اغ و ا ت ]النحل:.]31 وكان إرسال الرسل وبعثة األنبياء عليهم الصالة والسالم ضرورية, ال ينتظم للناس حال, وال يصلح لهم دين وال بال إال بذلك, فهم أشد احتياجا إلى ذلك من إرسال المطر والهواء, بل ومن النفس الذي البد لهم منه انظر: ابن جماعة: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل )ص: 1( انظر: ابن حزم: الفصل في الملل واألهواء والنحل )6/ 13( السفاريني لوامع األنوار البهية )2/ 261( )6( 111

129 ثم إن اهلل تعالى أنزلهم منزلة رفيعة علية, ونز ههم عن اإلف ارط, وبر أهم من التفريط. قال اإلمام أبو حنيفة في عصمة األنبياء: "واألنبياء عليهم الصالة والسالم كلهم.)6( منزهون عن الصغائر والكبائر والكفر والقبائح وقد كانت منهم زالت وخطايا". وظهرت مالمح منهج شيخ اإلسالم في الدفاع عن منزلة النبوة مستدال بالق ارءات في جوانب: عدة أول: بيانه للق ارءات في كلمة النبي وترجيحه ألصل اشتقاقها في بيان معنى النبي: "وهو من الن ب أ, وأصله الهمزة, وقد ق رىء به, وهي ق ارءة قال )3( نافع, يق أر النبيء, لكن لما كثر استعماله لي نت همزته, كما فعل مثل ذلك في: الذري ة, وفي البرية. قيل: وقد هو من الن ب و ة وهو العلو فمعنى النبي: الم ع ل ى, الرفيع المنزلة والتحقيق: أن هذا المعنى داخل في األول, فمن أنبأه اهلل, وجعله م ن ب ئ ا عنه, فال يكون إال رفيع القدر علي ا ". فنجد هنا أن شيخ اإلسالم استدل بق ارءة الهمزة على أصل االشتقاق, وفيه النبوة من الطعن في أن ها مكتسبة لذلك, قال : دفاعه عن مقامة " وأما لفظ العلو والرفعة: فال يدل على خصوص النبوة إذ كان هذا يوصف به من ليس بنبي, بل يوصف بأنه األعلى كما قال تعالى: ا وال تاه ن وا ا وال تاح ازن وا ا وأان ت م األ اع لاو ا ن ]آل عم ارن: 631[, وق ارءة الهمز قاطعة بأن ه مهموز, فلو كان أصله نبي مثل: علي وولي, لم يجز أن يقال بالهمز كما ال ي قال: عليء, ووليء,- بالهمز - واذا كان أصله الهمز, جاز تليين الهمزة, فيجب القطع بأن النبي مأخوذ من اإلنباء, ال من الن ب و ة. )6(. واهلل أعلم" أبو حنيفة: الفقه األكبر )ص: 31( انظر: ابن األثير: النهاية في غريب الحديث واألثر )6/ 3(. ق أر بالهمز نافع ب اروييه انظر: القاضي: الوافي في شرح الشاطبية )ص: 282(. ابن تيمية: النبوات )2/ (. ابن تيمية: النبوات )2/ 003(. 112 )6( )3( )6(

130 الباحث: قال ومنهج شيخ اإلسالم في هذا المقام, أن ه يثبت الق ارءة المتواترة ثم يرجح في معناها ما فيه تنزيه وتكريم لمنزلة األنبياء والمرسلين. ثان ا يا: الستدلل بالق ارءات لوجوب توقير األنبياء والرسلين. إن من تمام تحقيق اإليمان باهلل اإليما ن برسله. ا ور س ل ه ال ن فار ق ا بي ا ن أا ا حد م ن ر س ل ه ا وك ت ب ه ا ماالئ اكت ه ا و قال تعالى: ك ل آ ا م ا ن ب الل ه ]البقرة:.]206 قال ابن عطية : )6( يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض". "ومعنى هذه اآلية أن المؤمنين ليسوا كاليهود والنصارى في أن هم قال ابن حزم : " توقير األنبياء فرض على جميع الناس". قال الباحث: بل إن معية اهلل وتكفير السيئات ودخول الجنات مترتب على توقير األنبياء بدليل ا من ت م ب ر س ل ي ا و ا عز ر ت م وه م ا م ا عك م لائ ن أاقام ت م الص االةا ا وآتاي ت م الز اكاةا ا وآ قوله تعالى: ا وقاا ال الل ه إ ن ي ا ها األ ان ا هار فا ا م ن ا وأاق ا رض ت م الل ا ه قار ا ضا ا ح ا سانا األ اكف ا رن ا عن ك م ا سي ائات ك م ا واأل د خ لان ك م ا جن ات تاج ر ي م ن تاح ت اكف ا ار ا بع ا د اذل اك م ن ك م فاقاد ا ضل اس اوا اء الس ب يل ]المائدة: 62[. وعن أبي س ع يد الخ د ر ي ر ض ي الل ه ع ن ه, ق ال : ب ي ن م ا ن ح ن ع ن د ر س ول الل ه أ ت اه ذ و الخ و ي ص ر ة, و ه و ر ج ل م ن ب ن ي ت م يم, ف ق ال : ي ا ر س ول الل ه اع د ل, ف ق ال : إ اذا لام أاع د ل قاد خ ب ا ت ا واخس ر ا ت إ ن لام أاك ن أاع د ل«قال شيخ اإلسالم )3(. معق ا با على الحديث: " و ه و ي ق س م ق س م ا, «ا من ا يع د ل ا وي لا اك ا و و الر و اي ة الص ح يح ة ب ال ف ت ح أ ي أ ن ت خاسر )288 )6( ابن عطية : المحرر الوجيز )6/ 312(. ابن حزم: الفصل في الملل واألهواء والنحل )2/ 1(. )3( متفق عليه: أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب المناقب/ باب عالمات النبوة في اإلسالم )2/ ح) 3168 ([ ومسلم/ صحيحه ]كتاب الزكاة/ باب ذكر الخوارج وصفاتهم )122/2( ح) 6812 ([. 113

131 خائب إ ن لم أعدل إ ن ظ ن ن ت أ ن ي ظ ال م م ع اعتقادك به ظالما آمنت )6( و ه ذ ا خيبة وخس ارن ف إ ن ذ ل ك ي ن اف ي الن ب و ة ويقدح ف يه ا". أني نبي فإنك تجو ز أن يكون الرسول الذي واضافة إلى هذه األدلة والمعاني فقد استدل اإلمام ابن تيمية على ذلك بوجوه الق ارءات م ال ق ا يا ام ة ا يو ا ا من ا يغ ل ل ا يأ ت ب ا ما اغل ا و ا ما اكا ا ن ل انب ي أان ا يغ ل في قوله تعالى: ا و قال شيخ اإلسالم : " و ف يه ق ارءتان ي غ ل وي غ ل ]آل عم ارن: 616[. أ ي ين سب إ ل ى ال غل ول ب ين س ب ح ان ه أ ن ه م ا ألحد أ ن ين سبه إ ل ى ال غل ول ك م ا أ نه ل ي س ل ه أ ن يغل ف دل على أ ن الن ب ي ال يكون غاال ودالئل ه ذ ا األ ص ل ع ظ يم ة ل ك ن مع وقوع الذنب الذي هو بالنسبة إليه ب ة و اال س ت غ ف ار ال يق د ح ف ي ك ون الرجل من المقربين تعقبه ب الت و )3( و ع يد ف ي اآل خ ر ة فضال ع ن أ ن ي جعله من الفجار". قال الباحث: ذ ن ب و قد ال يكون ذ نبا من غ يره السابقين وال األب ارر مع و ال يل حقه بذلك وأفادت اآلية بروايتيها صو ن األنبياء لهذا المقام الجليل في ابتعادهم عن الكبائر, ووجوب فعل ذلك- صون مقام النبوة- من الناس تجاههم, والم ارد فيما يظهر من ق ارءة ضم الياء أنه ما كان للناس كينونة شرعية أن يتعدوا على مقام النبوة ال كينونة كونية, بدليل ما تواتر في الكتاب والسنة من إيذاء المشركين لألنبياء والمرسلين. ثالثاا: استدلله بالق ارءات لتنزيه النبي وتقرير رفعة مكانته م إن رسول اهلل هو خير الناس, وسيدهم كما ثبت عنه «أاانا ا سي د ا ولاد آ ا د ا م ا يو ا ا مة ا وأاو ل ا من ا ين اشق ا عن ه ال قاب ر ا وأاو ل اشاف ع ا وأاو ل م اشف ع«ال ق ا يا أنه قال:. 2[, هو ويقول ابن كثير : " وقوله: هذا ا صاح ب ك م ا ما ا ضل ا ما اغ ا وى ا و ]النجم: )6( ابن تيمية: دقائق التفسير )2/ 661(. ق أر ابن كثير وأبو عمرو وعاصم»أن يغل «بفتح الياء وضم الغين الباقون بضم الياء وفتح الغين الكنز في الق ارءات العشر )2/ 222 (انظر: ابن القاصح: س ارج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي )ص: 606(. )3( ابن تيمية: دقائق التفسير )2/ 661(. )4( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب الفضائل/ باب تفضيل نبينا صلى اهلل عليه وسلم على جميع الخالئق.])2210( )6102/2( 114

132 المقسم عليه, وهو الشهادة للرسول, صلوات اهلل وسالمه عليه, بأن ه بار ارشد تابع للحق, ليس بضال, وهو: الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم, والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه قصدا إلى غيره, فنزه اهلل رسوله وشرعه عن مشابهة أهل الضالل كالنصارى وط ارئق اليهود, وعن علم الشيء وكتمانه والعمل بخالفه, بل هو صلوات اهلل وسالمه عليه, وما بعثه اهلل ا ما ا ين ط ق ا عن ال ا ه ا وى به من الشرع العظيم في غاية االستقامة واالعتدال والسداد ولهذا قال: ا و ]النجم: 3[ )6( أي: ما يقول قوال عن هوى وغرض". وذ ك ر اإلمام الهمام ابن كثير لهذه الفوائد في هذه اآليات من تنزيه النبي باعتبار صدقه, وعدم جهله وغوايته, فط ن له شيخ اإلسالم من آية واحدة بوجوه الق ارءات فيها, فقال ا ما ه ا و ا علاى ال اغي ب ب ا ضن ين :" و ق د ق ال ف ي و ص ف الر س ول ا و 22[, ]التكوير: ق ر اء ت ان, ف م ن ق ر أ ب ظان ين أ ي م ا ه و ب م ت ه م ع ل ى ال غ ي ب ب ل ه و ص اد ق أ م ين ف يم ا ي خ ب ر ب ه. يعلمونه, و م ن ق ر أ ب ا ضن ين و ف يه ا أي ما هو ببخيل ال يبذله إال بعوض كالذين يطلبون العوض على ما فوصفه بأنه يقول الحق فال يكذب وال يكتم, )3( ق ارطيس يبدونها ويخفون كثي ار وأنهم يشترون به ثمنا قليال". ورسول اهلل على ذلك قوله: ا ولاك ن ا رس و ال التاء- وهي ق ارءة عاصم- وبكسرها للبقية وقد وصف أهل الكتاب بأنهم يجعلونه هو لبنة التمام ومسك الختام لألنبياء الك ارم, فهو آخرهم وال نبي بعده, وقد دل ا واخاتا ا م الن ب ي ي ا ن الل ه. ]األح ازب: 28[, وفي كلمة خاتم, ق ارءتان بفتح قال شيخ اإلسالم في توجيهها: "ألن ه ختمهم كما ي سم ى الماحي, والحاشر, والعاقب.. )6( وقد ق ر ىء: ا ا واخاتام أي خ ت م وا به" )6( ابن كثير: تفسيره ت سالمة )1/ 222 وما بعدها(. ق أر ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس:»بظنين«بالظاء, الباقون بالضاد الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 181( )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 366(. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 211(. )5( ابن تيمية: النبوات )126/2(. 115

133 المطلب الثاني: االستدالل بالقراءات ألنواع التوحيد )6( "توحيد الل ه تعالى هو الشهادة له بالوحدانية, والتنزيه له عن مشابهة المخلوقين" ذاته وصفاته وأفعاله, وفي قصد الطحاوية: "ثم التوحيد الذي دعت إليه وتوحيد في الطلب والقصد. فاألول: العبادة له وحده وهذان هما أصال في إثبات التوحيد ونوعاه قال شارح رسل اهلل ونزلت به كتبه نوعان: توحيد في اإلثبات والمعرفة, هو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه, ليس كمثله شيء في ذلك كله, كما أخبر به عن نفسه, وكما أخبر رسوله, وقد أفصح القرآن. والثاني: وهو توحيد الطلب والقصد, مثل ما تضمنته سورة: ق ل ا يا أاي ا ها ال اكاف ر و ا ن ]الكافرون:. "]6 )3( ونعني باألول توحيد الربوبية وتوحيد األسماء والصفات, وبالثاني توحيد األلوهية. وفي تأصيل أنواع التوحيد هذه كان شيخ اإلسالم كثير ا ما يستدل بالق ارءات القرآنية فتارة يقرر أصال عقدي ا مبني ا على اختالف الق ارءات وفي السنة ما يؤكده, وأخرى يبني أصوال عقدية, خاصة في باب األسماء والصفات العمدة فيها اختالف الق ارءات المتواترة. )6( نشوان الحميري: شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم )66/ 1811(. ابن أبي العز: شرح العقيدة الطحاوية )ص: 01(. )3( انظر: اله ارس: شرح العقيدة الواسطية )ص: 216(. 116

134 أول: منهجه في الستدلل بالق ارءات لتوحيد الربوبية كله. توحيد الربوبية هو االعتقاد الجازم بأن اهلل تعالى هو الخالق والمالك والمدبر لشؤون الكون قال اإلمام محمد عبد الوهاب : " أما توحيد الربوبية فهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول اهلل, ولم يدخلهم في اإلسالم وقاتلهم رسول اهلل واستحل دماءهم وأموالهم, وهو ا واأل ار ض أام ن ا يم ل ك الس م ع ا توحيده بفعله تعالى, والدليل قوله تعالى: ق ل ا م ن ا ير ز ق ك م م ا ن الس ا ماء ا من ي ا دب ر األ ام ا ر فا ا س ا يق ول و ا ن الل ه ا وي خ ر ج ال ا مي ا ت م ا ن ال ا حي ا و ا من ي خ ر ج ال ا حي م ا ن ال ا مي ت ا واأل اب ا صا ا ر ا و فاق ل أافااال تات ق و ا ن ]يونس: 36[. وقوله ا من ف ي ا ها إ ن ك ن ت م تاع لام و ا ن ا س ا يق ول و ا ن ل ل ه ق ل أافااال تااذك ر و ا ن تعالى: ق ل ل ا من األ ار ض ا و م ن )85 ) ق ل ا من ا رب الس ا ما ا وات الس ب ع ا و ا رب ال ا عر ش ال ا عظ يم ا س ا يق ول و ا ن ل ل ه ق ل أافااال تات ق و ا ن ق ل ا ا ملاك وت ك ل اشي ء ا وه ا و ي ج ير ا وال ي ا جار ا علاي ه إ ن ك ن ت م تاع لام و ا ن ا س ا يق ول و ا ن ل ل ه ق ل فاأان ى ب ا يد ه ت س ا حر و ا ن ]المؤمنون: [, واآليات على هذا كثيرة جدا أكثر من أن تحصر وأشهر من أن )6( تذكر". قال الباحث: ويظهر منهج شيخ اإلسالم في االستدالل بالق ارءات في إثبات القضايا التي تتعلق بتوحيد الربوبية من خالل تعرضه لهذه اآلية ق ل أا اغي ا ر الل ه أات خ ذ ا ول ي ا فااط ر الس ا ما ا وا ت ا من أاس ل ا ا م ا وال تاك وانن م ا ن ال م ش ر ك ي ا ن ا وه ا و ي ط ع م ا وال ي ط ا عم ق ل إ ن ي أ م ر ت أان أاك و ا ن أاو ال ا واأل ار ض ]األنعام: ]62. قال الطبري عم, فإن ه يعني: وهو يرزق في تفسيرها: " وأما قوله: ا وه ا و ي ط ع م ا وال ي ط ا عم, أي: أنه ي طعم خلقه وال يرزق...وقد ذ كر عن بعضهم أنه كان يق أر ذلك ا وه ا و ي ط ع م ا ول ا يط ا خلقه, وال يأكل هو وال معنى لذلك, لقلة الق ارءة به". محمد عبد الوهاب: الرسالة المفيدة )ص: 28(. الطبري: تفسيره )66/ 202(. )6( 117

135 وق أر بالفتح )6( مجاهد وسعيد بن جبير واألعمش وأبو حيوة وعمرو بن عبيد, ويالحظ أن اإلمام الطبري تعرض للق ارءة بشيء من االختصار بيد أن شيخ اإلسالم أورد هذه الق ارءة وبين ضعفها ورد عليها. " الق ارءة المتواترة التي بها يق أر جماهير المسلمين قديم ا وحديث ا - وهي ق ارءة قال : عم, بفتح عم, ور و ي عن طائفة أنهم ق أروا: ا وه ا و ي ط ع م ا ول ا يط ا العشرة وغيرهم ا وه ا و ي ط ع م ا وال ي ط ا الياء, قلت :-أي ابن تيمية- الصواب المقطوع به أن الق ارءة المشهورة المتواترة أرجح من هذه, فإ ن تلك الق ارءة لو كانت أرجح من هذه لكانت األمة قد ن ق لت بالتواتر الق ارءة المرجوحة. والق ارءة التي هي أحب الق ارءتين إلى اهلل ليست معلومة لألمة, وال مشهود ا بها على اهلل, وال منقولة نقال متواتر ا, فتكون األمة قد حفظت المرجوح, ولم تحفظ األحب إلى اهلل األفضل عند اهلل, وهذا عيب في األمة ونقص فيها". وممن انتصر لق ارءة الفتح اإلمام الزجاج قال: "وهو االختيار عند البص ارء )3( بالعربية". قال الباحث: وظهر منهج شيخ اإلسالم في عدم االعتماد في قضية توحيد الربوبية على الق ارءة التي لم تتواتر بل ردها, وانتصر لق ارءة العشر المتواترة, واعتمد المعنى العقدي المتعلق بتوحيد الربوبية الذي يظهر منها وهو أن اهلل تبارك وتعالى هو الر ازق لعباده جميع ا, الغني عنهم, المنزه عن مماثلة البشر. ثانيا: منهجه في الستدلل بالق ارءات لتوحيد األلوهية توحيد األلوهية هو النوع الثاني من أنواع التوحيد وهو" يقرر توحيد الربوبية, ويبين أنه ال خالق إال اهلل, وأن ذلك مستلزم أن ال يعبد إال اهلل, فيجعل األول دليال على الثاني, إذ كانوا يسلمون األول, وينازعون في الثاني, فيبين لهم سبحانه أنكم إذا كنتم تعلمون أنه ال خالق إال اهلل, وأنه هو انظر ابن عطية: المحرر الوجيز )2/ 213( ونسبها ألبي عمرو البصري في رواية عنه, ولم يثبت. ابن تيمية: جامع المسائل ) /6(. الزجاج: معاني القرآن واع اربه )2/ 233(. 118 )6( )3(

136 الذي يأتي العباد بما ينفعهم, ويدفع عنهم ما يضرهم, ال شريك له في ذلك, فلم تعبدون غيره, ا و ا ساالم ا علاى ع ا باد ه ال ذ ي ا ن اص طافاى آلل ه وتجعلون معه آلهة أخرى كقوله تعالى: ق ل ال ا حم د ل ل ه ا ح ا دائ ا ق اذا ا ت ا ما ا ء فاأان ا بت انا ب ه ا واأل ار ا ض ا وأان از ال لاك م م ا ن الس ا ماء اخي ر أام ا ي ش ر ك و ا ن أام ن اخلا ا ق الس ا ما ا وات ا بل ه م قاو م ا يع د ل و ا ن ا ما اكا ا ن لاك م أان ت ن ب ت وا ا ش ا ج ا راها أاإ لاه ا مع ا الل ه ا به ا جة ]النمل: "]18,61 )1(. فتوحيد األلوهية هو إف ارد المولى بجميع وجوه العبادات الظاهرة والباطنة, ودعوة الناس لعبادة اهلل هي" مهمة الرسل األولى تحقيق توحيد العبادة اعلم رحمك اهلل أن التوحيد هو إف ارد اهلل سبحانه بالعبادة, وهو دين الرسل الذي أرسلهم اهلل به إلى عباده ". ويدخل في هذه العبادة أعمال القلوب كالخوف والرجاء, وأعمال الجوارح كالسجود والدعاء. " : قال ابن القيم فالرغبة والتوكل واإلنابة والحسب هلل وحده, كما أن العبادة والتقوى والسجود هلل وحده, والنذر والحلف ال يكون إال هلل سبحانه" )3(. ت ع ل ن و ا ن قال تعالى: ]النمل: 26[. "واختلف القر اء في بتخفيف الالم, على أن قوم, و)اسجدوا( )اسجدوا( ا ما ا و ا يع لام ا ما ت خ ف و ا ن ا و ا واأل ار ض ا يس ج د وا ل ل ه ال ذ ي ي خ ر ج ال اخب ا ء ف ي الس ا ما ا وات أال ا يس ج د وا أال )أال( فق أر: لالستفتاح, و) ا يا( الكسائي, وأبو جعفر, ورويس فعل أمر, ولهم الوقف ابتالء أي اضط ار ار على بهمزة وصل مضمومة لضم ثالث الفعل, وحدها, واالبتداء أيضا ب )اسجدوا( بهمزة مضمومة. اأا ل ا يا اس ج د وا ل ل ه حرف نداء, والمنادى محذوف, أي يا هؤالء, أو يا ولهم الوقف اختبا ار )أال يا( على معا, ويبتدئون ب ( الأ ) وحدها, و)يا( أم ا في حالة االختيار فال يصح الوقف على «الأ»»يا«وال على بل يتعين وصلهما ب )اسجدوا(. ابن أبي العز: شرح العقيدة الطحاوية )6/ 31(. )6( محمد عبد الوهاب: كشف الشبهات )ص: 3(. ابن القيم: ازد المعاد )6/ 30(. )3( مثبتة في كتاب الهادي )اختيا ار( والصواب )اختبا ار(. 119

137 وق أر الباقون )أال ) بتشديد الالم, على أن أصلها )أن ال( فأدغمت النون في الالم, و )يسجدوا( " )1( فعل مضارع منصوب بأن المصدري ة" ي وفي حرف أ ب وابن مسعود : هال يسجدوا, فهال تحقيق وأن اسجدوا أمر". وقد ذكر شيخ اإلسالم الق ارءات في هذه اآلية, ووجهها بإيجاز مفهم وبين أن الم ارد من الق ارءة األولى األمر بالسجود, وهو الذي يتضمنه توحيد العبادة أو توحيد األلوهية. : قال شيخ اإلسالم في قوله تعالى:" ا يس ج د وا ل ل ه أال ال ذ ي ي خ ر ج ال اخب ا ء ف ي ا ما ت ع ل ن و ا ن ا و ا يع لام ا ما ت خ ف و ا ن ا و ا واأل ار ض الس ا ما ا وات الل ه ال إ لا ا ه إ ل ه ا و ا رب ال ا عر ش ال ا عظ يم ]النمل:.]21,26 قال: الل ه ال إلا ا ه إل ه ا و ا رب ال ا عر ش ال ا عظ يم هلل. و م ن ق ر أ أاال ا يا ا س ج د وا ك ان ت أ م ر ا. خبر يتضمن ذم من يسجد لغير اهلل ولم يسجد و ف ي " الم ت ن ز يل الس ج د ة " إن ا ما ي ؤ م ن ب آ ا يات انا ال ذ ي ا ن إاذا ذ ك ر وا ب ا ها اخر وا س ج ا دا ا و ا سب ح وا ب ا حم د ا رب ه م ا وه م ال ا يس تاك ب ر و ا ن ]السجدة: 66[, وهذا من أبلغ األمر والتخصيص فإنه نفي اإليمان عن ذكر بآيات ربه ولم يسجد إذ ا ذ ك ر ب ه ا" )3(. ا يس ج د وا في ق ارءة الجمهور بتشديد الالم في محل نصب على المفعولية, وقد تكون أال لقوله ي ه ت د ون بزيادة ال, والتقدير: فهم ال يهتدون أن ال يسجدوا أي ال يهتدون للسجود )4(. محيسن: الهادي شرح طيبة النشر )3/ 666(. انظر: مكي بن أبي طالب: الهداية الى بلوغ النهاية )0/ (. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )23/ (. انظر: القاضي: الوافي في شرح الشاطبية )ص: 336(. 121 )6( )3(

138 ثالثاا: منهجه في الستدلل بالق ارءات لتوحيد األسماء والصفات كان شيخ اإلسالم صاحب عقيدة سلفية كيف ال وهو حامل لواء السلف والمدافع عنه, وعقيدة السلف في األسماء والصفات هي العقيدة الوسط في هذه األمة. " : قال شيخ اإلسالم بل هم الوسط في فرق األمة-أهل السنة- كما أن األمة هي الوسط في األمم, فهم وسط في: باب صفات اهلل, بين أهل التعطيل الجهمية-, وبين أهل التمثيل. المشبهة- )1(,»والجبرية«" وهم وسط في: باب أفعال اهلل تعالى,»القدرية«بين واعمال العقل في هذا الباب وكما فعلت الصحابة والتابعون. ومخالفة الدليل بدعة بل الواجب على األمة أمرها كما جاءت, قال ابن تيمية نفسه وبما وصفه به : "فالذي اتفق عليه سلف األمة وأئمتها أن يوصف اهلل من غير تحريف وال تعطيل, ومن غير تكييف, بما وصف به رسوله وال تمثيل فإنه قد علم بالشرع مع العقل أن اهلل تعالى ليس كمثله شيء ال في ذاته وال في صفاته وال في أفعاله كما اشي ء قال اهلل تعالى: لاي ا س اكم ث ل ه ]الشورى: 66[. وقال تعالى: اهل تاع لام لاه ا سم ي ا ]مريم: 16[. وقال تعالى: فاال تاج ا عل وا ل ل ه أان دادا ا وأان ت م تاع لام و ا ن ]البقرة:. )3( ]22 وكالم شيخ اإلسالم في هذا الباب هو األدق فقد بي ن أن العمدة على الشرع والن ص المنقول, وهو ال يخالف الفهم السليم المعقول, ثم ذكر التحريف والتكييف والتعطيل والتمثيل, ولم يذكر التشبيه. ابن تيمية: العقيدة الواسطية )ص: 02(. انظر: ابن أبي يعلى: االعتقاد )ص: 36(. ابن تيمية: شرح العقيدة األصفهانية )ص: 26(. )6( )3( 121

139 أما عن منهجه في الستدلل لألسماء والصفات بالق ارءات فمنه: 6- استدالله بالق ارءة المتواترة إلثبات صفات واردة في السنة. استدالله بالق ارءة غير المتواترة إلثبات صفا ت أشارت إليها السن ة. -2 استدالله بالق ارءة الشاذة إلثبات أسماء حسنى وردت في السنة. -3 شاذة بق ارءة استدالله لتفسير معنى الصفة. -2 أول: استدلله بالق ارءة المتواترة إلثبات صفات واردة في السنة علمنا مما سبق أن التوقف هو منهج شيخ اإلسالم في إثبات العقيدة, والق ارءات العشرة كلها توقيفية متواترة, وقد استدل لصفة التعجب بموضع اختالف الق ارءة ولم يقم دليل آخر في القرآن على إثباتها وهي قوله تعالى: ا بل ا عج ب ا ت ا و ا يس اخر و ا ن ]الصافات: 62[. يا "ق أر حمزة والكسائي وخلف العاشر كلمة عجبت بضم التاء, وقيل في توجيهها )1(»محمد«بل عجبت أنا من إنكار المشركين للبعث مع قيام األدلة على إمكانه". والمعنى: قل التوجيه وهذا ال يتفق وسياق اآليات. : قال الطبري "والمعني بل عظم عندي-أي رب العزة- وكبر اتخاذهم لي شريكا, وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون. وق أر ذلك عامة ق ارء المدينة والبصرة وبعض ق ارء الكوفة ا عج ب ا ت بفتح التاء بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن. ا بل والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما ق ارءتان مشهورتان في ق ارء األمصار, فبأيتهما ق أر القارئ فمصيب. 122 انظر: محيسن: الهادي شرح طيبة النشر )3/ 610 ( الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ )6(.)122

140 فإن قال قائل: وكيف يكون مصيبا القارئ بهما مع اختالف معنييهما قيل: إنهما وان اختلف معنياهما فكل واحد من معنييه صحيح, قد عجب محمد مما أعطاه اهلل من الفضل, وسخر منه أهل الشرك باهلل, وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في اهلل, وس خ ر المشركون بما قالوه" )1(. " قال شيخ اإلسالم في ق ارءة الضم: قال وذلك يدل على ثبوت هذا المعنى في حق اهلل تعالى. قال: واعلم أن التأويل هو أن العجب حالة تحصل عند استعظام األمر فإذا عظ م اهلل أم ار أو فعال إما في كثرة ثوابه أو في كثرة عقابه جاز إطالق لفظ التعجب عليه فقوله في هذا الموضع التعجب حالة تحصل عند استعظام األمر ينافي قوله قبل هذا بوجه التعجب حالة تحصل لإلنسان عند الجهل بالسبب وذلك في حق عالم الغيب والشهادة محال فهل يوجد من يصف اهلل بالعجب ويبين أنه ال يستلزم الجهل ويمنع من وصفه بصفة أخرى قال ألنها تستلزم العجب وهو ممتنع الستل ازم الجهل". قال الباحث: وان تأولها البعض على أنها خطاب للنبي أي قل لهم يا محمد بل عجب ت وحجتهم أن اللغة تحتمل هذا, فالصفة في حق اهلل ثابتة في السنة الصحيحة, فعن ع ق ب ة ب ن ع ام ر, )3( ق ال : ق ال ر س ول الل ه :»إ ن الل ا ه لا ا يع ا جب م ا ن الش اب لاي ا ست لاه ا صب ا وة» )4(. وعنه رضى اهلل عنه, س م ع ت ر س ول الل ه ي ق ول : ( ا يع ا جب ا رب ك م م ن ا راع ي اغانم ف ي ا رأ س وي ق يم اشظ ي ة ب اج ابل ي اؤذ ن ب الص االة اوي اصل ي فا ايق ول الل ه : ان ظ ر وا إ لاى ا عب د ي ا هاذا ي اؤذ ن ا )6( انظر: الطبري: تفسيره )26/ 22-22(. ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )1/ (. )3( الصبوة: مصدر صبا الرجل يصبو صبا وصبوة, إذا مال إلى الهوى. غريب الحديث للخطابي )3/ )622 )4( أخرجه: أحمد في مسنده [ مسند الشاميين/ حديث عقبة بن عامر )61316( )188/20([. قال محقق الكتاب شعيب األرنؤوط: حسن لغيره. 123

141 . )1( الص االةا ا ي اخاف م ن ي قاد اغفار ت ل ا عب د ي ا وأاد اخل ت ه ال ا جن اة( ثان ا يا: استدلله بالق ارءة الشاذة إلثبات صفات أشارت إليها السنة ومثاله: ترجيح شيخ اإلسالم لصفة العزم في حق اهلل تعالى معتمد ا على ق ارءة أخرى. قال : "هل يجوز وصفه بالعزم فيه قوالن. أحدهما: المنع كقول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى. الثاني: الجواز وهو أصح.. فقد ق أر جماعة من السلف فاإ اذا ا عازم ا ت فاتا ا وك ل ا علاى الل ه ]آل عم ارن: 661[ بالضم. )3( وفي الحديث الصحيح من حديث أم سلمة : "ث م ع ز م اهلل ل ي" وكذلك في خطبة مسلم:. )فعزم لي( وسواء سمي " عزما " أو لم يسم فهو سبحانه إذا قدرها علم أنه سيفعلها في وقتها وأ ارد أن يفعلها في وقتها, فإذا جاء الوقت فال بد من إ اردة الفعل المعين ونفس الفعل وال بد من علمه بما يفعله. ثم الكالم في علمه بما يفعله هل هو العلم المتقدم بما سيفعله وعلمه بأن قد فعله هل هو األول فيه قوالن معروفان. والعقل والقرآن يدل على أنه قدر ازئد كما قال لنعلم في بضعة عشر موضعا. )1( قال األلباني: صحيح. أخرجه: أبو داود في سننه ]كتاب الصالة" تفريغ صالة السفر"/ باب األذان في السفر )22( )2/2([, وق أر جابر بن زيد وأبو نهيك وجعفر بن محمد وعكرمة»عزمت«- بضم التاء سمى اهلل تعالى إرشاده وتسديده عزما منه, انظر: ابن عطية: المحرر الوجيز )6/ 632( )3( ونصه: ع ن أ م س ل م ة : ل م ا ت و ف ي أ ب و س ل م ة, ق ل ت : م ن خ ي ر م ن أ ب ي س ل م ة ص اح ب ر س ول اهلل ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م, ث م ع ز م اهلل ل ي, ف ق ل ت ه ا- أي }إ ن ا ل ل ه و ا ن ا إ ل ي ه ر اج ع ون } ]البقرة: 661[-: ق ال ت : ف ت ز و ج ت ر س ول اهلل ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م. أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب الجنائز/ باب ما ي قال عند المصيبة )160( )132/2([. 124

142 وقال ابن عباس : إال لنرى. وحينئذ فإ اردة المعين تترجح لعلمه بما في المعين من المعنى المرجح إل اردته, فاإل اردة تتبع العلم. وكون ذلك المعين متصفا بتلك الصفات المرجحة إنما هو في العلم والتصور ليس في الخارج شيء. ومن هنا غلط من قال " المعدوم شيء " حيث أثبتوا ذلك الم ارد في الخارج, شيئا في العلم أو كان ليس عنده إال إ اردة" )1(. ومن لم يثبته ثالثاا: استدلله بالق ارءة غير المتواترة إلثبات أسماء حسنى في السنة وردت ومنهج شيخ اإلسالم في هذا الباب االعتماد على ق ارءة بعض الصحابة في إثبات أسماء حسنى هلل تعالى إن دل على ثبوتها سنة صحيحة, ومثال ذلك إثباته صفتي الق يم, و الق ي ام لكن ه دلل على ثبوتهما من السنة الصحيحة. ": قال شيخ اإلسالم وقد ق أر طائفة "الق ي ام" و"الق ي م", وكل ها مبالغات في القائم وزيادة". والقي ام فيما ذكر اإلمام الف ارء ق ارءة ع م ر ب ن الخطاب وابن م س ع ود )3(. وانتصر شيخ اإلسالم لصحة معناها كونها تدل على تنزيه وتقديس للرب جل جالله فقال:" وأيض ا فلفظ "القيام" يقتضي شيئين: القوة والثبات واالستق ارر, ويقتضي العدل واالستقامة, فالقائم ضد الواقع, كما أنه ضد ال ازئل" )4(. ": وفي موضع آخر, انتصر لصحتها من حيث األصل اللغوي والتصريف فقال إن الواو "ق ي ام" و"ق ي وم" أصل ه ق ي و ام وق ي و وم, ولكن اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فق ل ب ت )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ (. ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 616(. )3( انظر: الف ارء: معاني الق ارن )6/ 618(. ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 616(. 125

143 ياء وأ د غ م ت إحداهما باألخرى, ألن الياء أخف من الواو.. )1( : قال الف ارء وأهل الحجاز يصر فون الف ع ال إلى الف ي ع ال, ويقولون للصو اغ: ص ي اغ ": قلت :-أي شيخ اإلسالم- هذا إذا أ اردوا الصفة, وهي ثبات المعنى للموصوف, ع د ل وا عن "ف ع ال" إلى "ف ي ع ال" كما في سائر الصفات المعدولة, فإن م ن هذا قلب المضع ف حرف عينه, والحروف المختلفة أبلغ من حرف واحد مشد د, وأما إذا أ اردوا الفعل فهو كما قال تعالى: ك ون وا قاو ام ي ا ن ب ال ق س ط ]النساء: 636[, ولم يقل "قي ام ين ". وانتصر لها في موضع ثالث من حيث ورودها في السنة الصحيحة من قوله : ا واأل ار ض«ا واأل ار ض ا ولا اك ال ا حم د أان ا ت قاي ام الس ا ما ا وات ال ا حم د أان ا ت ن ور الس ا ما ا وات»الله م لا اك )4( )3(. قال الباحث: ومنهج الشيخ في االستدالل لهذين االسمين الكريمين من أسماء اهلل تعالى يظهر واهلل أعلم- اتفاق هذه الق ارءة -غير المتواترة- مع السنة النبوية الصحيحة. -فيما ارب ا عا: استدلله بق ارءة شاذة لتفسير معنى الصفة إن منهج أهل السنة والجماعة قائم على إثبات األسماء والصفات من غير تأويل, وي رجع في فهم معناها إلى السن ة وأقوال السلف وكالم العرب ولغتهم د ال ن خل في ذلك متأولين بآ ارئنا وال متوهمين بأهوائنا )5(,إال أن بعض األسماء والصفات للسلف في فهمها أقوال, كصفة الساق واسم النور وغيرهما. 126 )6( انظر: الف ارء: معاني الق ارن )6/ 618(. ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 616(. )3( متفق عليه, أخرجه: البخاري/ في صحيحه بلفظ قيوم ]كتاب التوحيد/ ن اض ر ة إ ل ى ر ب ه ا ن اظ ر ة ]القيامة: 23[ )632/1( ح) 1222 ([ ومسلم/ صحيحه باب الدعاء في صالة الليل )632/6( ح) 111 ([, ق ال البخاري: ق ي ام«, و ق ال م ج اه د :»الق ي وم الق ائ م ع ل ى ك ل ش ي ء «, و ق ر أ ع م ر, الق ي ام,»و ك ال ه م ا م د ح «. «انظر ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )6/ 623(. )6( انظر: ابن أبي العز: شرح الطحاوية )ص: 610(. ل الل ه ت ع ال ى: و ج وه ي و م ئ ذ ب اب ق و ]كتاب صالة المسافرين وقصرها/ ق ال ق ي س ب ن س ع د, و أ ب و الز ب ي ر, ع ن ط او س,

144 أما الساق فإن تأول بعض مفسري أهل السن ة قوله تعالى: ا يو ا م ي ك اشف ا عن ا ساق بالشدة وذلك لدالتها في العربية إال أن السنة أثبتت صفة الساق هلل تعالى ]القلم:. )1( ]22 م الق ي ام ة ق ال :»هل ت ا ضار و ا ن فع ن أ ب ي س ع يد الخ د ر ي, ق ال : ق ل ن ا ي ا ر س ول الل ه ه ل ن ر ى ر ب ن ا ي و ا رب ك م ا والقا ا مر إ اذا اكاانت ا صح ا وا «, ق ل ن ا: ال, ق ال :»فاإ ن ك م لا ت ا ضار و ا ن ف ي ر ؤ ا ية ف ي ر ؤ ا ية الش م س ا ما اكان وا ا ما ت ا ضار و ا ن ف ي ر ؤ ا يت ه ا ما«ث م ق ال : " ي اناد ي م اناد : ل ا يذ اهب ك ل قاو م إ لاى ا يو ا مئ ذ إ ل اك ا مع ا أاو ثاان ه م ا وأاص ا حاب ك ل آل ا هة ا مع ا ا صل يب ه م ا وأاص ا حاب األاو ثاان ا يع ب د و ا ن فا ا يذ اهب أاص ا حاب الص ل يب ا من ا كا ا ن ا يع ب د الل ا ه م ن ا بر أاو فااج ر ا وغ ب ا رات م ن أاه ل الك تااب ث م ي ؤ تاى ا مع ا آل ا هت ه م ا حت ى ا يب قاى ا ما ك ن ت م تاع ب د و ا ن قاال وا: ك ن ا انع ب د ع ازي ا ر اب ا ن الل ه فاي قاال : ب ا ج ا هن ا م ت ع ا رض اكأان ا ها ا س ا راب فاي قاال ل ل ا يه ود : ا صاح ا بة ا ولا ا ولاد فا ا ما ت ر يد و ا ن قاال وا: ن ر يد أان تاس ق ا يانا فاي قاال : اش ا رب وا اكاذب ت م لام ا يك ن ل ل ه ا مس ي ا ح ا ما ك ن ت م تاع ب د و ا ن فا ا يق ول و ا ن: ك ن ا انع ب د ال ا صا ا رى: فا ا يتا ا ساقاط و ا ن ف ي ا ج ا هن ا م ث م ي قاال ل لن اب ا ن الل ه ا صاح ا بة ا ولا ا ولاد فا ا ما ت ر يد و ا ن فا ا يق ول و ا ن: ن ر يد أان تاس ق ا يانا فاي قاال : اش ا رب وا فاي قاال : اكاذب ت م لام ا يك ن ل ل ه ا ما ا يح ب س ك م ا وقا د ا من اكا ا ن ا يع ب د الل ا ه م ن ا بر أاو فااج ر فاي قاال لاه م : فا ا يتا ا ساقاط و ا ن ف ي ا ج ا هن ا م ا حت ى ا يب قاى اذ اه ا ب الن اس فا ا يق ول و ا ن: فاا ا رق اناه م ا وانح ن أاح ا وج م ن ا إ لاي ه ال ا يو ا م ا وا ن ا ا سم ع ا نا م اناد ا يا ي اناد ي: ل ا يل ا حق ك ل قاو م ب ا ما اكان وا ا يع ب د و ا ن ا وا ن ا ما انن تاظ ر ا رب انا قاا ال: فا ا يأ ت يه م ال ا جب ار ف ي ص و ا رة اغي ر ص و ا رت ه ال ت ي ا رأاو ه ا مر ة فا ا يق ول : أاانا ا رب ك م فا ا يق ول و ا ن: أان ا ت ا رب انا فاالا ي اكل م ه إ ل األان ب ا ياء فا ا يق ول : اهل ا بي انك م ف ي ا ها أاو ال ا من ا كا ا ن او ا بي انه آ ا ية تاع ر ف وانه فا ا ي ق ول و ا ن: الس اق فا ا يك ش ف ا عن ا ساق ه فا ا يس ج د لاه ك ل م ؤ م ن ا و ا يب قاى ا يس ج د ل ل ه ر ا يا ا ء ا وس م ا ع اة فا ا يذ اهب اكي ا ما ا يس ج ا د فا ا يع ود ظاه ر ه طا ا بقاا ا واح ا دا". وذكر شيخ اإلسالم الرد على من أنكر صفة الساق للمولى جل جالله فقال رحمه اهلل:" يقال هب أنه أخبر أنه يكشف عن ساق واحدة فمن أين في الكالم أنه ليس له إال ساق واحدة والقائل إذا قال كشفت عن يدي أو عن عيني أو عن ساقي أو قدمي لم يكن ظاهر هذا أنه ليس له إال واحد من ذلك بل قد يقال إنه لم يكشف إال عن واحد فدعواه النفي في ظاهر القرآن دعوى باطلة وهو 127 )6( انظر: أبو عبيدة المثني: مجاز القرآن )2/ 211(. ل الل ه ت ع ال ى: و ج وه ي و م ئ ذ ن اض ر ة إ ل ى متفق عليه, أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب التوحيد/ ب اب ق و ر ب ه ا ن اظ ر ة ]القيامة: 23[ )1231( )621/1([, ومسلم/ صحيحه ]كتاب اإليمان/ باب معرفة طريق الرؤية. ])611/6( )603(

145 ممن ال يقول بمفهوم الصفة فكيف بما ليس من باب المفهوم بحال فكيف وليس في القرآن ما )6( يقتضي إثبات الوحدة العينية" أما اسم النور والذي عليه مدار استدالل ابن تيمية فدليله من الكتاب قول اهلل تعالى: نو ار". ا واأل ار ض الل ه ن ور الس ا ما ا وات ]النور: 36[, "فسمى اهلل نفسه وع ن اب ن ع ب اس, أ ن ر س ول ا هلل, ك ان ي ق ول إ ذ ا ق ام إ ل ى الص ال ة م ن ج و ف الل ي ل :»الله م لا اك ا واأل ار ض» )3(, وما ذ كر من تأويل ابن عباس السم النور بالهادي سنده ال ا حم د أان ا ت ن ور الس ا ما ا وات منقطع فيما قاله شيخ اإلسالم )4(, إضافة إلى أن ابن عباس هو من روى حديث النور. )6( ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )6/ 216( األشعري: اإلبانة عن أصول الديانة )ص: 661(. )3( متفق عليه, أخرجه: البخاري/ في صحيحه بلفظ قيوم ]كتاب التوحيد/ ن اض ر ة إ ل ى ر ب ه ا ن اظ ر ة ]القيامة: باب الدعاء في صالة الليل )111( )632/6([. ]23 )1222( ) 632/1 ([ ومسلم/ صحيحه ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )626/6(. ل الل ه ت ع ال ى: و ج وه ي و م ئ ذ ب اب ق و ]كتاب صالة المسافرين وقصرها/ 128

146 : قال شيخ اإلسالم "إن الموجودات النو ارنية نوعان: منها ما هو بنفسه مستنير كالجمرة فهذا ال يقال له نور. ومنها ما هو مستنير وهو ينير غيره فهذا هو النور كالشمس والقمر وال نار وليس في مسعود الموجودات ما ينور غيره وهو في نفسه ليس بنور فق ارءة ابن الل ه م انو ر الس ا ما ا وات ا واأل ار ا ض هو تحقيق لمعنى كونه نو ار وهذا مثل كونه مكلما ومعلما فإن ذلك فرع كونه في نفسه متكلما عالما يؤيد ذلك ابن م س ع ود : "إ ن ر ب ك م ت ع ال ى ل ي س ع ن د ه ل ي ل, و ال ن ه ار, ن ور الس م او ات و األ ر ض م ن ن ور و ج ه ه " )1(. فتبين من منهجه شيخ اإلسالم أن ه يفسر الم ارد من النور بق ارءة ابن مسعود وهي شاذة عن العشرة. وقد ذكر ابن تيمية ق ارءة أخرى شاذة مستدال بها لصفة النور الثابتة فقال: "وقد ق أر ا واأل ار ا ض... وذكر أن الذي عليه جماهير الخالئق أن اهلل بعضهم الل ه انو ا ر الس ا ما ا وات نور حتى نفاة الصفات الجهمية كانوا يقولون إنه نور" نفسه. )3( النور : وانتصر شيخ اإلسالم إلثبات فقال اسم النور للمولى, ووجه ما فهمه بعض السلف من صفة "وعادة السلف من الصحابة والتابعين كل منهم يذكر في تفسير اآلية أو االسم بعض معانيه التي يصلح للسائل كما ذكروا مثل ذلك في اسمه الصمد واسمه الرحمن وغيرهما من أسمائه ال مثل تفسير قوله يريدون بذكر ما يذكرونه نفي ما سواه مما يدل عليه االسم وكذلك في سائر تفسير القرآن تعالى: ا وم ن ه م م ق تاص د ا وم ن ه م ا ساب ق ب ال اخي ا رات فام ن ه م ظاال م ل انف س ه 32[, ]فاطر )1( أخرجه: الطب ارني في معجمه الكبير ]باب العين/ مسند عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه )611/1( ح) 0001 ([, قال الهيثمي: ف يه أ ب و ع ب د الس ال م. ق ال أ ب و ح ات م : م ج ه ول, و ق د ذ ك ر ه اب ن ح ب ان ف ي الث ق ات, و ع ب د الل ه ب ن م ك ر ز - أ و ع ب ي د الل ه ع ل ى الش ك - ل م أ ر م ن ذ ك ر ه. الهيثمي: مجمع الفوائد )21/2(, وقال حسين أسد: نقول هذا إسناد خطأ, صوابه "حماد بن سلمة, عن أبي عبد السالم, عن أيوب بن عبد اهلل بن مكرز قال: قال عبد اهلل بن مسعود... ". وهذا إسناد رجاله ثقات غير أنه منقطع, أبو عبد السالم هو الزبير. نفس المصدر. ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )626/6(. 129 )3( ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )0/ 11(.

147 حيث يذكر كل منهم بعض أنواع هذه األصناف وهذا كثير في التفسير ومقصوده هنا يذكر نوره الذي في قلوب المؤمنين والريب أن هذا متعلق بهدايته للمؤمنين فذكر من معنى االسم ما يناسب مقصوده وكونه هاديا مثل كونه نو ار فيما يلزم عليهما كما نبهنا على هذا في غير هذا الموضع وكالم ابن كالب قد نب ه فيه على ذلك وأما ما ذكره عن ابن مسعود أنه قال منور وأنها في مصحفه كذلك فهذا ال ينافي كونه نو ار " )1(. قال الباحث: وخالصة ما ي ستنبط من كالم ابن تيمية أنه بالغ الدقة في هذه المسألة فهو لم يثبت اللفظ الوارد بالق ارءة الشاذة, إنما اعتمد عليه في توضيح وأكثر علماء أهل السنة على إثبات في نونيته:" نور االسم والصفة من النور ما ثبت في اآلية المتواترة في حق المولى الغفور, قال ابن القيم والنور من أسمائه أيضا ومن... أوصافه سبحان ذي البرهان قال ابن ما عنده ليل مسعود كالما قد حكا... ه الد ارم ي يكون وال نها... ر قلت تح ت السموات العلى من نوره... واألر ض عنه بال نك ارن الفلك يوجد ذان كيف النجوم والقم ارن من نور وجه الرب... وكذا حكاه الحافظ الطب ارني". )6( بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )6/ 623 وما بعدها(. ابن القيم: النونية- الكافية الشافية )ص: 262(. 131

148 المطلب الثالث: االستدالل بالقراءات للغيبيات ثم يقاس, أول: تعريف الغيبيات قال ابن فارس : "الغين والياء والباء أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون, )1( من ذلك الغيب: ما غاب, مما ال يعلمه إال اهلل" قال اهلل تعالى: م إ ن اك أان ا ت ا عال ال غ ي وب ]المائدة: 681[. وفيها ق ارءتان. "و الغ ي ب : كل ما غاب عنك. تقول: غاب عنه غ يبة و غيبا و غيابا و غيوبا يب و غي ب ا القبر )3( أيضا" والغيبيات جمع الغيب أ ي م ا غ اب عن هم, ومغيبا. وجمع الغائب غ مما أخبرهم به النبي من أ م ر )4( ف ه و وقد غيب الب ع ث والجن ة والن ا ر والكرسي والعرش وكل م ا غ اب ع ن ه م م م ا أ نبأهم ب ه امتدح اهلل تعالى في المؤمنين تسليمهم الكامل وايمانهم المطلق بالغيب فقال : ال ذ ي ا ن ي ؤ م ن و ا ن ا وي ق يم و ا ن الص االةا ا وم م ا ا رازق اناه م ي ن ف ق و ا ن ب ال اغي ب ]البقرة: 3[. ثان ا يا: استدلل شيخ اإلسالم لصفة المجد في حق عرش الرحمن إن اهلل تعالى مستو على عرشه ينزل إلى السماء الدنيا دون أن يخلو منه عرشه وقد دلت النصوص على وجود العرش وأنه أعظم مخلوق خلقه اهلل, وثبت وصفه بصفات منها الكريم )5( والعظيم وقال تعالى: ا وه ا و ال اغف ور ال ا ود ود )14( ذ و ال ا عر ش ال ا مج يد )15( فاع ال ل ا ما ي ر ي د ]البروج: 61-62[. ابن فارس: مقاييس اللغة )2/ 283(. )6( بكسر الغين لشعبة وحمزة والباقون بالضم انظر ابن القاصح: س ارج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي )ص: 283( ومحمد سالم: فريدة الدهر في تأصيل وجمع الق ارءات )2/ 612(. الجوهري: الصحاح /6(.)611 )3( انظر الزبيدي: تاج العروس )3/ 211(. انظر: أحمد ابن حنبل: الرد على الجهمية والزنادقة )ص: 622(, الذهبي: العرش )6/ 223( )6( 131

149 قال شيخ اإلسالم:" وقد قرئ المجيد بالرفع صفة هلل, وقرئ بالخفض صفة للعرش )1(. وقال تعالى: ق ل ا من ا رب الس ا ما ا وات الس ب ع ا و ا رب ال ا عر ش ال ا عظ يم )86( ا س ا يق ول و ا ن ل ل ه ق ل أافااال تات ق و ا ن ]المؤمنون: 01[. 01, فوصف العرش بأنه مجيد وأنه عظيم. وقال تعالى: فاتا ا عالاى الل ه ال ا مل ك ال ا حق ال إ لا ا ه إ ل ه ا و ا رب ال ا عر ش ال اكر ي م 661[, فوصفه بأنه كريم أيضا. ]المؤمنون: وكذلك في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي كان يقول عند الكرب:»لا إ لا ا ه إ ل الل ه ا و ا رب األار ض ا وار ب ال ا عظ يم ال ا حل يم لا إ لا ا ه إ ل الل ه ا رب ال ا عر ش ال ا عظ يم لا إ لا ا ه إ ل الل ه ا رب الس ا م ا وات ال ا عر ش الاكر يم» )1(, فوصفه في الحديث بأنه عظيم, وكريم أيضا". فاسم المجيد وصفة المجد في حق اهلل تعالى ثابتة في الوحيين الكتاب والسن ة: من الكتاب أما فقد وردت في موضعين اثنين: -1 قال تعالى: إ ن ه ا حم يد ا مج يد ]هود: 13[. وقال تعالى: ذ و ال ا عر ش ال ا مج ي د ]البروج: 61-62[, في ق ارءة الضم. 2- من السنة: وأما عن ح م ي د الس اع د ي ر ض ي الل ه ع ن ه, أ ن ه م ق ال وا: ي ا ر س ول الل ه ك ي ف ن ص ل ي ع ل ي ك ف ق ا ل ر س ول الل ه : ا م ا ما ا صل ي ا ت ا علاى آل إ ب ا راه ي ا وذ ر ي ت ه اك " ق ول وا: الل ه م ا صل ا علا ى م ا حم د ا وأاز ا واج ه )6( ق أر حمزة والكسائي وخلف»المجيد«من قوله تعالى: ذو العرش المجيد عكس ذلك: أي بخفض الرفع فيه على أنه صفة للعرش, والباقون بالرفع على أنه خبر آخر.ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 320( ابن تيمية: الرسالة العرشية )ص: 1( 132

150 . )1( ا م إ ن اك ا حم يد ا مج ي د " ا ما ا با ا رك ا ت ا علاى آل إ ب ا راه ي ا وذ ر ي ت ه اك ا و ا بار ك ا علا ى م ا حم د ا وأاز ا واج ه وع ن أ ب ي س ع يد ال خ د ر ي, ق ال : ك ان ر س ول ا هلل إ ذ ا ر ف ع ر أ س ه م ن الر ك وع ق ال : " ا رب انا لا اك ا ما قاا ال ا وال ا مج د أا ا حق ا واأل ار ض ا وم ل ء ا ما ش ئ ا ت م ن اشي ء ا بع د أاه ال الث اناء ال ا حم د م ل ء الس ا ما ا وات ا مانع ا ت ا وال ا ين فاع اذا ا ل اج د م ن اك ال اج د ا ي ل ا ما ا مان ع ا ل ا ما أاع طاي ا ت ا وال م ع ط ال ا عب د ا وك ل انا لا اك ا عب د : الله م ال. " قال ابن القيم: " ثم وصف نفسه بالمجيد وهو المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها وعدم )3( إحصاء الخلق لها وسعة أفعاله وكثرة خيره ودوامه". قال الباحث: أما صفة المجد للعرش فدليلها ق ارءة الخفض فقط, ولم يقم دليل آخر في الكتاب وال في السنة على وصف العرش بالمجيد فاستدالل شيخ اإلسالم بهذه الق ارءة المتواترة أضاف معن ا لطيف ا وصفة جديدة للعرش الكريم العظيم المجيد, لم يقم دليل آخر غير هذه الق ارءة التي استدل بها )4( على إثبات صفة المجد للعرش. )6( متفق عليه: أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب الدعوات, باب هل يصلى على غير النبي صلى اهلل عليه وسلم )1318( )11/0([, مسلم/ صحي]كتاب الصالة, ب اب الص ال ة ع ل ى الن ب ي ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م بع د الت شه د.)381/6( )281( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب الصالة, باب ما يقول إذا رفع أرسه من الركوع )211( )6/ 321([. ابن القيم: التبيان في أقسام القرآن )ص: 12( قال الباحث: ذكر طائفة من السلف وصف العرش بالمجيد في كالمهم منهم اإلمام مالك واإلمام أحمد )3( وكان يقول إ ن اهلل عز و جل مستو على ال ع ر ش ال مج يد )انظر: بن حنبل :العقيدة رواية أبي بكر الخالل )ص: العظمة )2/ 6300( و 681( ور و يت آثار غير مرفوعة في وصف العرش بالمجيد. انظر: أبو الشيخ األصبهاني: )6231 /2( 133

151 ثالثاا: استدلله بالق ارءات لبيان استئثار اهلل بعلم الغيب ]13 قال شيخ اإلسالم :" أما قوله تعالى: ا ما ا يع لام تاأ و يلاه إ ل الل ه ا و ]آل عم ارن: ا ما ا يع لام تاأ و يلاه إ ل الل ه فهذه اآلية فيها ق ارءتان وقوالن مشهو ارن ونحن نسلم ق ارءة من ق أر: ا و عم ارن: 1[ ]آل لكن من أين لهم أن التأويل الذي ال يعلمه إال اهلل هو المعنى الذي عنى به المتكلم وهو مدلول اللفظ الذي قصد المخاط ب إفهام المخاط ب إياه وهو لم يقل وما يعلم معناه إال اهلل وال قال وما يعلم تفسيره إال اهلل وال قال وما يعلم مدلوله ومفهومه إال اهلل وال ما دل عليه إال اهلل بل قال: ا ما ا يع لام تاأ و يلاه إ ل الل ه ا و السلف بيان. وفي التأويل وجهان: ]آل عم ارن: 1[, ولفظ التأويل له في القرآن معنى وفي عرف كثير من أحدهما: والثاني: أن ه التفسير. )1( أنه العاقبة المنتظرة وال ارسخ الثابت". ثم استدل الستئثار اهلل بالتأويل الذي هو مآل علم المتشابه ومرجعه إلى اهلل بق ارءة ابن عباس ومعناها أن تأويل المتشابه عند اهلل أما ال ارسخون فيسلمون هلل بذلك ويقولون آمنا به, قال :" فهل يعلم ال ارسخون تأويله أم ال فيه قوالن: أحدهما: أنهم ال يعلمونه وأنهم آمنوا به, وقد روى طاوس عن ابن عباس أنه ق أر ا و ا يق و ل والى هذا المعنى ذهب ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس آم نا ب ه ا الر ا س خ و ا ن في الع ل م )3( وعروة بن الزبير وقتادة وعمر بن عبد العزيز والف ارء وأبو عبيد وثعلب وابن األنباري والجمهور". )6( ابن تيمية: تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )0/ 216( انظر: ابن أبي داود المصاحف )ص: 612( والنحاس معاني القرآن )6/ 366( )3( ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )0/ ( 134

152 وعلى هذا أكثر السلف ودليلهم الوقف عند قوله وما يعلم تأويله إال اهلل. ونقل ابن أبي حاتم لزوم الوقف عندها فقال:" )1( ولكنهم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا" إن ال ارسخين في العلم ال يعلمون تأويله, ثم أكد شيخنا ما ذهب إليه بق ارءات بعض الصحابة قال ابن تيمية : "في ق ارءة عبد اهلل إ ن - ا رب ي فقال:" تأويله إال عند اهلل وفي ق ارءة أبي وابن عباس ويقول ال ارسخون- واستدل لذلك بأمثلة من القرآن ] 601 األع ارف[, وقد أنزل اهلل في كتابه أشياء استأثر بعلمها كقوله تعالى. قلت-ابن تيمية-: ق ل إ ن ا ما ع ل م ا ها ع ن ا د هذان القوالن مرتبان على القولين في معنى التفسير فمن قال تأويله هو تفسيره فال ارسخون يعلمون تفسيره ومن قال تأويله عاقبته المنتظرة فهذا ال يعلمه إال اهلل... فإن أحدا من السلف لم يذكر هذا المعنى في هذه اآلية وانما ذكر هذا بعض المتأخرين ولكن السلف لهم ق ارءتان وقوالن منهم من قال التأويل ال يعلمه إال اهلل وهؤالء لم يريدوا بذلك تفسيره بل فسروا القرآن كله كابن األنباري والف ارء وغيرهما وتكلموا على مشكله بل أ اردوا ما استأثر اهلل بعلمه بما يؤول إليه والعلماء يعلمون تأويله وهو التفسير وال منافاة بين الق ارءتين والقولين ولم يقل أحد من السلف إن المتشابه كله مصروف عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره وان ذلك المصروف إليه ال يعلمه إال اهلل بل هذا باطل من وجوه كثيرة". وفي قوله تعالى: ا و ا ج ا عل وا ال ا ماالئ اك اة ال ذ ي ا ن ه م ع ا باد الر ح ا من إ اناثاا ]الزخرف: 61[. " ق أر ابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب الر ح م ن ) بالباء. ال ذ ي ا ن ه م ع ن ا د الر ح ا من بالنون, وق أر الباقون )ع ب اد قال أبو منصور: م ن ق ر أ )ع ب اد الر ح م ن ) فهو جمع ع ب د, ومن ق أر )ع ن د الر ح م ن ) فمعناه: ابن أبي حاتم: : تفسيره- محققا )2/ 611( ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )0/ ( )6( 135

153 )1( الذين هم أقرب إلى اهلل منكم". وأشار إلى هذا المعنى بإي ارده للق ارءة األخرى التي تبين زيادة تنزيه للمالئكة ورد على انتقاص المشركين لهم إناث: فقال في مجموع الفتاوى:" إ ن ال ذ ي ا ن ال ي ؤ م ن و ا ن ب اآل خ ا رة لاي ا سم و ا ن ال ا ماالئ اك اة إناث ا كما قال: ا و ا ج ا عل وا ال ا ماالئ اك اة ال ذ ي ا ن ه م ع ا باد الر ح ا من إ اناثاا أا اشه د وا اخل قاه م ا ست ك تاب اش ا ها ا دت ه م ا وي س أال و ا ن إ ل الظ ن ]األنعام: وقال في الذين يخبرون عن المالئكة أنهم تاس م ا ي اة األ ن ثاى 21[ ]النجم:. "]661 ]الزخرف: 61[, وهم جعلوهم وفي الق ارءة األخرى ع ن ا د الرحمن وهؤالء قال عنهم: إ ن ا يت ب ع و ا ن األزهري: معاني الق ارءات )2/ 312( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 11( )6( 136

154 المطلب الرابع: االستدالل بالقراءات للرد على الفرق لقد تميز شيخ اإلسالم بمنهج فريد في إثبات حجته وال ازم خصومه, وتنوعت استدالالته لذلك فتجده كثير ا ما يستدل بأدلة الشرع الثابتة للرد على بعض الفرق في إنكارها لبعض القضايا الثابتة بالهوى دون دليل, أو يقطع الطريق على من يعبث بكتاب اهلل ويدخل فيه ما ليس منه. المتواترة. ومن األدلة التي اعتمد عيها شيخ اإلسالم في منهجه في الرد على الفرق استدالله بالق ارءات أول: استدلله بالق ارءة المتواترة للرد على تحريف أهل البدع للق ارءات أنكر طائفة من أهل الكالم كالجهمية والمعتزلة صفة الكالم هلل وقالوا في أصول منهجهم بخلق القرآن, ولما كانت آيات القرآن واضحة الداللة في أن اهلل كلم مالئكته وكلم موسى وأن الكالم صفة من صفات اهلل, لجأوا إلى التأويل في قوله تعالى: فقال بعضهم:" ومعناه وجر ح الل ه موسى ق أرت ا ما ]النساء: ا واكل ا م الل ه م و ا سى تاك ل ي,]612 بأظفار المحن ومخالب الفتن... وهذا ما رفضه كبار أئمتهم لبعده الفاحش عن ظاهر اآلية, فاستقام القول عندهم إلى تحريف الق ارءة الثابتة فقالوا أنها ا ما ا واكل ا م الل ه م و ا سى تاك ل ي ذكره الزمخشري في كشافه 612[, ]النساء: عن إب ارهيم ويحيى بن وثاب: أنهما قرءا بنصب اسم الجاللة على المفعولية, ومن ذلك ما ا واكل ا م الل ا ه )1( بالنصب" وهذا باطل من وجوه, أبرزها عدم تحقق الركن األول للق ارءة الصحيحة وهي السند المتصل إلى رسول اهلل, وعدم ق ارءة أحد من األئمة بها, فعلم أنها مكذوبة. ويرد شيخ اإلسالم على منهج المبتدعة الذين يحرفون في القرآن فيقول: "وهذا التحريف ا الل ا ه ما"-بنصب اسم الجاللة- وجعل موسى هو نظير ق ارءة من ق أر من الجهمية " ا واكل ا م م و ا سى تاك ل ي م الذي كلم اهلل ". الم كل انظر: الزمخشري : الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل )6/ 616(. بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )0/ 668(. )6( 137

155 وفي شرحه لحديث النزول استدل لبطالن هذه الق ارءة المكذوبة بأدلة السنة المطهرة, وبدليل فساد المعني عقال فقال : "وهذا أيض ا مما يبطل حجة بعض الناس, فإنه احتج بما رواه النسائي في بعض طرق الحديث أنه يأمر منادي ا فينادي, فإن هذا إن كان ثابت ا عن النبي, فإن الرب يقول ذلك, ويأمر منادي ا بذلك, ال أن المنادي يقول: " روى عن النبي ا من ا يد ع ون ي فاأاس تاج ي ا ب لاه ", ومن )1( أن المنادي يقول ذلك, فقد علمنا أنه يكذب على رسول اهلل, فإنه مع أنه خالف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته األمة خلف ا عن سلف فاسد في المعقول, فعلم أنه من كذب بعض المبتدعين, كما روى بعضهم ]ينزل[ بالضم, وكما ق أر بعضهم: ا ما, ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى". تاك ل ي ا واكل ا م اهلل م و ا سى ومنهج شيخ اإلسالم في هذا الباب الرد بالقرآن المتواتر القطعي الثبوت على تحريف المبتدعة لكالم اهلل تعالى معتمدين على ق ارءات باطلة, وأكد ما ذهب إليه بأدلة من السنة. ثانيا: استدلله بالق ارءات للرد على الذين يدعون العباد من دون اهلل ال ي صرف نوع من أنواع العبادة إال هلل, ومنها التوجه والدعاء, والخوف والرجاء. قال تعالى: وقال تعالى: ال ذ ي ا ن ا يج ا عل و ا ن ا مع ا الل ه إ لا ا ها آ اخ ا ر فا ا سو اف ا يع لام و ا ن ا مخ ذ وال ا ما ال تاج ا عل ا مع ا الل ه إ لا ا ها آ اخ ا ر فاتاق ع ا د ا مذ م و ]الحجر: 11[. ]اإلس ارء: 22[. ا ساب ه ع ن ا د ا رب ه إ ن ه ال ا من ا يد ع ا مع ا الل ه إ لا ا ها آ اخ ا ر ال ب ر اها ا ن لاه ب ه فاإ ن ا ما ح وقال تعالى: ا و ي ف ل ح ال اكاف ر و ا ن ]المؤمنون: 661[. وقد استشهد شيخ اإلسالم بقوله تعالى:" أ ولائ اك ال ذ ي ا ن ا يد ع و ا ن ا يب تاغ و ا ن إ لاى ا رب ه م ال ا وس يلا اة )6( جزء من حديث, أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب/ التهجد, باب/ )6626( ) 63/2 ([ مسلم/ صحيحه ]كتاب/ الصالة والمساجد, ب اب / الت ر غ يب الد ع اء ف ي الص ال ة م ن آخ ر الل ي ل ف ي الد ع اء و الذ كر ف ي آخ ر الل ي ل, و اإل ج اب ة ف يه )160( )626/6([. ابن تيمية: شرح حديث النزول )ص: 31(. 138

156 أاي ه م أاق ا رب ا و ا ير ج و ا ن ا رح ا متاه ا و ا ي ا خاف و ا ن ا عاذا ا به إ ن ا عاذا ا ب ا رب اك ا كا ا ن ا مح ذ و ا را ]اإلس ارء: 61[. قال اإلمام الزجاج:" ق أرت بالياء والتاء )تاد ع و ا ن )1(" و ا يد ع و ا ن(. قال شيخ اإلسالم:" واآلية تتناول كل من دعا غير اهلل وذلك المدعو يبتغى إلى اهلل الوسيلة أي القربى والزلفى ويرجو رحمة اهلل ويخاف عذابه وهذا يدخل فيه المالئكة واألنبياء والصالحون اإلنس والجن, وقد ق أر طائفة أ ولائ اك ال ذ ي ا ن تاد ع و ا ن فبين أن الذين يدعونهم المشركون هم يتقربون ا ب ال ذ ي ا ن اكفار وا أان ا يت خ ذ وا إلى اهلل ويرجونه ويخافونه فكيف يجوز دعاؤهم وهذا كقوله: أافا ا حس ع ا باد ي م ن د ون ي أاو ل ا يا ا ء ]الكهف: 682[, حصر أقسام المدعوين من دون اهلل ونفى كل واحد منهم. ا ول وقال تعالى: ق ل اد ع وا ال ذ ي ا ن از ا عم ت م م ن د ون الل ه ل ا يم ل ك و ا ن م ث قاا ال اذر ة ف ي الس ا ما ا وات ا ما لاه م ن ه م م ن ظاه ير ا ول تان فاع الش فاا ا عة ع ن ا ده إ ل ل ا من أاذ ا ن ا ما لاه م ف يه ا ما م ن ش ر ك ا و ا و ف ي األار ض األقسام الممكنة فإن المشرك الذي يدعو غير اهلل ويرجوه ويخافه إما لاه ]سبأ: 22 [, فذكر سبحانه أن يجعله مالك ا أو شري كا أو ا ظهي ر أو شفي عا وهكذا كل من طلب منه أمر من األمور أما أن يكون مالك ا مستق ال به واما أن يكون شري كا فيه وأما أن يكون عو نا ا وظهي ر لرب األمر وأما أن يكون سائال مح ضا وشاف عا إلى رب األمر فإذا انتفت هذه الوجوه امتنعت االستغاثة به. ولهذا كان الناس بعضهم مع بعض من الملوك وغيرهم فيما يتساءلونه ال يخرجون عن هذه األقسام أما أن يكون لكل منهما ملك متميز عن اآلخر فيطلب من هذا ما في ملكه ومن هذا ما في ملكه وأما أن يكون أحدهما شريكا لآلخر فيطلب منه ما يطلب من الشريك وأما أن يكون أحدهما من أعوان اآلخر وأنصاره وظه ارنه". قال الباحث: ويدخل في المعنى العام القبوريون لآلية الذين يذهبون لقبور الصالحين ويدعونهم معتقدين فيهم النفع والضر, فأولئك الصالحون الذين تدعون إنما كانوا يسألون الرزق والمنافع من اهلل وحده فاألولى بكم أن تدعوا من كانوا يدعون ال أن تدعوهم هم. 139 )6( روح المعاني )0/ 12( انظر: الزجاج: معاني القرآن واع اربه )3/ 221( وهي ق ارءة ابن مسعود وقتادة انظر األلوسي ابن تيمية: الرد على المنطقيين )ص: 621 وما بعدها( تفسيره =

157 المبحث الثالث: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات للفقه والرقائق 141

158 برع شيخ اإلسالم رحمه اهلل في الفقه وأص ل لبعض المسائل وبنى كثير ا من ترجيحاته الفقهية معتمد ا في ذلك على اختالف الق ارءات وقد استق أر الباحث عش ارت المواضع الفقهية التي استدل لها شيخ اإلسالم بالق ارءات, وكان أكثر اعتماده رحمه اهلل على المتواتر منها, إضافة إلى توجيهه للق ارءة المتواترة التي ي فهم من ظاهرها معارضة المسائل الفقهية الثابتة في الشرع. المطلب األول: االستدالل بالقراءات لمسائل في أصول الفقه أول: استدلله بالق ارءة المتواترة لك ارهية وصف العالم المجتهد بالمخطئ دون تقييد: بين أهل األصول ضوابط االجتهاد, والمسائل التي هي محل اجتهاد من غيرها, وشروط من بلغ كمال الرتبة في االجتهاد وأهمها: األول: موافق. اإلحاطة بمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه مخالف لها أو الثاني: أن يكون له ممارسة واتقان لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم منها م ارد الشرع من ذلك وما يناسب أن يكون حكما له في ذلك المحل وان لم يصرح به. الثالث: الفواقة في العلوم التي ي تهذب بها الذهن كالعربية وأصول الفقه وما يحتاج إليه من العلوم العقلية في صيانة الذهن عن الخطأ بحيث تصير هذه العلوم ملكة الشخص فإذ ذاك يثق بفهمه لدالالت األلفاظ من حيث تصحيح األدلة من فاسدها والذي نشير إليه من العربية وأصول الفقه كانت الصحابة أعلم به منا من غير تعلم وغاية المتعلم منا أن يصل إلى بعض فهمهم وقد يخطئ وقد يصيب )1(. 332 ( وتقي الدين وولده تاج الدين السبكي: اإلبهاج في شرح 141 )6( انظر: ابن قدامة: روضة الناظر )2/ المنهاج /6(.)0

159 وقد تعرض شيخ اإلسالم على اختالف الق ارءات فقال رمحه اهلل رحمه اهلل: " لهذه القضي ة-إصابة المجته د وخط ؤه- ودلل لها مستند ا ولفظ " الخطأ " يستعمل في العمد وفي غير العمد قال تعالى: }وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقهم واياكم إن قتلهم كان خطئا كبي ار{ واألكثرون يقرءون )خطئا على وزن ردءا وعلما. وق أر ابن عامر )خطأ( على وزن عمال كلفظ الخطأ في قوله: }وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إال خطأ{. وق أر ابن كثير )خطاء على وزن هجاء. وق أر ابن رزين )خطاء( على وزن ش اربا. وق أر الحسن وقتادة )خطأ( على وزن قتال. وق أر الزهري )خطا( بال همز على وزن عدى. قال األخفش: خطا يخطأ بمعنى: أذنب وليس معنى أخطأ ألن أخطأ في ما لم يصنعه عمدا يقول فيما أتيته عمدا خطيت وفيما لم يتعمده: أخطأت. وكذلك قال أبو بكر ابن األنباري الخطأ: اإلثم يقال: قد خطا يخطأ إذا أثم وأخطأ يخطئ إذا فارق الصواب. وكذلك قال ابن األنباري في قوله: }تاهلل لقد آثرك اهلل علينا وان كنا لخاطئين{ فإن المفسرين كابن عباس وغيره: قالوا لمذنبين آثمين في أمرك وهو كما قالوا فإنهم قالوا: }يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين{ وكذلك قال العزيز الم أرته: }واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين{ قال ابن األنباري: ولهذا اختير خاطئين على مخطئين وان كان أخطأ على ألسن الناس أكثر من خطا يخطي ألن معنى خطا يخطي فهو خاطئ: آثم ومعنى أخطأ يخطئ: ترك الصواب وأنت رب تكفل المنايا والحتوم وقال الف ارء: الخطأ: اإلثم الخطا والخطا ولم يأثم. قال عبادك يخطئون والخطاء ممدود. ثالث اللغات. قلت: يقال في العمد: خطأ كما يقال في غير العمد على ق ارءة ابن عامر فيقال لغير المتعمد: أخطأت كما يقال له: خطيت ولفظ الخطيئة من هذا. ومنه قوله تعالى }مما خطيئاتهم أغرقوا{ وقول السحرة: }إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين{. ومنه قوله في الحديث الصحيح اإللهي: }يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم{ وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: }اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي واس ارفي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي{. وفي الصحيحين }عن أبي هريرة عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال: أ أريت سكوتك بين التكبير والق ارءة ماذا تقول قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من )6( األبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد{" خطاياي كما ينقى الثوب 142 )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )26-28/28(

160 وأضاف بقوله:" والذين قالوا: كل مجتهد مصيب والمجتهد ال يكون على خطأ وكرهوا أن يقال للمجتهد: إنه أخطأ هم وكثير من العامة يكره أن يقال عن إمام كبير: إنه أخطأ وقوله خطأ ألن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كق ارءة ابن عامر: إنه كان خطئا كبير ا )1( وألنه يقال في العامد أ خ ط أ ي خ ط ئ ك م ا ق ال :" فااس تاغ ف ر ون ي أاغ ف ر لاك م" ا والن ا هار ا وأاانا أاغ ف ر الذ ن و ا ب ا جم ي ا عا ا يا ع ا باد ي إ ن ك م ت خ ط ئ و ا ن ب الل ي ل,فصار لفظ الخطأ وأخطأ قد يتناول النوعين كما يخص غير العامل وأما ا ما لفظ الخطيئة فال يستعمل إال في اإلثم. والمشهور أن لفظ الخطأ يفارق العمد ك م ا ق ال ت ع ال ى: ا و ؤ م انا إل اخطاأا اآل ي ة ث م ق ال ب ع د ذ ل ك : من ا يق ت ل م ؤ م انا م تا ا عم ا دا فا ا جازاؤ ه ا ا و م اكا ا ن ل م ؤ م ن أان ا يق ت ال ا ج ا هن م ]النساء: 12[. وقد بين الفقهاء أن الخطأ ينقسم إلى خطأ في الفعل والى خطأ في القصد. فاألول: أن يقصد الرمي إلى ما يجوز رميه من صيد وهدف فيخطئ بها وهذا فيه الكفارة والدية. والثاني: أن يخطئ في قصده لعدم العلم كما أخطأ هناك لضعف مباح الدم ويكون معصوم الدم )3( " القوة وهو أن يرمي من يعتقده الفقهي: ثان ا يا: استدلله بالق ارءة للتفريق بين صيغة الخبر والنهي ودللتها على الحكم " قال شيخ اإلسالم : وأما أولئك الذين يقولون إنه منهي عنه-أي شد الرحال لغير المساجد الثالث- فمن قال: إن السفر المنهي عنه ال تقصر الصالة فيه, فإنه ال تقصر الصالة في )6( ق أر»ابن ذكوان, وأبو جعفر, وهشام«بخلف عنه»خ ط أ«على أنه مصدر»خطئ, خطأ, فهو خاطئ«: إذا تعم د, وق أر»ابن كثيرخ ط اء«على أنه مصدر»خاطأ يخاطئ خطاء«وق أر الباقون»خ ط أ«, وهو الوجه الثاني ل»هشام«على أنه مصدر»خطئ خطأ«بمعنى: مجانبة الصواب, مثل:»أثم إثما«. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )213/6( ومحمد محيسن: الهادي شرح طيبة النشر في الق ارءات العشر )2/ 311-.)318 أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب البر والصلة, باب تحريم الظلم )2611( )6112/2([. )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )28/ 23-22(. 143

161 منه مثل هذا, كما صرح بذلك من صرح به منهم... والصحيح قول السلف والجمهور, وأن هذا نهي وذلك أن الصيغة صيغة خبر, النهي, هذا إذا روي بصيغة الخبر,, و الر ح ال «,]233»ال ت ع م ل ال م ط ي «وقد علم أنه لم يرد بصيغة الخبر, فتعين أن يحمل على»ال ت ش د «على ق ارءة من ق أر بالرفع عطف ا على قوله: هذه صيغة خبر, ومعناه النهي, كق ارءة من ق أر: بالضم, وأما إذا روي بصيغة النهي: لم يبق فيه شبهة, وهذا كقوله:»ال ت ش د ال ت ض ار و ال د ة ب و ل د ه ا ]البقرة: ال ت اكل ف انف س إ ل و س ا ع ا ها ]البقرة: ال ت ا ضار بفتح ال ارء فإن 233[, )1(, فإن هذا نهي, لكنه فتح ا من ]261 ال ارء اللتقاء الساكنين, كما في قوله: ا وال ي ا ضار اكات ب ا وال ا شه ي د ]البقرة: 282[, وفي قوله: ا من ا ير تاد د م ن ك م ا عن د ين ه ]البقرة: ا ير تاد م ن ك م ا عن د ين ه ]المائدة: 62[. وفي اآلية األخرى: ا و. " ومنهج الشيخ رمحه اهلل في مثل هذه المواضع, أنه يبني أصوال فقهية يقيس عليها ويرجح بها األحكام الشرعية مستدال لذلك بق ارءة متواترة. وذلك في اعتباره أن صيغة الخبر تأتي بمعنى الطلب وتفيد حكم النهي للتحريم إن كان النهي مطلق ا, أو الك ارهة إن وجدت قرينة صارفة. )6( ق أر ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب»ال تضار والدة«برفع ال ارء انظر: الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 226(. ابن تيمية: قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل اإلسالم واإليمان وعبادات أهل الشرك والنفاق )ص: 10(. 144

162 المطلب الثاني: االستدالل بالقراءات لمسائل في الطهارة أول: استدلله بالق ارءة المتواترة لوجوب غسل القدمين في الوضوء: قال تعالى: ياأاي ا ها ال ذ ي ا ن آ ا من وا إ اذا ق م ت م إ لاى الص االة فااغ س ل وا و ج واهك م ا وأاي د ا يك م إ لاى ا وا ن ك ن ت م ج ن ا با فااط ه ر وا ا وا ن ك ن ت م ا مر ا ضى أا و ال ا م ا راف ق ا وام ا سح وا ب ر ء وس ك م ا وأار ج لاك م إ لاى ال اكع ا بي ن ا علاى ا سفار أاو ا جا ا ء أا ا حد م ن ك م م ا ن ال اغائ ط أاو ال ا مس ت م الن ا سا ا ء افلام تاج د وا ا ما ا ء فاتا ا يم م وا ا صع ي ا دا طاي ا با فاام ا سح وا ب و ج وه ك م ا وأاي د يك م م ن ه ا ما ي ر يد الل ه ل ا يج ا ع ال ا علاي ك م م ن ا ح ا رج ا ولاك ن ي ر يد ل ي طاه ا رك م ا ول ي ت م ن ع ا متاه ا علاي ك م لا ا عل ك م تاش ك ر و ا ن قال ابن تيمية رحمه اهلل: ]المائدة: 1[. غسل القدمين في الوضوء منقول عن النبي - - نقال متوات ار, منقول عمله بذلك, وأمره به, كقوله في الحديث الصحيح, من وجوه متعددة, كحديث أبي هريرة, وعبد اهلل بن عمرة, وعائشة: «ا وي ل ل أل اع قااب م ن الن ار». )1(. و ف ي ب ع ض أ ل ف اظ ا وب ط ون األ اق ا دام م ن الن ار» «ا وي ل ل أل اع قااب فمن توضأ كما تتوضأ المبتدعة فلم يغسل باطن قدميه وال عقبه, بل مسح ظهرهما. فالويل لعقبه وباطن قدميه من النار. وتواتر عن النبي - صلى اهلل عليه وسلم - المسح على الخفين, ونقل عنه المسح على القدمين في موضع الحاجة, مثل: أن يكون في قدميه نعالن يشق نزعهما " )3(, الفقه على هذا الم ارد. متفق عليه: أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب/ الوضوء, باب/ غسل الرجلين وال يمسعلى القدمين )6( و ج وب غ س ل الر ج ل ي ن ب ك م ال ه م ا )228( باب / الطهارة, )613( ) 22/6 ([ أخرجه: مسلم/ صحيحه [ كتاب/.])263/6( أخرجه: الترمذي/ سننه ]كتاب الطهارة/ ب اب م ا ج اء و ي ل ل أل ع ق اب م ن الن ار )26( )60/6([. ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )6/ 313(. )3( 145

163 - قال اإلمام الشافعي - رمحه اهلل:" فقصد جل ثناؤه قصد القدمين بالغسل, كما قصد الوجه واليدين, فكان ظاهر هذه اآلية أنه ال يجزئ في القدمين إال ما يجزئ في الوجه من الغسل, أو ال أرس من المسح وكان يحتمل أن يكون أريد بغسل القدمين أو مسحهما, بعض المتوضئين دون بعض. فلما مسح رسول اهلل على الخفين, وأمر به من أدخل رجليه في الخفين, وهو كامل الطهارة, دلت سنة رسول اهلل على أنه إنما أريد بغسل القدمين أو مسحهما بعض المتوضئين دون بعض" )1(. وهذا توفيق سديد من اإلمام الشافعي بين الق ارءتين, وقد قالت فرقة بعدم وجوب الغسل واج ازء ه باستدالل سقيم على ق ارءة أخرى- المسح, ورد شيخ اإلسالم على هذا الفهم الخاطئ - والذي ب ن و بعد أن دلل على معني الق ارءة الصحيح من السنة المتواترة. وأما مسح القدمين مع طهورهما جميعا فلم ينقله أحد عن النبي - صلى اهلل قال : " عليه وسلم - وهو مخالف للكتاب والسنة, وأما مخالفته للسنة: فظاهر متواتر, وأما مخالفة القرآن فألن قوله تعالى: ا وام ا سح وا ب ر ء وس ك م ا وأار ج لاك م إ لاى ال اكع ا بي ن ]المائدة: 1[. فيه ق ارءتان مشهورتان النصب والخفض, فمن ق أر بالنصب, فإنه معطوف على الوجه واليدين, والمعنى: فاغسلوا وجوهكم, وأيديكم, وأرجلكم إلى الكعبين, وامسحوا برءوسكم. ومن ق أر بالخفض, فليس معناه وامسحوا أرجلكم كما يظنه بعض الناس ألوجه" ثم ذكر وجوه ا كثيرة تدلل على خطأ من فهم أن الم ارد من ق ارءة الخفض مسح الرجلين دون الغسل. من السلف قالوا: عاد األمر إلى الغسل. فقال رحمه اهلل مبي ن ا هذه الوجوه:" أحدهما: أن الذين قرءوا ذلك الثاني: أنه لو كان عطفا على الرؤوس, لكان المأمور به مسح األرجل, ال المسح بها, واهلل إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو, ال مسح العضو. وقال: }فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه{, ولم يق أر الق ارء المعروفون في آية التيمم " }وأيديكم{ " بالنصب, كما قرؤوا في آية الوضوء, فلو كان عطفا لكان الموضعان سواء. وذلك أن قوله: }وامسحوا برءوسكم{. 146 الشافعي: الرسالة )6/ 11(. ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )6/ 313(. )6(

164 وقوله: }فامسحوا بوجوهكم وأيديكم{. يقتضي إلصاق الممسوح ألن الباء لإللصاق, وهذا يقتضي إيصال الماء والصعيد إلى أعضاء الطهارة, واذا قيل امسح أرسك ورجلك, لم يقتض إيصال الماء إلى العضو. وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى, ال ازئدة كما يظنه بعض الناس. الثالث: أنه لو كان عطفا على المحل, لقرئ في آية التيمم: فامسحوا وجوهكم وامسحوا أيديكم, فكان في اآلية ما بين فساد مذهب الشارح بأنه قد دلت عليه }فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه{ بالنصب ألن اللفظين سواء, فلما اتفقوا على الجر في آية التيمم, مع إمكان العطف على المحل, لو كان صوابا علم أن العطف على اللفظ, ولم يكن في آية التيمم منصوب معطوف على اللفظ كما في آية الوضوء. ال اربع: كالقول اآلخر, وأن أنه قال: }وأرجلكم إلى الكعبين{ ولم يقل إلى الكعاب, فلو قدر أن العطف على المحل التقدير أن في كل رجلين كعبين, وفي كل رجل كعب واحد, لقيل إلى الكعاب, كما قيل إلى الم ارفق لما كان في كل يد مرفق, وحينئذ فالكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي الساق, ليس هو معقد الش ارك مجمع الساق والقدم, كما يقوله من يرى المسح على الرجلين. فإذا كان اهلل تبارك وتعالى إنما أمر بطهارة الرجلين إلى الكعبين الناتئين, والماسح يمسح إلى مجمع القدم والساق, علم أنه مخالف للقرآن. الوجه الخامس: أن الق ارءتين كاآليتين, والترتيب في الوضوء إما واجب, واما مستحب مؤكد االستحباب, فإذا فصل ممسوح بين مغسولين, وقطع النظير عن النظير, دل ذلك على الترتيب المشروع في الوضوء. الوجه السادس: الوجه السابع: أن السنة تفسر الق آرن, وتدل عليه, وتعبر عنه, وهي قد جاءت بالغسل. أن التيمم جعل بدال عن الوضوء عند الحاجة, فحذف شطر أعضاء الوضوء, )6( وخفف الشطر الثاني, وذلك فإنه حذف ما كان ممسوحا, ومسح ما كان مغسوال". قال الباحث: وبي ن أن الق ارءة ال ت فهم منفصلة عن السنة السيما إن تواتر السنة ففي اختالف الق ارءات دالالت دقيقة مدار إد اركها متعلق بالوقوف على نصوص السنة. قال:" أما الق ارءة األخرى وهي ق ارءة من ق أر ا وأار ج ل ك م ]المائدة: 1[ ب ال خ ف ض ف ه ي ال ت خ ال ف ) 6 (الفتاوى الكبرى البن تيمية )6/ ( 147

165 السنة المتواترة إذا الق ارءتان كاآليتين, و الس ن ة الث اب ت ة ال ت خ ال ف ك ت اب الل ه, بل توافقه وتصدقه, ولكن تفسره وتبينه لمن قصر فهمه ع ن ف ه م ال ق ر آن, ف إ ن ال ق ر آن ف يه د ال ال ت خ ف ي ة ت خ ف ى على كثير من الناس وفيه مواضع ذكرت مجملة ت ف سر ه ا الس نة و ت ب ي ن ه ا" )1(. ": ثان ا يا: استدلله بالق ارءة المتواترة لترجيح حكم فقهي: ومثاله ترجيح شيخ اإلسالم النتقاض وضوء الرجل إن مس الم أرة بشهوة, قال شيخ اإلسالم ظاهر المذهب-أي الحنبلي- أن الرجل متى وقع شيء من بشرته على بشرة أنثى بشهوة انتقض وضوؤه, وان كان لغير شهوة مثل أن يقبلها رحمة لها أو يعالجها وهي مريضة أو تقع مس ت م ا بشرته عليها سهوا وما أشبه ذلك لم ينقض, وعنه ينقض اللمس مطلقا لعموم قوله: أاو ال مس ت م الن ا سا ا ء وحقيقة المالمسة التقاء البشرتين ال الن ا سا ا ء ]المائدة: 1 [,و ق ر اء ة ح م ز ة و ال ك س ائ ي أاو لا ا. سيما اللمس فإنه باليد أغلب " ثم احتج لهذا المذهب بمعنى الق ارءة األخرى, قال:" و الص ح يح األ و ل -أي المس بشهوة هو الذي ينقض الوضوء- ودللته ق ارءة حمزة والكسائي ألن اهلل تعالى أطلق ذكر مس النساء والمفهوم من هذا في عرف أهل اللغة والشرع هو المس المقصود من النساء وهو اللمس للتلذذ وقضاء الشهوة فإن اللمس لغرض آخر ال يفهم من تخصيص النساء بالمس, إذ ال فرق بينهن وبين غيرهن في ذلك المس واللمس, وان كان عامدا لكن نسبته إلى النساء أوحت تخصيصه بالمقصود من مسهن كما خص في الطفلة وذوات المحارم, ويدل على ذلك أن كل مس ومباشرة وافضاء ذكر في القرآن فالم ارد به ما كان مع الشهوة, وجميع األحكام بمسهن مثل تحريم ذلك على المحرم والمعتكف ووجوب الفدية في اإلح ارم وانتشار حرمة المصاهرة وحصول الرجعة عند من يقول بذلك إنما تثبت في مس الشهوة " )3(. ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )6/ 311(. ابن تيمية: شرح عمدة الفقه - من كتاب الطهارة والحج )6/ 363(. ابن تيمية: شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج )6/ 361(. )6( )3( 148

166 المطلب الثالث: االستدالل بالقراءات ألحكام في الصالة والحج. أول: استدلله باختالف الق ارءات المتواترة لحكم البسملة في ق ارءة الفاتحة. اختلف العلماء في كون البسملة آية من آيات سورة الفاتحة, وترتب على هذا فقهي دقيق يتعلق بصحة الصالة فسادها. االختالف حك م و قال اإلمام اآلمدي :" اتفقوا على أن التسمية آية من القرآن في سورة النمل, وانما اختلفوا في كونها آية من القرآن في أول كل سورة, فنقل عن الشافعي في ذلك قوالن, لكن من األصحاب من حمل القولين على أنها من الق آرن في أول كل سورة كتبت مع القرآن بخط القرآن أم ال, ومنهم من حمل القولين على أنها هل هي آية ب أرسها في أول كل سورة, أو هي مع أول آية من كل سورة آية وهو األصح. النمل. وذهب القاضي أبو بكر وجماعة من األصوليين إلى أنها ليست آية من القرآن في غير سورة وقضى بتخطئة من قال بأنها آية من القرآن في غير سورة النمل, لكن من غير تكفير له لعدم ورود.)1( النص القاطع بإنكار ذلك, والحجة لمذهب الشافعي" قال شيخ اإلسالم :" والصواب القطع بخطأ هؤالء- يأ القائلين بخطأ الشافعي في قوله إنها آية- وأن البسملة آية من كتاب اهلل حيث كتبها الصحابة في المصحف إذ لم يكتبوا فيه إال القرآن وجردوه عما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور ولكن مع ذلك ال يقال هي من السورة التي بعدها كما أنها ليست من السورة التي قبلها بل هي كما كتبت آية أنزلها اهلل في أول كل سورة وان لم تكن من السورة وهذا أعدل األقوال الثالثة في هذه المسألة. وسواء قيل بالقطع في النفي أو اإلثبات فذلك ال يمنع كونها من موارد االجتهاد التي ال تكفير وال تفسيق فيها للنافي وال اآلمدي: اإلحكام في أصول األحكام )6/ 613(. 149 )6(

167 للمثبت بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كل واحد من القولين حق وانها آية من القرآن في بعض الق ارءات وهي ق ارءة الذين يفصلون بها بين السورتين وليست آية في بعض الق ارءات )1 ( "وهي ق ارءة الذين يصلون وال يفصلون بها بين السورتين". وقد فص ل العلماء قديم ا وحديث ا في هذه المسألة )3(. قال الباحث: وهذا جمع موفق سدي د بين األقوال كلها, فقد وفق بين األقوال المتنوعة في حكم البسملة في سورة الفاتحة, واستناد اإلمام ابن تيمية في هذا الجمع إنما هو على اختالف الق ارءات المتواترة. )6( ق أر بالبسملة بين السورتين قالون وعاصم وابن كثير وأبو جعفر والكسائي بغير خالف عن أحد منهم, وكذلك األصبهاني عن ورش, ووجه البسملة عند من بسمل كتابتها في المصاحف العثمانية, ووصل السورة بالسورة من غير بسملة حمزة. ابن الجزري: شرح طيبة النشر البن الجزري )ص: 21(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 311(. )3( لالست ازدة انظر: الغ ازلي: المستصفى )ص: 02( وابن حجر: بلوغ الم ارم من أدلة األحكام )ص: 02(. 151

168 ثان ا يا: استدلله بالق ارءات لمسائل في الحج قال ابن تيمية رحمه اهلل:" الحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست بواجبة, وأما إن كان له أقارب محاويج, أو هناك فق ارء تضطرهم الحاجة إلى نفقة فالصدقة عليهم أفضل. أما إذا كان كالهما تطوعا فالحج أفضل, ألنه عبادة بدنية ومالية, وكذلك األضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك لكن بشرط أن يقيم الواجب في الطريق, ويترك المحرمات, ويصلي الصلوات ويصدق الحديث ويؤدي األمانة, وال يتعدى على أحد, فمن فعل شيئا من تلك ا مات المحرمات فقد يكون إثمه أعظم من أجره, فأي فضيلة في هذا قال تعالى: ال ا حج أاش ه ر ا مع ل و فا ا من فا ا ر ا ض ف يه ن ال ا حج فااال ا رفا ا ث ا وال ف س و ا ق ا وال ج ا دا ال ف ي ال ا حج ]البقرة: 611[, فيه ق ارءتان فااال, " )1( ا رفا ا ث ا وا ل ف س و ا ق بالرفع ا وال ج ا دا ال بالفتح: والق ارءة الثانية التسوية بين الكل بالفتح ثم بدأ يوجه الق ارءات بما يخدم المعاني التي تقررت في منهجه مستند ا في ذلك على السنة قال رمحه اهلل: «- - "فالق ارءة األولى الرفع- توافق الحديث الذي في الصحيح أنه قال: ا من ا حج افلام ا ير ف ث ا ولام ا ولا ا دت ه أ م ه«ا يف س ق ا ر ا جع ا اك ا يو م )3( جعل الوعد بالمغفرة لمن لم يرفث ولم يفسق. فالمنهي عنه المحرم في اآلية: هو»الرفث«, وهو الجماع ودواعيه قوال وفعال, و»الفسوق«, هو المعاصي كلها, هذا الذي نهى عنه المحرم. وقوله: ا وال ج ا دا ال نهى المحرم عن الجدال مطلقا, بل الجدال بالتي هي أحسن قد يؤمر ق أر قالون بق ارءة فال رفث وال فسوق وال جدال بفتح الثالثة والحظ االند ارج ابن كثير بالتنوين والرفع في )6( فال رفث وال فسوق فقط واندرج أبو عمرو. وق أر أبو جعفر على هذا الوجه بالتنوين والرفع في وال جدال أيضا. وق أر حمزة بتوسط ال في المواضع الثالثة وق ارءته بالفتح في الثالثة. وق أر يعقوب بالتنوين والرفع في فال رفث وال فسوق فقط والفتح في وال جدال. انظر: محمد سالم: فريدة الدهر في تأصيل وجمع الق ارءات )2/ 226(. ابن تيمية: المستدرك على مجموع الفتاوى )3/ 601(. )6061( ]611 )3( ل الل ه ت ع ال ى: }ف ال ر ف ث } ]البقرة: أخرجه: البخاري/ صحيحه ]أبواب الحصر/ ب اب ق و.)66/3( 151

169 به المحرم وغيره. والمعنى أنه أمر الحج قد بينه اهلل وأوضحه فلم يكن فيه جدال. وأما الق ارءة األخرى,- النصب- فقالوا في أحد القولين: نهي المحرم عن الثالثة: الرفث والجماع وذكره, و»الفسوق«, وهو السباب والجدال. والتحقيق: أن الفسوق أعم من السباب, والجدال المكروه المحرم هو الم ارد. والخصومة من الجدال لقوله - -»من ترك الم ارء وهو محق بني اهلل له بيتا في أعلى الجنة ومن تركه وهو مبطل بنى اهلل له بيتا في ربض الجنة«. )1( وقالوا في القول اآلخر: حكم هذه والفسوق وهي المعاصي كلها. الق ارءة حكم األولى في أن الم ارد نهي المحرم عن الرفث وبين اهلل بعد ذلك أن الحج قد اتضح أمره, فال جدال بالباطل أي ال تجادلوا فيه بغير حق, فقد ظهر وبان, وهذا القول أصح لموافقته الحديث المتقدم, فإن فيه»من حج فلم يرفث ولم يفسق«فقط. وبكل حال فالحاج مأمور بالبر والتقوى". وفي المسائل واألجوبة استطرد في التوجيه, وبيان الم ارد من كل ق ارءة قال:" الرفث: اسم الجماع قوال وعمال, والفسوق: المعاصي كلها, والجدال على هذه الق ارءة - يعني: ق ارءة الرفع - هو الم ارء في الحج فإن اهلل قد أوضحه وبي نه وقطع الم ارء فيه, كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه, وعلى الق ارءة بالنصب قد يفسر بهذا المعنى أيض ا, وقد فسروها بأن ]ال يماري الحاج أحد ا[, والتفسير األول أصح" )3(. )6( أخرجه: الترمذي/ سننه ]أبواب البر والصلة, باب/ ما جاء في الم ارء )6113( ) 360/2 (.قال األلباني: صحيح الترغيب والترهيب )6/ 32( )حسن لغيره( ابن تيمية: المستدرك على مجموع الفتاوى )3/ 601(. ابن تيمية: المسائل واألجوبة )ص: 280(. )3( 152

170 الستدلل بالق ارءات لحكم الصيد باإلح ارم: " في هذا الكالم فصول: أحدها: أن ما وجب ضمانه من الصيد إما بالحرم أو قال : باإلح ارم: فإنه يضمن بمثله من بهيمة األنعام, وهي اإلبل والبقر والغنم وهو ما شابهه في الخلقة والصفة تقريبا ألن اهلل سبحانه قال: م ا ن الن اعم فا ا جازاء م ث ل ا ما قاتا ال م ا ن الن ا عم ]المائدة: 16[. وقد قرئ ا ما قاتا ال فا ا جازاء م ث ل بالتنوين باإلضافة, والمعنى فعطاء مثل المقتول, فالج ازء على هذا مصدر, أو اسم في )6(, فيكون المثل هو الج ازء بعينه وهو بدل منه في اإلع ارب وقرئ ]المائدة: 16[ مصدر أضيف إلى مفعوله وضمن معنى اإلعطاء واإلخ ارج واإليتاء, ومثل هذا: الق ارءتان قوله تعالى: ف د ا ية طا ا عام م س ك ين ]البقرة: 602[, الفدية نفس الطعام وجعل الج ازء: إعطاء المثل. وان كان بعض الق ارء فرق بينهما حيث جعل والم ارد بالمثل: ما مثال الصيد من جهة الخلقة والصورة سواء كانت قيمته أزيد من قيمة المقتول, أو أنقص بداللة الكتاب, والسنة, واجماع الصحابة" )3(. )6( ق أر بالتنوين, ورفع مثل )الكوفيون ويعقوب(, والباقون بغير تنوين وخفض مثل. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 226(. ق أر نافع وابن ذكوان بغير تنوين في ف د ي ة وخفض الميم من طعام والباقون بتنوين ف د ي ة ورفع الميم من طعام وق أر نافع وابن عامر مساكين بفتح الميم والسين وألف بعد السين وفتح النون, وبقية السبعة بكسر الميم وسكون السين وال ألف بعدها وخفض النون منو نة. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 226(. س ارج الدين النشار: المكرر في ما تواتر من الق ارءات السبع وتحرر )ص: 62(. )3( ابن تيمية: شرح عمدة الفقه - من كتاب الطهارة والحج )3/ (. 153

171 وفي استدلل شيخ اإلسالم بالق ارءات للفقه على ق ارءة منسوخة أو شاذة تخالف أصوال ثابتة. ظهر من منهجه الرد على من بنى أحكام ا فقهية ومثاله الرد على ال ارفضة في جواز زواج المتعة فبعد أن استعرض األدلة التي أسسوا عليها كالمهم هذا, وردها, وذكر استداللهم بق ارءة شاذة عن رسم المصحف ق ارءة طائفة من السلف: فا ا ما اس تام تاع ت م ب ه م ن ه ن إلى أا ا جل قال م )1( ا س مى " فإن قيل: ففي قيل: أوال ليست هذه الق ارءة متواترة, وغايتها أن تكون كأخبار اآلحاد. ونحن ال ننكر أن المتعة أحلت في أول اإلسالم, لكن الكالم في داللة القرآن على ذلك. حق. الثاني: أن يقال: هذا الحرف إن كان نزل, فال ريب أنه ليس ثابتا من الق ارءة المشهورة, فيكون منسوخا, ويكون نزوله لما كانت المتعة مباحة, فلما حرمت نسخ هذا الحرف, ويكون األمر باإليتاء في الوقت تنبيها على اإليتاء في النكاح المطلق. وغاية ما يقال: إنهما ق ارءتان, وكالهما واألمر باإليتاء في االستمتاع إلى أجل مسمى واجب إذا كان ذلك حالال, وانما يكون ذلك إذا كان االستمتاع إلى أجل مسمى حالال, وهذا كان في أول اإلسالم, فليس في اآلية ما يدل على أن االستمتاع بها إلى أجل مسمى حالل, فإنه لم يقل: وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمى, بل قال: فا ا ما اس تام تاع ت م ب ه م ن ه ن فاآت وه ن أ ج و ا ره ن االستمتاع: سواء كان حالال, أو كان في وطء شبهة". 22[. ]النساء: فهذا يتناول ما وقع من قال الباحث: فاستدل على بطالن قول ال ارفضة في زواج المتعة الستداللهم بق ارءة شاذة بل وجزم بأنها منسوخة الحكم و التالوة لمعارضتها ألحكام صريحة ثبتت بالنصوص الصحيحة في تحريم نكاح المتعة, وبطالنه, وفساده, وخطأ فاعله, واثمه, لمخالفة الرسول تعالى: باتباعه, واتباع أوامره, وقبول نواهيه, وزواجره )3(., وقد أمر اهلل )6( ر ويت ت هذه الق ارءة عن ابن عباس, وشذوذ هذه الق ارءة من وجوه األول مخالفتها الغير محتملة لرسم المصحف, والثاني: لم يق أر بها أحد من أصحاب العشرة المتواترة, والثالث: تعارض معناها مع الدالئل المتواترة في شروط الزواج, ولهذا ح كم عليها بالنسخ انظر: السمرقندي: بحر العلوم) 6 / 212(. ابن تيمية: منهاج السنة النبوية )2/ (. )3( انظر: ابن أبي حافظ: تحريم نكاح المتعة )ص: 23(. 154

172 قال:" فالروايات المستفيضة المتواترة متواطئة على أنه حرم المتعة بعد إحاللها. والصواب أنها بعد أن حرمت لم تحل, وأنها إنما حرمت عام فتح مكة ولم تحل بعد ذلك" )1(. قال أهل العلم: "وهو زواج متفق على تحريمه بين أئمة المذاهب, وال تتعلق به األحكام الواردة في القرآن بصدد الزواج, والطالق, والعدة, والمي ارث, وجاءت األحاديث مصرحة بتحريمه. وألنه يقصد به قضاء الشهوة, وال يقصد به التناسل, وال المحافظة على األوالد, وهي المقاصد االصلية للزواج, فهو يشبه الزنا من حيث قصد االستمتاع دون غيره. ثم هو يضر بالم أرة, إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل. يجدون البيت الذي يستقرون فيه, ويتعهدهم بالتربية والتأديب" من يد إلى يد, كما يضر باألوالد حيث ال ومنهج شيخ اإلسالم في هذا الباب دقيق فاستدل بما ثبت للرد عليهم, معتمد ا على النصوص الواردة, ووجه أدلتهم وأظهر فسادها, وفساد االستدالل بها. ا ما لترجيح وفي المقابل فإنه قد استدل أي ا ضا بالسنة المتواترة على نسخ ق ارءة تالوةا وحك حكم فقهي اختلف العلماء فيه. اختالفهم في ومثاله: عدد الرضعات التي ت حر م فقيل: الرضاعة قليلها وكثيرها, وقيل ثالث رضعات, ورجح شيخ اإلسالم أن الرضاعة الم ح ر مة خمس رضعات مشبعات معتمد ا على أدلة منها: - ع ن ع ائ ش ة ر ض ي الل ه ع ن ه ا - أ ن ه ا ق ال ت : " ك ان ف يم ا أ ن ز ل م ن ال ق ر آن : ع ش ر ر ض ع ا ت )4( )3( م ع ل وم ات ي ح ر م ن, ث م ن س خ ن, ب خ م س م ع ل وم ات, ف ت و ف ي ر س ول اهلل, و ه ن ف يم ا ي ق ر أ م ن ال ق ر آن " فهذه الرواية الصحيحة أثبت أن عدد الرضعات المحر مة كانت في ق ارءة منسوخة عشر رضعات, ثم نسخ الحكم بخمس, فكان دليال قاطع ا في استدالله بثبوت نسخ الق ارءة للحكم الجديد, ابن تيمية: منهاج السنة النبوية )2/ 601(. )6( انظر: سيد سابق: فقه السنة )2/ 23-22(. ب اب / الت ح ر يم ب خ م س ر ض ع ات )6262( )6816/2([. )3( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ الرضاع, انظر: ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )3/ 610( و مجموع الفتاوى )32/ 22(. 155

173 وترجيحه له. المطلب الثالث: االستدالل بالقراءات للرقائق واآلداب أول: استدلله بالق ارءات للرقائق والوعظ: دعت اآليات في كتاب اهلل تعالى-وبكثرة- والترغيب في اآلخرة والتعظيم من أمرها ونعيمها. إلى العزوف عن الدنيا والتقليل من شأنها ومتاعها قال تعالى: ا متااع ال ا ح ا ياة الد ن ا يا ف ي اآل خ ا رة إ ل اقل يل فا ا ما ]التوبة: 03[. وقال تعالى: ا متا اع ا ما ال ا ح ا ياة الد ن ا يا ف ي اآل خ ا رة إ ل ا وفار ح وا ب ال ا ح ا ياة الد ن ا يا ا و ]الرعد: 21[. وقال تعالى: ا ول ب ي وت ه م أاب ا وا ا با ا وس ر ا را ا علاي ا ها ا يت ك ئ و ا ن الد ن ا يا ا واآل خ ا رة ع ن ا د ا رب اك ل ل م ت ق ي ا ن ]الزخرف: 32[. ا متااع ال ا ح ا ياة ا وز خ ر فاا ا وا ن ك ل اذل اك لام ا. )1( وع ن أ ب ي ه ر ي ر ة, ق ال : ق ال ر س ول ا هلل :»الد ن ا يا س ج ن ال م ؤ م ن ا و ا جن ة ال اكاف ر» وع ن م ط ر ف, ع ن أ ب يه, ق ال : أ ت ي ت و ه و ي ق ر أ : أ ل ه اك م الت ك اث ر, ق ال : " ا يق ول اب ن آ ا د ا الن ب ي م: ا ما أااكل ا ت فاأاف اني ا ت أاو لاب س ا ت فاأاب لاي ا ت أا و ا مال ي قاا ا ل: ا واهل لا ا ك ا يا اب ا ن آ ا د ا م م ن ا مال اك إ ل ا مال ي. تا اصد ق ات فاأام اضي ات " وفي ذلك صنف أرباب العلم المصنفات, من أوعظها وأرقها )التذكرة في أحوال الموتى وأمور اآلخرة, لإلمام القرطبي( و)العاقبة في ذكر اآلخرة, لإلمام عبد الحق األشبيلي( و ( الزهد والرقائق, البن المبارك( و) بهجة المجالس وأنس المجالس, ألبي عمر بن عبد البر( )3(. )6( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ الزهد الرقائق )2161( )2212/2([. أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ الزهد الرقائق )2160( )2213/2([. انظر: الثعالبي: الجواهر الحسان في تفسير القرآن )11-16/6(. )3( 156

174 استدلله بالق ارءة المتواترة لتحقيق التقوى: أم ر اهلل بالتزود من ازد التقوى والتحلي به فهو خير لباس يلبسه المرء فاإ ن اخي ار الز اد الت ق اوى اوات ق ون ا يا أ ول ي األ ال ا باب ]البقرة: 611[. قال : ا وتاازو د وا وقال تعالى: ا يا ا بن ي آ ا د ا م قاد أان ازل انا ا علاي ك م ل ا با ا سا ي ا وار ي ا سو آت ك م ا ور ي اشا ا ول ا باس الت ق ا وى اذل اك اخي ر ]األع ارف: 21[. قال شيخ اإلسالم في اآلية: " و ف يه م ا ق ارءتان )1( إ حداهما ب الن صب ف يكون ل باس الت قو ى أ يضا منزال, وأما ق ر اء ة الر ف ع ف ال وكلتاهما حق". فدلل على أن الت ازم التقوى إنما هو ب ي د اهلل, بل والتقوى مي ازن التفاضل الحقيقي بين,]63 البشر, قال تعالى: ا مك م ع ن ا د الل ه أات قااك م إ ن أاك ا ر ]الحج ارت: ومنهج شيخ اإلسالم االستدالل بق ارءة متواترة لبيان أن التقوى منزل من عند اهلل, وهذا يدفع العبد ويدعوه بذل وانابة أن يرزقه حقيقة التقوى. المؤمن أن يلجأ إلى اهلل )6( ق أر المدنيان والشامي والكسائي»ولباس الت قوى«بالنصب, الباقون بالرفع. الق ارءات العشر )2/ 208(. ابن تيمية: دقائق التفسير )2/ 620(. الواسطي المقرئ: الكنز في 157

175 استدلله بالق ارءة الشاذة للرقائق والوعظ: قال اإلمام ابن تيمية " رمحه اهلل: وكذلك الق ارءة المشهورة: ا وات ق وا ف ت ان اة ال ت ص ي ا بن ال ذ ي ا ن ظالام وا م ن ك م اخاص اة ]األنفال: 26[. وق أر طائفة من السلف: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وكال الق ارءتين حق فإن الذي يتعدى حدود اهلل هو الظالم وتارك اإلنكار عليه قد يجعل غير ظالم لكونه لم يشاركه وقد يجعل ظالما باعتبار ما ترك من اإلنكار الواجب )1( وعلى هذا قوله: ا ما افلام ا انس وا ا وأا اخذ انا ال ذ ي ا ن ظالام وا ب ا عاذاب ا بئ يس ب ا ما اكان وا ا يف س ق و ا ن ذ ك ر وا ب ه أان ا جي انا ال ذ ي ا ن ا ين ا هو ا ن ا عن الس وء ]األع ارف: 16 [. فأنجى اهلل الناهين. وأما أولئك الكارهون للذنب الذين قالوا: ل ا م تاع ظ و ا ن قاو ا ما ]األع ارف 12[. فاألكثرون على أنهم نجوا ألنهم كانوا كارهين فأنكروا بحسب قدرتهم. وأما من ترك اإلنكار مطلقا فهو ظالم يعذب ك م ا ق ال الن ب ي»إ ن الن ا ا س إ اذا ا رأاو ا ال م ن اك ا ر ا ل ي اغي ر وانه أاو اش اك أا ن ا يع م ه م الل ه ب ع قااب ه «و ه ذ ا ال ح د يث م و اف ق ل آل ي ة, و ال م ق ص ود ه ن ا أ ن ه ي ص ح الن ف ي و اإل ث ب ات ب اع ت ب ار ي ن قاو لاه : ك م ا أ ن ال ت ص ي ا بن ال ذ ي ا ن ظالام وا م ن ك م اخاص اة ]األنفال: 26[., تتناول من أرى المنكر فلم يغيره ومن ق أر لتصيبن الذين ظلموا منكم أي ال تختص بالمعتدين بل خاصة أدخل في ذلك من ترك اإلنكار مع قدرته عليه وقد ي ارد بذلك أنهم يعذبون في الدنيا ويبعثون على نياتهم كالجيش الذين يغزون البيت فيخسف بهم كلهم ويحشر المكره على نيته " )3(. فلما يعلم العبد أن ترك األمر بالمعروف سبب في نزول العذاب ينخلع قلبه فرقا ووجال من اهلل وهذا ما دللت عليه الق ارءة األخرى. )6( )ل ت ص يب ن ) : ب غ ي ر أ ل ف, وهي ق ارءة شاذة, انظر: أبو البقاء العكبري: التبيان في إع ارب القرآن )2/.)126 أخرجه: ابن ماجه/ سننه ]كتاب الفتن, باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر )2886()6321/2([. وقال األلباني في تحقيق المشكاة: )صحيح(, انظر: مشكاة المصابيح )3/ 6222( )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى ) /61( 158

176 ينكر "وفي اآلية دليل على وجوب الم ارعاة وأخذ الحذر واالحت ارس من الفتن قبل وقوعها" )1(. ومنهج شيخ اإلسالم في هذا الموضع أنه استدل بالق ارءة الشاذة التي تضيف معن ا وعظي ا رقيق ا, واستدل بها لكون التارك لألمر بالمعروف قد ي جعل مع الظالمين, عليهم, مع االستطاعة ولو بقلبه. يستدل آخر مثال وفي إن لم ب ويصيبه العذا بق ارءة مخالفة لرسم المصحف, فذكر في صفات المؤمنين قول ه تعالى: ال ذ ي ا ن إ اذا ذ ك ا ر الل ه ا وج لات ق ل وب ه م ]األنفال: 2[. قال :" وفي ق ارءة ابن مسعود: والذين إذا ق ل وب ه م فارقات ذ ك ا ر الل ه. وهذا صحيح فإن " الوجل في اللغة " هو الخوف يقال: حمرة الخجل وصفرة الوجل, ومنه قوله تعالى: ا وال ذ ي ا ن ا ما آتاو ا اوق ل وب ه م اوج لاة أان ه م إ لا ى ارب ه م اراج ع و ا ن ]المؤمنون: 18[., قالت عائشة: أ ه و ال ذ ي ي ؤ ت و ا ن ي ز ن ي, و ي س ر ق, و ي ش ر ب ال خ م ر ق ال :) ال ا يا ب ن ا ت أاب ي ا بك ر أاو ا يا ب ن ا ت الص د يق ا ولاك ن ه الر ج ل ا يص وم. )3(" ا و ا يتا ا صد ق ا وي ا صل ي ا وه ا و ا ي اخاف أان ال ي تاقاب ال م ن ه ( )6( الكرجي: النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم واألحكام )6/ 210(. أخرجه: ابن ماجه: سننه [ كتاب الخوف من اهلل عز وجل )121( )263/2([ انظر صحيح وضعيف سنن ابن ماجة )1/ 610, بترقيم الشاملة آليا( )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )1/ 61(. قال األلباني: حسن, 159

177 تان ا يا: استدلله بالق ارءات لآلداب العامة واألخالق: اشتملت دعوة األنبياء جميع ا الحث على اآلداب واألخالق, بعد أن حققوها في أنفسهم قال تعالى: ا وا ن اك لا ا علاى خ ل ق ا عظ يم )6( عن سعد بن ه ش ام األنصاري ]القلم: 2[.»أالاس ا ت تاق ا رأ ال ق ر آ ا ن «ق ل ت : ب ل ى, ق ال ت :»فاإ ن خ ل ا ق انب ي اهلل وسميت سورة الحج ارت بسورة األخالق واألدب ألنها قال : ق ل ت : ي ا أ م ال م ؤ م ن ين أ ن ب ئ ين ي ع ن خ ل ق ر س ول ا هلل, ق ال ت : اكا ا ن ال ق ر آ ا ن«. أرشدت إلى مكارم األخالق, وفضائل األعمال, وجاء فيها النداء بوصف اإل يمان خمس م ارت, وفي كل مرة إرشاد إلى مكرمة من المكارم )3( وفضيلة من الفضائل, ودعت إلى آداب المجتمع اإلسالمي وكيفية تنظيمه. فع ن أ ب ي ه ر ي ر ة, ق ال : ق ال ر س ول ا هلل : " إن م ا ب ع ث ت أل ت م م ص ال ح األ خ ال ق " )4(. ودعت السورة ذاتها في صدرها لتوقير النبي ولهذا المعنى عظيم حق النبي- استدل شيخ اإلسالم بق ارءة خارجة عن رسم المصحف, قال ابن تيمية رمحه اهلل:" ولهذا ح ق النبي وخلفائه في دعوته على المدعوين والمعلمين أعظم من حقوق اآلباء, كما قال تعالى: الن ب ي أاو لاى ب ال م ؤ م ن ي ا ن )6( سعد بن هشام بن عامر األ ن ص اري المدني ابن عم أنس. تابعي جليل ر و ى ع ن: ابيه وعائشة, وابن عباس, وأ بي ه ر يرة وسمرة بن جندب, وأنس رضي اهلل عنهم وعنه حميد بن هالل وز اررة بن أبي أوفى, وح ميد بن عبد الرحمن الحميري, و الح سن البصري. توفي بالهند ه انظر, ابن حجر: تهذيب التهذيب )3/ 203( والذهبي: تاريخ اإلسالم تاريخ اإلسالم )2/ 131( أ و و م ن ن ام ع ن ه أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب: ص ال ة ال م س اف ر ين و ق ص ر ه ا/ ب اب ج ام ع ص ال ة الل ي ل, م ر ض )121( /6( ])663. )3( انظر: الصابوني: صفوة التفاسير )3/ 226 ( الزحيلي: التفسير المنير )21/ 266(. أخرجه: أحمد/ مسنده ]مسند المكثرين من الصحابة/ حديث أبي هريرة )0162( )62/ 663([. قال األلباني: فالحديث صحيح. سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها )6/ 662( 161

178 م ن أان ف س ه م ا وأاز ا واج ه أ م ا هات ه م 1[., ]األح ازب: )1( وفي الق ارءة األخرى: "وهو أب لهم" و"حكى قتادة والحسن: بأنه كان ي ق أر في بعض الق ارءات: اآلن لمخالفته المصحف واإلجماع". " م ن أنف س ه م ا وه ا و أاب لاه م " وال ينبغي أن يق أر بذلك ومن أهم األخالق التي ت صلح المجتمع ا صدق الحديث, ودقة النقل والتثبت من األخبار, قال شيخ اإلسالم:" والمقصود هنا أن الخبر قد يعلم أنه صدق, وقد يعلم أنه كذب, وقد ال يعلم واحد منهما, والعلم بأنه صدق له معنيان: أحدهما: بدون خبره أن يعلم أنه مطابق لمخبره من غير جهة المخبر كمن أخبرنا بأمور يعلم أنها حق والثاني: أن يعلم أن المخبر به صادق فيه, وقد يجتمع األم ارن بأن يعلم ثبوت ما أخبر به, ويعلم أنه صادق فيه, وقول محمد )إني رسول اهلل( هو من هذا الباب كما سنبينه إن شاء اهلل, وكذلك كونه كذبا قد ي ارد به أنه على خالف مخبره, وان كان صاحبه لم يتعمد الكذب, قاا ال تا ا عالاى: إ ن ا جا ا ءك م فااس ق ب ان ا بإ فاتا ا بي ن وا ]الحجر ات:... و ل ه ذ ا.]1 وفي الق ارءة األخرى: فأمر )فتثبتوا(, بالتبين والتثبت إذا أخبر الفاسق بخبر, ولم يأمر بتكذيبه بمجرد إخباره ألنه قد يصدق أحيانا, فلما أمر سبحانه بالتبين والتثبت في خبر الفاسق دل ذلك على أنه ال يجوز تصديقه بمجرد إخباره, إذ كان فاسقا الفاسق قد يصدق " )3(. قد يكذب, وال يجوز أيضا تكذيبه قبل أن يعرف أنه قد كذب, وان كان فاسقا, ألن )4( فأفادت الق ارءتان المتواترتان فيم بينه ابن تيمية- ضرورة التثبت والتبين من األخبار إن جاء بها الفاسق, وهذا ال يعني بالضرورة تكذيب الفاسق مطلقا قبل ثبوت الكذب فقد يكون صاد قا, )6( ابن تيمية - عزير شمس: جامع المسائل )2/ 212(. مكي بن أبي طالب: الهداية الى بلوغ النهاية )1/ 6101(. )3( ابن تيمية: الجواب الصحيح) 1 / (. ق أر الكوفيون إال عاصما»فتثبتوا«بتاء وثاء بينهما باء من الثبات الباقون بياء ونون بينهما ياء من البيان, وكذا الذي بعده, وفي الحج ارت. )وق أر المدنيان وابن عامر وحمزة وخلف(»لمن ألقى إليكم الس لم«بغير ألف بعد الالم. انظر: الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر. 161

179 ونكون قد أعرضنا عن نبأ صادق. وقد تعرض شيخ اإلسالم لنفس الق ارءة في موضع آخر من ا من وا إ اذا ا ض ا رب ت م ف ي ا سب يل الل ه فاتا ا بي ن وا القرآن الكريم وهي قوله تعالى: يأاي ا ها ال ذ ي ا ن آ ]النساء: 12[. قال:" وفي الق ارءة األخرى )فتثبتوا( فأمرهم بالتبين والتثبت في الجهاد, وأن ال يقولوا للمجهول حاله: لست مؤمنا, يبتغون عرض الحياة الدنيا, فيكون إخبارهم عن كونه ليس مؤمنا خب ار بال دليل بل لهوى أنفسهم ليأخذوا ماله, وان كان ذلك في دار الحرب إذا ألقى السلم, وفي الق ارءة األخرى )السالم( فقد يكون مؤمنا يكتم إيمانه كما كنتم أنتم من قبل مؤمنين تكتمون إيمانكم, فإذا ألقى المسلم السالم فذكر أنه مسالم لكم ال محارب فتثبتوا وتبينوا, ال تقتلوه وال تأخذوا ماله حتى تكشفوا أمره, هل هو صادق أو كاذب " )1(. أجل ودعوة األخالق هنا من خالل الق ارءتين تتمثل في عدم اتباع المسلم هواه في القتال من غنيمة أو غيرها دون أن يتثبت من دين اآلخر, فقد يكون مسلم ا يكتم إيمانه. وفي العالقة الزوجية وان حدث الشقاق والنشوز فقد حثت اآليات على ضرورة تا اخاف و ا ن ن ش وازه ن أخرى قال ]النساء: 32[. رمحه اهلل:" الن ش وز " ف ي تبرز أهمية األخالق واألدب المتبادل بين الزوجين كما بينت األدلة, وعظ الرجل للزوجة قال تعالى: ا والال ت ي وقد بين شيخ اإلسالم هذا المعنى الرقيق بحمل ق ارءة متواترة على قاو له تا ا عالاى تا اخاف و ا ن ن ش وازه ن عن زوجها ه و أ ن ت ن ش ز أ و ت خ ر ج م ن م ن ز ل ه ب غ ي ر إذ ن ه و ن ح و ذ ل ك م م ا فيه فتنفر عنه بحيث ال تطيعه إذا دعاها للف ارش ل ه : ا وا اذا ق ي ال ان ش ز وا فاان ش ز وا ]المجادلة: امتناع عما يجب عليها من طاعته. و أ م ا الن ش وز ف ي ق و 66[. فهو النهوض والقيام واالرتفاع وأصل هذه المادة هو االرتفاع والغلظ ومنه النشز من األرض وهو المكان المرتفع الغليظ و م ن ه ق وله ت ع ال ى نرفع بعضها إلى بعض ومن ق أر )ن ن ش ر ه ا( الغلظ واالرتفاع ج ه ا" )3(. ع ن ط اع ة ز و ا وان ظ ر إلاى ال ع اظام اكي اف ن ن ش ز اها أ ر اد ن ح ي يه ا 261[. أ ي ]البقرة: فسمى الم أرة العاصية ناش از لما فيها من )6( ابن تيمية: الجواب الصحيح) 1 / 261(. ق ر أ اب ن كثير و ن اف ع و أ ب و ع م رو, ويعقوب/ ننشرها / ب ض م الن ون األولى وبال ارء, و ق ر أ الباقون }ننشزها{ بال ازي, انظر: ابن مجاهد: السبعة في الق ارءات )ص: 601 ( األزهري: معاني الق ارءات )6/ 222(. )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ 266(. 162

180 الشريعة )1( واألرحام( وكذلك فقد استدل لوجوب صلة األرحام الذي وهو من اآلداب العامة التي دعت إليها قال شيخ اإلسالم:" وأما قول الناس: أسألك باهلل وبالرحم, وق ارءة من ق أر: )تساءلون به فهو من باب التسبب بها, فإن الرحم توجب الصلة, وتقتضي أن يصل اإلنسان ق اربته, فسؤال السائل بالرحم لغيره, يتوسل إليه بما يوجب صلته: من الق اربة التي بينهما, ليس هو من باب اإلقسام, وال من باب التوسل بما ال يقتضي المطلوب, بل هو توسل بما يقتضي المطلوب, كالتوسل بدعاء األنبياء, وبطاعتهم, والصالة عليهم" الدعاء بها. وفي قال رحمه اهلل:" بعض المواطن سورة تبت-المسد- وهي من جملة األعمال الصالحة التي يجوز بي ن أن الق اربة الحقيقة إنما هي اربطة الدين, ال اربطة الدم والنسب, نزلت في هذا-أبي لهب- وام أرت ه وهما من أشرف بطنين في قريش وهو عم علي وهي عمة معاوية واللذان تداوال الخالفة في األمة هذان البطنان,... وليس في القرآن ذم من كفر به باسمه إال هذا وام أرته ففيه أن األنساب ال عبرة بها بل صاحب الشرف ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم...وفي ق ارءة عبد اهلل: وقد تب" )3(. وقيل في تفسيرها: تبت, يكون األولى تتضمن معنى الدعاء عليه, والثانية تتضمن الخبر, والم ارد من ق ارءة ابن مسعود هذا الخس ارن المبين في حقه وحق زوجه قال الباحث:. )4( تحقيق وقد استدل اإلمام ابن تيمية بق ارءة شاذة عن رسم المصحف تضمنت معنى الق ارءة المتواترة وأكدته, في بيان أن األصل في اآلداب اإلسالمية احت ارم الناس وأنساب هم ولما ط ع ن هذا الم هين-أبو لهب- في رسول اهلل, وتمادى في لتوكيد ذمه, واالنتصار لصاحب الخلق الرفيع. إيذائه, جاءت الق ارءة المست دل بها)وقد تب( وهي ق ارءة حمزة, انظر: اليشكري: الكامل في الق ارءات العشر واألربعين ال ازئدة عليها )ص: 381 ( أبو )6( شامة: إب ارز المعاني من حرز األماني )ص: 266(. ابن تيمية: اقتضاء الص ارط )2/ 321(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 182(. )3( انظر: الف ارء: معاني القرآن )3/ 210 ( النحاس: إع ارب القرآن )6/ 612(. 163

181 المبحث الرابع: منهج ابن تيمية في االستدالل بالقراءات للتفسير واللغة 164

182 المطلب األول: االستدالل بالقراءات لتفسير القرآن الكريم تفسير القرآن بالق آرن الثابت مثله أفضل طرق التفسير قال شيخ اإلسالم:" إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن, فما أ ج م ل في مكان فإنه قد ف س ر في موضع آخر, وما اخ ت ص ر من مكان فقد ب س ط في موضع آخر" )1( وينسحب هذا-بالقياس المساوي- المتواترة للتفسير, وفي مرتبة دونها االستدالل للتفسير بالق ارءات الشاذة. على االستدالل بالق ارءات واختالف الق ارءات المتواترة والشاذة, ال ريب في أنه سيورث اختالف ا في التفسير, وكما أن االختالف في الق ارءات المتواترة متعاضد وغير متضارب فما سينبني عليه من اختالف التفسير سيكون كذلك غالب ا. قال الذهبي-المعاصر- ": يكون في اآلية الواحدة ق ارءتان أو ق ارءات, فيفس ر كل منهم على حسب ق ارءة مخصوصة فيظن ذلك اختالفا, وليس باختالف". : قال ابن تيمية من تجده األهواء يورث الذي األمة بين االختالف أكثر أن "واعلم هذا الضرب, وهو: أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبته, أو في بعضه مخطئا في نفي ما عليه اآلخر, كما أن القارئين كل منهما كان مصيبا في الق ارءة بالحرف الذي علمه, مخطئا في نفي حرف غيره فإن أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب, ال في اإلثبات, ألن إحاطة اإلنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه ولهذا نهيت هذه األمة أن تضرب آيات اهلل بعضها ببعض ألن مضمون الضرب: اإليمان بإحدى اآليتين والكفر باألخرى - إذا اعتقد أن بينهما تضادا - إذ الضدان ال يجتمعان" )3(. ابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير )ص: 31(. الذهبي: التفسير والمفسرون )6/ 686(. ابن تيمية: اقتضاء الص ارط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم )6/ 626(. )6( )3( 165

183 أوال: االستدالل بالقراءات المتواترة للتفسير تفسير القرآن بالق ارءة األخرى المتواترة ال ن ازع في قبوله إذ إن الق ارءات إن تواترت فهي قرآن وتفسيره بها من أولى وجوه تفسير الق آرن. : قال الذهبي "من تفسير القرآن بالقرآن: حمل بعض الق ارءات على غيرها, فبعض )1( المعنى" الق ارءات تختلف مع غيرها في اللفظ وتتفق في ولقد غزرت اآليات التي فسرها شيخ اإلسالم بحملها على قراءات أخرى متواترة, ومن أمثلة ذلك: 6- قوله تعالى: ا ول ا يح ك م أاه ل اإل ن ج يل ب ا ما أان از ال الل ه ف يه ]المائدة: 21[. ": قال فيها شيخ اإلسالم ه و خطاب لمن ك ان ع لى دين الم س يح قبل الن س خ و الت ب د ي ل ال الموجودين بعد مبعث محمد.- - أ ه ل اإل ن ج يل " ب ك س ر الال م ك ق ر اء ة ح م ز ة وهذا القول يناسب فإن هذه الم كي, ف إ ن ه ت ع ال ى ق ا ل م ن اس ب ة ظ اه ر ة لق ارءة من ق أر " و ل ي ح ك م ا وقاف ي انا ا علاى آثاار ه م ا وآتاي اناه اإل ن ج ي ال ف يه ه ا دى ا ون ور ا وم ا صد قاا ل ا ما ا مر ا ي ا م م ا صد قاا ل ا ما ا بي ا ن ا ي ا دي ه م ا ن الت و ا راة ب ع ي اسى اب ن ا من لا م ا و ا مو ع ظا اة ل ل م ت ق ي ا ن - ا ول ا يح ك م أاه ل اإل ن ج يل ب ا ما أان از ال الل ه ف يه ا وه ا دى ا و ا بي ا ن ا ي ا دي ه م ا ن الت و ا راة ا يح ك م ب ا ما أان از ال الل ه فاأ ولائ اك ه م ال فااس ق و ا ن ]المائدة: " )3(, ثم قال: " ]21-21 ومعلوم أن الحكم الذي أمروا أن يحكموا به من أحكام التو ارة ولم ينسخه اإلنجيل وال القرآن, فكذلك ما أمروا أن يحكموا به من أحكام اإلنجيل هو مما لم ينسخه القرآن وذلك أن الدين الجامع أن يعبد اهلل وحده ويأمر بما أمر اهلل به ويحكم بما أنزله اهلل في أي كتاب أنزله ولم ينسخه, فإنه يحكم به" )4(. فج مع شيخ اإلسالم بين الق ارءتين وحمل الثانية على األولى من وجهين, األول: أن يكون الخطاب لهم بتحكيم اإلنجيل في زمانهم, والثاني: بتحكيم أحكام اإلنجيل التي أقرها القرآن ت نسخ. ولم الذهبي: التفسير والمفسرون )6/ 32(. انظر ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 261(. ابن تيمية: الجواب الصحيح) 2 / 222(. ابن تيمية: الجواب الصحيح) 2 / 231(. 166 )6( )3(

184 2- قوله تعالى: ]إب ارهيم: 21[. ا مك ر ه م ا وا ن ا كا ا ن ا مك ر ه م ل تاز و ال م ن ه ال ج ا بال ا مك ا ره م ا وع ن ا د الل ه ا وقاد ا ماكر وا قال ابن تيمية : "وفيه ق ارءتان: "ل تزو ل ", فيدل على النفي, أي: ما أكثر الق ارء يقرءون كان مكرهم لتزول منه الجبال. "ل تزو ل " بالرفع على اإلثبات وق أر بعض هم )1(, أي: إن كان مكر هم تزول, هذا تقدير البصريين. والكوفي ون يقدرون: ما كان مكرهم أال تزول" والمعنى على ق ارءة الفتح أن الجبال تزول لشدة مكرهم وعظمته, وفي ق ارءة الكسر يكون المعنى أن مكر هم أضع ف من أن تزول منه الجبال )3(. ا ما أ وت ا ي م و ا سى أا ا ولام 3- قوله تعالى: افلام ا ا جا ا ءه م ال ا حق م ن ع ن د انا قاال وا لاو ال أ وت ا ي م ث ال ا ما أ وت ا ي م و ا سى م ن قاب ل قاال وا س ح ا ران تاظاا اه ا را ا وقاال وا إ ن ا ب ك ل اكاف ر و ا ن ]القصص: 20[. ا يك ف ر وا ب قال ابن تيمية :" و ل ه ذ ا ي ق ر ن سبحانه بين التو ارة والقرآن, و ف ي ال ق ر اء ة األ خ ر ى قاال وا )4( ا ساح ا ران أ ي محمد وموسى. ا وقاال وا إ ن ا ب ك ل اكاف ر و ا ن ق ل فاأ ت وا ب ك تااب م ن ع ن د الل ه ه ا و أاه ا دى م ن ه ا ما أات ب ع ه إ ن ك ن ت م ا صاد ق ي ا ن ]القصص: - 20 ]21. فلم ينزل كتاب من عند اهلل أهدى من التو ارة والقرآن " )5(. بينت اآلية في الق ارءة األولى اتهامهم للتو ارة والقرآن بأنهما سحر, وأفادت الق ارءة الثانية أنهم اتهموا محمد بأنه ساحر كما اتهموا موسى بالتهمة ذاتها وهذا ما ذهب إليه شيخ اإلسالم الكسائي»لتزول«بفتح الالم األول ورفع الثاني, انظر: ابن مجاهد: )6( ق أر 313 ( والواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 626( جامع المسائل البن تيمية - عزير شمس )6/ 26( 167 )3( )6( انظر ابن خالويه: الحجة في الق ارءات السبع )ص: ( السبعة في الق ارءات )ص: ق أر عاصم وحمزة والكسائي وخلف }ق ال وا س ح ر ان ت ظ اه ر ا{ ]20[ بغير ألف, وكسر السين. وق أر الباقون }س اح ر ان } باأللف وكسر الحاء, أبو بكر النيسابوري: المبسوط في الق ارءات العشر )ص: 326(. ابن تيمية: الجواب الصحيح) 6 / (

185 في تفسيره لآلية بالوجهين, ويحتمل السياق أن يكون السالم. الم ارد بقوله )ساح ارن( موسى وهارون عليهما ا م ا عه ر ب ي و ا ن اكث ير فا ا ما ا واهن وا ل ا ما أا ا صا ا به م ف ي ا سب يل الل ه 2- وقوله تعالى: ا واكأاي ن م ن انب ي قااتا ال ا ما اس تااكان وا ا والل ه ي ح ب الص اب ر ي ا ن ا ما ا ضع ف وا ا و ا و ]آل عم ارن: 621[. قال أهل الق ارءة: واخت لف في "قتل معه" فنافع وابن كثير وأبو عمرو, وكذا يعقوب بضم القاف وكسر التاء بال ألف مبنيا للمفعول, والباقون قاتل بفتح القاف والتاء وألف بينهما بوزن فاعل, وعن الحسن "ربيون" بضم ال ارء فيكون من تغيير النسب إن كان منسوبا إلى الرب, فإن كان منسوبا إلى )1( الربة وهي الجماعة فال تغيير, وفيها لغتان الكسر والضم "وقرئ-»قتل«- بالتشديد قال ابن جني: وحينئذ فال ضمير في الفعل لما في التضعيف من الداللة على التكثير وهو ينافي إسناده إلى الواحد, وأجيب بأنه ال يمتنع أن يكون فيه ضمير األول ألنه في معنى الجماعة" قال شيخ اإلسالم: "وق ر ئ بالحركات الثالث في ال ارء, فعلى معه هم الذين ما و هنوا وما ضعفوا وما استكانوا. هذه الق ارءة الربيون الذين قاتلوا وأما على ق ارءة أبي عمرو وابن كثير ونافع "ق ت ل " ففيها وجهان: أحدهما: يوافق معنى هذه اآلية, أي ق ت ل معه ربيون كثير, فالربيون مقتولون, فما وهنوا أي ما وهن من بقي منهم لقتل كثير منهم. والثاني: أن النبي ق ت ل ومعه رب يون كثير, فما وهنوا لقتل نبيهم, لكن هذا المعنى ال يناسب لفظ اآلية, فإنه سبحانه قال: "ربيون كثير", فالمناسب أنهم مع كثرة المصيبة الشاملة لهم ما وهنوا. ولو أريد أن النبي ق ت ل ومعه ناس لم يخافوا لم يحتج إلى تكثيرهم, بل كان تقليلهم هو المناسب, يقول: هم مع قلتهم وقتل نبيهم لم يخافوا. وأما إذا كانوا كثيرين لم يكن مدح هم بعدم الخوف فيه عبرة. انظر: البنا الدمياطي: إتحاف فضالء البشر في الق ارءات األربعة عشر )ص: 221(. األلوسي: تفسيره روح المعاني )2/ 211(. )6( 168

186 وأيض ا فإذا و ص ف من ق ت ل نبي ه بكونهم كثيرين لم يكن في هذا حجة على الصحابة وال عبرة لهم, فإنهم يوم أحد كانوا قليلين, وكان العدو أضعاف هم, فكانوا يقولون: أولئك كانوا ألوف ا مؤلفة فلهذا لم ي ه ن وا, ونحن قليلون, وقوله ا واكأاي ن م ن انب ي يقتضي الكثرة, وهذا ال ي عر ف أن أنبياء كثيرين ق ت ل وا في الجهاد. وأيض ا فيقتضي أن المقتولين كان مع كل واحد ربيون كثيرون, فيكون قد ق ت ل أنبياء كثيرون, ومع كل واحد خلق عظيم, وهذا لم ي وج د. ثم ذكر بعدها معنى آخر, وهو أن من قبلكم كانوا يقاتلون, في ق ت ل معهم خلق كثير وهم ال ي ه ن ون. ويكون ذكر الكثرة مناسب ا ألنه إن ق ت ل منهم كثير فهذا يقتضي الوهن وما و ه نوا, وان كان الذين قاتلوا كثيرين وما و ه نوا دل على إيمانهم كلهم مع الكثرة. وأيضا فكون النبي قاتل معه أو ق ت ل معه رب يون كثير ال يستلزم أن يكون معهم في الغ ازة, بل كل من اتبع النبي وقاتل على دينه فقد قاتل معه, وكذلك كل من ق ت ل على دينه فقد ق ت ل معه, وحينئذ تظهر كثرة هؤالء, فإن الذين قاتلوا وأصيبوا وهم على دين األنبياء كثيرون. ويكون في هذه اآلية عبرة لكل المؤمنين إلى يوم القيامة, فإنهم كلهم يقاتلون مع النبي - - وان كان النبي قد مات. والصحابة الذين كانوا يغزون في الس اريا والرسول غائب عنهم كانوا معه وكانوا يقاتلون معه, ا م ا عه أاش د اء ا علاى ال ك ف ار ر ا ح ا ماء ا بي انه م ]الفتح: ا وال ذ ي ا ن وهم داخلون في قوله م ا حم د ا رس ول الل ه ا م ا عك م فاأ ولائ اك م ن ك م ]األنفال: 16[. ا من وا م ن ا بع د ا واها ا جر وا ا و ا جا اهد وا 21[, وفي قوله: ا وال ذ ي ا ن آ فليس من شرط م ن يكون مع المطاع أن يكون ارئي ا للمطاع. وقد قيل في "رب يين" هنا: إنهم العلماء, وقيل: هم المتأل هون العارفون باهلل. وهؤالء جعلوا لفظ "الربي" كلفظ "الرب اني". وقيل: هم األتباع. كأنه جعلهم المربوبين. والمعنى األول أصح من وجوه: أحدها: أن الربانيين غير األحبار, وهم الذين ي ر ب ون الناس, وهم دينهم. ومعلوم أن هؤالء ال يكونون إال قليال, فكيف يقال: هم كثير. أئمتهم الذين يقتدون بهم في والثاني: أن األمر بالجهاد والصبر ال يختص بهؤالء, والصحابة لم يكونوا كلهم ربانيين, 169

187 فيقولون: أولئك أ عط وا علم ا منعهم ]من[ الخوف. لم يكن. الثالث: ال اربع: أن استعمال لفظ "الرب ي" في هذا ليس معروف ا في اللغة, بل المعروف األول. أن اهلل تعالى يأمر بالصبر والثبات كل من يأمره بالجهاد, سواء كان من الربانيين أو الخامس: أنه ال مناسبة في تخصيص هؤالء بالذكر, وانما المناسب ذكرهم السادس: أن "الرباني" قيل: منسوب إلى الرب بزيادة األلف والنون, كالرقباني واللحياني, وقيل: إنه منسوب إلى رب ان السفينة. وهذا أصح, فإن األصل عدم الزيادة في النسبة, ألنهم منسوبون إلى ربية الناس وكونهم ي ر ب ونهم, وهذه النسبة تختص بهم. وأما نسبتهم إلى الرب فال اختصاص لهم بذلك, بل كل عبد فهو منسوب إليه. ابع: ا سل أنه إذا ق د ر أنهم منسوبون إلى الرب فهذه النسبة ال تدل على أنهم علماء, نعم تدل على إيمان وعبادة وتأل ه, قاله ابن فارس. وهذا ي ع م جميع المؤمنين, فكل من عبد اهلل وحد ه ال ي شر ك به شيئ ا فهو متأل ه عارف باهلل )1(. قال الباحث: وهذا الموضع مثال جلي على اهتمام شيخ وتوجيهها واإلسهاب في بيان المعاني المترتبة على اختالف الق ارءات. اإلسالم بتفسير القرآن بالق ارءة األخرى ا وال ذ ي قاد ا ر فا ا ه ا دى ]األعلى: 3[. 6- قوله تعالى: قال شيخ اإلسالم:" و ق ر أ ج م ه ور ال ق ر ا ء قا در من القدر والقضاء ويحتمل أن يكون من التقدير والموازنة بين األشياء. قلت: هما متالزمان ألن التقدير األول يسمى تقدي ار ألن ما يجري بعد ذلك يجري على قدره فهو موازن له ومعادل له. قال: وق أر الكسائي وحده بتخفيف الدال فيحتمل أن يكون بمعنى القدرة ويحتمل أن يكون من التقدير والموازنة, قلت-ابن تيمية-: وهذا قول انظر ابن تيمية - عزير شمس جامع المسائل )3/ 11-18(. انظر: ابن مجاهد: السبعة في الق ارءات )ص: 310(. 171 )6(

188 )1( األكثرين أنهما بمعنى واحد " ثانيا: الستدلل بالق ارءات الشاذة للتفسير االستدالل بالق ارءة الشاذة في التفسير منهج ظاهر في كتب المفسرين من السلف ومن بعدهم, إال أنه وقع خالف عند أهل العلم في حكم االستدالل بالق ارءات الشاذة في التفسير المتعلق ببناء أحكام فقهية فقالت طائفة ال يعتمد عليه أل ن القرآن ال يثبت إال بالتواتر و ل ي س ه ذ ا ب م ت و ات ر. الشافعي: إنه ونقل شيخ اإلسالم الخالف في ذلك عند األئمة األعالم ف ق ا ل فريق, منهم اإلمام ال يجوز االستدالل بها, ألنها لم تثبت بالتواتر كق ارءة ابن مسعود, فصيام ثالثة أيام متتابعات, وأجابوا عن ذلك بجوابين. أحدهما: أن هذا فيه حديث آخر صحيح, وأيضا فلم يثبت أنه نفى قرآنا لكن بين حكمه. ا والث ان ي: أن هذا األصل ال يقول به أكثر العلماء, بل مذهب أبي حنيفة, بل ذكر ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الق ارءة الشاذة إذا صح النقل بها عن الصحابة, فإنه يجوز االستدالل بها. في األحكام. وشيخ اإلسالم يميل إلى الجواز بشروط, بدليل النقل السابق من قوله, وبأدلة األمثلة الكثيرة من كتبه والتي استدل فيها بالق ارءة اآلحاد لتفسير آيات األحكام. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ (. انظر: ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )3/ (. )6( 171

189 أمثلة على استدلل شيخ اإلسالم بالق ارءة الشاذة للتفسير. ا والل ه ا عز ي ز 6- قوله تعالى: ا والس ار ق ا والس ار قاة فااق طاع وا أاي د ا يه ا ما ا جازا ا ء ب ا ما اك ا س ا با اناكاال م ا ن الل ه حك يم ]المائدة: 30[. ا ": اآلية فلم ت ص ر ح أي يد ت قطع وفسرتها ق ارءة شاذة قال وفي ق ارءة عبد اهلل فاقطعونا حتى أن التعبير في مثل هذا بلفظ التثنية عدول عن أفصح الكالم وان كان جائ از " )1( أيمانهما وهنا استدل شيخ اإلسالم بق ارءة شاذة في تفسير آية من آيات األحكام. ا وتاج ا عل و ا ن ر ز قاك م أان ك م ت اكذ ب و ا ن 02[. ]الواقعة: 2- قوله تعالى: أي: "تكذبون في أن تنسبوا هذا الرزق إلى غير الل ه, فتقولون: مطرنا بنوء كذا, وتحتمل تكذيبهم بالقرآن, ألن الل ه هو الذي رزقكم ذلك, على ما جاء في قوله: ر ز قاا ل ل ع ا باد ]ق: 66[ فتنسبونه أنتم إلى غيره, فهذا تكذيبهم لما جاء التنزيل به, وروي عن ابن عباس أنه ق أر: ا وتاج ا عل و ا ن شكركم أان ك م ت اكذ ب و ا ن أي تجعلون مكان الشكر الذي يجب عليكم التكذيب. وقد يكون المعنى: تجعلون شكر رزقكم التكذيب, فحذف المضاف" )3(. )4( عني قال ابن وعن تيمية:" ابن عباس أنه كان يق أر ا وتاج ا عل و ا ن شكركم أان ك م ت اكذ ب و ا ن األنواء. وما مطر قوم إال أصبح بعضهم كاف ار وكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل اهلل ا وتاج ا عل و ا ن ر ز قاك م أان ك م ت اكذ ب و ا ن تجعلون رزقكم من عند غير اهلل تكذيبا وشك ار لغيره" )5(. انظر الف ارء: معاني القرآن )6/ 260(. ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )6/ 211(. انظر: أبو علي الفارسي: الحجة للق ارء السبعة )1/ 216(. انظر: ابن قتيبة: غريب القرآن ت أحمد صقر )ص: 262(. انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ (. )6( )3( )6( 172

190 ومن منهجه في تفسير القرآن بالق ارءات: أنه يذكر في الموضع نفسه الق ارءات المتواترة والشاذة ويبني تفسيره على كليهما. مثال ذلك: أنه س ئل عن معنى ق و ل ه تعالى: ا ما انن ا سخ م ن آ ا ية أاو ن ن س ا ها ]البقرة: 681[ - و ا لل ه س ب ح ان ه ال ي د خ ل ع ل ي ه الن س ي ان )1( ن ن س ه ا( فاأا ا جا ا ب: أ ي )أ و ا ما انن ا سخ م ن آ ا ية أاو ن ن س ا ها ]البقرة: 681[ ففيها ق ارءتان أشهرهما : أما قوله: ننسيكم إياها: أ ي نسخنا ما أنزلناه أو اخترنا تنزيل ما نريد أن ننزله بخير منه أو مثله )أ و ن ن س أ ه ا( بالهمز أ ي ن ؤ خ ر ه ا ولم يق أر أحد ننساها فمن ظن أن معنى ننسأها بمعنى و الث ان ي ة : ا رب ي ا وال ا ين ا سى ننساها فهو جاهل بالعربية, ق ال م وس ى : ع ل م ا ها ع ن ا د ا رب ي ف ي ك تااب ال ا يض ل ا ما ا شا ا ء ق و ل ه : ا سن ق ر ئ اك فااال تان ا سى )6( إ ل ]طه: ] 62 و " الن س ي ان " م ض اف إل ى ال ع ب د ك م ا ف ي )أ و ت ن س اه ا( أي تنساها يا محمد وهذا واضح ال الل ه ]األعلى: 1[ 1, و ل ه ذ ا ق ر أ ه ا ب ع ض الص ح اب ة : يخفى إال على. )3( جاهل ال يفرق بين ننسأها بالهمز وبين ننساها بال همز" ثالثا: الستدلل للتفسير بالق ارءات الشاذة ال ازئدة عن رسم المصحف اعتمد ابن تيمية على الق ارءات التفسيرية ال ازئدة عن رسم المصحف في مواضع كثيرة لبيان معاني اآليات, وذهب إلى القول بالمعنى الذي ت ظهره ق ارءا ت شاذة ازئدة عن رسم المصحف, وان كان غلبة الظن أنها من تفسير الصحابي إال إن نص دليل صحيح على أنها كانت ق ارءة يق أر )أ و ن ن س ه ا( بالفتح )6( ق أر )ننسخ( بضم النون وكسر السين ابن عامر, وق أر انظر: األزهري: معاني الق ارءات )6/ 611(. والهمز ابن كثير وأبو عمرو ق أر سعد بن أبي وقاص والحسن ويحيى بن يعمر: "أو ت ن س ها" بتاء مفتوحة. وهي شاذة عن العشرة, انظر: ابن جني: المحتسب في تبيين وجوه شواذ الق ارءات واإليضاح عنها )6/ 683(. )3( ابن تمية: مجموع الفتاوى )62/ 12(. 173

191 بها, واألخذ بها-على التسليم أنها ليست ق ارءة- لقول الصحابي الوارد في هذه الق ارءة. أولى من األخذ بقول المفسرين المجتهدين المخالف وقد نص شيخ اإلسالم على اعتماده في التفسير على ق ارءة شاذة عن الرسم لبيان معنى - ا وا ن اكا ا ن ا رج ل ي و ا رث اكااللا اة أاو ام ا رأاة ا ولاه أاخ أاو ا واح د أ خ ت افل ك ل م ن ه ا ما الس د س فاإ ن اكان وا أاك ثا ا ر م ن اذل اك فاه م ش ا راكاء ف ي الث ل ث م ن ا بع د الق ارءة المتواترة فقال في قوله تعالى: حل يم ]النساء: 62[ ا والل ه ا عل يم ا ا وص ي ة ي و ا صى ب ا ها أاو ا دي ن اغي ا ر م ا ضار ا وص ي اة م ا ن الل ه "وفي ق ارءة ابن مسعود وسعد "من أم " )1(. والم ارد ولد األم باإلجماع, ودل على ذلك قوله: - ا واح د م ن ه ا ما الس د س افل ك ل ]النساء: 62[ وولد األبوين لم ي ف ر ض لواحد منهما السدس. وأيض ا فإنه قد ذ ك ر حكم ولد األبوين واألب في آية الصيف في قوله: ا يس تاف ت وان اك ق ل الل ه ي ف ت يك م ف ي ال اكااللاة إ ن ام ر ؤ اهلا اك لاي ا س لاه ا ولاد ا ولاه أ خ ت افلا ا ها ن ص ف ا ما تاا راك ا وه ا و ا ير ث ا ها إ ن لام ا يك ن لا ا ها ا ولاد فاإ ن اكاانتاا اث انتاي ن افلاه ا ما الث ل ثاان م م ا تاا راك ا وا ن اكان وا إ خ ا وةا ر ا جاال ا ون ا سا ا ء افل لذ اكر م ث ل ا حظ األ ن ثا ا يي ن ي ا بي ن الل ه لاك م أان تاض ل وا ا والل ه ب ك ل اشي ء ا عل ي م ]النساء: 611[ لق ". فاألول ولد األم كما في الق ارءة األخرى التي تصلح أن تكون مفس رة ارءتنا فنجده هنا قد نص-في قوله: تصلح أن تكون مفسرة لق ارءتنا- على اعتماده في ذات العالقة باألحكام الشرعية على ق ارءات شاذة خارجة عن رسم المصحف. اآليات تفسير انظر ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )6/ 20( جامع المسائل البن تيمية - عزير شمس )2/ 211 وما بعدها( ومجموع الفتاوى )36/ 331( )6( 174

192 كما اعتمد على ق ارءة ن سخت بدليل السنة في تفسيره لبعض اآليات, ومثال ذلك - ا والص االة ال و س طاى ا وق وم وا ل ل ه قاان ت ي ا ن قوله تعالى: ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات ]البقرة: 230[. )1( «ع ن س م ر ة ب ن ج ن د ب, ع ن الن ب ي أ ن ه ق ال : ا صاالة الو س طاى ا صاالة ال ا عص ر» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ا والص الة ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات وفي رواية ألحمد أن النبي ق أر: ال و س طاى و س م اه ا ل ن ا: ". أ ن ه ا ه ي ص ال ة ال ع ص ر " ا و ا صاالة ال ا عص ر, وع ن ال ب ر اء ب ن ع از ب, ق ال : ن ز ل ت ه ذ ه اآل ي ة : ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات ا والص االة ال و س طاى ]البقرة: ف ق ر أ ن اه ا م ا ش اء اهلل, ث م ن س خ ه ا اهلل, ف ن ز ل ت : ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات 230[, " ف ق ال ر ج ل ك ان ج ال س ا ع ن د ش ق يق ل ه : ه ي إ ذ ن ص ال ة ال ع ص ر, ف ق ال ال ب ر اء : ق د أ خ ب ر ت ك ك ي ف ن ز ل ت, و ك ي ف ن س خ ه ا اهلل, و اهلل أ ع ل م ". )3( قال بعد ذكره لهذه الروايات:" وهذا يدل على أنها العصر ألن تخصيصها باألمر بالمحافظة متيقن بالق ارءة األولى وتبديل اللفظ ال يوجب المعنى إذا أمكن أن يكون معنى اللفظين واحد فال يزول اليقين بالشك. الترمذي/ سننه ]كتاب الصالة, باب ما جاء في صالة الوسطى أن ها العصر )602( أخرجه: )6(.])328/6( أخرجه: أحمد/ مسنده ]مسند البصريين, حديث سمرة بن جندب )28816( )33202([. وهو صحيح مخرج عند مسلم والترمذي بمعناه. )3( أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب المساجد ومواضع الصالة, باب ما جاء في صالة الوسطى أن ها العصر.])230/6( )138( 175

193 ا والص االة فإن قيل: قد روي عن عائشة رضي اهلل عنها أنها ق أرت ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات ال و س طاى وصالة العصر ا وق وم وا ل ل ه قاان ت ي ا ن وقالت سمعتها من رسول اهلل " يكون غيرها ألن المعطوف غير المعطوف عليه. )1( وهذا يقتضي أن قلنا: العطف قد يكون للتغاير في الذوات وقد يكون للتغاير في األسماء والصفات كقوله: ا سب ح اس ا م ا رب اك األ اع لاى )1( ال ذ ي اخلا ا ق فا ا سو ى ا وال ذ ي قاد ار فا ا ه ا دى )3( ا وال ذ ي أاخ ا ر ا ج ال ا مر ا عى ]األعلى: - 6 2[ وهو سبحانه واحد وانما تعددت أسماؤه وصفاته فيكون العطف في هذه الق ارءة لوصفها بشيئين بأنها وسطى وبأنها هي العصر وهذا أجود من قول طائفة من أصحابنا أن الواو تكون ازئدة فإن ذلك ال أصل له في اللغة عند أهل البصرة وغيرهم من النحاة وانما جوزه بعض أهل الكوفة وما احتج به ال حجة فيه على شيء من ذلك. فقد قال: قيل: فإن ا وق وم وا ل ل ه قاان ت ي ا ن ]البقرة: 230[ والقنوت إنما هو في الفجر. قلنا- شيخ اإلسالم-: الصلوات كما قال تعالى: القنوت هو دوام الطاعة والثبات عليه وذلك واجب في جميع ا واس ج د ي ا مر ا يم اق ن ت ي ل ا رب ك ا يا ]آل عم ارن: 23[ ". فقد تبنى شيخ اإلسالم ما بينته الق ارءة الشاذة ال ازئدة عن الرسم, ووجه األقوال التي تحتمل أن تكون تضعيف ا لصحة هذا المعنى. )6( قال شيخ اإلسالم: "رواه الجماعة إال البخاري وابن ماجة" أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب المساجد ومواضع الصالة, ب اب الد ل يل ل م ن ق ال الص ال ة ال و س ط ى ه ي ص ال ة 176 ال ع ص ر )121( /6(.])231 ل ى ع ائ ش ة, أ ن ه ق ال : أ م ر ت ن ي ع ائ ش ة أ ن أ ك ت ب ل ه ا م ص ح ف ا, و ق ال ت : إ ذ ا ب ل غ ت ه ذ ه ونصه. ع ن أ ب ي ي ون س, م و اآل ي ة ف آذ ني: }ح اف ظ وا ع ل ى الص ل و ات و الص ال ة ال و س ط ى{ ]البقرة: 230[ ف ل م ا ب ل غ ت ه ا آذ ن ت ه ا ف أ م ل ت ع ل ي : " }ح اف ظ وا ع ل ى الص ل و ات و الص ال ة ال و س ط ى{ ]البقرة: 230[, و ص ال ة ال ع ص ر, }و ق وم وا ل ل ه ق ان ت ين } ]البقرة: 230[ ", ق ال ت و س ل م ع ائ ش ة : س م ع ت ه ا م ن ر س ول اهلل ص ل ى اهلل ع ل ي ه ابن تيمية: شرح عمدة الفقه - من كتاب الصالة )ص: (

194 المنهج: ظهر من هذا المثال بالتحليل والوصف أن من منهج شيخ اإلسالم استدالله في تفسير بعض اآليات بالق ارءة ال ازئدة على رسم المصحف, وان صحت ق ارءة أخرى ازئدة عن الرسم ت عارض في الظاهر الق ارءة األولى المستد ل بها, فإنه يؤكد ما ذهب إليه بأدلة السنة, ثم يوجه الق ارءة التفسيرية األخرى التي تعارض الق ارءة األولى..]08 وفي قوله تعالى: ا وأام ا ال غ االم فااكا ا ن أا ا ب ا واه م ؤ م اني ن ]الكهف: - ذكر ابن تيمية البخاري وغيره رواية عن ابن عباس أنه كان يق أرها: الغ الام ا وأام ا م ؤ م اني ن )1(. فااكا ا ن اكاف ا را ا واكا ا ن أا ا ب ا واه ثم نقل قولهم: "فلو ترك النبي الناس ولم يبين لهم حكم األطفال, لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين, ألنهم ال يدرون ما ج بل كل واحد منهم عليه حين أخرج من ظهر آدم, فبي ن النبي حكم الطفل". وأما تفسيره لآلية باعتماده على ق ارءة ازئدة عن رسم المصحف ي حتمل أنها من - تفسير الصحابي فمثاله: قوله تعالى: اكا ا ن الن اس أ م اة ا واح ا دةا ]البقرة: 263[ قال أي: فاختلفوا, كما في سورة يونس وقد قيل: إنها كذلك في حرف عبد ": والم ارد أن اآلية مكتوبة في مصحف ابن مسعود بإضافة كلمة اختلفوا في )4( اهلل )3( " قوله: كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث اهلل النبيين. الس ال م )6( أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب أحاديث األنبياء, ب اب ح د يث الخ ض ر م ع م وس ى ع ل ي ه م ا.])662/2( )3286( انظر: ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل )0/ ( )3( انظر: الطبري: تفسيره ت شاكر )2/ 211( ابن تيمية: اقتضاء الص ارط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم )2/ 311( 177

195 المطلب الثاني: االستدالل بالقراءات للغة العربية مناهج تنوع ت شيخ اإلسالم استدالالته بأنواع في العربية اللغة في علوم الق ارءات فتارة تجده يقف مدافع ا عن الق ارءات المتواترة ال سيما في رده على أولئكم الذين قدموا قواعد اللغة التي بنوها على أدلة ضعيفة, ورفضوا الق ارءة المتواترة لمعارضتها لقواعد واهية اإلسالم لهذا مواضع المتواترة أو الشاذة. )6(, وقد بسط شيخ في مصنفاته, وتارة أخرى يذكر المعاني اللغوية المستفادة من اختالف الق ارءة والناظر المتأمل في كتب شيخ اإلسالم عند تعرضه لمسائل في اللغة تجده يفصل في أنواعها وعلومها من نحو وصرف ومعان واشتقاق وغيرها من علوم اللغة وكأن الشيخ عالم ا نحرير ا من علماء اللغة األفذاذ الذين ال يجارون. ومثال ذلك: استدالله بالق ارءة المتواترة لبيان الفعل الالزم والمتعدي, وأسباب التعدي, نقل تعالى قولهم:" إن أسباب التعدية ثالثة الهمزة والتضعيف والباء تقول أتاه مال ثم تعديه فتقول آتاه ماال وتقول أتاه به وتقول جاء به وتقول أجاءه إلى كذا وتقول علم هذا وعلمته هذا ومن المعلوم أن فعل أتى وجاء تستعمل تارة الزم ا وتارة متعد ي ا فاألول كقوله تعالى ي وس اف ]يوسف 60[ ونحوه والثاني كقوله تعالى ا و ا جا ا ءه م ال ا مو ج م ن ك ل ا ماكان ا و ا جا ا ء إ خ ا وة ]يونس 22[ )6( وليس الم ارد أن أهل النحو بنو قواعدهم على أدلة واهية في الغالب, بل الم ارد ما ذهب إليه بعض النحاة من رفضهم لق ارءة متواترة بزعم أنها تتعارض مع بيت شعر جاهلي قد ال يعرف قائله. انظر هذه العلوم عند السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها )6/ 1( و ابن لطف اهلل الحسيني: البلغة الى أصول اللغة )ص: 63( 178

196 ,]616 وقوله: أاتاأ ت و ا ن الذ ك ا را ا ن ]الشع ارء وقوله ا ما فااتاك م ا وال تاف ا رح وا ب ا ما ل اكي اال تاأ ا سو ا ا علاى )1( القصر آتااك م ]الحديد 23[ على ق ارءة وعلى ق ارءة المد فيكون متعد ي ا إلى مفعولين والعائد محذوف على هذه الق ارءة". أول: دفاعه عن الق ارءة المتواترة التي ردها بعض أهل اللغة. في قوله تعالى إ ن اهاذان لا ا ساح ا ران ]طه: 13[. فإن هذا مما أشكل على كثير " : قال من الناس فإن الذي في مصاحف المسلمين إن هذان باأللف وبهذا ق أر جماهير الق ارء وأكثرهم يق أر )إن( مشددة وق أر ابن كثير وحفص عن عاصم )إن( مخففة لكن ابن كثير يشدد نون )هذان( دون حفص واإلشكال من جهة العربية على الق ارءة المشهورة وهي ق ارءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم وجمهور الق ارء عليها وهي أصح الق ارءات لفظا ومعنى. وهذا يتبين بالكالم على ما قيل فيها. فإن منشأ اإلشكال: أن االسم المثنى يعرب في حال النصب والخفض )3( بالياء وفي حال الرفع باأللف وهذا متواتر من لغة العرب" يشير ابن تيمية بكالمه ابتداء إلى اختالف الق ارء في هذه اآلية فقد " ق أر ابن كثير )إ ن ) خفيفة, )ه ذا ن( بالرفع وتشديد النون, وق أر حفص )إن ه ذ ان ) بالرفع وتخفيف النون, وق أر أبو عمرو )إن ) مشددة, )ه ذ ين( نصب ا باللغة العالية, وق أر الباقون )إن ) بالتشد يد, )ه ذ ان ) بالرفع وتخفيف النون, وقال أبو منصور: أما ق ارءة أبي عمرو )إن ه ذ ين( وهي اللغة العالية التي يتكلم بها ج ماه ير العرب إال أنها مخال فة ل ل مصحف, وكان أبو عمرو يذهب في م خ الفته المصح ف إلى قول )6( ق أر أبو عمرو بقصر الهمزة من اإلتيان أي: بما جاءكم وفاعله ضمير ما, والباقون بالمد من اإليتاء أي: بما أعطاكم اهلل إياه ففاعله ضمير اسم اهلل المقدم والم ارد الفرح الموجب للبطر واالختيال انظر: األهوازي: الوجيز في شرح ق ارءات الق أرة الثمانية أئمة األمصار الخمسة )ص: 236 ( والبنا الدمياطي, إتحاف فضالء البشر في الق ارءات األربعة عشر )ص: 632( ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية )1/ 10( )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ 266( 179

197 عائشة وعثمان: إنه من غلط الكاتب فيه, وفي حروف أخر" )1(. إنه يقصد غلط الكاتب فيه وفي مواضع أخر أيض ا غلط فيها. وسيأتي في مباحث فتاوى ابن تيمية في الرسم قال الباحث: وان كان القول الذي ترتاح إليه النفس في هذه المسألة أن االختالف في الرسم على أنواع وهذا من الخالف اليسير المحتمل فقد ترسم الياء ألفا, كما ترسم األلف ياء وهما والواو من الحروف التي ينجبر فيها االختالف في الرسم. ثم ذكر شيخ اإلسالم أن الصحابة إنما قر أوا كما علمهم الرسول وكما هو لغة للعرب ثم لغة قريش فعلم أن هذه اللغة الفصيحة المعروفة عندهم في األسماء المبهمة تقول: إن هذان ومررت بهذان: تقولها في الرفع والنصب والخفض باأللف ومن قال إن لغتهم أنها تكون في الرفع باأللف طولب بالشاهد على ذلك والنقل عن لغتهم المسموعة ولكن عمدته القياس" منهم نث ار ونظما وليس في القرآن ما يشهد له ثم لم يسلم شيخ اإلسالم بهذا القول وناقشه ثم ذكر أقواال أخرى منها: أن األلف ليست عالمة التثنية بل هي ألف هذا فزدت عليها نونا ولم أغيرها كما زدت على الياء من الذي فقلت الذين في كل حال قال وقال بعض الكوفيين: األلف في هذا مشبهة يفعالن فلم تغير كما لم تغير. قال: وقال الجرجاني: لما كان اسما على حرفين أحدهما حرف مد ولين وهو كالحركة ووجب حذف إحدى األلفين في التثنية لم يحسن حذف األولى لئال يبقى االسم على حرف واحد فحذف علم التثنية وكان النون يدل على التثنية ولم يكن لتغيير النون األصلية األلف وجه فثبت في كل حال كما يثبت في الواحد. لكن أسماء اإلشارة لم تفرق ال في واحده وال في جمعه بين حال الرفع والنصب والخفض فكذلك في تثنيته بل قالوا: قام هذا وأكرمت هذا ومررت بهذا وكذلك هؤالء في الجمع فكذلك المثنى قال: هذان وأكرمت هذان ومررت بهذان فهذا هو القياس فيه أن يلحق مثناه بمفرده وبمجموعه ال يلحق بمثنى غيره الذي هو أيضا معتبر بمفرده ومجموعه. فاألسماء المعربة ألحق مثناها بمفردها ومجموعها تقول: رجل ورجالن ورجال فهو معرب في األحوال الثالثة: يظهر اإلع ارب في مثناه كما ظهر في مفرده ومجموعه. فتبين أن الذين قالوا: إن مقتضى العربية أن األزهري: معاني الق ارءات )2/ 621( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )261/66( )6( 181

198 يقال: إن هذين ليس معهم بذلك نقل عن اللغة المعروفة في القرآن التي نزل بها القرآن وقول الف ارء )1( مثله في المعنى وكذلك قول الجرجاني وكذلك قول من قال: إن األلف فيه تشبه ألف يفعالن ثم يقال: قد يكون الموصول كذلك كقوله: ا والل اذان ا يأ ت ا يان ا ها م ن ك م ]النساء: 61[ فإن ثبت أن لغة قريش أنهم يقولون أريت الذين فعال ومررت باللذين فعال واال فقد يقال: هو باأللف في األحوال الثالثة ألنه اسم مبني واأللف فيه بدل الياء في الذين وما ذكره يؤيد ذلك: أن المضم ارت من هذا الجنس والمرفوع والمنصوب لهما ضمير متصل ومنفصل بخالف المجرور فإنه ليس له إال متصل ألن المجرور ال يكون إال بحرف أو مضاف ال يقدم على عامله فال ينفصل عنه فالضمير المتصل في الواحد الكاف من أكرمتك ومررت بك وفي الجمع أكرمتكم ومررت بكم وفي التثنية زيدت األلف في النصب والجر فيقال: أكرمتكما ومررت بكما كما نقول في الرفع ففي الواحد والجمع فعلت وفعلتم وفي التثنية فعلتما باأللف وحدها زيدت علما على التثنية في حال الرفع والنصب والجر كما زيدت في المنفصل في قوله " إياكما " و " أنتما ". فهذا كله مما يبين أن لفظ المثنى في األسماء المبنية في األحوال الثالثة نوع واحد: لم يفرقوا بين مرفوعه وبين منصوبه ومجروره كما فعلوا ذلك في األسماء المعربة, وأن ذلك في المثنى أبلغ منه في لفظ الواحد والجمع إذ كانوا في الضمائر يفرقون بين ضمير المنصوب والمجرور وبين ضمير المرفوع في الواحد والمثنى وال يفرقون في المثنى وفي لفظ اإلشارة والموصول وال يفرقون بين الواحد والجمع وبين المرفوع وغيره ففي المثنى بطريق األولى". قال الباحث: وترجيح شيخ اإلسالم هذا لم يرد ما يؤيده أو يعارضه إذ إن اسم اإلشارة )هذان(, لم يرد في القرآن إال في موضعين قوله تعالى: )هذان خصمان( وهو مرفوع على االبتداء, و هذا الموضع, فال شاهد من القرآن يؤيد أو يعارض قوله وقد ي رد عليه بما رد به هو على الفريق األول بقوله ليس معهم شاهد يؤيد هذا القول, ثم ذكر تعالى بعض االعت ارضات على مسألته ورد عليها منها ذكرهم أن أسماء اإلشارة كالذين وهاتين وغيرهما مما ورد في القرآن لم تأت بمثل الق ارءة األخرى فقال: وقال تعالى في قصة موسى: إ ن ي أ ر يد أان أ ن ك ا ح اك إ ح ا دى اب انتاي اهاتاي ن ]القصص: 21[ ولم يقل " هاتان " كأنها تبع البنتي وقد يسمى عطف بيان وهو يشبه )6( وقد تعرض اإلمام الف ارء لهذه المسألة في كتاب معاني القرآن )6/ 681( و) /2 ( انظر المسألة بالتفصيل عند ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ ( 181

199 ]13 الصفة كقوله: ا وا لاى ثام و ا د أا اخاه م ا صال ا حا ]األع ارف: لكن الصفة تكون مشتقة أو في معنى المشتق وعطف البيان يكون بغير ذلك كأسماء األعالم وأسماء اإلشارة وهذه اآلية نظير قوله: إ ن اهاذان لا ا ساح ا ران ]طه: 13[, وأما قوله: أار انا الل اذي ن أا ا ضال انا ]فصلت: 21[ فقد يفرق بين اسم اإلشارة والموصول بأن اسم اإلشارة على حرفين بخالف الموصول فإن االسم هو " اللذا " عدة حروف وبعده ي ازد علم الجمع فتكسر الذال وتفتح النون وعلم التثنية فتفتح الذال وتكسر النون واأللف فقلت في النصب والجر ألن االسم الصحيح إذا ج مع جمع التصحيح كسر آخره في النصب وفي الجر وف تحت نونه واذا ثني فتح آخره وكسرت نونه في األحوال الثالثة. وهذا يبين أن األصل في التثنية هي األلف وعلى هذا فيكون في إع اربه لغتان جاء بهما القرآن: تارة يجعل ]21 كاللذان وتارة يجعل كاللذين ولكن في قوله: إ ح ا دى اب انتاي اهاتاي ن كان هذا ]القصص: أحسن من قوله " هاتان " لما فيه من اتباع لفظ المثنى بالياء فيهما ولو قيل هاتان ألشبه, كما لو قيل: " إن ابنتي هاتان " فإذا جعل بالياء علم تابع مبين عطف بيان لتمام معنى االسم ال خبر تتم,]13 به الجملة. وأما قوله: إ ن اهاذان لا ا ساح ا ران ]طه: فجاء اسما مبتدأ: اسم )إن( وكان مجيئه باأللف أحسن في اللفظ من قولنا: " إن هذين لساح ارن " ألن األلف أخف من الياء وألن الخبر باأللف فإذا كان كل من االسم والخبر باأللف كان أتم مناسبة وهذا معنى صحيح وليس في الق آرن ما يشبه هذا من كل وجه وهو بالياء. فتبين أن هذا المسموع والمتواتر ليس في القياس الصحيح ما يناقضه لكن بينهما فروق دقيقة والذين استشكلوا هذا إنما استشكلوه من جهة القياس ال من جهة السماع ومع ظهور الفرق يعرف ضعف القياس" )1(. والذي عليه فريق من القدماء أن الق ارءة بهذا الوجه ( إن هذان( لغة من لغات العرب يجعلون المثنى دائما مرفوعا سواء كان اسم إشارة أو علم أو غيره كقولهم قال رجالن, و أريت رجالن ومررت برجالن.. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ 213(. انظره بمعناه عند أبي عبيدة في مجاز القرآن )2/ 22( )6( 182

200 وفي دفاعه عن الق ارءة المتواترة حام ]النساء: 6[. ا واأل ار ا ا تقدمت مسألة قوله تعالى : ا وات ق وا الل ا ه ال ذ ي تا ا سا ا ءل و ا ن ب ه حام ]النساء: 6[ ا واأل ار ا ا قال شيخ اإلسالم: " وقد قال تعالى ا وات ق وا الل ا ه ال ذ ي تا ا سا ا ءل و ا ن ب ه على ق ارءة حمزة وغيره ممن خفض )األرحام ), وقالوا: تفسيرها: أي يتساءلون به وباألرحام, كما يقال: سألتك باهلل وبالرحم. ومن زعم من النحاة أنه ال يجوز العطف على الضمير المجرور إال بإعادة الجار, فإنما قاله لما أرى غالب الكالم بإعادة الجار, واال فقد سمع من الكالم العربي - نثره - ونظمه )1( مثل ذلك" العطف بدون ذلك كما حكى سيبويه: " ما فيها غيره وفرسه " وال ضرورة هنا, كما يدعى قال الباحث: وليس أدل من جواز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر من قوله تعالى: في الق ارءة المتواترة المجمع عليها ا يس أال وان اك ا عن الش ه ر ال ا ح ا رام ق تاال ف يه ق ل ق تاال ف يه ا وال ا مس ج د ال ا ح ا را م ]البقرة: 261[ عند من اعتبر أن ا وال ا مس ج د ا وك ف ر ب ه اكب ير ا و ا صد ا عن ا سب يل الل ه ال اح ارام معطوفة على أقرب اسم سبقها ا وك ف ر ب ه وقيل: "إن ها معطوفة على ا سب يل الل ه ". ثان ا يا: استدلله بوجوه الق ارءات المتواترة في بيات اختالف اإلع ارب 1. الق ارءة بالرفع والنصب في الكلمة الواحدة. ]32 " : قال وأما قولك: اذل اك ع ي ا سى اب ن ا مر ا ي ا م قاو ال ال ا حق ]مريم: ففيه ق ارءتان مشهورتان: الرفع والنصب )3( وعلى الق ارءتين قد قيل: إن الم ارد بقول الحق: عيسى كما سمي كلمة اهلل. وقيل: بل الم ارد هذا الذي ذكرناه قول الحق فيكون خبر مبتدأ محذوف وهذا له نظائر كقوله: ا س ا يق ول و ا ن ثااالثاة ا راب ع ه م اكل ب ه م ]الكهف: 22[ اآل ي ة ا وق ل ال ا حق م ن ا رب ك م ]الكهف: 21[ أي: هذا الحق من ربكم وان أريد به عيسى فتسميته قول الحق كتسميته كلمة اهلل وعلى هذا فيكون خب ار )6( ابن تيمية: اقتضاء الص ارط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم )2/ 380( انظر: السمرقندي, بحر العلوم )6/ 622( )3( ق أر ابن عامر وعاصم ويعقوب»قول الحق «بنصب الالم, الباقون بالرفع, الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 663( 183

201 وبدال. وعلى كل قول فله نظائر فالقول في تسميته مجا از كالقول في نظائره. واألظهر أن الم ارد به أن هذا القول الذي ذكرناه عن عيسى ابن مريم قول الحق إال أنه ابن عبد اهلل يدخل في هذا. ومن قال: الم ارد بالحق اهلل والم ارد قول اهلل: فهو وان كان معنى صحيحا فعادة القرآن إذا أضيف القول إلى اهلل أن يقال: قول اهلل ال يقال: قول الحق إال إذا كان الم ارد القول الحق كما في قوله: قاو ل ه و ق و ل ه : فاال ا حق ا وال ا حق أاق و ل ]ص: و ق و ل ه : ا والل ه ا يق ول ال ا حق ]األح ازب: 2[ ال ا حق ]األنعام: 13[ )1( ك ق و ل ه : ا و ا حب ال ا حص يد ]ق: 1[ " ص وف إل ى الص ف ة ] 02 ث م م ث ل ه ذ ا إذ ا أ ض يف ف يه ال م و 2.الق ارءة بالرفع والجر في الكلمة الواحدة استشهد شيخ اإلسالم بأمثلة من الق ارءات المتواترة في مجيء اللفظة الواحدة تارة في موضع رفع وأخرى في موضع جر وبين أثر اإلع ارب المختلف في كل ق ارءة على المعنى العام لآلية, مثاله: قوله تعالى: تاا با ا راك اس م ا رب اك ذ ي ال ا جاالل ا واإل ك ا رام ]الرحمن: 10[ "ق أره ابن عامر بالواو مكان الياء ولزم ذلك ضم الذال قبلها, وهو بالياء نعت لرب وبالواو نعت لالسم, ألن الم ارد باالسم هو المسمى, وقد رسمت بالواو في المصحف الشامي". قال شيخ اإلسالم في اآلية: " فيها ق ارءتان, األكثرون يقرؤون: ذ ي ال ا جاالل فالرب المسمى: هو ذو الجالل واإلك ارم. وق أر ابن عامر: ذ و ال ا جاالل ا واإل ك ا را م وكذلك هي في المصحف ا و ا يب قاى ا وج ه ا رب اك ذ و ال ا جاالل فهي بالواو باتفاقهم قال ابن األنباري وغيره تاا با ا راك تفاعل من البركة الشامي وفي مصاحف أهل الحجاز والع ارق هي بالياء. وأما قوله اواإل ك ارام والمعنى أن 21[ ]الرحمن: البركة تكتسب وتنال بذكر اسمه فلو كان لفظ االسم معناه المسمى لكان يكفي قوله تبارك ربك فإن نفس االسم عندهم هو نفس الرب فكان هذا تكري ار. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )28/ 208(. ابن الجزري: ش حر طيبة النشر )ص: 366( )6( 184

202 ا وقاد قاا ال ا بع ض الن اس : إن ذكر االسم هنا صلة والم ارد تبارك ربك ليس الم ارد اإلخبار عن اسمه بأنه تبارك وهذا غلط فإنه على هذا يكون قول المصلي تبارك اسمك أي تباركت أنت ونفس أسماء الرب ال بركة فيها. ومعلوم أن نفس أسمائه مباركة وبركتها من جهة داللتها على المسمى. ولهذا فرقت الشريعة بين ما يذكر اسم اهلل عليه وما ال يذكر اسم اهلل عليه في مثل قوله: ا علاي ه م م ا ذ ك ا ر اس م الل ه و ق و ل ه 661[, ]األنعام: و ق و ل ه : ]األنعام: 660[, ا علاي ه ا واذ ك ر وا اس ا م الل ه فاك ل وا ا علاي ه ا ما لاك م أال تاأ ك ل وا م م ا ذ ك ا ر اس م الل ه ا و " )1(. ]المائدة: ]2 وفي بعض المواضع يستشهد للمعنى باختالف الوجه اإلع اربي آلية أخرى قوله تعالى ومثاله ا والل ه ا عز يز في حد السارق: ا والس ار ق ا والس ار قاة فااق طاع وا أاي د ا يه ا ما ا جازا ا ء ب ا ما اك ا س ا با اناكاال م ا ن الل ه ]المائدة:.]30 ا حك يم قال الشيخ " : فأمر بالقطع ج ازء على ما كسباه فلو لم يكن الج ازء المشروع المحدود من العقوبات واجبا لم يعلل وجوب القطع به إذ العلة المطلوبة يجب أن تكون أبلغ من الحكم وأقوى منه والج ازء اسم للفعل واسم لما يجازى به ولهذا ق أر قوله تعالى: فا ا جازاء م ث ل ا ما قاتا ا ل ]المائدة: ] 16 بالتنوين وباإلضافة وكذلك الثواب والعقاب وغيرهما فالقتل والقطع قد يسمى ج ازء ونكاال وقد يقال فعل هذه ليجزيه وللج ازء. ولهذا قال األكثرون )3( : إنه نصب على المفعول له والمعنى أن اهلل أمر بالقطع ليجزيهم ولينكل عن فعلهم, وقد قيل: إنه نصب على المصدر ألن معنى "اقطعوا" اجزوهم ونكلوا. وقيل: إنه على الحال أي فاقطعوهم مجزين منكلين هم وغيرهم أو جازين منكلين. وبكل حال فالج ازء مأمور به أو مأمور ألجله فثبت أنه واجب الحصول شرعا وقد أخبر أن ج ازء المحاربين أحد الحدود األربعة فيجب تحصيلها إذ الج ازء هنا يتحد فيه معنى الفعل ومعنى )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )1/ 613( وهم الكوفيون قرؤوا فج ازء بالتنوين مثل ما قتل من النعم برفع خفض الالم فتعين للباقين الق ارءة بترك التنوين وخفض الم مثل, ابن القاصح: س ارج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي )ص: 282( )3( الكالم من هذا الموضع وما بعده على قوله ج ازء في اآلية المستد ل لها في حد السرقة. 185

203 المجزي به ألن القتل والقطع والصلب وهي أفعال وهي عين ما يجزي به وليست أجساما بمنزلة المثل من النعم. يبين ذلك أن لفظ اآلية خبر عن أحكام اهلل سبحانه التي يؤمر اإلمام بفعلها ليست عن الحكم الذي يخير بين فعله وتركه إذا ليس هلل أحكام في أهل ذنوب يخير اإلمام بين فعلها وترك جميعها. وأيضا فإنه قال: اذل اك لاه م خ ز ي ف ي الد ن ا يا ]المائدة: 33[ والخزي ال يحصل إال بإقامة الحدود ال بتعطيلها" )1(. ثالثا: الستدلل للمعنى اللغوي للكلمة القرآنية بحملها على ق ارءة شاذة فاإ اذا اذ اه ا ب ال اخو ف ا سلاق وك م ب أال س انة ح ا داد ]األح ازب: 61[. 6- قال تعالى: قال ابن فارس: " السين والالم والقاف فيه كلمات متباينة ال تكاد تجمع منها كلمتان في قياس واحد وربك جل ثناؤه يفعل ما يشاء, وينطق خلقه كيف أ ارد. فالسلق: المطمئن من األرض. والسلقة: الذئبة. وسلق: صاح. والسليقة: الطبيعة. والسليقة: أثر النسع في جنب البعير. وسلوق: بلد. والتسلق على الحائط: التورد عليه إلى الدار. والسليق: ما تحات من الشجر" قال ابن تيمية في معنى التي بالصاد:" " صلقوكم " وهو رفع الصوت بالكالم المؤذي. ومنه " الصالقة " وهي التي ترفع صوتها بالمصيبة. يقال: صلقه وسلقه - وقد ق أر طائفة من السلف بها لكنها خارجة عن المصحف - إذا خاطبه خطابا شديدا قويا. ويقال: خطيب مسالق: إذا كان بليغا في خطبته لكن الشدة هنا في الشر ال في الخير. كما قال تعالى: ب أال س انة ح ا داد أاش ح اة ا علاى ال اخي ر ]األح ازب: 61[ وهذا السلق باأللسنة الحادة يكون بوجوه: تارة يقول المنافقون للمؤمنين: هذا الذي جرى علينا بشؤمكم فإنكم أنتم الذين دعوتم الناس إلى هذا الدين وقاتلتم عليه وخالفتموهم فإن هذه مقالة المنافقين للمؤمنين من الصحابة. وتارة يقولون: أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت واال فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتم الرسول )ص: 312(. ابن فارس: مقاييس اللغة )3/ 11(. )6( 186

204 هذا. وتارة يقولون - أنتم مع قلتكم وضعفكم - تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم كما ا من ا يتا ا وك ل ا علاى الل ه قال تعالى: إ ذ ا يق ول ال م اناف ق و ا ن ا وال ذ ي ا ن ف ي ق ل وب ه م ا م ا رض اغر اهؤ الء د ين ه م ا و )1( حك يم ]األنفال: 21[". فاإ ن الل ا ه ا عز يز ا ا ولام ا ا ساك ا ت ا عن م و ا سى ال اغ ا ضب أا اخاذ األ ال ا وا ا ح ]األع ارف: 662[ 2- قال تعالى: قال أهل اللغة: "لما سكت موسى عن الغضب على القلب كما قالوا: أدخلت القلنسوة في أرسي, والمعنى أدخلت أرسي في القلنسوة ومعناه سكن هو قول أهل العربية.. ويقال: سكت الرجل يسكت سكتا إذا سكن, وسكت يسكت سكوتا وسكتا إذا قطع الكالم" " : قال شيخنا وفي ق ارءة ابن مسعود رضي اهلل عنه, ومعاوية ابن قرة, وعكرمة:] )3( ا ولام ا ا ساك ا ن[ بالنون وعلى الق ارءة المشهورة ]بالتاء[ قال المفسرون: سكت الغضب: أي سكن. وكذلك قال أهل اللغة" )4(. قال الباحث: واشارة ابن تيمية لهذا المعنى اللغوي يستند فيما نص عليه على الق ارءة الشاذة ابتداء وذلك لتقديمه لها بالذكر على قول أهل التفسير واللغة وهذا هو المنهج المستنبط من كالم الشيخ. )6( مجموع الفتاوى /20(.)261 األزهري: تهذيب اللغة )68/ 38(. )3( انظر: الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن )2/ 201(. ابن تيمية: شرح حديث النزول )ص: 608(. 187

205 )1( "وقوله: س ك ت لفظة مستعارة شبه خمود الغضب بانقطاع كالم المتكلم وهو سكوته" وفي ذلك داللة على أن الغضب إذا ج وري من اإلنسان يستملكه فال يكاد يتحكم بأقواله وأفعاله. وان كان أكثر ذكر الشيخ للمعاني اإلضافية معتمد ا على ق ارءات شاذة إال أن من منهجه استنباط إضافات للمعنى اللغوي من وجوه الق ارءات المتواترة ومثال ذلك ذكره لمعنى كلمة الصابئين. " : قال يصبو: معناه: مال, وسمي الصب ي ص ب ي ا لسرعة ميله. قال الجوهري: والصبي أيض ا من الشوق, يقال منه: تصابي, وصبا يصبو صبوة وصبو ا, أي: مال إلى الجهل والفتوة, وأصبته الجارية. وقد يستعمل هذا في الميل المحمود على ق ارءة من ق أر: إ ن ال ذ ي ا ن ا من وا آ ا صا ا رى ا والص اب ي ا ن 12[ ا وال ذ ي ا ن اهاد وا ا والن ]البقرة: بال همزة في ق ارءة نافع, فإنه ال يهمز الصابئين في جميع القرآن" فقيد المعنى بالميل المحمود معتمد ا على ق ارءة عدم الهمز. ارب ا عا: استدلله بالق ارءات في باب حروف المعاني يفرق أهل اللغة بين حروف المباني وحروف المعاني فاألولى: "هي ال ح ر وف الهجائية تبنى م ن ه ا ال ك ل م ة و ل ي س للحرف م ن ه ا معنى م س ت قل" )3(. والثانية: " هي الحروف التي تربط األسماء باألفعال واألسماء باألسماء وتبين العلة التي من )4( أجلها وجبت قلتها في الكالم مع أنها أكثر في االستعمال وأقوم دو ار فيه" ويسميها أهل اللغة حروف المعاني أو أدوات المعاني وذلك ألنها تأتي في أوائل الكالم وأواخره في غالب األمر, فصارت كالحروف والحدود له" )5(. ابن عطية: المحرر الوجيز )2/ 261(. ابن تيمية: شرح حديث النزول )ص: 602( ومجموع الفتاوى )6/ 613(. مجمع اللغة: المعجم الوسيط )6/ 12(. ابن سيده: المخصص )2/ 226(. ابن جني: سر صناعة اإلع ارب )6/ 21(. )6( )3( )6( 188

206 اإلسالم:" ومنها ما يتكون من حرف مثل )الهمزة والسين والباء( ومنها من أكثر مثل )ما وان(, قال شيخ لفظة " إنما " للحصر عند جماهير العلماء وهذا مما يعرف باالضط ارر من لغة العرب كما تعرف معاني حروف النفي واالستفهام والشرط وغير ذلك لكن تنازع الناس: هل داللتها على الحصر بطريق المنطوق أو المفهوم على قولين والجمهور على أنه بطريق المنطوق والقول اآلخر )6( قول بعض مثبتي المفهوم كالقاضي أبي يعلى في أحد قوليه وبعض الغالة من نفاته وهؤالء زعموا أنها تفيد الحصر واحتجوا بمثل قوله: إ ن ا ما ال م ؤ م ن و ا ن ]األنفال: 2[. وقد احتج طائفة من األصوليين على أنها للحصر بأن حرف " إن " لإلثبات وحرف " ما " للنفي فإذا اجتمعا حصل النفي واإلثبات جميعا" النافية. وهذا ما رده شيخ اإلسالم باعتبار أن ما في هذه اآلية الكافة وليست ما "وتوصل- ما- بآخر إن وأخواتها فتكفها عن العمل, مثل: إنما ق ل إ ن ا ما أاا نا ا ب اشر م ث ل ك م ي و ا حى إ لاي أان ا ما إ لاه ك م إ لاه ا واح د ]الكهف: 668[ كأنما, لكنما, ليتما, لعلما. وتفصل هذه األدوات عن كلمة ما التي بعدها إذا كانت ما موصولة, أو نكرة موصوفة, نحو: إن ما تقوله حق, أي: أن الذي تقوله حق, أو أن شيئا تقوله حق, ونحو: إ ن ا ما ا صانع وا اكي د ا ساح ر ]طه: )3( يجوز 11[ اعتبار ما كافة فتوصل بإن, ويجوز اعتبارها موصولة فتفصل عنها, أي: أن الذي صنعوه كيد ساحر, أو نكرة موصوفة فتفصل أيضا, أي: أن شيئا صنعوه كيد ساحر" )4(. ) 6 (اإلمام القاضي أبو يعلى ت )260 ه( وهو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد, أبو يعلى المعروف بابن الف ارء البغدادي الحنبلي. ولد سنة ثمانين وثالثمائة. حدث عن أبي القاسم بن حبابة وعلي بن معروف الب ازز, وعلي بن عمر الحربي وخلق. وحدث عنه الخطيب البغدادي وأبو الوفاء بن عقيل وأبو علي األهوازي. انظر الذهبي: سير أعالم النبالء )01/60( وغيره. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )60/ 212(. )3( ق أر حمزة والكسائي: إن ما صنعوا كيد سحر بكسر السين واسكان الحاء, وق أر غيرهما بفتح السين وألف بعدها وكسر الحاء. القاضي: الوافي في شرح الشاطبية )ص: 328(. إب ارهيم: اإلمالء والترقيم في الكتابة العربية )ص: 16(. 189

207 "وق أر العشرة برفع الدال )ك ي د ( و ق أر بنصبها مجاهد, و ح م ي د, وهو االختيار على أنه مفعول )1( )ص ن ع وا(, و )إ ن م ا( كافة" ونصبها له اختيار وجيه في اللغة قال الف ارء:" ولو نصبت )ك ي د سحر( ]61 ك ان صواب ا, وجعلت )إن ما( حرف ا واحد ا كقوله إ ن ا ما تاع ب د و ا ن م ن د ون الل ه أاو ثااانا ]العنكبوت:. " وقد أثرت الق ارءة بوجوهها المتواترة والشاذة في اآلية على معاني إنما واعتبا ارتها, ففي ق ارءة العشرة برفع )كيد ( أفادت االسم الموصول أما على ق ارءة النصب الشاذة فقد أفادت حرف معنى للحصر وأثرت على إع ارب الجملة بعدها, قال شيخ اإلسالم:" وقد تكون ما التي بعد أن اسما ال حرفا كقوله: إ ن ا ما ا صانع وا اكي د ا ساح ر ]طه: 11[ بالرفع أي: أن الذي صنعوه كيد ساحر خالف قوله: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فإن الق ارءة بالنصب ال تستقيم إذا كانت ما بمعنى الذي وفي كل المعنيين الحصر موجود لكن إذا كانت ما بمعنى الذي فالحصر جاء من جهة أن المعارف هي من صيغ العموم فإن األسماء إما معارف واما نك ارت والمعارف من صيغ العموم والنكرة في غير الموجب كالنفي وغيره من صيغ العموم فقوله: إ ن ا ما ا صانع وا اكي د ا ساح ر ]طه: 11[ تقديره: أن الذي بالنفي الحصر جنس من فهو " إنما " في الحصر وأما ساحر. كيد صنعوه واالستثناء )3( ا رس ول ]آل عم ارن: 622[ " ا ب اشر م ث ل انا ]الشع ارء: 662[ ا و ا ما م ا حم د إ ل ا ما أان ا ت إ ل تعالى: كقوله ومثال آخر عرض له الشيخ مستدال بالق ارءة المتواترة لداللة حرف المعنى ان بفتح الهمزة وكسرها الذي يفيد التوكيد. ": قال وقد اعتقد طائفة أنه ال فرق بينهما بل ربما رجحوا " أن " ألنهم زعموا فيها توكيدا وليس كما توهموا فإن " أن " المفتوحة وما في خبرها بمنزلة المصدر فإذا قال: حدثني أنه قال فهو في التقدير حدثني بقوله ولهذا اتفق النحاة على أن " إن " المكسورة تكون في موضع الجمل والمفتوحة في موضع المفردات فقوله: فاانا ا دت ه ال ا ماالئ اكة ا وه ا و قاائ م ي ا صل ي ف ي ال م ح ا راب أان انظر: اليشكري: الكامل في الق ارءات العشر واألربعين ال ازئدة عليها )ص: 610(. الف ارء: معاني القرآن )2/ 601( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )60/ ( )6( )3( 191

208 الل ا ه ي ا بش ر ك ]آل عم ارن: - ]31 على ق ارءة الفتح لمعنى ما نادته به وليس فيه ذكر اللفظ. ومن أول ما أقول: أحمد اهلل وأول ما أقول: إني أحمد اهلل, )6( في تقدير قوله: فنادته ببشارته وهو ذكر ق أر )إن اهلل( فقد حكى لفظه وكذلك الفرق بين قوله واذا كان مع الفتح هو مصدر". )6( إن اهلل يبشرك بيحيى حمزة وابن عامر على تقدير فقال إن اهلل أو أنه أقيم النداء مقام القول, والباقون على تقدير فنادته بأن اهلل: أي بهذا اللفظ ثم حذف الجار وحذفه من مثل ذلك شائع كثير. ابن الجزري شرح طيبة النشر )ص: 281( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )60/ 33-32(. 191

209 الفصل الثالث منهج ابن تيمية في عرض القراءات وتوجيهها وفتاواه وفيه ثالثة مباحث: المبحث األول: منهج ابن تيمية في عرض القراءات وتوجيهها المبحث الثاني: منهجه في الترجيح بين القراءات المبحث الثالث: فتاوى ابن تيمية في القراءات وما يتعلق بها 192

210 المبحث األول: منهج ابن تيمية في عرض القراءات وتوجيهها 193

211 تميز المفسرون بمناهج مختلفة في استع ارضهم للق ارءات في ثنايا تفاسيرهم, وألن شيخ اإلسالم في منهجه من خالل كتبه ال سيما تفسي ارته لبعض اآليات والسور كان يشبه أهل التفسير, آثر الباحث أن يتحدث في مبحث مستقل عن منهجه في عرض الق ارءات وتوجيهها. المطلب األول: عرضه للقراءات ونسبتها إلى أصحابها وإحالته القراءات إلى مواضع أخرى أول: تعريف العرض لغة واصطال ا حا " العين وال ارء والضاد بناء تكثر فروعه, وهي مع كثرتها ترجع إلى أصل واحد, وهو العرض الذي يخالف الطول. تقول منه: عرض الشيء يعرض عرضا, فهو عريض" )1(. عرض الق ارءات في المعنى الصطالحي: ي ارد به معنيان األول: الطريقة واأللفاظ التي تغلب في كالم اإلمام أثناء ذكره للق ارءات إما مشافهة في درسه أو كتابة في مصنفاته, وهو ما نحن بصدده. والثاني: أن يق أر متعلم القرآن على شيخه برواية مخصوصة وطريقة مخصوصة فيقره الشيخ عليها وقد أشار شيخ اإلسالم إلى معنى العرض هذا بقوله:" والنوع الثاني: أن يق أر على المحدث فيقر به كما يق أر المتعلم القرآن على المعلم ويسميه الحجازيون العرض ألن المتحمل يعرض الحديث على المحمل كعرض الق ارءة". ثان ا يا: نسبته الق ارءة للصحابي وبيانه لحكمها وفي ذكره لق ارءات الصحابة مثاالن: األول ذكره لق ارءة بعض الصحابة وهي ضعيفة وتبينه لضعفها ومنه قوله: " هي في ق ارءة ابن مسعود وأبي بن كعب )واذ أخذ اهلل ميثاق الذين أوتوا الكتاب( وزعم بعضهم أن هذه الق ارءة هي الصواب واألولى غلط من الك ت اب وهذا قول باطل ولوال ابن فارس: مقاييس اللغة )2/ 211(. ابن تيمية: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )60/ 38(. )6( 194

212 أنه ذ كر لما حكيته فإ ن ما بين لوحي المصحف متواتر والقرآن صريح في أن اهلل أخذ الميثاق على )1( النبيين فال يلتفت إلى من قال إنما أخذ على أممهم" وقوله في موضع آخر:" فإن قيل ففي ق ارءة ابن عباس أو محدث وبهذا احتج الحكيم الترمذي وغيره, قيل: أوال هذه الق ارءة إذا ثبت أنها ق ارءة فال يعرف لفظ بقية فإنها بتقدير صحتها إما من الحروف السبعة واما مما نسخت تالوته". والثاني: دفاعه عن الق ارءة الثابتة ذ كر عن بعض الصحابة مقال سائر الكالم معها كيف كان في تضعيف بعض الق ارءات التي ع دت اليوم باإلجماع قرآنا متواتر ا وكان لشيخ اإلسالم من هذا موقف سديد في بيان المتواتر وتوجيهه والدفاع عنه. ففي استع ارضه للق ارءات في قوله تعالى: ا وظان وا أان ه م قاد ك ذ ب وا ]يوسف: 668[, قال: "مخففة-أي ك ذ بوا- )3(, قالت أي عائشة رضي اهلل عنها "م ع اذ الل ه, ل م ت ك ن الر س ل ت ظ ن ذ ل ك ب ر ب ه ا" - قلت: فما هذا النصر - ا حت ى إ اذا اس تاي أا ا س الر س ل ]يوسف: 668[ بمن كذبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر اهلل عند ذلك لعمري لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن. وفي الصحيح أيضا ع ن اب ن ج ر ي ج, ق ال : س م ع ت اب ن أ ب ي م ل ي ك ة, ي ق ول : ق ال اب ن ع ب ا س : ا حت ى إ اذا اس تاي أا ا س الر س ل ا وظان وا أان ه م قاد ك ذ ب وا ]يوسف: 668[ خ ف يف ة, ذ ه ب ب ه ا ه ن اك, ا م ا عه ا متاى انص ر الل ه أالا إ ن انص ا ر الل ه قار ي ب ]البقرة: ا من وا و ت ال : ا حت ى ا يق و ال الر س ول ا وال ذ ي ا ن آ ا ما ا و ا ع ا د الل ه ا والل ه ا م ا عااذ الل ه 262[. ف ل ق يت ع ر و ة ب ن الز ب ي ر ف ذ ك ر ت ل ه ذ ل ك ف ق ال : ق ال ت ع ائ ش ة : «ا عل ا م أان ه اكائ ن قاب ال أان ا يم و ا ت ا ولاك ن لام ا يازل ال ا بالاء ب الر س ل ا حت ى اخاف وا أا ن ا رس ولاه م ن اشي ء قاط إ ل ا يك و ا ن ا من ا م ا عه م ي اكذ ب وانه م «ف ك ان ت ت ق ر ؤ ه ا: ا وظان وا أان ه م قاد ك ذ ب وا م ث ق ل ة ) 4 (, فعائشة جعلت استيأس 195 )6( )3( المنتهي )ص: 216( ابن تيمية: الرد على المنطقيين )ص: 262(. ابن تيمية: الصفدية )6/ ( ق أر الكوفيون بالتخفيف, وتعين للبقية التشديد: ابن القاصح المقرئ: س ارج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب/ تفسير القرآن, ب ا ب/ }أ م ح س ب ت م أ ن ت د خ ل وا الج ن ة و ل م ا ي أ ت ك م م ث ل ال ذ ين خ ل و ا م ن ق ب ل ك م م س ت ه م الب أ س اء و الض ر اء { ]البقرة: 262[ إ ل ى }ق ر يب } ]البقرة: 601[ )2622( )20/1([.

213 الرسل من الكفار المكذبين وظنهم التكذيب من المؤمنين بهم ولكن الق ارءة األخرى ثابتة ال يمكن إنكارها وقد تأولها ابن عباس وظاهر الكالم معه واآلية التي تليها إنما فيها استبطاء النصر وهو ا متاى انص ر الل ه قولهم: قاد ك ذ ب وا ]يوسف: ]668 " )1(. فإن هذا مدى سعة علمه المثال وغيره 262[, ]البقرة: فإن هذه كلمة تبطئ لطلب التعجيل. وقوله: ا وظان وا أان ه م يظهر دقة شيخ اإلسالم في التحري والنقل للق ارءات, ويبين بوضوح في الق ارءات ال سيما المتواترة وكيفية توجيهها والذود عنها. ثالثاا: نسبته الق ارءة إلى أصحابها من الق ارء ومثاله قوله تعالى: إ اذا ا سل م ت م ا ما آتاي ت م ب ال ا مع ر و ف. ]البقرة: ]233 ق ال شيخنا:" إذا أسلمتم أيها اآلباء إلى األمهات األوالد أجر ما أرضعن قبل و ق ر أ اب ن ك ث ير : أاتاي ت م ب ال ق ص ر " ام ت ن اع ه ن... وأيضا قوله: "وق أر ابن كثير )خ ط اء ع ل ى وزن ه ج اء. وق أر ابن ر زين )خ ط اء ( على وزن ش ر اب ا. وق أر الح س ن وقتادة )خطأ( على وزن ق ت ال. و ق ر أ الز ه ر ي )خ ط ا( بال همز على وزن ع د ى" )3(. ارب ا عا: إحالته الق ارءة إلى مواضع أخرى قال "ل تزو ل " بالرفع على اإلثبات, أي: إن كان مكر هم تزول, هذا :" وق أر بعض هم تقدير البصريين. والكوفي ون يقدرون: ما كان مكرهم أال تزول. وكال الق ارءتين لهما معنى صحيح, كما هو مبسوط في غير هذا الموضع )4( " )5(. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ ( انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ 611(. )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )28/ 28(. انظره: ابن تيمية: مجموع الفتاوى ) /61(. )6( ابن تيمية- عزيز شمس: جامع المسائل )6/ 26(. 196

214 المطلب الثاني: ذكره للقراءات دون نسبتها ومنهجه في عرض الشاذة أول: ذكره للق ارءات دون نسبتها مع توجيهها ا ما ه م ا و ا وب ال ا يو م اآل خ ر ا من ا ب الل ه ا من ا يق ول آ ومثاله: قول شيخ اإلسالم:" ا وم ا ن الن اس ا ما ا يش ع ر و ا ن )9( ف ي ق ل وب ه م ا ما ا يخ ا دع و ا ن إ ل أان ف ا سه م ا و ا من وا ا و ب م ؤ م ن ي ا ن ( 8( ي اخاد ع و ا ن الل ا ه ا وال ذ ي ا ن آ ا م ا رض فاازا ا ده م الل ه ا م ا ر ا ضا ا ولاه م ا عاذاب أال يم ب ا ما اكان وا ا يك ذ ب و ا ن ]البقرة: [ و ف ي ا يك ذ ب و ا ن ا وال ا يو م اآل خ ر ]البقرة: 0 [ ا من ا ب الل ه ل ه م : آ التخفيف وضده- ق ارءتان مشهورتان فإنهم كذبوا ف ي ق و وكذبوا الرسول في الباطن وان صدقوه في الظاهر" )1(, وقد ق أر عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر يكذبون بفتح الياء وتخفيف الذال ويلزم من ذلك سكون الكاف ولما لم يمكن أخذ ق ارءة الباقين من الضد نص عليها ألن ضد الفتح الكسر فلو كسرت لكانت تختل ولكن نص عليها بقوله: وللباقين ضم أي الياء وثقال أي الذال فيلزم من ذلك فتح الكاف والباقون هم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ق أروا يكذبون بضم الياء وتشديد الذال وفتح الكاف". ثانيا: ذكره للق ارءات دون نسبتها ودون توجيها ومثاله قوله:" ا يو ا م ا يد ع الد اع إ لاى اشي ء ن ك ر )6( خ ش ا عا أاب ا صار ه م ا يخ ر ج و ا ن م ا ن األ اج ا دا ث م ن تاش ر )8( م ه ط ع ي ا ن إ لاى الد اع ا يق ول ال اكاف ر و ا ن اهاذا ا يو م ا عس ر ]القمر: 1-0[. اكأان ه م ا ج ا راد وقوله تعالى: ا يو ا م ا يخ ر ج و ا ن م ا ن األ اج ا داث س ا را ا عا اكأان ه م إ لاى ن ص ب ي وف ض و ا ن )43( اخاش ا ع اة أاب ا صار ه م تار اهق ه م ذ ل ة اذل اك ال ا يو م ال ذ ي اكان وا ي و ا عد و ا ن ]المعارج: ]22,23 وفي الق ارءة األخرى: خ ش ا عا أاب ا صار ه م وفي هاتين اآليتين وصف أجسادهم بالحركة السريعة حيث لم يصف بالخشوع إال أبصارهم بخالف آية الصالة فإنه وصف بالخشوع جملة المصلين بقوله تعالى: ال ذ ي ا ن ه م ف ي ا صاالت ه م اخاش ع و ا ن ]المؤمنون: 2[. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )1/ 602(. انظر: ابن القاصح: س ارج القارئ المبتدي )ص: 620(. 197

215 ا علاى ال اخاش ع ي ا ن وقوله تعالى: ا وا ن ا ها لااكب ي ا رة إ ل ]البقرة: 26[. وقال تعالى: " ا يو ا م ي ك اشف ا عن ا ساق ا وي د ا عو ا ن إ لاى الس ج ود فااال ا يس تاط يع و ا ن )42( اخاش ا ع اة أاب ا صار ه م تار اهق ه م ذ ل ة ]القلم: 22,23[. ومن ذلك: خشوع األصوات. كقوله تعالى: ا واخ اش ا عت األ اص ا وات ل لر ح ا من فااال تاس ا مع إ ل اهم ا سا ]طه: 680[ وهو انخفاضها وسكوتها. ا م ا رد م ن ا سب يل )44( ا وتا ا راه م وقال تعالى: ا وتا ا رى الظ ال م ي ا ن لام ا ا رأاو ا ال ا عاذا ا ب ا يق ول و ا ن اهل إ لاى ي ع ا رض و ا ن ا علاي ا ها اخاش ع ي ا ن م ا ن الذ ل ا ين ظ ر و ا ن م ن طار ف اخف ي ]الشورى: 26[. )1( " ثالثا: منهجه في عرض الق ارءة الشاذة المتأمل في استع ارض شيخ اإلسالم لمواطن الق ارءات في مواضعها المختلفة يدرك أنه تميز بمنهج دقيق عند ذكره للق ارءات وليس أدل على ذلك مما ظهر من أمثلة في ذكره للق ارءات في مباحث االستدالل, وكذا ما مر وسيمر من أمثلة في مباحث عرضه للق ارءات ال سيما في تفريقه بين المتواتر والشاذ ببعض األلفاظ. وأبرز ما في هذا المنهج أنه يهمز لشذوذ الق ارءة ويعرض لها بصيغة البناء للمفعول التي تفيد التمريض والتضعيف- غالبا- كقوله )قرئ- روي- قيل- وفي الق ارءة الشاذة(, ومن أمثلة ذلك: قوله: "واستعمال لفظ "الربي" في هذا ليس معروف ا في اللغة, بل المعروف األول. والذين قالوا ذلك قالوا: هو نسبة إلى الرب بال نون, والق ارءة المشهورة: "ر ب ي " بالكسر, وما قالوه إنما يتوج ه على ق ارءة من ق أر "ربي ون" بالفتح, وقد ق ر ئ "ر ب ي ون" بالضم. فع ل م أنها لغات". وق ارءتي الفتح والضم كلتاهما شاذة, وقد ذكرهما بصيغة التمريض. ن ذ كره الرواية الشاذة بصيغة روي قوله:" روي عن عائشة رضي اهلل عنها أنها ق أرت وم ا وق وم وا ل ل ه قاان ت ي ا ن " )3(. ا والص الة ال و س طاى ا و ا صالاةا ال ا عص ر ا حاف ظ وا ا علاى الص لا ا وات ]263 وبصيغة قيل كقوله: "وذلك أن اهلل تعالى يقول: اكا ا ن الن اس أ م اة ا واح ا دةا ]البقرة: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )22/ 661(. ابن تيمية: جامع المسائل )3/ 13(. ابن تيمية: شرح عمدة الفقه )ص: 661(. )6( )3( 198

216 أي: فاختلفوا, وقد قيل: إنها كذلك في حرف عبد اهلل" )1( " ثم ذكر قوله تعالى: ا ما أا ا صا ا ب اك م ن ا ا وما أا اصا اباكم م ن اسي ائة فام ن انف س اك - قال ابن عباس: وأنا كتبتها عليك. وقيل: ا ح ا سانة فام ا ن الل ه إنها في حرف عبد اهلل وأنا قدرتها عليك. وقيل: ق أر: الحي القيام وق أرت عائشة -رضي اهلل عنها-:»فم ن نفس ك«". والتصريح بشذوذها كقوله: " وص ارط من أنعمت عليهم وان كانت تجلى والذكر واألنثى وأمثال ذلك" )3(. قال الباحث: إال والق ارءة الشاذة مثل ما خرج عن مصحف عثمان كق ارءة من زقية واحدة والليل إذا يغشى والنهار إذا وهذا منهج غير مطرد عند الشيخ في عرضه للق ارءة ففي مواضع كثيرة تجده يذكر الق ارءة بصيغة البناء للمفعول, وهي من المتواتر, فإن اعتبره البعض مأخذ ا, يمكن الرد بأن صيغة البناء هذه ال تنسحب دائم ا على ضعف الرواية ومنه قول أهل الحديث:" فهو ص ح يح ع نده س و اء ذكره ب صيغ ة ال ج زم أ و التمريض أل ن ال ع م ل ح ين ئ ذ بالمسند...و ا ن م ا لم يذكره ا كله ا ب ص يغ ة ال ج ز م اعتمادا )4( موض ع آخر فسهل األ مر ف ي ذلك". على سندها ف ي وهذا م ارد الشيخ واهلل أعلم, فال يخفى عليه من ق أر بها, وال يخفى عليه تواترها, بدليل ما ن قل عنه في دفاعه الحثيث عن المتواتر وذكره ألمثلتها, وعزوه ألصحاب الق ارءات في مواضعها, واهلل تعالى أعلم. ا ما قاتا ا ل ومن أمثلة ذلك قوله:" وقرئ فا ا جازاء م ث ل ]المائدة: 16[ باإلضافة" )5( ا ما أ وت ا ي م و ا سى أا ا ولام ا يك ف ر وا ب ا ما أ وت ا ي م و ا سى م ن وفي قوله تعالى:" قاال وا لاو ال أ وت ا ي م ث ال قاب ل قاال وا س ح ا ران تاظاا اه ا را تقدم بيان المعنى ومن ق أر بهما. ]القصص: 20[ )6( قال الشيخ:" وقرئ ساح ارن تظاه ار" وهما متواترتان وقد ابن تيمية: اقتضاء الص ارط المستقيم )2/ 311(. )6( انظر: ابن تيمية: منهاج السنة النبوية )6/ 622(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ 618( )3( الزركشي: النكت على مقدمة ابن الصالح )6/ 221( شرح عمدة الفقه البن تيمية - من كتاب الطهارة والحج )3/ 206( )6( ابن تيمية: الجواب الصحيح )2/ 366( )1( 199

217 المطلب الثالث: عرضه للقراءة بأوصاف متعددة قوله: للق ارءة المتواترة خاصة )الق ارءة المشهورة- األكثرون- المتواترة- الجمهور والجماهير(, وللمحتملة )للمتواتر والشاذ( قوله: )طائفة السلف- ق ارءة من ق أر- وفي الق ارءة األخرى( ونسبتها )إلى المصحف - أهل بلد من البالد(. في منهج شيخ اإلسالم عند عرضه للق ارءة يشير ببعض األلفاظ إلى طبيعة الق ارءة وصحتها أحيانا فتجده يستخدم ألفاظ ا ذات داللة قوية على تواتر الق ارءة إما بذكر لفظ التواتر أو ما يقاربه من معنى. أول: ألفاظه الخاصة في الدللة على الق ارءة المتواترة فمنها قوله: "وفي الق ارءة المشهورة" واذا قال شيخ اإلسالم وفي الق ارءة المشهورة فإنه يريد ق ارءة متواترة ق أر بها أكثر من قارئ في الغالب. ومثاله: قوله: وكذلك الق ارءة المشهورة لتزول )أو( يريد بها ق ارءة العشرة كقوله "والق ارءة المشهورة: )ر ب ي ( بالكسر" وقد تقدم ذكر الق ارءتين في فصل االستدالل بالق ارءات. وقد يذكرها بلفظ الجمع )الق ارءات المشهورة(. )1( كقوله:" وهذا كما في الق ارءات المشهورة )ربنا باعد( )وباعد(" وبيانه, ق أر يعقوب وحده بق ارءة ربنا بضم الباء وباعد باأللف وفتح العين والدال. وق ار ابن كثير وأبو عمرو وهشام ربنا بالنصب وبعد بكسر العين المشددة بال ألف واسكان الدال والباقون ربنا بالنصب, باعد باأللف )6( ابن تيمية: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 316( 211

218 )1( وكسر العين وسكون الدال" ومنها قوله: "ق أر األكثرون" واذا قال )األكثرون( فيريد ق ارءة ستة من العشر فأكثر ومثال ذلك قوله: "أما على ق ارءة األكثرين فإن قوله ال أ ي م ان ل ه م أي ال وفاء باأليمان(" "فقد ق أر العشرة إال ابن عامر ال أيمان جمع يمين وهو القسم- وق أر ابن عامر»ال إيمان لهم«بكسر الهمزة مصد ار " )3(. ": ومنها تصريحه بلفظ التواتر وهو قليل: قال فمعناها يناقض الق ارءة المتواترة فال يعتمد عليها" )4(. وقال:" وأما من جهة معناه ومفهومه فيقال: نفس الق ارءة المتواترة أرجح وأظهر وأتم" )5(. ومنها نسبته الق ارءة للجمهور والجماهير وهو غالب: ومثال ذلك: قال: وق أر جمهور الق ارء قا ا در بتشديد الد ال " )6(. وقال: " وبهذا ق أر جماهير الق ارء...وهي ق ارءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر 211 )6( أسفارنا«)3( قال ابن قتيبة: وكقوله: ر ب نا باع د ب ي ن أ س فار نا ]سبأ: 61[ على طريق الدعاء والمسألة, و»رب نا باعد بين على جهة الخير, والمعنيان وان اختلفا صحيحان, ألن أهل سبأ سألوا اهلل أن يفر قهم في البالد فقالوا: ر ب نا باع د ب ي ن أ س فار نا فلما فرقهم اهلل في البالد أيادي سبأ, وباعد بين أسفارهم, قالوا: رب نا باعد بين أسفارنا وأجابنا إلى ما سألنا, فحكى اهلل سبحانه عنهم بالمعنيين في غرضين" انظره: ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن )ص: 33( وانظر خالف الق ارء عند, محمد سالم: فريدة الدهر في تأصيل وجمع الق ارءات )2/ 606( ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتم الرسول )ص: 316(. انظر: الواسطي المقرئ, الكنز في الق ارءات العشر )2/ 211(. سبق االستدالل بها. )6( )1( ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 662(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 626(.

219 عن عاصم وجمهور الق ارء عليها وهي أصح الق ارءات لفظا ومعنى )1(. ثانيا: ألفاظه المحتملة الدالة على الق ارءة المتواترة والشاذة وهي كثيرة, أذكر أشهرها, وأقتصر في ذكر األمثلة على ذكر مواضعها عنده. فمنها قوله:" طائفة السلف". ومثال إطالقها عنده على المتواتر قوله:" وق أر طائفة من السلف: الالت, بالتشديد, وقال طائفة من السلف: إنه كان يلت السويق للحجاج, فلما مات عكفوا على قبره". "فقد )3( ق أر: رويس الال ت والعز ى بتشديد التاء ووقف الكسائي عليها بالهاء وقد ذكر" ومثال إطالقها على الشاذ قوله: )صلقوكم( وهو رفع الصوت بالكالم المؤذي. ومنه "الصالقة" وهي التي ترفع صوتها بالمصيبة. يقال: صلقه وسلقه - وقد ق أر طائفة من السلف )4( بها" قال الباحث: وظهر من خالل االستق ارء أن إطالق شيخ اإلسالم لفظ )طائفة من السلف( على الق ارءة الخارجة عن العشرة المتواترة أكثر من إطالقه عليها. ومنها قوله: ق ارءة من ق أر فمثال إطالقها على المتواتر في قوله آية:" ق ل ا من أان از ال ال ك تاا ا ب ال ذ ي ا جا ا ء ب ه م و ا سى ن و ا را ا وه ا دى ل لن اس تاج ا عل وانه قا ا راط ي ا س ت ب د وان ا ها ا وت خ ف و ا ن اكث ي ا را ا وع ل م ت م ا ما لام تاع لام وا أان ت م ا وال آ ا باؤ ك م ]األنعام: 16[, قال:" فإن الخطاب لما كان مع من يقر بنبوة موسى من أهل الكتاب ومع من ينكرها )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ 220(. ابن تيمية: قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل اإلسالم واإليمان وعبادات أهل الشرك والنفاق )ص: 688( )3( الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 116(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )20/ 261( وهي ق ارءة شاذة كما بينا. 212

220 من المشركين ذكر ذلك بقوله: ق ل ا من أان از ال ال ك تاا ا ب ال ذ ي ا جا ا ء ب ه م و ا سى وقد بين الب ارهين الدالة على صدق موسى في غير موضع. وعلى ق ارءة من ق أر يبدونها كابن كثير وأبي عمرو جعلوا الخطاب مع المشركين وجعلوا قوله: و ع ل م ت م م ا ل م ت ع ل م وا احتجاجا على المشركين بما جاء به محمد فالحجة على أولئك نبوة موسى وعلى هؤالء نبوة محمد ولكل منهما من الب ارهين ما قد بين بعضه في غير موضع. وعلى ق ارءة األكثرين بالتاء هو خطاب ألهل الكتاب )1( " ومثال إطالقها على الشاذ قوله:" كق ارءة من ق أر ربيون" وقوله:" وق ارءة من ق أر الحي القيام" )3(. االستق ارء. ومنها قوله: وفي الق ارءة األخرى وهذا لفظ منسحب على أكثر مواضع ذكر الشيخ للق ارءات, فيما ظهر للباحث من خالل ومثاله في المتواتر: ا ماالئ اكت ه ا وال م ؤ م ن و ا ن ك ل آ ا م ا ن ب الل ه ا و قال تعالى: آ ا م ا ن الر س ول ب ا ما أ ن ز ال إ لاي ه م ن ا رب ه اوك ت ب ه اور س ل ه ال ن فار ق ا بي ا ن أا ا حد م ن ر س ل ه اوقاال وا اسم ع ا نا اوأاطاع انا غ ف اراان ا ك ارب ا نا اوا لاي اك ال ا مص ي ر ]البقرة:.]206 قال شيخ اإلسالم:" وفي الق ارءة األخرى وكتابه ورسوله وكال الق ارءتين موافقة لألخرى )4( " فقد ق أر حمزة والكسائي )وكتابه( قبله ومالئكته وبعده ورسله" )5(. بالتوحيد على إ اردة القرآن أو جنس الكتب, والباقون بالجمع, ألن ]62 وقال أيضا:" ا رب ا ها ا وك ت ب ه وكذلك قوله عن مريم: ا و ا صد قات ب اكل ا مات ]التحريم: و ف ي ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 611(. ابن تيمية: جامع المسائل )3/ 13(. ابن تيمية: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ 618(. ابن تيمية: الجواب الصحيح )2/ 228(. انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 282(. )6( )3( )6( 213

221 )1( الق ارءة األخرى )و ك ت اب ه (" وهي ق ارءة أبي عمرو, ويعقوب, وحفص". وقوله تعالى:" فاأار ا سل انا إ لاي ا ها ر و ا حانا فاتا ا مث ال لا ا ها ا ب اش ا را ا سو ي ا )18( قاالات إ ن ي أاع وذ ب الر ح ا من م ن اك إ ن ك ن ا ت تاق ي ا ]مريم: ]60-61 )3( وفي الق ارءة األخرى: ليهب لك غالما زكيا" )4(. م وقوله: " ومنه خشوع البصر وخفضه وسكونه عند تقليبه في الجهات, كقوله تعالى: ا يو ا اشيء ن ك ر )6( خ ش ا عا أاب ا صار ه م ا يخ ر ج و ا ن م ا ن األ اج ا داث اكأان ه م ا ج ا راد م ن تاش ر )8( ا يد ع الد اع إ لاى )5( م ه ط ع ي ا ن إ لاى الد اع ا يق ول ال اكاف ر و ا ن اهاذا ا يو م ا عس ر ]القمر: - 1 0[, وفي الق ارءة األخرى ]خاشعا[" )6( وق أر الحجازيون وابن عامر وعاصم بضم الخاء وحذف األلف وتشديد الشين وفتحها" )7(. قال الباحث: وي ظهر االستق ارء أيضا, أن قوله: )والق ارءة األخرى( في المتواتر أكثر منه في الشاذ, بل ويمكن القول: إن قوله: )والق ارءة األخرى( في مواضع عرضه للرواية إنما هو للمتواتر دائما, خاصة إذا ذكر توجيهه للق ارءة األولى ثم أعقبه بتوجيه للق ارءة األخرى. أما في عموميات ذكره للق ارءات وبيانه لبعض أحكامها في علم الد ارية -التأصيل النظري- تجده يقول والق ارءة األخرى ويقصد بها الشاذة أحيانا, واهلل أعلم. ومثاله قول الشيخ: " فنقل جمهور األمة لها خلف ا عن سلف ت وجب أنها كانت أكثر وأشهر من ق ارءة النبي - - إن كان ق أر باألخرى, وان كان لم يق أر باألخرى لم تعدل بهذه. فنحن نشهد ابن تيمية: الجواب الصحيح )2/ 261(. )6( انظر: القاضي: شرح النظم الجامع لق ارءة اإلمام نافع )ص: 661 ( ابن القاصح: س ارج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي )ص: 618(. ق أر بها من السبعة: نافع بخلف عن قالون وأبو عمرو, والباقون بالهمزة, انظر س ارج الدين النشار: )3( المكرر في ما تواتر من الق ارءات السبع وتحرر )ص: 226( ومن العشرة يعقوب, انظر: الواسطي المقرئ, الكنز في الق ارءات العشر )2/ 662(. ابن تيمية: الجواب الصحيح )3/ 211(. ابن تيمية: القواعد النو ارنية )ص: 11(. )6( وهم ق ارء الحجاز, نافع المدني, وابن كثير المكي من السبعة, وأبو جعفر من العشرة, وقد تقدم في )1( مبحث الترجمة للق ارء. الواسطي المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 110(. )1( 214

222 شهادة قاطعة أنه ق أر بهذه, وأن تلك إم ا أنه لم ي ق أر بها أو ق أر بها قليال, والغالب عليه ق ارءته بهذه, ألنه يمتنع عادة وشرع ا أن تكون ق ارءت ه بتلك أكثر, وجمهور األمة لم تنقل عنه ما هو أغلب عليه, ونقل عنه ما كان قليال منه" )1(. ثالثاا: نسبته الق ارءة )للمصحف - وألهل بلد من البالد( فأم ا في عزوه الق ارءة للمصحف فتارة ينسبها إلى مصحف الصحابي كابن مسعود وغيره, وأخرى يبين شذوذها عن مصحف عثمان- ما اشتهر بالرسم العثماني- وقد تقدمت أمثلة في بيان ذلك. وثالثة ينسبها إلى مصحف المصر كقوله:" و ق ر أ اب ن ع ام ر : ذ و ال ا جاالل ا واإل ك ا را م ]الرحمن: 21[ وكذلك هي في المصحف الشامي وفي مصاحف أهل الحجاز والع ارق هي بالياء ". وأم ا في عزوها إلى ق ارءة أهل بلد من البلدان فمثاله قوله:" بل أكثر العلماء األئمة الذين )3( أدركوا ق ارءة حمزة... يختارون ق ارءة أبي جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح البصريين كشيوخ يعقوب بن إسحاق وغيرهم على ق ارء حمزة والكسائي" )5(. المدنيين وق ارءة فائدة: إن المتأمل في ألفاظ شيخ اإلسالم تعالى, أثناء عرضه الختالف الق ارءات يجد أن لكل لفظ منها مدلوال يوحى بدرجة الق ارءة كما تبين, وقد س ل م شيخ اإلسالم في عرضه الختالف الق ارءات من نسبته الق ارءة الشاذة لما تواتر أو العكس, وهو مشهور عند أكثر أئمة )6( ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 662(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )1/ 613(. )3( يزيد بن القعقاع أحد الق ارء العشرة الذين سبق الترجمة لهم, والمشهور عند أهل الق ارءة بأبي جعفر المدني. شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المدني المقرئ اإلمام. مولى أم سلمة -رضي اهلل عنها, وأحد شيوخ نافع في الق ارءة, وقاضي المدينة ومقرئها مع أبي جعفر, توفي شيبة سنة ثالثين ومائة. معرفة الق ارء الكبار )ص: 22( )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 313(. 215

223 )1( التفسير كالطبري بوجه معذور ذكره أهل العلم ليس هذا محله, وكالقرطبي وان كان نادر ا عند أهل التفسير, إال أن شيخنا قد سلم من كليهما. أم ا ما قد ي ؤخذ عليه-ولألمانة العلمية- في بيانه سبب شذوذ الق ارءة, الذي ال من أجله ض عفت الق ارءة بل من أجل سبب آخر, وهذا في قوله: " ص ل ق وك م - و ق د ق ر أ ط ائ ف ة م ن الس ل ف )3( ب ه ا ل ك ن ه ا خ ار ج ة ع ن ال م ص ح ف " فأشار لسبب الشذوذ خروجها عن الرسم, ولو كان كذلك لما جاز ق ارءة الص ارط بوجوهها الثالثة المعروفة, فظهر أن سبب الشذوذ أنها لم تبلغ حد التواتر, السيما أن مخالفتها للرسم في هذا الموضع مخالفة محتملة إضافة إلى بعض الكلمات التي ترسم سين ا وتق أر صاد ا خالصة أو فيها وجهان. )6( ارجع قول القرطبي "و ق ر أ ت ف ر ق ة " ت س ق يك م " ب الت اء, و ه ي ض ع يف ة " في قول نسقيكم مما في بطونها وهي متواترة بها ق أر أبو جعفر انظر القرطبي: الجامع ألحكام القرآن )68/ 623(. ق أر بها أبو المليح الهذيلي انظر: اليشكري: الكامل في الق ارءات )ص: 10(. )3( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )20/ 261(. 216

224 المبحث الثاني: منهجه في الترجيح بين القراءات 217

225 إن قول أهل العلم بأن الق ارءة باالختيار ال يحمل داللة على إطالق الرغبة في أن يق أر القارئ من عند نفسه فالقضية محكومة بشروط وأركان )1(, وللوقوف على كنه هذه المسائل يجدر أن نعر ف بهذه المصطلحات في هذا المبحث. المطلب األول: تعريف االختيار والترجيح وما يتعلق بهما. أول: الختيار عند الق ارء الختيار في اللغة: قال ال ارغب رحمه اهلل:" الخ ي ر : ما يرغب فيه الكل, كالعقل مثال, والعدل, والفضل, والشيء النافع" "واختار يختار, اخ ت ر, اختيار ا وخ يرة وخ يار ا, فهو م ختار, والمفعول م ختار, اختار الط ريق األفضل : توج ه إليه بمحض إ اردته, اصطفاه وانتقاه, واختار أحد األمرين: رغب في أحدهما" )3(. ولوطيد العالقة بين المعنيين اللغوي واالصطالحي, ح س ن بنا أن ننظر في إطالق القدماء من أهل الق ارءة لهذا المصطلح, لنصل إلى تعريف جامع مانع لمعنى االختيار. قال أبو شامة: " فهذه ق ارءة يعقوب الحضرمي غير متروكة, وكذلك ق ارءة عاصم الجحدري وق ارءة أبي جعفر وشيبة إمامي نافع, وكذلك اختيار أبي حاتم وأبي عبيد, واختيا ارت لغير هؤالء. )4( الناس على الق ارءة كذلك في كل األمصار من المشرق" والم ارد أركان الق ارءة الصحيحة المقبولة وقد تقدمت في فصل التمهيد. ال ارغب: المفردات في غريب القرآن )ص: 388(. انظر: احمد مختار عمر: معجم اللغة العربية المعاصرة )6/ 166(. أبو شامة: المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز )6/ 661(. 218 )6( )3(

226 وقال القرطبي: " وهذه الق ارءات المشهورة هي اختيا ارت أولئك األئمة الق ارء, وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من الق ارءات ما هو األحسن عنده واألولى, فالتزمه طريقة ورواه وأق أر به واشتهر عنه, وعرف به ونسب إليه, فقيل: حرف نافع, وحرف ابن كثير, ولم يمنع واحد منهم اختار اآلخر وال أنكره بل سوغه وجوزه, وكل واحد من هؤالء السبعة روى عنه اختار ان أو أكثر, وكل صحيح. وقد أجمع المسلمون في هذه األعصار على االعتماد على ما صح هؤالء األئمة مما رووه و ارؤه من الق ارءات " )1(. عن فظهر من أقوال هؤالء أن االختيار في الق ارءة: وجه أو أكثر يعمد إليه القارئ المتقن دون الوجوه األخرى مع غير تحسين لوجهه على البقية التي توفرت فيها الشروط. فال يطعن في غيره. وان حس ن وجهه وقد سبق بيان كثرة االختيا ارت ثم اقتصار مجاهد على السبعة فالتتمة بالعشرة والتي أحسن روايتها شيخ الق ارء ابن الجزري قال: منهم بالق ارءة واختيا ارت هم على ما ق أرته وذكر إسناده إلى ابن مه ارن". وقد أخذ الباحث على بعض وقد ذكرت في هذا الكتاب ق ارءات من اشت هر الباحثين, وأهل الفن ممن سمع لهم عدم التقيد بشروط التعريف الجامع المانع, فيذكرون لفظ االختيار في التعريف, وقد أشار الباحث في تعريفه لهذا المعنى بقوله )يعمد( عوض ا عن )يختار(. ومما يالحظ في تعريفاتهم إغفالهم الحتمال اختيار الشيخ ألكثر من وجه. ثم است حال ت هذه العشرة طريقها إلى اإلجماع, دون غيرها ويمكن القول: إن االختيار بهذا المفهوم قد بهت زمانه في عصرنا هذا. قال في المنجد: كانوا يؤلفون في الق ارءات" )3(, " وصار بذلك ق بول اختيا ارتهم على صورة اإلجماع على أن الناس قد كما أن أصحاب االختيا ارت هم كل من اختار لنفسه ق ارءة من مجموع ما رواه وأسنده عن األئمة الق ارء الكبار, فاالختيار ال يعني التشهي وادخال ما ليس من القرآن في القرطبي: الجامع ألحكام القرآن )6/ 21( ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )6/ 30( ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين )ص: 06( )6( )3( 219

227 القرآن, بل هو اختيار من ق ارءات مروية محصورة )1(. وبعد بيان معنى االختيار المستنبط من أقوال القدماء, يحسن اإلشارة إلى معنى االختيار بمفهوم المتأخرين, وهو أن يتجمهر أهل مصر على رواية يعمدون إلى الق ارءة بها دون غيرها كاختيار رواية حفص في أغلب األمصار, واختيار شيخ اإلسالم بهذا المعنى فقد كان لق ارءة أبي عمرو البصري, لما كان الشيخ في أرض الع ارق, ثم ق ارءة الشامي ابن عامر لما ارتحل إلى الشام كما تقدم في ترجمته, رحم اهلل الجميع. )6( الجرمي: معجم علوم القرآن )ص: 30 ( وانظر: أبو اسحق الحربي: غريب الحديث )6/ 226(. 211

228 ثان ا يا: الترجيح عند الق ارء استخدامات لفظة الترجيح قبل الوصول لتعريف الترجيح عند الق ارء كان البد أن نعرض الستخداماتها عند أهل العلم في اللغة واألصول ونحوهما. قال أهل اللغة: " أرجح: أثقل المي ازن حتى مال, ورجح الشيء يرجح رجحانا ورجوحا, وأرجح: أعطى ارجحا, والحلم ال ارجح: الذي يرزن بصاحبه, ر ج ح أحد القولين على اآلخر أي غلبه " )1(. و"الت مييل بين الشيئين: كالت رجيح بينهما". و"الترجيح االختيار بين األمرين مع إما ( رفض أو تضعيف اآلخر, أو دون تضعيفه(" )3( ". وهذه المالحظة من الترجيح ب )رفض أحد طرفي الترجيح( أو ( مع قبوله ) ستفيد في وصولنا لتعريف دقيق وشامل للترجيح بأنواعه بين الق ارءات. وجاء في الصحاح:" الترجيح ما أيد به العلة والخبر إذا قابله ما يعارضه واالستدالل أن يدل على أن الحكم في الشيء ثابت من غير رده إلى أصل واالجتهاد ال يكون إال في الشرعيات وهو مأخوذ من بذل المجهود, واستف ارغ الوسع في النظر في الحادث ليرده إلى المنصوص على حسب ما يغلب في الظن وانما يوسع ذلك مع عدمت الداللة والنص" )4(. "وللعلماء في تعارض الخبرين أقوال قالوا: إذا تعارضا ولم يمكن ح م ل أحدهما على اآلخر ولم ي عرف التاريخ وجب الرجوع إلى الترجيح. واختلفوا فيهما إذا تعارضا من غير ترجيح فعند الجمهور: يطرحان وقد يستعمالن على جهة التخيير إن أمكن. وقيل: ال يجوز التعارض بغير ترجيح, وال بد من ترجيح وان خفي على بعض المجتهدين" )5(. والترجيح: إثبات مرتبة في أحد الدليلين على اآلخر" )6(. والتغليب: هو ترجيح أحد المعلومين نشوان الحميري: شمس العلوم )2/ 2230(. الفا اربي: الصحاح )6/ 6023(. العسكري: الفروق اللغوية )ص: 11(. الفا اربي: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية )6/ 6023( نشوان الحميري: شمس العلوم ودواء كالم العرب من الكلوم )1/ 2680( الجرجاني: التعريفات )ص: 61( 211 )6( )3( )6( )1(

229 على اآلخر واطالقه عليهما, وقيدوا إطالقه عليهما لالحت ارز عن المشاكلة" )1(. وقيل: الترجيح: تقوية إحدى األمارتين على األخرى, ليعمل بها". "وهو عبار ة ع ن ب ي ان فضل أحد المثلين على اآلخر ب ح سب ال و ص ف ال ب ك ث ر ة األ د ل ة. و ال مر اد ب ال و ص ف ال م ع نى الز ائ د على ال عل ة أ ي ال م ع نى ال ذ ي ال يكون ل ه مد خل ف ي ال علية و ال ي وجد ف ي اآلخر و )الترجح( فضل أحد المثلين على اآلخر بنفسه بال م ر ج ح" )3(. وقيل: "الترجيح: هو بيان القوة ألحد المتعارضين على اآلخر" )4(. وبعد النظر في هذه التعريفات يمكن القول بأن الترجيح في عرف أهل الق ارءة: القارئ لوجه ق ارءة مع تقويتها له مقروانا وهذا ب ي ن في كتب أهل التفسير. هو تغليب إما ( بقبوله الوجوه األخرى أو تضعيفها أو رفضها(. الجرجاني: التعريفات )ص: 13( السيوطي: معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم )ص: 11( القاضي نكري: دستور العلماء )6/ 611(. أبو البقاء الكفوي: الكليات )ص: 366(. )6( )3( 212

230 يفض ل المطلب الثاني موقف ابن تيمية من الترجيح في القراءات المتواترة. ثبوت القرآن الكريم وتواتره يرسخ في العقول توقيفه ومنع االجتهاد فيه, فهل يستقيم أن أحد ق ارءة على أخرى أولا: موقفه من الترجيح الذي بمعنى تقوية وجه ورفض بقية القرآن مفهوم تواتر الق ارءات يفتح علينا بالقول: إن كل ما ثبتت قرآنيته فهو المنز ل وال يح ل ألحد من أهل الملة أن يتجاوزه بالرد, وانكار قرآنيته. قال اإلمام األكبر : " وصفاته في األزل غير محدثة وال مخلوقة ومن قال إنها مخلوقة أو محدثة او وقف او شك فيهما فهو كافر باهلل تعالى والقرآن كالم اهلل تعالى في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ وعلى األلسن مقروء وعلى النبي عليه الصالة والسالم منزل ولفظنا بالقرآن مخلوق وكتابتنا له مخلوقة وق ارءتنا له مخلوقة" )1(. : وقال إمام أهل السنة " فيحكم بكفر منكر شيء ثابت من الكتاب, وذلك أن قريش ا قالوا: إن القرآن شعر, وقالوا: أساطير األولين, وقالوا: أضغاث أحالم, وقالوا: تقوله محمد من تلقاء. نفسه, وقالوا: تعلمه من غيره, فأقسم اهلل بالنجم إذا هوى" قال شيخ اإلسالم رحمه اهلل:" ال ن ازع بين العلماء المعتبرين أن " األحرف السبعة " التي ذكر النبي أن القرآن أنزل عليها ليست هي " ق ارءات الق ارء السبعة المشهورة " بل أول من جمع ق ارءات هؤالء هو اإلمام أبو بكر بن مجاهد وكان على أرس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من ق ارءات الحرمين والع ارقيين والشام إذ هذه األمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره والحديث والفقه من األعمال الباطنة والظاهرة وسائر العلوم الدينية فلما أ ارد ذلك جمع ق ارءات سبعة مشاهير من أئمة ق ارء هذه األمصار, وال ن ازع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها ال تتضمن تناقض المعنى وتضاده, وكل ق ارءة أبو حنيفة: الفقه األكبر )ص: 28(. انظر أحمد بن حنبل: الرد على الجهمية والزنادقة )ص: 666(. 213 )6(

231 منها مع الق ارءة األخرى بمنزلة اآلية مع اآلية يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعمال ال يجوز )6( ترك موجب إحداهما ألجل األخرى" من كر ا لها, من غير حجة قال الباحث: فهذه األقوال تبين بالقياس المساوي أن من رد ق ارءة تقام, فهذا والعياذ باهلل قد أنكر شيئا معلوم ا من الدين بالضرورة, بل ال فرق بينهم وبين كفار قريش, فكالهما حينئذ ينكر القرآن, فالحكم والحالة هذه من إنكار ثبوت شيء من القرآن الكفر البواح نجانا اهلل واياكم من كبيره وصغيره, وهذا لم يقع فيه أهل العلم والتفسير, والحمد هلل فكالمهم في الق ارءات كان إما بتضعيف لوجه متواتر بحجة ما, أو ترجيح ق ارءة مع قبول الق ارءة األخرى, وقد ظهر منهج شيخ اإلسالم في بيان موقفه ممن حرف الق ارن بزيادة ونقصان كمن ق أر وكلم اهلل موسى تكليما بنصب اسم الجاللة, وقد تقدم. ثان ا يا: موقفه من الترجيح المقرون بتضعيف الق ارءة األخرى قال شيخ اإلسالم: " الصواب المقطوع به أن الق ارءة المشهورة المتواترة أرجح من هذه, فإ ن تلك الق ارءة لو كانت أرجح من هذه لكانت األمة قد ن ق لت بالتواتر الق ارءة المرجوحة. والق ارءة التي هي أحب الق ارءتين إلى اهلل ليست معلومة لألمة, وال مشهود ا بها على اهلل, وال منقولة نقال متواتر ا, فتكون األمة قد حفظت المرجوح, ولم تحفظ األحب إلى اهلل األفضل عند اهلل, وهذا عيب في األمة ونقص فيها. ثم هو خالف قوله إ ن ا انح ن انز ل انا الذ ك ا ر ا وا ن ا لاه لا ا حاف ظ و ا ن ]الحجر: 1[, فإنه على قول هؤالء يكون الذكر األفضل الذي نزله ما حفظه حفظ ا ي عل م به أنه منز ل, كما يعلم الذكر المفضول عندهم. وأيض ا فللناس في هذه الق ارءة وأمثالها مما لم يتواتر قوالن: منهم من يقول: هذه تشهد بأنها كذب, قالوا: وكل مالم ي قط ع بأنه قرآن فإنه ي قط ع بأنه ليس بقرآن. قالوا: وال يجوز أن يكون قرآن منقوال بالظن وأخبار اآلحاد, فإن ا إن جو زنا ذلك جاز أن يكون ث م قرآن كثير غير هذا لم يتواتر. )6( انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ ( 214

232 قالوا: وهذا مما ت ح يل ه العادة, فإن الهمم والدواعي متوفرة على نقل القرآن, فكما ال يجوز اتفاق هم على نقل كذب, ال يجوز اتفاقهم على كتمان صدق " )1(. وقد تميز شيخ اإلسالم في منهج الترجيح بالرد على بعض األوهام التي وقع فيها السلف في الترجيح, وهي قسمان, األول: والثاني: رده على إنكارهم للمتواتر واثباتهم للمتروك الشاذ. فمن األول: كما نق أر, وقد تقدم وانكار إنكار عائشة أف ارد إما رده على إنكارهم وجه ا متوات ر ا, وا ثباتهم ألخ ر متوات ر. ق ارءة ا وظان وا أان ه م قاد ك ذ ب وا رد ابن تيمية على هذا القول, وتوجيهه لق ارءة التشديد. ]يوسف: 668[ بالتخفيف بعضهم ق ارءة عجبت بالضم, قال:" وأبلغ من ذلك أن شريحا أنكر ق ارءة من ق أر ا بل ا عج ب ا ت ا و ا يس اخر و ا ن ]الصافات: 62[ وقال: إن اهلل ال يعجب, فبلغ ذلك إب ارهيم النخعي, فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه, كان عبد اهلل أعلم منه أو قال: أفقه منه وكان يق أر ( لب عجبت( فأنكر على شريح إنكاره, مع أن شريحا من أعظم الناس قد ار عند المسلمين, ونظائر هذا متعددة". قوله:" ومن الثاني وكذلك بعض السلف أنكر حروف القرآن مثل إنكار بعضهم قوله: أاافلا م ا من وا ]الرعد: 36[ وقال: إنما هي: أو لم يتبين الذين آمنوا وانكار اآلخر ق ارءة قوله: ا يي أاس ال ذ ي ا ن آ ا وقا ا ضى ا رب اك أال تاع ب د وا إ ل إ ي اه ]اإلس ارء: 23 [, وقال: إنما هي: ووصى ربك. وبعضهم كان حذف المعوذتين وآخر يكتب سورة القنوت. وهذا خطأ معلوم باإلجماع والنقل المتواتر ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا وان كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر. وأيضا فإن الكتاب والسنة قد دل على أن اهلل ال يعذب أحدا إال بعد إبالغ الرسالة فمن لم تبلغه جملة لم يعذبه أرسا ومن بلغته جملة دون بعض التفصيل لم يعذبه إال على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية. وذلك مثل: ا يك و ا ن ل لن اس ا علاى الل ه ح ج ة ا بع ا د الر س ل ]سورة النساء: 616[. قوله تعالى: ل ائال ا مع اش ا ر ال ج ن ا واإل ن س أالام ا يأ ت ك م ر س ل م ن ك م ا يق ص و ا ن ا علاي ك م آ ا يات ي وقوله: ا يا 638[. اآلية. ]سورة األنعام: ابن تيمية: جامع المسائل )6/ 662(. ابن تيمة: درء تعارض العقل والنقل )6/ 213(. )6( 215

233 ا من تااذك ا ر ا و ا جا ا ءك م الن ذ ي ر ]سورة فاطر: 31[. وقوله: أا ا ولام ن ا عم ر ك م ا ما ا يتااذك ر ف يه ا رب ك م ا وي ن ذ ر وانك م ل قاا ا ء وقوله: ا وقاا ال لاه م اخازانت ا ها أالام ا يأ ت ك م ر س ل م ن ك م ا يت ل و ا ن ا علاي ك م آ ا يات ا علاى ال اكاف ر ي ا ن ]سورة الزمر: 16[. ا يو م ك م اهاذا قاال وا ا بلاى ا ولاك ن ا حق ت ا اكل م ة ال اعاذاب ا ما ك ن ا م ا عذ ب ي ا ن ا حت ى انب ا ع اث ا رس وال ]اإلس ارء: 66[. وقوله: ا و ا م ه ل اك ال ق ا رى ما ك ن ا ا ما اكا ا ن ا رب اك ا حت ى ا يب ا ع اث ف ي أ م ا ها ا رس وال ا يت ل و ا علاي ه م آ ا يات انا ا و وقوله: ا و ا وأاه ل ا ها ظاال م و ا ن ]سورة القصص: 61[" )1(. م ه ل ك ي ال ق ا رى إ ل ويوضح استق ارء الباحث لمواضع الشيخ في الترجيح, أنه لم يرجح ق ارءة شاذة على متواترة مطلق ا, وكان يرجح المتواترة على الشاذة غالب ا, وقد يذكر الق ارءتين المتواترة والشاذة دون ترجيح مع توجيه وتصحيح لمعنى الق ارءتين. ثالثاا: موقفه من الترجيح بين الق ارءات المتواترة ولمعرفة منهجه في هذا ننقل مواضع في ترجيحه بين المتواتر ثم نستنبط المنهج منها. ق وله ت ع ال ى : قاا ال اهاذا ص ا راط ا علاي م س تاق يم )41( إ ن ع ا باد ي لاي ا س لا اك المثال األول: في ا من ات اب ا ع اك م ا ن ال اغاو ي ا ن ]الحجر: 26[. ا علاي ه م س ل طاان إ ل قال:" وذكروا الق ارءة األخرى عن يعقوب وغيره أ ي رفيع ق ال ال ب غ و ي و عبر ب عضهم ع نه رفيع أ ن ين ال م س ت ق يم أ ن يمال )قلت(: القاو ل الص ا واب ه ا و قاول أائ م ة الس لف قول مجاهد ونحوه فإنهم أعلم بمعاني الق ارءات ال سيما مجاهد فإنه قال: عرضت ال م صحف على اب ن ع ب اس من فاتحته إ ل ى خاتمته أقفه ع ن د كل آي ة وأسأله ع ن ه ا وقال الثوري: إ ذا ج اء ك الت ف س ير عن مجاهد فحسبك ب ه واألئمة و كالشافعي و أحمد والبخاري و ن ح وهم يعتمدون على تفسيره, والبخاري ف ي ص ح ي حه أ كثر م ا ينقله من التفسير ينقله ع نه و الحسن الب صر ي أعلى الت اب عين ب الب ص ر ة " )3(. )6( ابن تيمية: ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ ( ق أر يعقوب فقط من العشرة بكسر الالم ورفع الياء منونة من قوله تعالى»علي مستقيم«على أنه صفة لص ارط, والباقون بفتح الالم والياء مشددة. انظر: أبو بكر النيسابوري المبسوط في الق ارءات العشر )ص: 218( )3( ابن تيمية: دقائق التفسير )3/ ( 216

234 المثال الثاني: ا يه د ي إ ل أان ي ه ا دى قال شيخ اإلسالم:" فقوله: 36[. ]يونس: أافا ا من ا يه د ي إ لاى ال ا حق أا ا حق أان ي ت ا بع ا أام ن ال )1( فيه ق ارءتان مشهورتان اإلدغام "يهدي", وأصله يهتدي, فسكنت الياء, وأدغمت في الدال بعد أن ق ل بت داال, وأ لق يت حركتها على الهاء. فأكثر الق ارء يفتحون الهاء, ومنهم من يسكنها, ومنهم من يختلس. والق ارءة األخرى بالتخفيف "ي ه د ي", ثم قيل: إنه فعل متعدي, أي يهدي غيره, وقيل: بل فعل الزم, أي يهتدي, وحكوا "ه د ى" بمعنى اهتدى, وأنه يستعمل الزم ا ومتعدي ا. وهذا أصح والمعنى: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من ال يهتدي بنفسه إال أن يهديه غير ه, وهذا يتناول كل مخلوق, فكل مخلوق ال يهتدي إال أن يهديه اهلل. ففي اآلية النهي عن اتباع كل مخلوق, وأنه ال يتبع إال اهلل وحده, الذي يهدي إلى الحق. فكل ه د ى في العال م وعلم فهو من هذا وتعليمه, ويمتنع أن يكون غي ر ه هادي ا له ومعلم ا. وقوله: ي ت ا بع ا أام ن ال ا يه د ي إ ل أان ي ه ا دى يتضمن نفي اهتدائه بنفسه مطلق ا, وأنه ال يهتدي بحال إال أن يهديه غيره. وهذا حال جميع المخلوقات. وقد بين أن هذا أحق باالتباع من هذا, ألنه يهدي الحق وهذا ال يهدي, وذلك نهي عن عبادة ما سواه, وعن استهدائه وعن طاعته, ألن كل معبود فهو متبوع, يتبعه عابده, فإذا لم يتبعه لم يكن عابد ا له. ولهذا ي ج ز ون يوم القيامة بنظير أعمالهم, فإن الج ازء من جنس العمل". )6( لبعضها في تفصيله- يريد شيخ اإلسالم ق ارءتي التشديد والتخفيف في الدال, واال فبالجملة فيها ست ق ارءات جماز. فتح الياء واالختالس -وقد أشار وملخصها فتح الياء واسكان الهاء وتشديد الدال: قالون وجه أول وابن وردان ووجه البن للفتح في الهاء وتشديد الدال: قالون وجه جماز. بفتح الياء والهاء وتشديد الدال: ورش وابن كثير وابن عامر والوجه الثاني ثان ووجه ألبى عمرو والوجه الثاني البن ألبى عمرو. بكسر الياء والهاء وتشديد الدال: شعبة. بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال حفص ويعقوب. بفتح الياء واسكان الهاء وتخفيف الدال: حمزة والكسائى وخلف. انظر: محمد سالم: فريدة الدهر في تأصيل وجمع الق ارءات )3/ 61(. ابن تيمية: جامع المسائل )6/ (. 217

235 المنهج: قوله في المثال األول والقول الصواب, وفي المثال الثاني وهذا أصح, وان كان ظاهره يوهم ترجيحه ق ارءة متواترة على أخرى, إال أنه ليس الم ارد بل الم ارد-فيما ظهر- أنه يرجح تأويال من تأويالت إحدى الق ارءات على تأويل آخر لنفس الق ارءة المحتملة ال أن يرجح الق ارءة نفسها على غيرها مما تواتر فهو يثبت كلتيهما, ويعزوهما ثم يذكر للق ارءة أكثر من توجيه, ويرجح واحد ا من التوجيهات ال أنه يرجح بين الق ارءات المتواترة. المأخذ: تبي ن من خالل االستنباط أن منهج ابن تيمية في الترجيح بين المتواتر ال يكون بتفضيل ق ارءة على أخرى إنما يكون بترجيح وجه تفسيري في الق ارءة األولى على وجه تفسيري آخر في نفس الق ارءة, وهذا ترجيح منه ألقوال المفسرين ال للق ارءة, وانما منشأ الوهم ذكره للق ارءات في موطن الترجيح. إال أن األمر عنده لم يخل من ذكره بعض األلفاظ التي تدل على ترجيحه ق ارءة متواترة على أخرى, وان كان هذا فريد ا في منهجه. مثال ذلك: قال شيخ اإلسالم في قوله تعالى:" ا وما ي ش ع ر ك م أان ها إ ذا جا ا ءت ل ي ؤ م ن و ا ن )109( ا ون اقل ب ا مر ة ا واناذر ه م ف ي ط غ يان ه م ا يع ا مه و ا ن ]األنعام: 681,668[, أاف ئ ا دتاه م ا وأاب صا ا ره م اكما لام ي ؤ م ن وا ب ه أاو ال فبي ن سبحانه أن مجيء اآليات ال يوجب اإليمان بقوله تعالى: ا وما ي ش ع ر ك م أان ها إ ذا جا ا ءت ل ي ؤ م ن و ا ن )109( ا ون اقل ب أاف ئ ا دتاه م ا وأاب صا ا ره م ]األنعام: 681,668[ أي فتكون هذه األمور الثالثة: أن ال يؤمنوا وأن نقلب أفئدتهم وأبصارهم, وأن نذرهم في طغيانهم يعمهون أي وما يدريكم أن اآليات إذا جاءت تحصل هذه األمور الثالثة, المفتوحة بمعنى وبهذا المعنى تبين أن ق ارءة الفتح أحسن وأن من ق أر «نأ» )1(»لعل«فظن أن قوله: ا ون اقل ب أاف ئ ا دتاه م كالم مبتدأ لم يفهم معنى اآلية, واذا جعل ونقلب أفئدتهم داخال في خبر أن تبين معنى اآلية, فإن كثي ار من الناس يؤمنون وال تقلب )6( ق أر ابن كثير والبصريان وخلف واألعشى عن أبي بكر المقرئ: الكنز في الق ارءات العشر )2/ 212(»إن ها إذا جاءت«بكسر الهمزة, الواسطي 218

236 قلوبهم لكن قد يحصل تقليب أفئدتهم وأبصارهم وقد ال يحصل أي فما يدريكم أنهم ال يؤمنون, والم ارد وما يشعركم إنها إذا جاءت ال يؤمنون بل نقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة, والمعنى وما يدريكم أن األمر بخالف ما تظنونه من إيمانهم عند مجيء اآليات و ن ذ ر ه م ف ي ط غ يان ه م ي ع م ه ون فيعاقبون على ترك اإليمان أول مرة بعد وجوبه عليهم إما لكونهم عرفوا الحق وما أقروا به )1( أو تمكنوا من معرفته فلم يطلبوا معرفته ومثل هذا كثير" فقوله: "وبهذا المعنى تبين أن ق ارءة الفتح أحسن" رغم أن كلتا الق ارءتين متواترتان كما ذ كر, عدم تضعيفه الق ارءة األخرى, فكأنها إشارة إلى ترجيح ق ارءة على أخرى إال أنه يشفع لتحسينه هذا, مع قبول األخرى دون تضعيفها. فقد ذكر لفظ أحسن, ومقابله الحسن. )6( ابن تيمية: شرح العقيدة األصفهانية )ص: 616( 219

237 المبحث الثالث: فتاوى ابن تيمية في القراءات وما يتعلق بها 221

238 المطلب األول: فتاواه في األحرف والقراءات والتجويد أول: فتواه في بيان األحرف وعالقتها بالق ارءات )1(. سئل شيخ اإلسالم عن حديث األحرف السبعة وعالقة األحرف بالق ارءات فأجاب تعالى بكالم طويل, أقتبس منه أو أختصر أو أحذف حسب الحاجة, فما كانت الفائدة من اقتباسه حرفيا اقتبسته من كالمه, وما كان فيه طول, اختصرته, وما كنت قد تعرضت لنقله في مباحث الرسالة حذفته لذكره في مواضع سابقة, وال معنى للتك ارر ثم جعلتها في نقاط للتيسير. ومن أبرز من جاء في فتواه قوله: ال ن ازع بين العلماء المعتبرين أن " األحرف السبعة " التي ذكر النبي أن القرآن أنزل عليها ليست هي " ق ارءات الق ارء السبعة المشهورة " بل أول من جمع ق ارءات هؤالء هو -1 اإلمام أبو بكر بن مجاهد وكان على أرس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من ق ارءات الحرمين والع ارقيين والشام إذ هذه األمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره والحديث والفقه من األعمال الباطنة والظاهرة وسائر العلوم الدينية فلما أ ارد ذلك جمع ق ارءات سبعة مشاهير من أئمة ق ارء هذه األمصار, وال ن ازع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها ال تتضمن تناقض المعنى وتضاده. انظرها: شيخ اإلسالم: ابن تيمية/ مجموع الفتاوى )63/ (. وهي هنا مختصرة. 221 )6(

239 2- كل ق ارءة منها مع الق ارءة األخرى بمنزلة اآلية مع اآلية يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعمال ال يجوز ترك موجب إحداهما ألجل األخرى ب ل ك م ا ق ا ل. )1( ع ب د الل ه ب ن م س ع ود "م ن ك ف ر ب ح ر ف م ن ه ف ق د ك ف ر ب ه ك ل ه " 3- لم يتنازع علماء اإلسالم المتبوع ون من السلف واألئمة في أنه ال يتعين أن يق أر بهذه الق ارءات المعينة في جميع أمصار المسلمين بل من ثبتت عنده الق ارءة يق أر بها, بال ن ازع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل اإلجماع والخالف. جمهور العلماء من السلف واألئمة أن الق ارءات حرف من الحروف السبعة بل يقولون: إن -4 مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة اآلخرة التي عرضها النبي صلى اهلل عليه وسلم على جبريل واألحاديث واآلثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول. وذهب طوائف من الفقهاء والق ارء وأهل الكالم إلى أن هذا المصحف مشتمل على األحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكالم. قال الباحث: وهذا يوهم بتبني شيخ اإلسالم للقول األول, أو استحسانه له على األقل, وهو منهج بارز في كالمه, إذا نسب القول للسلف, والمحققين, أو نص على أن األدلة واآلثار تشهد بهذا, فهو استحسان منه لهذا ال أري, وهو ما خالفه فيه الباحث عند تعريفه لألحرف السبعة, مع التنبيه على أن شيخ اإلسالم يدخل أيض ا ك ل الق ارءات األخرى خالف السبعة )6( أخرجه: ابن أبي شيبة/ مصنفه ]كتاب/ ما جاء في فضائل القرآن[, باب/ م ن ك ر ه أ ن ي ق و ل إ ذ ا ق ر أ ال ق ر آن : ل ي س ك ذ ا )38681( )631/1([. وقال الشيخ عبد اهلل الفريح: وهذا األثر أثر صحيح, رواه ابن أبي شيبة /68( )662,663 في "مصنفه". ر ابط الموضوع: 222

240 كالعشرة وما فوقها من ق ارءات في حرف واحد ألنه يرى أن المصحف العثماني حرفا يشمل من السبعة واحدا وهو ما ثبت في العرضة األخيرة, )1(. اتفق الصحب الك ارم ومن عاصرهم على نقل هذا المصحف اإلمام العثماني وترك ما سواه -5 حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها ثم أرسل عثمان بمشاورة الصحابة إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف وأمر بترك ما سوى ذلك. 6- قال هؤلء-أصحاب ال أري الثاني-: وال يجوز أن ي نهى عن الق ارءة ببعض األحرف السبعة. ومن نصر قول األولين يجيب تارة بما ذكر محمد بن جرير وغيره من أن الق ارءة على األحرف السبعة لم يكن واجبا على األمة, وانما كان جائ از لهم مرخصا لهم فيه وقد جعل إليهم االختيار في أي حرف اختاروه كما أن ترتيب السور لم يكن واجبا عليهم منصوصا بل مفوضا إلى اجتهادهم ولهذا كان ترتيب مصحف عبد اهلل على غير ترتيب مصحف زيد وكذلك مصحف غيره. كذلك األحرف السبعة لما أرى الصحابة أن األمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا -7 على حرف واحد اجتمعوا على ذلك. ليست هي األحرف السبعة التي أنزل الق آرن عليها ثم خلص اإلمام ابن تيمية بنتائج أبرزها: 6- الق ارءات المنسوبة لنافع وعاصم وغيرهما وذلك باتفاق علماء السلف والخلف. 2- ليست هذه الق ارءات السبعة هي مجموع حرف واحد من األحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين. )6( انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 286( 223

241 3- سبب تنوع الق ارءات فيما احتمله خط المصحف هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم إذ مرجع ذلك إلى السنة واالتباع ال إلى ال أري واالبتداع. إذا قيل: إن ذلك-اختالفات الرسم المحتم لة- هي األحرف السبعة فظاهر وكذلك بطريق -2 األولى إذا قيل: إن ذلك حرف من األحرف السبعة فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرؤوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع األحرف في الرسم فألن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة وال منقوطة لتكون صورة الرسم محتملة لألمرين كالتاء والياء والفتح والضم وهم يضبطون باللفظ كال األمرين ويكون داللة الخط الواحد على كال اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيها بداللة اللفظ الواحد على كال المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين. 6- إن أصحاب رسول اهلل تلقوا عنه ما أمره اهلل بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا )6( كما قال أبو عبد الرحمن السلمي - وهو الذي روى عن عثمان ع ن الن ب ي أ ن ه ق ال : "خ ي ر ك م م ن ت ع ل م ال ق ر آن و ع ل م ه " ": ثان ا يا: فتواه في ذم المبالغة في التجويد قال وال يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق الق آرن )6( هو عبد اهلل بن حبيب بن ربيعة, أبو عبد الرحمن السلمى, الكوفى, المقرىء, من كبار التابعين الوفاة : بعد 18 ه, روى له : ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) رتبته عند ابن حجر : ثقة ثبت. د. وج و د ه, و م ه ر ف ي ه, و ع ر ض ع ل ى ع ث م ا ن - ف ي م ا ب ل غن ا - و ع ل ى ع ل ي, و اب ن م س ع و ق ر أ الق ر آن, و ح د ث ع ن : ع م ر, و ع ث م ان, و ط ائ ف ة. انظر: الذهبي, سير أعالم النبالء )2/ 210( 224.])612/1( أخرجه: البخاري/ صحيحه ]كتاب/ فضائل القرآن, باب/ خيركم من تعلم القرآن وعلمه )6821(

242 إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وامالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك. فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم م ارد الرب من كالمه وكذلك شغل النطق ب أأنذرتهم وضم الميم من )عليهم ووصلها بالواو وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك. وكذلك م ارعاة النغم وتحسين الصوت. وكذلك تتبع وجوه اإلع ارب واستخ ارج التأويالت المستكرهة التي هي باأللغاز واألحاجي أشبه منها بالبيان" )1(. قال الباحث: وحري أن تحمل فتوى شيخ اإلسالم على م اردها, من ذمه لذلك إن شغل القلب عن التدبر, وفهم معاني القرآن, وكان على سبيل المبالغة. ثالثاا: كالمه في مخارج الحروف قال شيخ اإلسالم:" ولما كان النظر مبدأ والذكر منتهى ألن النظر يتقدم اإلد ارك والعلم والذكر يتأخر عن اإلد ارك والعلم ولهذا كان المتكلمة في النظر المقتضي للعلم وكان المتصوفة في الذكر المقرر للعلم قدم آلة النظر على آلة الذكر وختم بهداية الملك الجامع الذي هو الناظر الذاكر. وذكر سبحانه اللسان والشفتين ألنهما العضوان الناطقان. )3( فأما الهواء والحلق والنطع واللهوات واألسنان فمتصلة حركة بعضها مرتبطة بحركة البعض بمنزلة غيرها من أج ازء الحنك فأما اللسان والشفتان فمنفصلة. ثم الشفتان لما كانا النهاية حمال الحروف الجوامع: الباء والفاء والميم والواو. فأما الباء والفاء فهما الحرفان السببيان فإن الباء أبدا تفيد اإللصاق والسبب وكذلك الفاء تفيد التعقيب والسبب وباألسباب تجتمع األمور بعضها ببعض" )4(. وهنا يظهر اهتمام شيخ اإلسالم بعلوم الق ارءات والتجويد والمخارج, بل وأثر هذه األحكام على المعنى, خالف ا لمن قال بقلة علم شيخ اإلسالم في الق ارءات. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 68(. النطع: ما ظهر من غار الفم األعلى ابن فارس: مقاييس اللغة )6/ 228( )3( اللهاة: أقصى الحلق, وهي لحمة مشرفة على الحلق, ولكل ذي حلق لهاة, والجميع: لها ولهوات األزهرى: تهذيب اللغة )1/ 221( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 222(. 225

243 المطلب الثاني: فتاواه في الرسم والوقف واالبتداء واستدالله به. أول: فتاواه في الرسم العثماني ودفاعه عنه رده لقول من قال بخطأ الرسم العثماني قال :" فهذا نقل ثابت متواتر لفظا ورسما. ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطا منك ار كما قد بسط في غير هذا الموضع: فإن المصحف منقول بالتواتر وقد كتبت عدة مصاحف وكلها مكتوبة باأللف فكيف يتصور في هذا غلط" )1(. في إشارة لق ارءة ( إن هذان لساح ارن (, وقد توسع في الكالم بها في معرض االستدالل للغة. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )66/ 266(. 226

244 حكم الق ارءة بالوجوه المتواترة المحتملة للرسم قال اإلمام ابن تيمية: " والقرآن الذي بين لوحي المصحف متواتر فإن هذه المصاحف المكتوبة اتفق عليها الصحابة ونقلوها قرآنا عن النبي وهي متواترة من عهد الصحابة نعلم علما ضروريا أنها ما غيرت والق ارءة المعروفة عن السلف الموافقة للمصحف تجوز الق ارءة بها بال ن ازع بين األئمة وال فرق عند األئمة بين ق ارءة أبي جعفر ويعقوب وخلف وبين ق ارءة حمزة والكسائي وأبي عمرو ونعيم ولم يقل أحد من سلف األمة وأئمتها إن الق ارءة مختصة بالق ارء السبعة... هذه السبعة اشتهرت في أمصار ال يعرفون غيرها كأرض المغرب. فأولئك ال يقرءون بغيرها لعدم معرفتهم باشتهار غيرها. فأما من اشتهرت عندهم هذه كما اشتهر غيرها. مثل أرض الع ارق وغيرها فلهم أن يقرءوا بهذا" )1(. ": قال حكم الق ارءة بوجه شاذ عن الرسم العثماني رفض شيخ اإلسالم قول من قال بكفر الذي يق أر بحرف مخالف للرسم العثماني, أما هذا النقل عن مالك في تكفير من فعل ذلك فهو كذب على مالك سواء أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ فإن مالكا كان يقول عن أهل الشورى إن لكل منهم مصحفا يخالف رسم مصحف عثمان وهم أجل من أن يقال فيهم مثل هذا الكالم وهم علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان. وأيضا فلو ق أر رجل بحرف من حروفهم التي تخرج عن مصحف عثماني ففيه روايتان عن مالك وأحمد وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم فكيف يكفر فاعل ذلك". قال الباحث: وي تعقب قول شيخ اإلسالم بالقول: إن كان من يق أر بالوجه المخالف للرسم معتق د ا بصحة وجهه المخالف, وبفساد الوجه األصح المتواتر الموافق للرسم, فال شك أنه يكفر بهذا. )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ (. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 228(. 227

245 حكم كتابة المصحف بخط غير الرسم العثماني " : قال وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي فال يجب عند أحد من المسلمين وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو واأللف هو حسن لفظ رسم خط الصحابة. وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده فال أعلم أحدا قال بتكفير من فعل ذلك لكن متابعة خطهم أحسن هكذا نقل عن مالك وغيره واهلل أعلم" )1(. ا ما اح تا ا ملاه رسم ال م ص ا حف ا ما الس ا بب ال ذ ي أاو ا ج ا ب ال خ ت اال اف ا بي ا ن ال ق ر اء ف ي " وس ئل فأجاب: السبب الذي أوجب االختالف بين الق ارء فيما احتمله خط المصحف مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم الق ارءة بذلك كله إذ ليس ألحد أن يق أر ق ارءة بمجرد أريه بل الق ارءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف اإلمامي وقد ق أر بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف". وقال أي ا ضا: " * وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة وال منقوطة لتكون صورة الرسم محتملة لألمرين كالتاء والياء والفتح والضم, و االعتماد ف ي ن قل القر آن ع ل ى حف ظ القلوب ال ع ل ى المصاحف ك م ا ف ي ال ح د يث الص ح يح ع ن الن ب ي أ ن ه ق ا ل : " إن ا رب ي قاا ال ل ي أان ق م ف ي ق ا ري ش فاأان ذ ر ه م. فاق ل ت : أاي ا رب إاذا ا يث لاغ وا ا رأ س ي - أاي ا يش ا دخ وا - فاقاا ال : "إ ن ا ما ا ب ا عث ت اك ا م ا رن ي أا ن أل اب تال ا ي اك ا وأاب تال ا ي ب اك ا وأان ازل ت ا علاي اك ك تاا ا با ال ا يغ س ل ه ال ا ماء تاق ا رؤ ه انائ ا ما ا و ا يق ظا ا ا ن ا و ا ن اهلل ا أا أ ا حر ا ق ق ا ري اشا فاق ل ت : ا رب إ اذا ا يث لاغ وا ا رأ س ي فا ا ي ا دع وه خ ب ازةا ا ما اس تاخ ا رج و اك ا واغ ز ه م قاا ال: اس تاخ ر ج ه م اك ا من ا ع ا صا اك " ن غ ز اك ا وأان ف ق فا ا سن ن ف ا ق ا علاي اك ا واب ا عث ا جي اشا انب ا عث اخم ا س اة م ث لاه ا وقاات ل ب ا من أاطا ا ا ع اك )3( فأخبر أن كتابه ال يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه في كل حال كما جاء )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 226(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 311(. أخرجه: مسلم/ صحيحه ]كتاب/ صفة القيامة والجنة والنار, ب ا ب/ الص ف ات ال ت ي ي ع ر ف ب ه ا ف ي الد ن ي ا )3( أ ه ل ال ج ن ة و أ ه ل الن ار )2016( )2611/2([. 228

246 في نعت أمته:" أااناج يل ه م ف ي ص د ور ه م بخالف أهل الكتاب الذين ال يحفظونه إال في الكتب وال )1( " يقرؤونه كله إال نظ ار ال عن ظهر قلب". قال الباحث: وهذا منصرف إلى زمان حفظ الصدور أول األمر, أما الحجة في زماننا ما أجمعت األمة على قرآنيته مما ك تب خطه في المصاحف, ون قل لفظه بالتواتر, حسب قواعد الق ارءة المقروء بها, ومستنده فتوى شيخ اإلسالم السابقة في تغليطه من قال بخطأ الكاتب للمصحف العثماني. ثان ا يا: الوقف والبتداء والستدلل به تعر ض شيخ اإلسالم لمسألة الوقف واالبتداء, فذكر اختالفات الق ارء في الوقف على بعض الكلمات, وأثر كيفية الوقف على المعنى ومثاله قوله تعالى: فاان ظ ر إ لاى طا ا عام ا ك ا و اش ا راب اك لا م ا يتا ا سن ه ]البقرة: 261[. والوقف على )لم يتسنه(. جائز ألن»من طعامك«إلى»لحم ا«كالم معطوف بعضه على بعض, ومن وصل»يتسنه«بما بعده حسن له الوقف على»حمارك«, ومن جعل الواو في )3(»ولنجعلك«مقحمة لم يقف على»حمارك«قال شيخ اإلسالم: " وهذه الهاء تحتمل أن تكون أصلية فجزمت بلم, ويكون من سانهت, وتحتمل أن تكون هاء السكت, كالهاء من كتابيه و " ح س اب ي ه " و " اق ت د ه " و " م ال ي ه " و " س ل ط ان ي ه ". وأكثر الق ارء يثبتون الهاء وصال ووقفا, وحمزة والكسائي يحذفانها من الوصل هنا ومن " اقتده " فعلى ق ارءتهما يجب أن تكون هاء السكت )4(, فإن األصلية ال تحذف, فتكون لفظة: " لم يتسن ", )6( أخرجه: الطب ارني/ المعجم الكبير ]باب/ العين, ب ا ب/ م ن ر و ى ع ن اب ن م س ع ود أ ن ه ل م ي ك ن م ع الن ب ي ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م ل ي ل ة ال ج ن )68821( )01/68([, قال األلباني: ضعيف. األلباني: سلسلة األحاديث الضعيفة.)222/0( )3118( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 288 وما بعدها(. )3( انظر: األشموني: منار الهدى )6/ 661(. ق أر بحذف هاء )يتسنه( وصال فقط: حمزة والكسائي وخلف ويعقوب انظر: ابن الجزري: شرح طيبة النشر )ص: 621 ( محمد سالم: فريدة الدهر في تأصيل وجمع الق ارءات )2/ 360(. 229

247 كما تقول: لم يتغن, وتكون مأخوذة من قولهم: تسنى يتسنى. وعلى االحتمال اآلخر تكون من: تسنه يتسنه, والمعنى واحد.. قال ابن قتيبة: أي لم يتغير بمر السنين عليه. قال: واللفظ مأخوذ من السنه, يقال: سانهت النخلة إذا حملت عاما. وحالت عاما فذكر ابن قتيبة لغة من جعل الهاء أصلية, وفيها لغتان: يقال: عاملته مسانهة ومساناة... والمفسرون من أهل اللغة يقولون في اآلية: )1( معناه: لم يتغير. وأما لغة من قال: إن أصله سنوة فهي مشهورة, ولهذا يقال في جمعها: سنوات" واستدل اش ا ها ا دةا ق ل الل ه اشه يد ا بي ن ي ا و ا بي انك م قيل: بالوقف على إثبات المعنى أو نفيه فقال:" وكذلك قوله: ق ل أاي اشي ء أاك ا بر ]األنعام: 61[ فقوله: ق ل الل ه فيها وجهان: هو جواب السائل, وقوله )شهيد( خبر مبتدأ: أي هو شهيد, وقيل: هو مبتدأ وقوله )شهيد( خبره فأغنى ذلك عن جواب االستفهام واألول على ق ارءة من يقف على قوله: )قل اهلل( والثاني على ق ارءة من ل يقف وكالهما صحيح لكن الثاني أحسن وهو أتم. وكل أحد يعلم أن اهلل أكبر شهادة فلما قال: ق ل أاي اشي ء أاك ا بر اش ا ها ا دةا اهلل أكبر شهادة من كل شيء, فقيل له: ق ل الل ه اشه يد ا بي ن ي ا و ا بي انك م ]األنعام: ق ل أاي اشي ء أاك ا بر اش ا ها ا دةا ]األنعام: ]األنعام: 61[,]61 ]61 وذلك أن كون اهلل أكبر شهادة هو معلوم وال يثبت بمجرد قوله: علم أن ولما قال: كان في هذا ما يغني عن قوله: إن اهلل أكبر شهادة أاك ا بر اش ا ها ا دةا 61[ ]األنعام: بخالف كونه شهيدا بينه وبينهم, فإن هذا مم ا يعلم بالنص واالستدالل فينظر هل شهد اهلل بصدقه وكذبهم في تكذيبه أم شهد بكذبه وصدقهم في تكذيبه واذا نظر في ذلك علم أن اهلل شهد بصدقه وكذبهم بالنوعين من اآليات". أثبت فقد اإلمام ابن تيمية شمول شهادة اهلل لكل شيء وعلمه المطلق بكل شيء, استنادا الختالف الوقف في الق ارءات فيما ذكره. )6( ابن تيمية: منهاج السنة النبوية )6/ (. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ (. 231

248 المطلب الثالث: فتاواه في الصالة بالقراءات. أول: حكم الصالة بالق ارءات المتواترة. تجوز الصالة بأف ارد الق ارءات المتواترة فيما قاله شيخ اإلسالم, إال أن األولى أن ال يضع اإلمام نفسه في موطن تشكيك من المصلين السيما إن كان يؤم عوام الناس, فال يحسن به أن يق أر بق ارءة متواترة يجفوها العوام لجهلهم بها, قال اإلمام ابن تيمية:" وتجوز الق ارءة في الصالة وخارجها بالق ارءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه الق ارءات وليست شاذة حينئذ. واهلل أعلم" )1(. حكم جمع الق ارءات المتواترة في الصالة منع شيخ اإلسالم -فيما أفتى به- من الجمع بين الق ارءات المتواترة في الصالة الواحدة فقال:" وكذا المشروع في الق ارءات سبع أن يق أر هذه تارة وهذه تارة ال الجمع بينهما ونظائره كثيرة". وصرح في موضع آخر بك ارهية ذلك فقال:" وأما جمعها في الصالة فبدعة مكروهة لكن يجوز أن يق أر بعض الق ارءات بحرف أبي عمرو وبعضه بحرف نافع ونحوه وسواء كان في ركعة أو ركعتين أو خارج الصالة" )3(. ثالثاا: حكم الصالة بالق ارءة الشاذة قال اإلمام ابن تيمة:" القيام وص ارط من أنعمت عليهم وان كانت إال والق ارءة الشاذة مثل ما خرج عن مصحف عثمان كق ارءة من ق أر: الحي زقية واحدة والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر واألنثى وأمثال ذلك. فهذه إذا قرئ بها في الصالة ففيها قوالن مشهو ارن للعلماء هما روايتان عن ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ 283(. ابن تيمية: الفتاوى الكبرى )6/ 332(. ابن تيمية: مختصر الفتاوى المصرية )ص: 688(. 231 )6( )3(

249 اإلمام أحمد. أا ا حد ه ا ما: ينكر عليهم. تصح الصالة بها ألن الصحابة الذين قرؤوا بها كانوا يقرؤونها في الصالة وال ا والث ان ي: ال ألنها لم تتواتر إلينا وعلى هذا القول فهل يقال: إنها كانت قرآنا فنسخ ولم يعرف من ق أر بالناسخ أو لم تنسخ ولكن كانت الق ارءة بها جائزة لمن ثبتت عنده دون من لم تثبت أو لغير ذلك هذا فيه ن ازع مبسوط في غير هذا الموضع. وأما من ق أر بق ارءة أبي جعفر ويعقوب ونحوهما: فال تبطل الصالة بها باتفاق األئمة ولكن بعض المتأخرين من المغاربة ذكر في ذلك كالما وافقه عليه بعض من لم يعرف أصل هذه المسألة" )1(. " : قال ومن لم يجوزه الق ارءة بما ثبت عن الصحابة ما خرج عن المصحف- فله ثالثة مآخذ: تارة يقول ليس هو من الحروف السبعة وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على اإلع ارض عنه وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقال يثبت بمثله القرآن. وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين-وكأن شيخ اإلسالم مال الختيار جده في المسألة فقال:- ولهذا كان في المسألة قول ثالث وهو اختيار جدي أبي البركات أنه إن ق أر بهذه الق ارءات في الق ارءة الواجبة - وهي الفاتحة عند القدرة عليها - لم تصح صالته ألنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من الق ارءة لعدم ثبوت القرآن بذلك وان ق أر بها فيما ال يجب لم تبطل صالته ألنه لم يتيقن أنه أتى في الصالة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها-ثم ذكر الشيخ قاعدة عن بعض أهل العلم وهي- )ما ك ان م ن موارد االجتهاد في القرآن فإنه يجب القطع بنفيه(". 232 )6( ابن تيمية: مجموع الفتاوى )62/ 618(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )63/ (.

250 وسئل شيخ اإلسالم عن الصالة خلفه. فهل تصح صالته خلفه أم ل يأثم بذلك والذي يكره الصالة خلفه, يعتقد أنه وأفقه. فاأا ا جا ا ب " بقوله: رجل إمام بلد وليس هو من أهل العدالة وفي البلد رجل آخر يكره واذا لم يصل خلفه, وترك الصالة مع الجماعة هل ال يصحح الفاتحة, وفي البلد من هو أق أر منه, الحمد هلل أما كونه ال يصحح الفاتحة, فهذا بعيد جدا, فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرءون الفاتحة ق ارءة تجزئ بها الصالة, فإن اللحن الخفي واللحن الذي ال يحيل المعنى ال يبطل الصالة, وفي الفاتحة ق ارءات كثيرة قد قرئ بها. فلو أ و ق ر أ : الص ر اط, و الس ر اط, و الز ر اط. فهذه ق ارءات مشهورة. و)ع ل ي ه م(. ع ل ي ه م( ( أ و : }ر ب ال ع ال م ين {. أ و ق ر أ : }ر ب ال ع ال م ين } و ل و ق ر أ : }ال ح م د ل ل ه { }و ال ح م د ل ل ه {, أو ق أر بالكسر, ونحو ذلك, لكانت ق ارءات قد قرئ بها, وتصح الصالة خلف من ق أر بها. ق أر ولو ق أر: رب العالمين بالضم, أو ق أر: مالك يوم الدين بالفتح, لكان هذا لحنا ال يحيل المعنى, وال يبطل الصالة. وان كان إماما ر اتبا وفي البلد من هو أق أر منه صلى خلفه فإن النبي ق ال : "ال ا يؤ م ن الر ج ل ف ي س ل طاان ه " )1( وان كان متظاه ار بالفسق, وليس هناك من يقيم الجماعة غيره صلى خلفه أيضا, ولم يترك الجماعة, وان تركها فهو آثم, مخالف للكتاب والسنة, ولما كان عليه السلف". خام ا سا: حكم التكبير عند بعض الق ارء اشت هر عند بعض الق ارء التكبير بين السور إذا بلغ القارئ إلى سورة الضحى وهذا ال شبهة فيه تعظيما للقرآن وتوخيا للثواب واشارة )3( للناس بقرب ختمه والبلوغ إلى آخره الق ارءات من القدماء ينسبون التكبير لق ارءة ابن كثير, قال أبو عمرو الداني:" اع ل م وأكثر المصنفين في علم أيدك اهلل أن البزي روى ع ن اب ن كثير بإسناده أنه ك ان يكبر من آخر و الض ح ى مع ف ر اغه من كل, وان ش ا ء )6( أخرجه: أحمد/ مسنده ]مسند الشاميين, بقية ح د يث أ ب ي م س ع ود ال ب د ر ي األ ن ص ار ي )61688( )321/20(. قال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )23/ (. )3( الباقالني: االنتصار للقرآن )6/ 201(. 233

251 القارئ قطع عليه وابتدأ بالت سم ي ة م وصولة بأول الس ور ة ال ت ي بعدها وان شاء وصل التكبير ب الت سم ي ة و وصل الت سم ية بأول الس ور ة وال يجوز القطع على الت سمية إذا وصلت ب التكبير و قد كان األداء يقطع على أواخر الس ور ثم يبتدئ ب التكبير موصوال عن )1( بالتسمي ة". ذكر التكبير في ق ارءة ابن كثير وفي ذكر األخبار الواردة عن المكي ين في ذلك أما شيخ اإلسالم فقد وقف مع المسألة أوال النبي من حيث السند, قال بعض أهل وقد أفرد الداني أيضا باب ا في ": فإن القرآن يق أر كما كتب في المصحف ال ي ازد على ذلك وال ينقص منه والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسندا و ل م ي س ن د ه أ ح د إل ى الن ب ي اختيا ار ممن هو دون النبي )3( الق ارءة وعلماء الحديث" وانفرد هو برفعه وضعف أصل القرآن ولتصريحه بذلك في فتواه القادمة. إال البزي وخالف بذلك سائر من نقله فإنهم إنما نقلوه وقول شيخ اإلسالم هذا يأتي-فيما يظهر- نقله أهل العلم بالحديث والرجال من علماء في بيان أن التكبير ليس من وقد سئل اإلمام ابن تيمية عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرءون لعاصم وأبي عمرو فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ففعلهم ذلك هو األفضل أم ال وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم ال فأجاب: "الحمد هلل, نعم إذا ق أروا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو األفضل بل المشروع المسنون فإن هؤالء األئمة من الق ارء لم يكونوا يكبرون ال في أوائل السور وال في أواخرها. فإن جاز لقائل أن يقول: إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول اهلل جاز لغيره أن يقول: إن هؤالء نقلوا تركه عن رسول اهلل إذ من الممتنع أن تكون ق ارءة الجمهور التي نقلها أكثر من ق ارءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول اهلل فإن أهل التواتر ال يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله فمن جو ز على جماهير الق ارء أن رسول اهلل أق أرهم بتكبير ازئد فعصوا ألمر أبو عمرو الداني: التيسير في الق ارءات السبع )ص: 221(. أبو عمرو الداني: جامع البيان في الق ارءات السبع )2/ 6130(. ابن تيمية: مجموع الفتاوى )61/ 638(. )6( )3( 234

252 رسول اهلل,... وأما التكبير: فمن قال: إنه من القرآن فإنه ضال باتفاق األئمة والواجب أن يستتاب فإن تاب واال قتل فكيف مع هذا ينكر على من تركه ومن جعل تارك التكبير مبتدعا أو مخالفا للسنة أو عاصيا فإنه إلى الكفر أقرب منه إلى اإلسالم والواجب عقوبته بل إن أصر على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله. ولو قدر أن النبي أمر بالتكبير لبعض من أق أره كان غاية ذلك يدل على جوازه أو استحبابه فإنه لو كان واجبا لما أهمله جمهور الق ارء ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب وانما غاية من يق أر بحرف ابن كثير أن يقول: إنه مستحب وهذا خالف البسملة فإن ق ارءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن ومع هذا فالق ارء يسوغون ترك ق ارءتها لمن لم ير الفصل بها فكيف ال يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخال في ق ارءته. وأما ما يدعيه بعض الق ارء من التواتر في جزئيات األمور فليس هذا موضع تفصيله" )1(. - فذهب شيخ اإلسالم للقول بأن التكبير خاص في ق ارءة ابن كثير, تابع في ذلك قول عامة الق ارء وعلى قولهم فإن التكبير عند ابن كثير فيما ر وي من طريق الشاطبية, أما من طرق التي جمعها ابن الجزري, فقد أسند فيها التكبير إلى غير ابن كثير من الق ارء العشرة. وأفاد ص حة ابن الجزري: أن التكبير صح الطيبة -عند أهل مكة ق ارئهم وعلمائهم وأئمتهم, ومن روى عنهم استفاضت واشتهرت وذاعت وانتشرت حتى بلغت حد التواتر وصحت أيضا عن أبي عمرو من رواية السوسي, وعن أبي جعفر من رواية العمري ووردت أيضا عن سائر الق ارء, وبه كان يأخذ جملة من القر اء, وقد صار على هذا العمل عند أهل األمصار في سائر األقطار عند ختمهم في المحافل واجتماعهم في المجالس لدى األماثل, وكثير منهم يقوم به في صالة رمضان, وال يتركه عند الختم على أي حال كان. ونقل الجزري: أنه كان بعض الق ارء إذا ق أر القرآن في درسه على نفسه وبلغ إلى والضحى كبر لكل قارئ ق أر له, فكان يبكي ويقول ما أحسنها من سنة لوال أني ال أحب مخالفة سنة النقل لكنت أخذت على كل من ق أر علي برواية التكبير لكن الق ارءة سنة تتبع, وال تبتدع. وقال مكي: وروي أن أهل مكة كانوا يكبرون في آخر كل ختمة من خاتمة والضحى لكل الق ارء البن كثير, وغيره سنة نقلوها عن شيوخهم. وقال األهوازي: والتكبير عند أهل مكة في آخر تيمية: ابن مجموع الفتاوى )63/ ( وانظر: ابن تيمية: مختصر الفتاوى المصرية )ص: )6(.)

253 القرآن سنة مأثورة يستعملونه في ق ارءتهم في الدروس والصالة انتهى. وكان بعضهم يأخذ به في جميع سور القرآن, وذكر الحافظ أبو العالء الهمداني والهذلي عن أبي الفضل الخ ازعي قال الهذلي: وعند الدينوري كذلك يكبر في أول كل سورة ال يختص بالضحى, وغيرها. لجميع الق ارء." )1(. والتوفيق بين ما ذهب إليه أهل الحديث, ورجحه ابن تيمية, وبين ما ذكره أهل اإلق ارء أن يقال: إن التكبير سنة مسندة عند بعض الق ارء, من بعض وجوه األداء, وفعل ثابت مأثور عن بعض السلف فيما نقل عنهم اإلمام ابن الجزري, إال أنه ليس من أصل القرآن في شيء, واهلل أعلى وأعلم. )6( ابن الجزري: النشر في الق ارءات العشر )2/ 268( 236

254 تم بحمد اهلل وعونه وحسن توفيقه ومغفرته لمن هذا الخاتمة البحث, ساهم ولو بدعوة صادقة في إتمامه. وأحسن اهلل العاقبة بخير في عافية بمنه وكرمه, وفي ختام هذا العمل العلمي, وبعد جولة بحث المتشعبة, واستق ارء كثير من كتب شيخ اإلسالم, كان من صواب فمن الكريم شأنه شأن اكث ي ارا أي ]النساء: 02[ سبحانه جهد بشري. كما قال تعالى: فاحصة في ميادين الق ارءات المتعددة ال أنزه هذا العمل وحده, وما كان من هفو وزلل من وعلومها العث ارت والهفوات, بل ما فمن نفسي المقصرة والشيطان, ا ولاو اكا ا ن م ن ع ن د اغي ر الل ه لا ا و ا جد وا ف يه اخ ت االفاا وقد ضم ن الباحث هذه الخاتمة ملخص ا للرسالة, ثم أتبعه بأهم النتائج والتوصيات. أول: ملخص الرسالة تلخصت هذه الرسالة العلمية في: 6- المقدمة: وقد ذكر الباحث فيها, أهمية البحث, ودوافعه, ومنهجه, وخطته. التمهيدي: وقد بي ن الباحث فيه مقدمات مهمة في الق ارءات, وعلومها, ونشأتها, 2- الفصل وأنواعها وأركانها. 3- الفصل األول: وقد تحدث الباحث فيه عن شخصية البحث الفذة اإلمام المحقق شيخ اإلسالم ابن تيمية, وقد نظر الباحث لشخصيته من الجانب العلمي واالجتماعي والسياسي واالقتصادي, وكذا عصر ه. 2- الفصل الثاني: وأمعن الباحث فيه النظر في منهج شيخ اإلسالم في الق ارءات, وما أفاد منها في االستدالل بالق ارءات لعلوم الدين األخرى, وكان هذا الفصل محور ا أساس ا في البحث, إذ ظهرت شخصية شيخ اإلسالم في توجيه الق ارءات والدفاع عنها وبيان حكمها وأحكامها. 237

255 6- الفصل الثالث: وقد أفرده الباحث للحديث عن منهج الشيخ في عرض الق ارءات بأنواعها, وأثر ذلك على منهجه, و فتاواه في الق ارءات وعلومها وأحكام الصالة بها, والتكبير عند بعض الق ارء, وغيرها. أهم فيها محاور الرسالة وملخصها, ثم ذي لها بما خ ل ص من إليه 1- الخاتمة: وقد بي ن الباحث نتائج وتوصيات. أهم النتائج والتوصيات: نتائج أعتقد أنني بهذه الد ارسة أستطيع أن أضع أمام المختصين والباحثين عدد ا من النتائج, وأفتح لهم أفق ا, وأشارك في إتمام بناء, استهله أهل العلم وطلبته من قبلي ليكون انطالقة تجديد في مواضيع البحث المتعلقة في بيان أهمية علم الق ارءات وأثره في العلوم األخرى, وكيفية االستدالل به عند العلماء في شتى المجاالت, وأن يحقق بعد الوقوف عليها والتحر ك من مفاهيمها أعم ق وهذا أثر ا, و أكث ر نفع ا. يتعاقب المجتهدون لبنا ت ومسائل ه العلم دأب في يسهم في إسعاد البشرية في الدارين حتى تنهل من معينه الصافي إنشاء ف ي ؤوي الشامخ, واضافة صرحها بذلك شتاتها. ما النتائج التي أهم وهذه توصل إليها أن يدونها و أرى الباحث في هذه الخاتمة. 6- علم الق ارءات من أشرف العلوم كو ن ه من أهم العلوم الشرعية, ولتعلقه بكالم اهلل عز وجل. 2 السبعة - األحرف أوحيت للنبي ولم يقلها باجتهاد نفسه, وكذا الق ارءات المتواترة لم تكن اجتهاد ا من األئمة. والخالف فيها تنوع هو مع اتحاد, ال نفور فيه وال تضاد, فيها والعدد م ارد, وكل ق ارءة ثبتت بسند متواتر, ووافقت وجوه العربية ولم تخالف الرسم العثماني و أ ثبتت في إحدى طرق العشرة هي القرآن بال شك, ويحتج بها في الشرعية العلوم كل واللغوية ألنها القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم, وانكار إحدى هذه الق ارءات مصيبة معلة وفتنة مضلة. 238

256 3- شيخ اإلسالم من أجل األعالم الذين استطاعوا أن يسخروا الق ارءات لبيان المعتقد, واستخالص األحكام, واستنباط الترجيحات من خاللها, كيف ال وقد استدل بها ابن تيمية في شتى الفنون, وألوان العلوم. 2- لم يقتصر استدالل شيخ اإلسالم بالق ارءات المتواترة بل تعداها للشاذة في التفسير والفقه واآلداب وغيرها وبشروط, دون أصول الديانة-العقيدة- التي اقتصر في االستدالل لها -6 على المتواتر. اإلمام ابن تيمية عالم باالستدالل بالق ارءات, مفت بأحكامها, بارع في بيانها وعرضها والدفاع عن متواترها, ونبذ موضوعها ومنك رها, متفن ن منها, متقن آلحادها رواية ال لجلها. في علم أصول الد ارية 1- طالب العلم الشرعي في أمس الحاجة إلى علوم الق ارءات لترشد مسيرتهم المهتدية بكتاب اهلل, والقائمة على فهمه واستخ ارج حكمه واحكامه. غير 1- االحتجاج بالق ارءات االحتجاج للق ارءات فاألولى يبني المجتهد من خاللها أحكام ا معتمد ا في ذلك على الق ارءات, والثانية يجمع فيها األقوال وينصب األدلة على صحة الق ارءة للدفاع عنها, وال يخفى تميز شيخ اإلسالم بكال األمرين, كما ظهر في ثنايا البحث. مع التأكيد على قضية مهمة وهي أن القواعد في العربية إنما ت قع د, وتقاس على الق ارءات باعتبارها األصل, ال العكس. التوصيات: وليكون السبق ألهل مصرنا في هذا الميدان, يوصى 6- لعظيم مكانة علم الق ارءات وأهميته, الباحث بأن ي د رس مساق ق ارءات منفرد للطلبة في الكليات الشرعية على األقل السيما أصول الدين, ارجي ا أن يأخذ شيو خنا هذه التوصية بعين االعتبار ألهميتها, فال يقبل أن يتخرج طالب من كلية شرعية ال يحسن تالوة القرآن بأحكامه. وألهمية علم االستدالل بالق ارءات-خاصة - يوصى الباحث بأن يفرد المتخصصون -2 د ارسات في االستدالل بالق ارءات عند علماء العقيدة والمحدثين, والفقهاء وغيرهم, ال أن 239

257 يقتصر األمر على مناهج المفسرين في الق ارءات, وذلك لبيان ما أفادوه من اختالف الق ارءات مما يؤثر إيجاب ا في نشر علم الق ارءات. خالف المعتمد في جل 3- وكذا إف ارد د ارسات في بيان منهج أهل العلم غير المفسرين الد ارسات- في عرض الق ارءات وتوجيهها من خالل كتبهم. 2- إنشاء معاهد متخصصة لتدريس الق ارءات وعلومها, أو فتح قسم) الق ارءات القرآنية( في كلية أصول الدين بجامعتنا اإلسالمية الغ ارء كما هو حال بعض جامعات مصر والحجاز. 6- إعداد موسوعة لبيان أسانيد الق ارء الحاليين واجا ازتهم في بلدنا, أو قد تكون أوسع من ذلك لتشمل الق ارء المعاصرين من أصحاب اإلسناد العالي وغيرهم, بالتعاون بين المؤسسات المعنية ككلية أصول الدين, ودار القرآن الكريم والسنة, وو ازرة األوقاف. 1- يوصي الباحث بجمع الد ارسات األكاديمية, واألبحاث المحكمة والمنشورة المتعلقة بالق ارءات القرآنية في موسوعة شاملة ليتنسى الوقوف عليها وبسهل اإلفادة منها. هذا وأسأل اهلل جلت قدرته أن يرفعنا بالقرآن العظيم, وأن ينفعنا بما فيه من اآليات والذكر الحكيم, وأن يلبس هذا العمل القبول والسداد والتوفيق والرشاد وأن يرزقنا اإلخالص في القول والعمل, إنه ولي ذلك ومواله, خاتم ا بحسن الثناء على ربي جل في عاله, مصليا ومسل ما على محمد, وآله ومن وااله, ومن تمسك بنهجه وسار على هداه, إلى يوم نلقاه. 241

258 الخالصة: د ارسة هذه في منهج ابن تيمية في الق ارءات القرآنية وأثرها في استدالالته لعلوم الشريعة األخرى. وآمل أعتقد أن هذا البحث يضع أمام الدارسين أن يسهم في إتمام بناء, بدأه أهل العلم قبلي نقطة انطالق وتجديد في علوم القرآن والشريعة, ليحقق نتائ ج أعمق أثر ا, وأكثر نفع ا. وخالصة ما توصلت إليه من خالل االستق ارء واالستنباط والتحليل عالوة على أن علم الق ارءات القرآنية من أشرف العلوم لتعلقه بكالم اهلل عز وجل وأن األحرف السبعة أوحاها اهلل للنبي ولم يقلها باجتهاد نفسه, وكذا الق ارءات المتواترة لم تكن اجتهاد ا من األئمة. ليس بينها اتحاد, تنوع الق ارءات تنوع وكل تضاد, الق ارءات العشرة هي القرآن بال شك, - ويستدل بها في كل العلوم الشرعية واللغوية. الشيخ ابن تيمية من أجل علماء األمة الذين أتقنوا علوم الشريعة وغيرها - واستطاعوا أن يسخروا الق ارءات لبيان العقيدة, و األحكام الفقهية, واللغة والتفسير واآلداب. حكمة تنوع الق ارءات هي التخفيف على المسلمين وهم بحاجة ماسة لهذا العلم لعظيم - فوائده وسعة دالالته. - االستدالل بالق ارءات غير االستدالل للق ارءات فاألول أن يبني الباحث أحكام ا معتمد ا في ذلك على الق ارءات, والثاني أن يجمع الباحث األدلة على صحة الق ارءة للدفاع عنها, وال يخفى تميز اإلمام ابن تيمية بكال األمرين, كما ظهر في ثنايا البحث. مع التأكيد على قضية مهمة وهي أن القواعد في العربية توضع بناء على الق ارءات باعتبارها األصل, ال العكس. 241

259 الفهارس العامة 242

So we are here today to facilitate the marriage of two human beings on the basis of love and companionship:

So we are here today to facilitate the marriage of two human beings on the basis of love and companionship: إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. All praise

More information

No Fear Upon Them Nor Do They Grieve

No Fear Upon Them Nor Do They Grieve ال خ و ف ع ل ي ه م و ال ه م ي ح ز ن ون No Fear Upon Them Nor Do They Grieve 1 رجب 1437 8.4.16 Day 9 There are three places in the Qura'an in which Allah negates fear and grief from His slaves. األ خ ال

More information

A Balanced Life Self Development

A Balanced Life Self Development ق د أ ف ل ح م ن ز ك اه ا He has succeeded who purifies it, و ق د خ اب م ن د س اه ا And he has failed who instills it [with corruption]. 91:9-10 A Balanced Life Self Development 15 ربیع الا خر 1439 2.1.18

More information

Al-Baqarah The deen has an honour, and people must strive for it, to show your truthfulness. People may speak according

Al-Baqarah The deen has an honour, and people must strive for it, to show your truthfulness. People may speak according Al-Baqarah 24 رجب 1439 10.4.18 There are different characters in this story : the leaders of Bani Israeel, their messenger, Talut, the king of the Bani Israeel, and Jalut, the king of the enemies. The

More information

And of their taking Riba though indeed they were forbidden it... ( 4: 161)

And of their taking Riba though indeed they were forbidden it... ( 4: 161) و م ا ا ت ي ت م من رب ا لي ر ب و ف ي أ م و ال ال ناس ف ل ا ی ر ب و ع ند ال له و م ا ا ت ي ت م من ز آ اة ت ر ید ون و ج ه ال ل ه ف ا و ل ي ك ه م ال م ض ع ف ون And whatever ye lay out as Riba, so that it

More information

أ ا ل ا ا ا أو و ا ا د أ ا ل ا ة ا رة إ ا ص ذوي ا أو ا ت ا ا ص ذوي ا ا ا وق ا ارد ا أ ب ا ر ا ا ا 1 2 3 4 5 ا أس إ ا م رة ا ا إ ا م و ر»ا «ا ت زاو ا راع ا إ ا راء إ ا ا و ا ا ة ا م ا ا ا ا را م ا ا وأن

More information

Sincerity is the Way to Salvation #7

Sincerity is the Way to Salvation #7 اإلخالص طريق الخالص Sincerity is the Way to Salvation #7 Sincerity in relationships. Human beings are social creatures; they live with each other, and interact with different groups of people. The Messenger

More information

Ways the Misguided Youth Bent on Takfīr & Bombings

Ways the Misguided Youth Bent on Takfīr & Bombings Ways the Misguided Youth Bent on Takfīr & Bombings Contradict Islam بذل النصح والتذكري لبقايا ااملفتونني بالتكفري والتفجري Title: Original Author: Abd al-muḥsin al- Abbād Source: http://islamancient.com/ressources/docs/101.doc

More information

Sunnah of the Month Eid Al - Adha & Hajj Hadith of the Month. The reward of Hajj Mabrur (accepted) is nothing but Al- Jannah.

Sunnah of the Month Eid Al - Adha & Hajj Hadith of the Month. The reward of Hajj Mabrur (accepted) is nothing but Al- Jannah. August School Re-opens Fun Day Independence Day Eid ul Adha Holidays 1 st 11 th 14 th 9 th 12 th Zilhaaj Eid Al - Adha & Hajj ال ح ج ال م ب ر ور ل ي س ل ه ج ز اء إال ال ج ن ة The reward of Hajj Mabrur

More information

FRIDAY SERMON. 11 Rabiul Akhir 1434H / 1 March 2013 LIFE LONG LEARNING. Prof Madya Dr Azhar bin Muhammad Director Islamic Centre of UTM

FRIDAY SERMON. 11 Rabiul Akhir 1434H / 1 March 2013 LIFE LONG LEARNING. Prof Madya Dr Azhar bin Muhammad Director Islamic Centre of UTM FRIDAY SERMON 11 Rabiul Akhir 1434H / 1 March 2013 LIFE LONG LEARNING Prof Madya Dr Azhar bin Muhammad Director Islamic Centre of UTM امحلد هلل حنمده ونس تعينه ونس تغفره ونعوذ ابهلل من رشور أنفس نا ومن

More information

To Memorise 1 out of 7

To Memorise 1 out of 7 To Memorise 1 out of 7 Table of Contents Notes for the Guardian... 3 (The ages below are as per Islamic year):... 3 Level 1-Memorise... 4 (1)-Names of Allah azwj and the Blessed Five... 4 (2)- Nad-e-Ali

More information

Collection of Hadith on Faith Signs of Faith- Hadith #1

Collection of Hadith on Faith Signs of Faith- Hadith #1 Collection of Hadith on Faith Signs of Faith- Hadith #1 (30th April 2015-16th Rabi Al Akher, 1436) This section tells us about ahadith that show the signs of faith. ح د ث ن ا ال ق اس م ب ن د ين ار ال ك

More information

بسم هللا الرحمن الرحيم. Islamic Mannerisms. The Manners of Attending Assemblies Part 1 (29/1/2017)

بسم هللا الرحمن الرحيم. Islamic Mannerisms. The Manners of Attending Assemblies Part 1 (29/1/2017) بسم هللا الرحمن الرحيم Islamic Mannerisms The Manners of Attending Assemblies Part 1 (29/1/2017) Ibn Qayyim رحمه هللا said in Madaarij As-Salikeen that Good Manners indicates the success and happiness

More information

Salah The Backbone of Islam

Salah The Backbone of Islam الحمد هلل الذ ي جعل الصالة للمؤمنين نورا وراحة وسرورا أحمد ه سبحان و حمد ا يليق بجال ل وأنيس وجه و وعظيم سلطان و و أ ش ه د أ ن ال إ ل و إ ال الل و و ح د ه ال ش ر يك ل و و ل ي الصالحين المتقين ولعبادت و

More information

Divine Messages of nurturing. from your Creator

Divine Messages of nurturing. from your Creator رسالة : ٦ الد عوة إلى ضبط رسائل رب انية اللسان MESSAGE 6: CALL TOWARDS CONTROL OF THE TONGUE Divine Messages of nurturing The tongue which is guided by Allah will never utter hurtful or harsh words. There

More information

ISTIGHFAAR Combined with The 99 Names of Allah

ISTIGHFAAR Combined with The 99 Names of Allah ISTIGHFAAR Combined with The 99 Names of Allah kwdwdsadsadsdsdfsfdswthis is a simple short Istighfaar formula to attain closeness to Allah and forgiveness of sins. The benefit of this formula is that a

More information

The Most Beloved Words with Allah, and the Most Hated Words with Allah

The Most Beloved Words with Allah, and the Most Hated Words with Allah أحب الكالم إلى اهلل و أبغض الكالم إلى اهلل The Most Beloved Words with Allah, and the Most Hated Words with Allah The Messenger of Allah صلى اهلل عليه و سلم said : إن أح ب الكالم إلى اهلل أن يقول العبد

More information

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد.كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد.كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ب س م الل ه ال رح م ن ال رح ي م ال ح م د ل ل ه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد.كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد 1 Islamic Laws of Inheritance Dr. Assaina

More information

from your Creator طه Ta, Ha. 20:1

from your Creator طه Ta, Ha. 20:1 رسالة : ٢ إن ما أ ن ز ل الق ر آن ل سعادة اإلنسان رسائل رب انية MESSAGE 2: THE QURAN HAS BEEN REVEALED ONLY FOR Divine THE Messages HAPPINESS OF of HUMANITY nurturing from your Creator The way of the Quran

More information

First Reading: Corinthians 11:21-30

First Reading: Corinthians 11:21-30 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 June 28-29, 2014 First Reading: Corinthians 11:21-30 A reading from First Letter of St. Paul to the Corinthians. Your blessing father Brothers and Sisters: For

More information

The First Ten or Last Ten Verses of Sūrah al-kahf

The First Ten or Last Ten Verses of Sūrah al-kahf K N O W I N G F A L S E M E S S I A H Protection from the Dajjāl s Tribulations Despite the great tribulations the Dajjāl brings by which Allah will test his servants, we are not left to face them alone.

More information

5/10 Class Summary Intro to Aajroomiyyah

5/10 Class Summary Intro to Aajroomiyyah Aajroomiyyah notes Ajroomiyyah Day 1 Class Summary: 5/10 Class Summary Intro to Aajroomiyyah المعنى االصطاليح (linguistic) and المعنى اللغوي definitions: There are two kinds of (technical). الكالم Basically

More information

Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA

Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA 02305-2567 Cana Sunday Entrance into Lent Abouna Joseph Daiif, Pastor Rectory 508-586-1428 / Fax 508-587-8139 Email: sonsdaughters@comcast.net

More information

This is the last class of phase One and our next class will be phase Two in shaa Allaah.

This is the last class of phase One and our next class will be phase Two in shaa Allaah. بسم اهلل الرمحن الرحيم As-Sarf (Morphology) ~ Class Twenty-Three احلمد هلل رب العاملني وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني, أما بعد Our teacher began with praising Allaah and sending

More information

Al-Baqarah People will relate different versions, but Allah tells us all the important facts.

Al-Baqarah People will relate different versions, but Allah tells us all the important facts. Al-Baqarah 8 شعبان 1439 24.4.18 صلى The Messenger of Allah.ألم ترى The whole story starts with the words didn t see them with his own eyes, but Allah wanted him to be اهلل عليه وسلم believe what He told

More information

بسم هللا الرحمن الرحيم. Islamic Manners. The Manners of Attending Assemblies Part 2 (5/2/2017)

بسم هللا الرحمن الرحيم. Islamic Manners. The Manners of Attending Assemblies Part 2 (5/2/2017) بسم هللا الرحمن الرحيم Islamic Manners The Manners of Attending Assemblies Part 2 (5/2/2017) The most noble assemblies with Allah are the Assemblies of Knowledge. We should follow the manners of attending

More information

Adab 1: Prohibitions of the Tongue. Lecture 6

Adab 1: Prohibitions of the Tongue. Lecture 6 Adab 1: Prohibitions of the Tongue Lecture 6 1 Prohibitions In previous lectures we have established the grounds for why this book is important. Dangers of the tongue Rewards and benefits of the silent

More information

The Language of Prayer

The Language of Prayer The Language of Prayer A seminar organised by Sanad Arabic Language of Prayer Seminar Schedule Introduction to Sanad Arabic 9:30am - 9:40am Session 1 9:40am 11:10am Morning Tea 11:10am 11:30am Session

More information

FOURTH SUNDAY OF THE HOLY CROSS

FOURTH SUNDAY OF THE HOLY CROSS Saint Maron Maronite Catholic Church October 7-8, 2017 FOURTH SUNDAY OF THE HOLY CROSS REMEMBERING THE VICTIMS The events of this past week have left many of us in a daze as we witnessed the senseless

More information

A Collection of 40 Hadith by An-Nawawi

A Collection of 40 Hadith by An-Nawawi A Collection of 40 Hadith by An-Nawawi ع ن م ع اذ ب ن ج ب ل ر ض ي اهلل ع ن ه ق ال : ق ل ت ي ا ر س ول اهلل! أ خ ب ر ن ي ب ع م ل ي د خ ل ن ي ال ج ن ة و ي ب اع د ن ي م ن الن ار. ق ال : ل ق د س أ ل ت ع ن ع

More information

Chapter 31: Islamic Ethics Regarding Asylum, Refugees, and Migration

Chapter 31: Islamic Ethics Regarding Asylum, Refugees, and Migration !1 : Islamic Ethics Regarding Asylum, Refugees, and Migration بسم اهلل الرحمن الرحيم Abu Hurairah (ra) reported: The Messenger of Allah said, "He who gives respite to someone who is in (ﷺ) straitened circumstances,

More information

Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA

Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA Saint Theresa Maronite Church 343 North Main Street / PO Box 2567 Brockton, MA 02305-2567 Cana Sunday Entrance into Lent Abouna Joseph Daiif, Pastor Rectory 508-586-1428 / Fax 508-587-8139 Email: sonsdaughters@comcast.net

More information

ITA AT: TO OBEY HIM WITHOUT QUESTION

ITA AT: TO OBEY HIM WITHOUT QUESTION ITA AT: TO OBEY HIM WITHOUT QUESTION جل جلالهAllah sent the Anbiya to be obeyed. This makes logical sense because this is the first principle of change, that the change must be implemented for people to

More information

Blank Pages in your Book of Deeds on the Day of Resurrection

Blank Pages in your Book of Deeds on the Day of Resurrection Blank Pages in your Book of Deeds on the Day of Resurrection Blank Pages in your Book of Deeds on the Day of Resurrection بسم الله الرحمن الرحيم Sa-eed ibn Jubair said: The slave will be brought on the

More information

ALI 256: Spiritual and Jurisprudential aspects Salaat

ALI 256: Spiritual and Jurisprudential aspects Salaat ALI 256: Spiritual and aspects Salaat SESSION 3: Al-Sadiq Seminary Surrey, BC March 1, 2014/ Rabi II 29, 1435 1 Getting closer thru Du ā, 2:186 و إ ذ ا س أ ل ك ع ب اد ي ع ي ن ف إ ي ن ق ر يب أ ج يب د ع

More information

Chapter 29: Beyond Respect The Rights of the Elderly on Society

Chapter 29: Beyond Respect The Rights of the Elderly on Society !1 : Beyond Respect The Rights of the Elderly on Society بسم اهلل الرحمن الرحيم Abu Musa al-ash ari narrated: The Prophet (ﷺ) said: Glorifying Allah involves showing honour to a greyhaired Muslim and to

More information

م و ي لا ا ن ل ة قا ط لا او لا ق

م و ي لا ا ن ل ة قا ط لا او لا ق Al-Baqarah 22 شعبان 1439 8.5.18 The stories and parables of the Qura an change the intangible concepts in life into tangible form. This is how Allah nurtures us. They paint a picture in front of our eyes.

More information

Qur'anic Stories. ALII 209: Deriving Lessons from

Qur'anic Stories. ALII 209: Deriving Lessons from COURSE OBJECTIVE: DERIVE ETHICAL LESSONS through: 1) Reciting & pondering over select passages 2) About stories of past prophets & people 3) Referring to renown tafaseer (commentaries) 4) Discussing related

More information

Saint Maron Maronite Catholic Church

Saint Maron Maronite Catholic Church Saint Maron Maronite Catholic Church November 10-11, 2018 APPROVED MORAL PRINCIPLES Moving forward in Defending Our Faith, this week we will discuss the approved moral principles of the Church. As you

More information

In the Messenger of Allah, we have an Excellent Example

In the Messenger of Allah, we have an Excellent Example In the Messenger of Allah, we have an Excellent Example 21/01/2012 www.detailedquran.com Some Muslims site the following Ayah (along with 53:3-4 dealt with in another document) to advocate giving books

More information

F a i t h T H E B E L I E F S O F A M U S L I M

F a i t h T H E B E L I E F S O F A M U S L I M E X P L A I N I N G F a i t h T H E B E L I E F S O F A M U S L I M BY: Muḥammad Ibn Ṣāliḥ al- Uthaymīn 1 1 Adapted from Ibn al- Uthaymīn s books Sharḥ Uṣūl al-īmān and Sharḥ Thalāthah al-uṣūl. Page 1

More information

Saint Maron Maronite Catholic Church

Saint Maron Maronite Catholic Church Saint Maron Maronite Catholic Church April 28-29, 2018 GOD BLESS OUR FIRST COMMUNICANTS Congratulations to our First Communicants who will be receiving their First Communion today. This is a very special

More information

First Reading: Galatians 3: Gospel Reading: John 3: Ellsworth Street Philadelphia PA Jan , 2013

First Reading: Galatians 3: Gospel Reading: John 3: Ellsworth Street Philadelphia PA Jan , 2013 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 Jan. 25-26, 2013 First Reading: Galatians 3:23-29 A reading from St. Paul to the Galatians. Your blessing father Brothers and Sisters: Before faith came, we

More information

Story #4 Surah Al-Qasas [Verses 76- ]

Story #4 Surah Al-Qasas [Verses 76- ] Story #4 Surah Al-Qasas [Verses 76- ] You need to feel the importance of each story in the Quran! Never think that the situation is not for you or doesn t apply to you! Every story mentioned in the Quran

More information

On Treatment of One s Parents

On Treatment of One s Parents للا للا ف ف يه م ا ف ج اه د أ م ا ب ع د: أ ي ه ا ال مس ل مو ن: م ال ع ب اد ا ت ال ت ي توص ل إ ل ى ال ج ن ان و تق ر ب م ن ال ك ر ي م ال م ن ا ن- ع ب اد ة ح ث ع ل ي ه ا الر ح يم الر ح م ن ف ي غ ي ر م ا آي

More information

One-Eyed, Blind in the Other

One-Eyed, Blind in the Other The Dajjāl s Physical Features One-Eyed, Blind in the Other Imām Muslim collected a ḥadīth from Ḥudhayfah ( رضي اهلل عنه ) who narrated that Allah s messenger ( صل ى اهلل عليه وسل م ) said: ف ن ار ه ج

More information

In the Name of Allah, the Most Compassionate, the Most Merciful. All praise is due to Allah Lord of the Worlds.

In the Name of Allah, the Most Compassionate, the Most Merciful. All praise is due to Allah Lord of the Worlds. بس م اهلل الر ح ن الر ح يم The Rajab Istighfār The following is a compilation of istighfār, known in Ḥaḍramawt as Istighfār Rajab, compiled by Ḥabīb Ḥasan, the son of Imām `Abdullāh bin `Alawī al-ḥaddād.

More information

Du ā 44 For Supplication for the Coming of the Month of Ramadan in the Sahīfa with two Translations

Du ā 44 For Supplication for the Coming of the Month of Ramadan in the Sahīfa with two Translations Du ā 44 For Supplication for the Coming of the Month of Ramadan in the Sahīfa with two Translations 1 Translation by Dr. William C. Chittick His Supplication For The Coming Of The Month Of Ramadan 1. Praise

More information

As-Sarf (Morphology) ~Class Twenty

As-Sarf (Morphology) ~Class Twenty بسم اهلل الرمحن الرحيم As-Sarf (Morphology) ~Class Twenty احلمد هلل رب العاملني وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني, أما بعد Our teacher began with praising Allaah and sending salaat

More information

بسم هللا الرحمن الرحيم

بسم هللا الرحمن الرحيم Carrier of the Musk المسك) (حامل Class #48 (المقدمة) How did the Prophet (pbuh) start his sermons? Page 5 Introduction Recited in Class: ان الحمد هلل نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ باهلل من شرور انفسنا

More information

1013 Ellsworth Street Philadelphia PA October 11-12, First Reading: 1Thessalonians 5:1-11

1013 Ellsworth Street Philadelphia PA October 11-12, First Reading: 1Thessalonians 5:1-11 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 October 11-12, 2014 First Reading: 1Thessalonians 5:1-11 A reading from St. Paul to the Philippians. Your blessing father Brothers and Sisters: Concerning the

More information

ة ة ف ف ي ف ل ف ن ا م ا

ة ة ف ف ي ف ل ف ن ا م ا س د رة ت ا ر س ٱ ت خ ل ا ا ة ر ه ب ا ب ث ا ع ل أ ب ع ر و ة ا ل ه ة ة ا ل ب ل ل س ال ا ص ر ل ا ة ح ت غ ل و ك ا ر ب ر و ش ا ر ء ل ل ة ل ا ل ك ة ا خ س س ل ا ل ب ط ت ل ة ا و ل ا د ة و ك ل ة ة ل ز ا إ ل ة ع

More information

(When he said to his father and his people: "What do you worship'') meaning: what are these statues to which you are so devoted

(When he said to his father and his people: What do you worship'') meaning: what are these statues to which you are so devoted ASH-SHU'ARA (69-110) How the Close Friend of Allah, Ibrahim spoke out against Shirk و ات ل ع ل ي ه م ن ب ا إ ب ر ه يم - إ ذ ق ال لا ب يه و ق و م ه م ا ت ع ب د ون - ق ال وا ن ع ب د أ ص ن اما ف ن ظ ل ل ه

More information

The Un-Doer of the Thread she Spun (24/7/16)

The Un-Doer of the Thread she Spun (24/7/16) The Un-Doer of the Thread she Spun (24/7/16) When most people perform a good deed, they forget the goal. They become occupied with the details which divert them from the purpose. E.g. In Ramadan people

More information

a l-i n f i ṭ ār E X P L A I N I N G S Ū R A H Muḥammad Ibn Ṣāliḥ al- Uthaymīn BY: The Explanation of Verses

a l-i n f i ṭ ār E X P L A I N I N G S Ū R A H Muḥammad Ibn Ṣāliḥ al- Uthaymīn BY: The Explanation of Verses Title: Explaining Sūrah al-infiṭār Author: Muḥammad Ibn Ṣāliḥ al- Uthaymīn E X P L A I N I N G S Ū R A H a l-i n f i ṭ ār BY: Muḥammad Ibn Ṣāliḥ al- Uthaymīn T A B L E O F C O N T E N T S S Ū R A H A L

More information

Revealed in Mecca. Consist of 34 verses LESSONS FROM LUQMAN. Br. Wael Ibrahim. How can we implement the lessons in our daily lives?

Revealed in Mecca. Consist of 34 verses LESSONS FROM LUQMAN. Br. Wael Ibrahim. How can we implement the lessons in our daily lives? Revealed in Mecca Consist of 34 verses LESSONS FROM LUQMAN Br. Wael Ibrahim How can we implement the lessons in our daily lives? The Chapter of Child Education The chapter is about Luqman s education and

More information

Sarf: 16 th March 2014

Sarf: 16 th March 2014 Sarf: 16 th March 2014 Sarf = How verbs change ي ا ل ف ع ل ال م اض = verb Past tense ا ل ف ع ل ال م ض ا = verb Present tense ا ل ف ع ل ال م اض ي = verb Past tense You 1m You 2m You 3+m You 1f ف ع ل ف ع

More information

QUR ANIC ARABIC - LEVEL 1. Unit ٢٦ - Present Passive

QUR ANIC ARABIC - LEVEL 1. Unit ٢٦ - Present Passive QUR ANIC ARABIC - LEVEL 1 Unit ٢٦ - Present Passive 1 Today s lesson Present Passive Classwork Unit 26 Correction Unit 21, 22, 23, 24 2 ا ل ف ع ل - Verb Present tense action is incomplete a) either being

More information

Fourth Sunday after Holy Cross October 11, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH

Fourth Sunday after Holy Cross October 11, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH Fourth Sunday after Holy Cross October 11, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH Mailing Address: 7800 Brookside Road Independence, Ohio 44131 Upcoming Events Details In Bulletin Book Club Wed. Oct.

More information

Quranic & Prophetic Nurturing Program

Quranic & Prophetic Nurturing Program Quranic & Prophetic Nurturing Program Surah An Noor Class 47 Date: 04 December 2018 / 26 Rabi Al Awal 1440 Obedience The human being is made of clay so he has the potential to be molded in order to progress

More information

Sirah of Sayyida Fatima al-zahraa d

Sirah of Sayyida Fatima al-zahraa d Sirah of Sayyida Fatima al-zahraa d ALI 233 Session 1: Tuesday, JCC, Toronto 5 Jamadi II 1434/ 16 April 2013 1 Sûrah al-kawthar 108:1-3 ب س م اهلل الر ح ن الر ح يم إ ن ا أ ع ط ي ن اك ال ك و ث ر Surely

More information

Surah An Naziat (Ayah 27-36) Notice that the focus is on the body though it is the soul that is more complicated. They are focused on the tangible.

Surah An Naziat (Ayah 27-36) Notice that the focus is on the body though it is the soul that is more complicated. They are focused on the tangible. Surah An Naziat (Ayah 27-36) أ أ نت م أ ش د خ ل ق ا أ م الس م اء ب ن اه ا- 27 Ayah Are you more difficult to create, or is the heaven that He constructed? The word بناها means to construct. (يقول اهلل

More information

Quranic and Prophetic Nurturing Program

Quranic and Prophetic Nurturing Program Quranic and Prophetic Nurturing Program Level One Quran and Seerah Class 7 Date: 07 October 2018 / 27 Muharram 1440 Introduction Process of being nurtured for hasad: Make dua to Allah to give taqwa to

More information

If you need Urdu and Arabic fonts to have these pages as they appear on the website, please contact us at:

If you need Urdu and Arabic fonts to have these pages as they appear on the website, please contact us at: If you need Urdu and Arabic fonts to have these pages as they appear on the website, please contact us at: quranictopics@yahoo.com www.quranictopics.com We will muster together all human beings in a way

More information

Feast of Our Lady of Lebanon

Feast of Our Lady of Lebanon Saint Maron Maronite Catholic Church May 5-6, 2018 Feast of Our Lady of Lebanon FEAST OF OUR LADY OF LEBANON What are the origins of the May Crowning? The origins of the May Crowning are hard to pinpoint,

More information

Quranic & Prophetic Nurturing Program

Quranic & Prophetic Nurturing Program Quranic & Prophetic Nurturing Program Surah An Noor Class 42 Date: 22 November 2018 / 14 Rabi Al Awal 1440 (الصدق) Truthfulness (الصادق بلسانه ( tongue the one who s truthful in :(الصادق) Saadiq Sideeq

More information

Sunday Evening Series Class #6. Introduction: 1 P a g e. Date: 05 August 2018 / 23 Dhul Qu da 1439

Sunday Evening Series Class #6. Introduction: 1 P a g e. Date: 05 August 2018 / 23 Dhul Qu da 1439 (ذكرى الدار اآلخرة ( Abode Remembrance of the Last Sunday Evening Series Class #6 Date: 05 August 2018 / 23 Dhul Qu da 1439 Introduction: Allah is Ar Razaq and He s the Provider. There is general and special

More information

This Life A N D A B E L I E V E R S P E R S P E C T I V E I N I T

This Life A N D A B E L I E V E R S P E R S P E C T I V E I N I T T H E N A T U R E O F This Life A N D A B E L I E V E R S P E R S P E C T I V E I N I T Selected Ḥadīth of Raqāiq from Silsilah al-aḥādīth al-ṣaḥīḥah Collected by: Muḥammad Nāṣir al-dīn al-albānī 1 1 The

More information

1013 Ellsworth Street Philadelphia PA August 16-17p, First Reading: Ephesians 2:17-22

1013 Ellsworth Street Philadelphia PA August 16-17p, First Reading: Ephesians 2:17-22 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 August 16-17p, 2014 First Reading: Ephesians 2:17-22 A reading from first letter of St. Paul to the Ephesians. Your blessing father Brothers and Sisters: Jesus

More information

ALI 340: Elements of Effective Communication Session Four

ALI 340: Elements of Effective Communication Session Four Communication Session Four و و و أ م ا ح ق الل س ان ف إك ر ام ه ع ن ا ل ن وت ع و يد ه ا ل ي ت رك ال ف ض ول ال يت ال فائ د ة ل ا و ال ب بالن ا س ح س ن الق ول فيهم The right of the tongue is that you consider

More information

If You Do Not Support Him بسم اهلل الرحمن الرحيم

If You Do Not Support Him بسم اهلل الرحمن الرحيم If You Do Not Support Him By Sheikh Ali Dheere, the Official Spokesman for the Shabaab al-mujahideen Movement, May Allah Protect Him بسم اهلل الرحمن الرحيم إ ا ل ت نص ر وه ف ق د ن ص ر ه اللاو إ ذ أ خ ر

More information

It is Not the Salafis Guilty of Terrorist Acts

It is Not the Salafis Guilty of Terrorist Acts It is Not the Salafis Guilty of Terrorist Acts السلفيون بريئون من األعمال اإلرهابية Title: Original Author: Aḥmad Ibn Yaḥyá al-najmī Source: http://njza.net/web/articles.php?art_id=4z It is Not the Salafis

More information

THE RIGHTS OF RASOOLULLAH ON HIS UMMAH ARE 7:

THE RIGHTS OF RASOOLULLAH ON HIS UMMAH ARE 7: THE RIGHTS OF RASOOLULLAH ON HIS UMMAH ARE 7: 1. Adab wa Ihtiraam: Our attitude of the utmost respect and honor; 2. Ita at: To obey him without question 3. Ittiba: To follow and emulate him in every way

More information

Contents. Transliteration Key إ أ) ء (a slight catch in the breath) غ gh (similar to French r)

Contents. Transliteration Key إ أ) ء (a slight catch in the breath) غ gh (similar to French r) Transliteration Key إ أ) ء (a slight catch in the breath) غ gh (similar to French r) (ئ f ف a ا throat) q (heavy k, from the ق b ب t ة) has an h sound at the end of k ك ة, ت a sentence) l ل thorn ) th

More information

ON TRAVELING: A FEW PERSONAL DUʿĀS AND SPIRITUAL PRACTICES 1

ON TRAVELING: A FEW PERSONAL DUʿĀS AND SPIRITUAL PRACTICES 1 In the name of Allah, Most Gracious, Most Merciful And may peace and blessings be upon His servant Muḥammad, and upon his family and Companions ON TRAVELING: A FEW PERSONAL DUʿĀS AND SPIRITUAL PRACTICES

More information

ALI 258: Qualities of a Faithful believer Khutba No. 87 March 25, 2014/ Jumadi I 23, 1435

ALI 258: Qualities of a Faithful believer Khutba No. 87 March 25, 2014/ Jumadi I 23, 1435 ALI 258: Qualities of a Faithful believer Khutba No. 87 March 25, 2014/ Jumadi I 23, 1435 What is the difference between faith and conviction? What are good qualities of speech and silence? How would you

More information

Third Sunday after Holy Cross Holy Rosary Sunday October 4, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH

Third Sunday after Holy Cross Holy Rosary Sunday October 4, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH Third Sunday after Holy Cross Holy Rosary Sunday October 4, 2015 SAINT MARON MARONITE CATHOLIC CHURCH Mailing Address: 7800 Brookside Road Independence, Ohio 44131 Upcoming Events Details In Bulletin ICS/Sons

More information

None is killed unjustly, but the first son of Adam will have a part of its burden because he was the first to establish the tradition of murdering

None is killed unjustly, but the first son of Adam will have a part of its burden because he was the first to establish the tradition of murdering ه ث ري ي ل ه ري ولع ق س ان وك ني خو اإل ن ال ا ل د ل ل رب اه ا ل له وح د ه ه ري ي وح ص ى د ق ف ه ظو وغ ن ال إ هل ه ال د وأش أ إ خ و ه د ا ها ب ي ا ه ن س ي د و م د أ ت ني وأ يك هل ال و ك ا ل ق ال ال ش ه

More information

Simple Daily Deeds for Jannah

Simple Daily Deeds for Jannah Simple Daily Deeds for Jannah Simple Daily Deeds for Jannah بسم الله الرحمن الرحيم All praises are due solely to Allah the Most High and The Most Merciful. We ask Allah to bestow His peace and blessings

More information

Allah accepts only from the pious. (5:27)

Allah accepts only from the pious. (5:27) ه ح ي ا ع ف ق ح د أ ن ل ع ف ح ضل ال شام ل ه و إ ح حساى ال ح ك م ل ل ع ه و ح حد ه ال ش يك ح ن ال إ هل إ ه ال ا ل ل د ح شه أ ال ح هد ل ل ان و ص ي ان و أ ض ق ي ام ر م و أ ح شه د أ ه ن س ي د ى ا و ى ب ه يي

More information

Chapter 26: The Sin of Favoritism Be Just With Your Children

Chapter 26: The Sin of Favoritism Be Just With Your Children !1 : The Sin of Favoritism Be Just With Your Children بسم اهلل الرحمن الرحيم It was narrated that An-Nu'man said: "My mother asked my father for a gift and he gave it to me. She said: 'I will not be contented

More information

First Reading: Philippians 3:17-21,4:1

First Reading: Philippians 3:17-21,4:1 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 October 4-5, 2014 First Reading: Philippians 3:17-21,4:1 A reading from St. Paul to the Philippians. Your blessing father Brothers and Sisters: Brothers and

More information

Common Supplications (Du aas) recited during the Day

Common Supplications (Du aas) recited during the Day , Most Beneficent, Most Merciful Common Supplications (Du aas) recited during the Day www.understandquran.com ***** After getting up ***** ال حم د ال ذ ي ح يانا gave us life Who to Allah بع د ما ماتنا

More information

الحياة الطيبة بالبصيرة The Good Life with Insight

الحياة الطيبة بالبصيرة The Good Life with Insight الحياة الطيبة بالبصيرة The Good Life with Insight What is insight? Before learning about the good life with insight, we need to first correct our understanding of what is insight. The one wth insight can

More information

Saint Maron Maronite Catholic Church

Saint Maron Maronite Catholic Church Saint Maron Maronite Catholic Church January 26-27, 2019 BAPTISM IS A BATH OF REGENARATION,' SAYS POPE Vatican City, Nov 13, 2013 / 07:09 am (CNA/EWTN News).- During his general audience, Pope Francis

More information

Quran Spelling Bee Second Level (Third to fifth grade) competition words

Quran Spelling Bee Second Level (Third to fifth grade) competition words Meaning Mercy Word From Quran 1. ر ح م ة And when و ل م ا. 2 That we are أ ن ا 3. Spelling Ra H a Meem Ta marbootah Fathatan, Waw Lam Meem Shaddah Alif Hamzah-on-Alif Noon Shaddah Alif The prophet Nooh(P.B.U.H)

More information

ALI 326: AN INTRODUCTION TO ZIYARAT JAMIAH AL-KABIRA Sheikh Faiyaz Jaffer January 6, ALI 326: Ziyarat Jamiah

ALI 326: AN INTRODUCTION TO ZIYARAT JAMIAH AL-KABIRA Sheikh Faiyaz Jaffer January 6, ALI 326: Ziyarat Jamiah ALI 326: AN INTRODUCTION TO ZIYARAT JAMIAH AL-KABIRA Sheikh Faiyaz Jaffer January 6, 2016 WHAT IS ZIYARAT? The word زيارة means to visit. Ziyarat is the visitation of the Awliya of Allah (swt) The one

More information

Submission is the name of an Attitude

Submission is the name of an Attitude Submission is the name of an Attitude Mirza Yawar Baig Children are taught in kindergarten that A is for apple. If they go to Islamic school they are taught that it doesn t stand for apple but for.جل جلالهAllah

More information

الكافي AL-KAFI. ج 1 Volume 1 اإلسالم الكليني المتوفى سنة 329 هجرية

الكافي AL-KAFI. ج 1 Volume 1 اإلسالم الكليني المتوفى سنة 329 هجرية الكافي AL-KAFI ج 1 Volume 1 للمحد ث الجليل والعالم الفقيه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني المعروف بثقة اإلسالم الكليني المتوفى سنة 329 هجرية Of the majestic narrator and the scholar, the jurist, the Sheykh

More information

Bilad Al Sham Media. Risalat on Tawhid. Presents: (2) The English translation of our release:

Bilad Al Sham Media. Risalat on Tawhid. Presents: (2) The English translation of our release: Bilad Al Sham Media Presents: (2) The English translation of our release: Risalat on Tawhid First edition: Three things obligated due to Shirk The three fundamentals Wajib upon us all to have Iman in Shirk

More information

Date: 01 January 2019 / 25 Rabi Al Thaani 1440

Date: 01 January 2019 / 25 Rabi Al Thaani 1440 Towards the Top Winter Series 2018 Class #10 Date: 01 January 2019 / 25 Rabi Al Thaani 1440 Introduction Our time is precious and this is our capital. Surah Al Asr it s telling us to complete ourselves

More information

Significance of Rabī Al-Awwal

Significance of Rabī Al-Awwal Significance of Rabī Al-Awwal By Sh Kazi Luthfur Rahman Rabī Al-Awwal: The month of Rabī Al-Awwal is an extremely significant and historical month in Hijri Lunar Calendar. It is the 3 rd month in which

More information

First Reading: Philippians 2:12-18

First Reading: Philippians 2:12-18 1013 Ellsworth Street Philadelphia PA 19147 October 18-19, 2014 First Reading: Philippians 2:12-18 A reading from St. Paul to the Philippians. Your blessing father Brothers and Sisters: Therefore, my beloved,

More information

IMAM SAJJAD INSTITUTE

IMAM SAJJAD INSTITUTE IMAM SAJJAD INSTITUTE ع) Have we ever thought about the conditions of true tawbah? Many of us may conjecture that perhaps the factors of regret and expression of sorrow to God can suffice for tawbah. The

More information

Adab 1: Prohibitions of the Tongue. Lecture 10

Adab 1: Prohibitions of the Tongue. Lecture 10 Adab 1: Prohibitions of the Tongue Lecture 10 1 Line 26 Line 26 It is prohibited to make something haram for yourself So to say that it is haram for me to speak to this person. It is haram for me to drink

More information

بسم هللا الرحمن الرحيم. Class Four H /

بسم هللا الرحمن الرحيم. Class Four H / بسم هللا الرحمن الرحيم Class Four 7-8-1438H / 3-5-2017 In Surah Aal-Imran [3:19]: "Truly, the religion with Allah is Islam." Islam means Submission. When you submit, there will be peace. Islam is the Religion

More information

Ayatul Kursi (2: )

Ayatul Kursi (2: ) Ayatul Kursi (2:255-257) Ayatul Kursi (2:255-257) & Aamenar Rasul (2:285, 286) My Ayatul Kursi & Aamenar Rasul Workbook www.qfatima.com Name: AYATUL KURSI Suratul Baqara 2:255 257 The verse of the 'Throne'

More information

K n o w A l l a h i n P r o s p e r i t y

K n o w A l l a h i n P r o s p e r i t y K n o w A l l a h i n P r o s p e r i t y H E W I L L K N O W Y O U I N A D V E R S I T Y Selections 1 from Jāmi al- Ulūm wal-ḥikam by: Ibn Rajab al-ḥanbalī 1 Taken from Ibn Rajab al-ḥanbalī s book Jāmi

More information

Course Notes. Course Taught by Shaykh Hamood Aleem Notes Prepared by Muhammad Essa Mughal

Course Notes. Course Taught by Shaykh Hamood Aleem Notes Prepared by Muhammad Essa Mughal Lesson Nine: Story of Musa ( )& Khidr ( )(Part 2) From Verse 71to Verse 82 Course Taught by Shaykh Hamood Aleem Notes Prepared by Muhammad Essa Mughal Lesson Outlines: 1- Completion of the story of Musa

More information

The Transparent Life

The Transparent Life الحياة الشفافة The Transparent Life The good life is for the one who believes in Allah و ت""عال""ى) (س""بحان""ه and does righteous good deeds based on his faith. م ن ع م ل ص ال ح ا من ذ ك ر أ و أ نث ى

More information