الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق

Transcription

1 الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة كلية العلوم اإلسالمية قسم اللغة والحضارة العربية اإلسالمية الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير تخصص لغة ودراسات القرآنية إعداد الطالب : بن علية ضيف السنة الجامعية 1437 / 1436 ه 2016 / 2015 م - 1 -

2 الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة كلية العلوم اإلسالمية قسم اللغة والحضارة العربية اإلسالمية الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير تخصص لغة ودراسات القرآنية إعداد الطالب : بن علية ضيف السنة الجامعية 1437 / 1436 ه 2016 / 2015 م - 2 -

3 الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة كلية العلوم اإلسالمية قسم اللغة والحضارة العربية اإلسالمية الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير تخصص لغة ودراسات القرآنية إعداد الطالب : بن علية ضيف إشراف األستاذة : الدكتورة : سهام مادن السنة الجامعية 1437 ه 2016 م 1436 ه / 2015 م / - 3 -

4 الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة كلية العلوم اإلسالمية قسم اللغة والحضارة العربية اإلسالمية الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير تخصص لغة ودراسات القرآنية إشراف األستاذة : إعداد الطالب : الدكتورة : سهام مادن بن علية ضيف لجنة المناقشة محم د بشير باي / د أ. د / سهام مادن ياقوت بشير / د رئيسا مقررا عضوا السنة الجامعية 1437 ه 2016 م 1436 ه / 2015 م / - 4 -

5 بسم هللا الر ح م ن الر ح يم - 5 -

6 شكر وعرفان بداية أشكر هللا اذلي أمدين القدرة عىل اجناز هذه البحث مث و اعرتافا ابمجليل أتوجه بأمسى عبارات الشكر والامتنان اىل الستاذة الفاضةل ادلكتورة سهام مادن اليت أحاطتين برعاية وتوجيه ومل تبخل عليا بنصاحئها وارشادهتا ومل تدخر هجدا ليخرج هذا العمل اىل الوجود فلها جزيل الشكر كام أتقدم ابلشكر اىل لك الساتذة الفاضل واىل لك من ساعدين

7 اهداء اىل وادلي الكرميني حفظهام هللا وأطال يف معرهام اىل معلمي الكرام وأساتذيت الفاضل اىل اليت احرتقت صربا أم معر فاروق اىل لك الزمالء و الصدقاء واىل لك عشاق اللغة وادلراسات القرأنية أهدي هذا اجلهد املتواضع بن علية ضيف - 7 -

8 مقدمة - 8 -

9 مقدمة : شد القرآن الكريم منذ نزوله أنظار العلماء فكان موضع عنايتهم ومناط أفكارهم لبديع نظمه واعجازه فكان محل د ارستهم وبحثهم فهو كتاب عقيدة وشريعة وبيان. وأخالق وعلم حكمة و ولقد اقتضت حكمة هللا عز وجل أن تكون اللغة العربية هي لغة الخطاب القرآني مما هيأ لها أن تكون لغته المعتمدة وهي التي تتميز بخصوبة معانيها وغ ازرة مدلوالتها فاحتاج النص القرآني إلى تفسير وبيان وقامت حوله حركة علمية وفكرية واسعة ال ازلت تتسع وتزداد وال تبيد. وفي العصر الحديث قطعت الد ارسات التي تهتم بالخطاب وتحليله أشواطا كبيرة فالنص قد يدل على المعنى الم ارد منه بمبناه أي داللة األلفاظ على المعنى من خالل السياق اللغوي الذي يرتبط بمعنى الكلمة في إطار الحديث أو النص وقد يدل على معناه باالستعانة بعوامل محيطة به تكون خارج النص غير أنها تعمل في بنيته وهو سياق المقام الذي يزيل اللبس والغموض عن النص ألنه هو العامل االجتماعي أو السببي أو البيئي الذي يفهم به الخطاب ويحدد مقاصده كالفضاء الزماني والفضاء المكاني والبيئة اللغوية التي أحاطت به. ومن منطلق اليقين بأن المساهمات العربية في ميدان اللغة والنحو والبالغة والنقد وفي ميدان علوم القرآن والفقه والتفسير لم تغفل عما جاءت به النظريات الغربية في تحليل - 9 -

10 الخطاب ولكن الكشف عن هذا يحتاج إلى مقاربة منهجية معاصرة فوقع اختياري على هذا البحث الم وسوم ب " الخطاب القرآني في سورة البقرة بين حدود النص وآفاق السياق". وتكمن أهمية هذه الد ارسة في أنها تأتي للكشف عن دور السياق في تحليل الخطاب القرآني وتوجيهه في ظل ما توصلت إليه النظريات اللسانية الحديثة ومحاولة تطبيقها على النص القرآني وكان و ارء اختياري للموضوع جملة من الدوافع منها الموضوعة ومنها الذاتية : أ- دوافع موضوعية : الكشف عن جهود علماء اللسان العربي في مجال تحليل الخطاب. الوقوف على أهم ما توصلت اليه الد ارسات الحديثة في مجال تحليل الخطاب. د ارسة الخطاب القرآني بآليات ومقاربات منهجية معاصرة. دوافع ذاتية : تعلقي بكل ما له عالقة بالقرآن الكريم. حبي للت ارث اللغوي واعجابي بجهود علماء العرب الموسوعية. األسئلة التي تبادرني حول تناول علماء العرب مما أتت به النظريات الحديثة ب أما عن إشكالية البحث فهي محاولة الكشف في الكيفية التي اتسق بها الخطاب القرآني في سورة البقرة وانعكاسات هذا االتساق في العالقة بين نص السورة الكريمة وسياقها و يجدر بنا التنبيه إلى تحديد المؤهالت اللغوية التي امتلكها النص وحقق من خاللها وظيفة التواصل مع المخاطبين. اخترنا سورة البقرة ألنها من أوائل ما نزل من السور بعد الهجرة وتضم عدة

11 موضوعات ولكن المحور الذي يجمعها كلها محور واحد مزدوج يت اربط الخطان الرئيسان فيه ت اربطا شديدا فهي من ناحية تدور حول موقف بني إس ارئيل من الدعوة اإلسالمية في المدينة واستقبالهم لها ومواجهتهم لرسولها صلى هللا عليه وسلم وللجماعة المسلمة الناشئة على أساسها وسائر ما يتعلق بهذا الموقف بما فيه تلك العالقة القوية بين اليهود والمنافقين من جهة وبين اليهود والمشركين من جهة أخرى. ولكي يتضح مدى االرتباط بين محور السورة وموضوعاتها من جهة وبين خط سير الدعوة أول العهد بالمدينة وحياة الجماعة المسلمة ومالبساتها من الجهة األخرى فألقينا الضوء على مجمل هذه المالبسات التي نزلت آيات السورة لمواجهتها. أما داخل النص فنجد أن السورة تمضي على محوريها بخطين رئيسيين إلى نهايتها في وحدة ملحوظة تمثل الشخصية الخاصة للسورة مع تعدد الموضوعات التي تتناولها بعد هذا يبدأ السياق حوله والسعة طويلة مع بني إس ارئيل تتخللها دعوتهم في دخول دين هللا مع تفكيرهم بعثرتهم وخطاياهم كما ال ننسى عنوان النص ودوره في نظرية النص وعليه فالبد أن نقف عند تسمية سور القرآن ومختلف اآل ارء في ذلك. وقد اعتمدت في هذا البحث على المنهج التحليلي الوصفي والتاريخي ألنهما في اعتقادي كفيالن بتحقيق غاية البحث

12 وقد تناولت الموضوع في فصلين وخاتمة فجاء الفصل األول بعنوان : تحديد المفاهيم وعالقة النص بالسياق ويضم أربعة مباحث : المبحث األول تناول مفهوم الخطاب والثاني تناول مفهوم النص والثالث تناول مفهوم السياق والمبحث ال اربع بعنوان النص والسياق في البحث القديم والمعاصر. وجاء الفصل الثاني بعنوان النص والسياق د ارسة تطبيقية ويضم ثالثة مباحث : البحث االول بعنوان بين يدي السورة وفيه قدمت وصف عام لسورة من خالل التسمية فضلها نزولها محتوياتها الهندسة الخارجية لها والنص والمتلقي ( المخ اطب( والمبحث الثاني تناولت فيه النص وسياق الحال ( المقام ) من خالل المكان وزمان النزول وأسباب النزول والناسخ المنسوخ. والمبحث الثالث تعرضت فيه النص والسياق اللغوي ( الداخلي ) من خالل العطف واإلحالة وتكرير. وخلصت إلى نتائج البحث في الخاتمة. واخترت هذه الدر اسة للوقوف على أهم البحوث والد ارسات الحديثة في مجال تحليل الخطاب والكشف عن جهود علماء العرب في هذا المجال كونهم موسوعيين يطرقون كل باب كما هو فرصة للبحث في هذا الت ارث وما للموضوع من أهمية بالغة وهي تتعلق بالخطاب القرآني الذي هو لغة التواصل بين المخاطب والمتلقي وهذا بالرجوع للد ارسات السابقة ككتاب

13 )من أساليب القرآن( إلب ارهيم السم ارئي وكتاب )النص األدبي من أين والى أين( لعبد الملك مرتاض وكتاب )بالغة الخطاب وعلم النص( لصالح فضل وكتاب ( تحليل الخطاب الشعري ) لمحمد مفتاح وكتاب )في أصول الخطاب النقدي الجديد ) لتودوروف كما نعود إلى الت ارث العربي والذي لم يخصوه في اعتقادي بد ارسة خاصة بل هو مبثوث في ثنايا كتبهم مما سأواجه في ذلك صعوبة ألنه يحتاج إلى ق ارءة متأنية ككتاب )البيان والتبيين( للجاحظ وكتاب )الخصائص ) البن جني وكتاب )أسر ار البالغة( للجرجاني وكتاب )مفتاح العلوم( للسكاكي. أما فيما يتعلق بالم ارجع فهي كثيرة ومتنوعة منها ما يتعلق بالد ارسات الحديثة التي تمس جوانب الموضوع ومنها ما يتعلق بعلوم القرآن ومنها ما يتعلق بعلوم اللغة والنحو والبالغة ومنها ما يتعلق بالتاريخ. إضافة إلى بعض المقاالت التي تعالج بعض أط ارف الموضوع. وقد تم التطرق لموضوع الخطاب في د ارسات سابقة تناولتها مختلف الكتب منها القديمة وان لم تحصر في بحث مخصص إال أنها مبثوثة في ثنايا كتب الت ارث العربي ككتاب )البيان والتبين ) للجاحظ وكتاب )دالئل اإلعجاز( لعبد القادر الجرجاني)أساس البالغة ) للزمخشري وكتاب )أس ارر البالغة( للجرجاني وغيرهم كما تناولتها أد ارسات الحديثة والتي من أبرزها كتاب )تحليل الخطاب الشعري( لمحمد مفتاح وكتاب )في أصول الخطاب النقدي الجديد( لتدروف وآخرون وكتاب )النص األدبي من في القرآن الكريم( نوال لخلف. أين إلى أين( لعبد الملك مرتاض ورسالة دكتو اره ( اإلنسجام

14 ومما ال شك فيه أن البحث في ثنايا كتب الت ارث يشكل صعوبة للباحث من ناحية المسح الكلي لغ ازرة الد ارسات القديمة والتي هي ذات طابع موسوعي ومتشعب مما صعب علينا البحث فيها عن الجزئيات الم ارد التوصل إليها وهذا لم يحد من عزيمتنا و نأمل أن نكون قد وفقنا للوصول إلى الغاية المرجوة. وفي األخير يمكنني القول أن هذه المحاولة للكشف عن الخطاب القرآني في سورة البقرة أردت من خاللها تحديد العالقة بين نص السورة وسياقها وتحديد المؤهالت اللغوية التي يمتلكها النص وحقق من خاللها التواصل مع المخاطبين فإن حالفني الصواب فهذا فضل من هللا وان كانت األخرى فحسبي صدق النية وما بذلت من جهد.. وفي األخير ال يسعني إال ان أجدد شكري ألستاذتي على ما بذلت من جهد وهللا الموفق

15 الفصل األول تحديد المفاهيم وعالقة النص بالسياق دراسة نظرية مفهوم الخطاب مفهوم النص مفهوم السياق النص والسياق في البحث القديم والمعاصر

16 المبحث األول : مفهوم الخطاب الخطاب بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي 1- المفهوم اللغوي 1-1- المفهوم االصطالحي 1-2- الخطاب القرآني 2- تعريف القرآن الكريم 2-1- خصائص الخطاب القرآني 2-2- وجه اإلعجاز في الخطاب القرآني 2-3- اإلعجاز اإلعجاز خارج النص داخل النص

17 المبحث األول: مفهوم الخطاب الخطاب بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي: المفهوم اللغوي : قبل الخوض في الحديث عن الخطاب القرآني البد من تحديد مفهوم الخطاب في اللغة واالصطالح ففي الجانب اللغوي حدد اللغويون من أصحاب المعاجم القديمة والحديثة مفهوم الخطاب بمدلوالت متقاربة فابن منظور يرى أن الخطاب يعني توجيه الكالم لمن يفهمه حيث جاء في لسان العرب البن )) منظور في: مادة )خطب( الخطاب احد مصدري فعل خاطب يخاطب خطابا مخاطبة أي:)توجيه الكالم لمن يفهم ).والخطاب والمخاطبة : ( م ارجعة الكالم( وقد خاطب بالكالم مخاطبة وخطابا وهما يتخاطبان(( )1(. ويعالج ابن فارس الخطاب في مادة ( الخاء الطاء والباء ) لينص على أن االصل األول من هذه المادة يدل على الكالم بين اثنين وسمي بذلك لما يقع فيه من تخاطب والم ارجعة إذ جاء في )) مادة ( الخاء الطاء والباء ) اللغة مقاييس أصالن : احدهما الكالم بين اثنين يقال خاطبه يخاطبه خطابا وانما يسمى لذلك لما يقع فيه من التخاطب والم ارجعة(( )2(. (( وعند المحدثين ال يختلف األمر كثي ار إذ جاء في المعجم الوسيط )خاطبه(مخاطبه وخطابا أي بمعنى كالمه وحادثه :وجه إليه كالما والخطاب الكالم في الق ارن الكريم قوله )3(. أ ك ف ل ن يه ا ف ق ا ل ع ز ن ي ف ي ال خ ط ا ب "(( و اآلية رقم 23 سورة ص. تعالي :" ابن منظور لسان العرب ج 3 ص ط 1 دار الحديث 2001 مصر. ابن فارس : مقاييس اللغة ج 2 ص 198 ط 1 تحقيق وضبط عبد السالم هارون دار الفكر. مجمع اللغة العربية المعجم الوسيط ج 1 ص 287 ط 2 ن دار الدعوة القاهرة. (1) (2) (3)

18 وبعد تتبع مفهوم الخطاب في هذه المعاجم يمكننا تأكيد على تقارب المعنى اللغوي للخطاب عند هؤالء اللغويين وحتى المجمع اللغوي في معجمه الوسيط ال يخرج عما قرروه وهو ما يجعلنا نقول : إن المعنى واحد وهو يدور حول الكالم الموجه للغير. 2-1 المفهوم االصطالحي : أكثر من يستعمل لفظ الخطاب هم األصوليون حيث قامت أعمالهم ود ارستهم عليها حينما تكلموا عن المخاطب والمخاطب ألنهما طرفي الخطاب كما ذكر مقترنا بوصف أخر مثل الخطاب الثقافي أو الصوتي أو السياسي أو التاريخي أو االجتماعي )1(. وجاء في اصطالحات متعددة منها الكالم والقول واللفظ وأشار إليه كثير من الباحثين والدارسين ألنه محل الدرس اللغوي والتحليل الخطاب.وورد لفظ الخطاب في الق ارن الكريم قوله تعالي : اآلية رقم 20 " و آت ي ن اه ال ح ك م ة و ف ص ل ال خ ط اب " سورة ص. وقد كان أول من أشار إلى الخطاب من األصوليين اإلمام الشافعي الذي يعد أول من ألف في أصول الفقه وعلومه حيث ذكر في كتاب الرسالة حول لسان العربي فقال:"..إنما خاطب هللا بكتابه العرب بلسانه على ما تعرف من معانيها وكان ما تعرف من معانيها إتساع لسانها وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاه ار ي ارد به العام والظاهر ويستغنى بأول هذا منه عن اخره وعاما ظاه ار ي ارد به العام ويدخله الخاص فيستدل على هذا ببعض ما خطيب به فيه وعاما ظاه ار ي ارد به الخاص وظاه ار يعرف في سياقه أنه ي ارد به غير ظاهره فكل هذا موجودا في أول الكالم أو وسطه أو أخره" )2(. (1) عبد الهادي بن ظافر الشهري إستراتيجيات الخطاب ص 34 مقاربة اللغوية تداولية ط دار الكتاب الجديد المتحدة بيروت. (2) الشافعي الرسالة تحقيق أحمد محمد شاكر ص 58 ط 1 مكتبة العلمية بيروت

19 ويرى اإلمام الجويني أن : ( الكالم والخطاب والتكلم والتخاطب والنطق واحد في حقيقة اللغة وهو ما يصير به الحي متكلما ويعرف الخطاب بأنه : )ما فهم منه األمر والنهي والخبر(. )1( كما اهتمت الد ارسات الحديثة بالخطاب اهتماما كبي ار وأدلى كل بدلوه مما أدى إلى تعدد اإلتجاهات وتنوع اآل ارء وهو ما االرتباك من نوعا جعل على مستوى التحديد المفهومي لكلمة. الخطاب و ازد اختالف في الحقول المعرفية للدارسين وعموما يمكن القول أن الخطاب يطلق على أحد المفهومين:. )2( األول: أنه ذلك الملفوظ الموجه إلى الغير قصدا معينا إلفهامه - وهو ما يتفق على ما ورد قديما عند العرب إذ يقول اآلمدي: ( أنه الخطاب- اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهئ لفهمه ) )3( وقد إنطلق بعض الباحثين الغربيين من ثنائية دو سوسير واستعملوا الخطاب بدل الكالم ليؤكدوا على ما يكتسبه اإلنجاز اللغوي من أوجه ربما ال يحتوها لفظ الكالم مباشرةا مثل الرسم والحركات الجسدية ثم إن الكالم قد ال يكون موجه إلى مخاطب معين مثل ما يحصل في المنولوج وكالم نائم أما الخطاب )فال يكون إال في مخاطبة وهذا اللفظ نفسه مصدر خاطب فال يتصور خطابا إال في حال خطابية مع )4( مخاطب معين(. الثاني: ورد بأنه أحد ثالثة إما بوصفه أكبر من الجملة أو بوصفه أو بوصفه استعماال -. )5( ملفوظا فبوصفه أكبر من الجملة يرى هاريس أنه وحدة لغوية قوامها سلسلة من الجمل وهو أول من استعمل مفهوم الخطاب في الد ارسات اللسانية الحديثة إذ وسع التحليل اللساني إلى ما هو أكبر اإلمام الجويني الكافية في الجدل ص ط. 1 عبد الهادي بن ظافر الشهري إستراتيجيات الخطاب مرجع سابق ص. 37 سيف الدين اآلمدي األحكام في أصول األحكام ج 1 ص 136 دار الكتب العلمية بيروت. عبد الرحمان الحاج صالح الخطاب والتخاطب ص 16 ط 1 المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية 2012 الجزائر. أنظر: عبد الهادي بن ظافر الشهري مرجع سابق ص. 37 (1) (2) (3) (4) (5)

20 من الجملة )1(. وفيه تتجه عناية الباحث بعناصر االنسجام وت اربط ومعرفة عالقة وحداته بعضها ببعض أي نظر في بنيته الداخلية أما بوصفه استعماال فيتجاوز الوصف الشكلي والقاء الضوء على كيفية تحقيق بعض الوظائف اللغوية التي يستطيع المرسل من خاللها أن يعبر عن مقاصده أي الوظائف ال الوحدات أما بوصفه ملفوظا فينظر إليه على أنه مجموعة من الوحدات ذات سياقات تلفوظية خاصة بمعنى انه مكون من جمل سياقية وقد يستخدم الجملة أساسا له ولكن بمفهومها التلفوظي السياقي وينظر الباحث هنا في طرق إنتاجه وظروفه ويصبغ "ميشال فيكو" مفهوم الخطاب بصبغة فلسفية فيرى أنه : )عملية عقلية منظمة تنظيما منطقيا أو عملية مركبة من سلسة عمليات عقلية جزئية أو تعبير عن الفكر بواسطة. )2( سلسلة من األلفاظ والقضايا التي يرتبط بعضها ببعض( والحق أنه قد ينتج الخطاب بعالمات غير لغوية كما هو الحال في الرسم أو اإلعالن التجاري مما جعل البعض يحللها تحليال لسانيا في حين يحلله البعض األخر تحليال إجتماعيا أو نفسيا وبما أن إهتماما يدور حول خطاب العرب فإننا نرى أن الحد الذي يناسب موضوعنا. )3( هو: )أنه- الخطاب كل منطوق به موجه إلى الغير بغرض إفهامه مقصودا مخصوصا( مع التأكيد على أن المنطوق ال يقتصر على شفوي فقط بل يتعداه إلى المكتوب يكتب الكاتب إال وهو ي ردد ما يكتبه بجمل ذهنية. ال ألنه 2- الخطاب القرآني : الخطاب القرآني وحي سماوي إلهي له خصوصيته التي تتماشي مع القيم اإلنسانية مادته واعية يعتمد على مقومات خطابية لتواصله من القصص وتحاور فيتفاعل مع العقل الوجدان (1) (2) (3) أنظر : سعيد يقطين تحليل الخطاب الروائي ص 17 ط 3 مركز الثقافي 1997 الدار البيضاء المغرب. جميل صليبا معجم فلسفي ج 1 ص 204 ط 1 دار الكتاب المصري 1978 القاهرة مصر. طاهر عبد الرحمان اللسان والميزان أو التكوثر العقلي ص 215 ط 1 المركز الثقافي العربي 1998 دار البيضاء المغرب

21 يخص الملتقى عناية خاصة خطاب مهيأ للتواصل رسالة واضحة تحرر اإلنسان من. )1( الخ ارفة والالمعقول وتربطه بالخالق سبحانه وتعالى )2( والق ارن الكريم سماه هللا تبارك وتعالى بالكتاب والكالم والفرقان وغيرها فتتميز عن الخطابات في المستوى الصوتي والمعجمي والتركيبي والتداولي )3( وقد تحدى سبحانه وتعالى بالق ارن أهل ن ز ل ن ا م م ا ر ي ب الفصاحة والبيان من العرب على أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك فقال سبحانه : " اآلية رقم م ن ب س ور ة ف أ ت وا ع ب د ن ا ع ل ى ه د اء ك م و اد ع وا م ث ل ه ش إ ن م ن د و ن للا ك ن ت م و ا ن ك ن ت م البقرة. سورة 23 ف ي ص اد ق ي ن " تعريف 1-2 القرآن الكريم : عرفه الزرقاني قائال : ( كالم هللا المعجز المنزل على خاتم األنبياء والمرسلين بواسطة األمين جبريل عليه الصالة والسالم المكتوب في المصاحف المنقول إلينا بالتواتر المتعبد. )4( بتالوته المبدوء بسورة الفاتحة والمختتم بسورة الناس.( 2-2 خصائص الخطاب القرآني : لقد كان للق ارن الكريم األثر البالغ في كالم العرب أو باألحرى اللغة العربية حيث اثر على لغة قريش ف ازدها دعما و أعطاها خلودا وأمدها قوة فضال عن تهذيبها وتنقيحها من جوانب عدة في األغ ارض والمعاني و األلفاظ و األساليب هذا في الجانب اللغوي التركيبي دون أن ننسي الجانب العقدي والتشريعي والتاريخي والجدل و االصطالح ومن هنا تتجلى خصائص الخطاب القرآني الذي انفرد وتميز عن سائر النصوص )5( ويتميز الخطاب القرآني بمجموعة من الخصائص ذكرها أحمد الخليل وهي :. سليمان شعرات خطاب القرآني ص. 9 السيوطي اإلتقان في علوم القرآن ص 159 ط 1 دار الهدى الجزائر. منذر عياشي مقاالت األسلوبية ص. 215 زرقاني مناهل العرفان ج 1 ص ط 1 دار القكر 2008 بيروت أحمد خليل دراسات في القرآن ص 13 دار النهضة 1969 بيروت. (1) (2) (3) (4) (5)

22 1- المصدر اإللهي : هللا سبحانه وتعالى هو المرسل ألقاه إلى جبريل لينزل به على الرسول صلى هللا عليه وسلم أي انه صادر عن الغيب )1(. 2- نص ال يتحدد عمله وأثره في توجيه الحياة المعاصرة لنزوله وانما يمتد إلى توجيه الحياة اإلنسانية كلها فهو صالح لكل زمان ومكان )2(.. النص القرآني خالف ما ألفته العرب من األنواع األدبية -3 المعجزة التي خص هللا بها النبي صلى هللا عليه وسلم وقد اثبت الق ارن الكريم والعجز عن -4 اآلتيان بمثله وتحداهم به. 3-2 وجه اإلعجاز في الخطاب القرآني: البحث في وجوه اإلعجاز القرآني عرف جهودا كبيرة من قبل العلماء والباحثين وقد اكتشفوا وجوها عديدة مما ساهمت في حركة التأليف وتطوير المعارف والمفاهيم ويمكن تصنيف إلى ثالثة أنواع )3( : اإلعجاز خارج النص: أ- اإلعجاز بالصرفة: معلوم أن القرآن تحدى بلغاء العرب على أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا عن ذلك ف أرى بعض العرب أن هللا صرفهم بقدرته على اآلتيان بمثله وأخذ بهذا ال أري إب ارهيم ابن يسار المعروف بالنظام عن المعتزلة وهذا قول فاسد بدليل قوله ق ل ل ئ ن تعالى:" اج ت م ع ت اإل ن س و ال ج ن ع ل ى أ ن ي أ ت وا ب م ث ل ه ذ ا ال ق ر آ ن " اإلس ارء 88 مع بقاء قدرتهم ويبطل هذا ال أري لثالثة أسباب: اآلية رقم وهذا فيه دليل على عجزهم 1 -الدليل القرآني يعلن التحدي لإلنس والجن. 2 -صفة األعجاز المالزمة للقرآن. (1) (2) (3) مرجع نفسه ص مرجع نفسه ص نوال لخلف االنسجام في القرآن الكريم سورة النور أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في األدب العربي قسم اللغة العربية وآدابها ص /2006 جامعة الجزائر

23 3 -خلود النص القرآني اإلعجاز من داخل النص: البحث في اإلعجاز من داخل النص هل يعود إلى ما تضمنه من أخبار وقصص عن األقوام الغابرة أم كما يحمله من أمور غيبية أم في حسن تأليفه وفصاحته وبالغته أم في أسلوبه المحكم وغير المألوف الذي لم يعرفه بلغاء العرب من قبل اختلف فيما بينهم حول وجوه اإلعجاز المختلفة في مستوياتهم هي مستويات التحليل اللغوي الخمسة: 1- المستوى الصوتي. المستوى المستوى الصرفي. النحوي الداللي المستوى. 5- المستوى المعجمي. إضافة إلى المستوى النصي لكن كان النظر إلى هذه المستويات منفصلة عن بعضها البعض دون تكامل أو تتابع. وختاما لهذا المبحث يمكن القول أن المفهوم اللغوي يتمحور حول توجيه الكالم لمن يفهم والكالم بين اثنين والمفهوم االصطالحي ال يخرج على المفهوم اللغوي كثي ار وان كان يناقش أمو ار منها القصدية وعالقة الخطاب بالجملة وهل يكون بعالمات غير لغوية أما الخطاب القرآني له خصوصيته التي يتحقق من خاللها اإلعجاز

24 المبحث الثاني: مفهوم النص النص بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي 1- المفهوم اللغوي 1-1- المفهوم االصطالحي 1-2- نحو النص

25 المبحث الثاني: مفهوم النص النص بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي المفهوم اللغوي : لتحديد المفهوم اللغوي للنص نستعرض بعض ما جاء في المعاجم اللغوية حول مادة )نصص( فمن المعاني التي أوردها ابن منظور نجد: )بلوغ أقصى الشيئ وغايته( حيث قال :)وأصل النص أقصى الشيئ وغايته ثم سمي به ضرب من السير السريع...ونص كل شيئ منتهاه... ونقل على األزهري قوله: النص أصله منته األشياء ومبلغ أقصاها ومنه قيل نصصت الرجل إذا استقصيت مسألته عنه الشيء حتى تخرج كل ما عنده وكذلك النص في سير إنما )1( هو أقصى ما تقدر عليه الدابة ) (( ابن وأورد فارس في معجمه مقاييس اللغة مادة نص )نص( قوله : النون والصاد أصل صحيح يدل على رفع و ارتفاع وانتهاء في الشيء منه قولهم نص الحديث إلى فالن :رفعه إليه والنص في السير أرفعه يقال : نصصت ناقتي أي حركها ومنصة العروس. )2( منه أيضا ونص كل شيء منتهاه (( وجاء في مختار الصحاح مادة )ن.ص.ص( في حديث علي رضي هللا عنه : )إذا بلغ النساء نص الحقاق (. يعني منتهى بلوغ العقل و نصنص الشيء حركه وحديث ابن منظور لسان العرب مرجع سابق ج 14 ص. 271 ابن فارس مقاييس اللغة مرجع سابق ج 5 ص. 356 (1) (2)

26 أبي بكر رضي هللا عنه لما دخل عليه عمر رضي هللا عنه وهو ينصنص لسانه ويقول.)1( :هذا الذي أوردني الموارد ومنه يمكننا أن نطمئن في كل شيء. إلى أن المعنى اللغوي للنص يتمحور حول بلوغ الغاية والمنتهى 2-1 المفهوم االصطالحي : كثرت التعاريف والمفاهيم للنص وهذا باعتبار الدارسين سواء منهم العرب والغرب القدامى والمحدثين وتختلف هذه المفاهيم بينهم على حسب كل باحث فالمؤرخ ليس كالفيلسوف أو الناقد أو اللغوي أو المفسر أو اللساني )2(.. )3( )) فصالح فضل يرى أن النص )) كل خطاب مثبت بواسطة الكتابة وهذا دون خلوه من المعنى والقصد و إنما يؤدي إلى معنى متماسك له داللته ومقصده فهو ال يحدده بعبارة أو جملة أو عدة جمل فهو وحدة كبرى غير العبارة أو الجملة. و يتأكد الربط بين هذه الجمل والعبا ارت كما يذكر سعيد حسن بحيري في فصل نحو Beaugrande النص إلى ما ذهب إليه كل من درسلر Dressler و بوج ارند من خالل المعايير السبعة األساسية التي تحقق ما يطلق عليه النصية Textualitàt فقد جعال : )4( 1- الربط النحوي: ويعنى بكيفية ربط مكونات النص السطحي أي الكلمات. التماسك الداللي: ويعنيان به الوظائف التي تتشكل من خاللها مكونات عالم النص. -2 القصدية: 3- وهي تعبير عن هدف النص.. انظر الرازي مختار صحاح ص 382 ط 1 دار االحياء تراث العربي. (1). حسين خمري نظرية النص ص 35 ط 1 الدار العربية للعلوم ناشرون (2) (3) صالح فضل بالغة الخطاب وعلم النص ص 297 ط 1. (4) سعيد حسن البحيري علم لغة النص ص 127 ط 1 مؤسسة المختار مصر

27 4- المقبولية: وتتعلق بموقف المتلقي الذي يقر بأن المنطوقات اللغوية تكون نصا متماسكا مقبوال لديه. اإلخبارية: وتتعلق بجدة النص أي توقع المعلومات الواردة فيه او عدم توقعها الموقفية: وتتعلق بمناسبة النص للموقف أي عالقة النص بالمقام ومدى الربط بينهما 7- التناص: ويختص بالتعبير عن تبعية النص لنصوص أخرى او تداخله معها. وقد عر ف هارتمان النص بأنه أي قطعة ذات داللة وذات وظيفة و من ثم فهي. )1( قطعة مثمرة من الكالم Text وقد أشار إلى هذا المعنى كل من هاليداي و رقية حسن إلى أن كلمة نص تستخدم في علم اللغويات لتشير إلى فقرة مكتوبة أو منطوقة مهما كان طولها شريطة أن تكون وحدة متكاملة ويظهر واضحا هذا التركيز على أن النص يتضمن المكتوب والمنطوق على أن يكون وحدة متكاملة دون تحديد حجمه طوال أو قص ار )2(. وبهذا يكون النص بالمفهوم الشائع شكال لغويا يمتاز بطول معين كان يكون قصة أو رواية أو مقامة أو معلقة أو كتاب )3(. ومن هنا يكون مفهوم النص يرتكز على إظهار المعنى الخفي و االنتقال من البداية إلى النهاية مع م ارعاة التتابع والت اربط وذلك من خالل الحاصل في التعاريف كما سيأتي بيانه وذلك على حسب اختالف وجهات النظر والخالف الحاصل في التعاريف بين الدارسين )4(. أماعند عبد الملك مرتاض أن النص وحدة عبارة عن شكل معلق له بداية ونهاية. )5(. سعيد حسن البحيري علم لغة النص مرجع نفسه ص. 95 أحمد عفيفي نحو النص ص 22 ط 1 مكتبة زهراء الشرق 2001 القاهرة. حسين خمري نظرية النص مرجع سابق ص. 43 سعيد حسين البحري علم لغة النص مرجع سابق ص. 94 عبد الملك مرتاض النص األدبي العربي من أين وإلى أين ص 18 ط 1 ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر (1) (2) (3) (4) (5)

28 فهوال يحدد النص من ناحية الجملة أو مجموعة الجمل في النص أي أن النص عنده: )ال ينبغي أن يحدد بمفهوم الجملة و ال بمفهوم الفقرة التي هي وحدة كبرى للمجموعة من الجمل فقد يتصادف أن تكون جملة واحدة من الكالم نصا قائما بذاته مستقال بنفسه وذلك ممكن الحدوث في التقاليد األدبية كاألمثال الشعبية و األلغاز و الحكم السائرة و األحاديث )1( النبوية التي تجري مجرى األحكام و هلم ج ار (. 2- نحو النص : البحث في نحو النص ال ينفصل عن البحث في نحو الجملة ألن الصلة بينهما )2( وثيقة إلى الحد الذي لم تنجح معه كل محاوالت التمييز بينهما وهذا ال يعني عدم. وضع تصو ارت واضحة عن مهام نحو النص فعلم لغة النص كما ي ارها البحيري : )) أن كثي ار من الظواهر التي تعالج في إطار النص بوصفه وحدة كبرى هي في حقيقة األمر قد كانت محور كثير من البحوث النحوية السابقة التي كانت تعد الجملة أكبر وحدة في التحليل النحوي غير أن نحو النص ي ارعي في وصفه و تحليالته عناصر أخرى لم توضع في االعتبار من قبل ويلجأ في تفسي ارته إلى قواعد داللية و منطقية إلى جوار القواعد التركيبية (( 3... ثم يذكر أن نحو النص يرتكز على ظواهر تركيبية نصية مختلفة منها : عال قات التماسك الني النص أبنية التطابق والتقابل الت اركيب المحورية الت اركيب المج أزة حاالت الحذف (1) (2) ( ) 3 عبد الملك مرتاض في نظرية النص االدبي ص 57 المجاهد العدد سعيد حسن المحري علم لغة النص مرجع سابق ص. 119 مرجع نفسه ص

29 الجمل المفسرة التحويل إلى الضمير التنويعات التركيبية وتوزيعاتها في نصوص فردية وغيرها من الظواهر التركيبية التي تخرج عن إطار الجملة الفردية والتي ال يمكن تفسيرها تفسي ار كامال دقيقا إال من خالل وحدة النص الكلية هو يرى أن النص بروابط وقواعد )1( حيث انه ال يمكن أن يتم أو تنجز بدقة أذا التزم حد الجملة نعلم لغة النص يهتم بتلك الروابط التي تحقق تماسك النص ودور السياق في فهمه وذلك بد ارسة لكل مستويات اللغوية المختلفة. من خالل هذا المبحث ندرك أن المفهوم اللغوي للنص يدور حول بلوغ أقصى الشيء وغايته ويتمحور المفهوم االصطالحي بصورة عامة ليبين أن النص هو الخطاب المثبت بواسطة الكتابة دون خلوه من المعنى وحدة وأنه والقصد كبرى غير العبارة والجملة وأنه أصبح ي ع ال ج كوحدة كبرى لها خصوصيتها فبعد نحو الجملة اتجهت الد ارسة نحو النص. مرجع نفسه ص. 119 (1)

30 المبحث الثالث: مفهوم السياق 1- السياق بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي 1-1 المفهوم اللغوي 2-1 المفهوم االصطالحي 2- أنواع السياق 3- أهمية السياق 4- عناصر السياق

31 المبحث الثالث: مفهوم السياق السياق بين المفهوم اللغوي والمفهوم االصطالحي المفهوم اللغوي: من خالل استق ارء المعاجم الت ارثية لمادة :)السين الواو القاف ) يقول ابن فارس إن : ( السين الواو القاف ) أصل واحد وهو حد الشيء يقال ساقه يسوقه سوقا السيقة : '' ما إستيق من الدواب ويقال : سقت ام أرتي صداقها و أسقته والسوق مشتقة من هذا لما )1( يساق إليها من كل شيء والجمع سوق إنما سميت لذلك الن الماشي يساق عليه '' وفي لسان العرب البن منظور أن السياق لغة من مادة ( س و ق( ساق يسوق سوقا أو سياقا أي التتابع. )2( )3( ويقول يجري عليه التهانوي في اكتشاف المصطلحات قوله : أن سياق الكالم تتابعه وأسلوبه الذي فالسياق من خالل المعاجم التي بحثت مادة )س و ق( تشير غالبها إلي التسلسل والتتابع إشارة إلى االتصال وغيرها مما يكون في هذا المعني المفهوم : 2-1 االصطالحي ابن فارس مقاييس اللغة مرجع سابق ج 3 ص. 117 ابن منظور لسان العرب مرجع سابق سوق. التهانوي كشاف المصطلحات ج 4 ص. 27 (1) (2) (3)

32 . )1( عقد اإلمام الشافعي في كتابه الرسالة بابا أسماه )باب الصنف يبين سياقه معناه ) وهذا يشير إلي أن األصوليين عنو ببحث السياق كما نجد ذلك عند الشاطبي حينما يذكر : )المساقات يختلف باختالف األحوال واألوقات والنوازل...(. )2( وهذا فيه إشارة إلى السياق اللغوي وسياق الموقف وسيأتي الكالم عنهما كما اهتم ابن الحاجب بتصنيف المعني وتفريعه والتفريق بين أنواعه لتكون نموذج يمثل وجهة نظر األصوليون في تقسيم المعنى: تصنيف ابن حاجب المعني : )3( المعني المنطوق المفهوم الصريح غير صريح الموافقة المخالفة المطابقة المتضمن كما ال حظ البالغيون ظاهرة السياق قديما من خالل قولهم أن ( لكل مقام مقال ) فالجاحظ في كتابه البيان و التبين أورد الكالم )عن اإلشارة باليد والعين و ال أرس والحاجب والمنكب...( )4( (1) (2) (3) (4) الشافعي الرسالة ص 62 التحقيق أحمد شاكر 1939 القاهرة. الشاطبي الموافقات في أصول الشريعة ج 3 ص محمد محمد يونس علي مقدمة في علمي الداللة والتخاطب ص ط 1 دار الكتاب الجديدة المتحدة ليبيا. الجاحظ البيان والتبيين ج 1 ص 83 ط 1 دار مكتبة الهالل 1988 بيروت قدم لها وبوابها وشرحها علي أبو ملحم

33 وهكذا فان السياق في الت ارث العربي ليس له مفهوم مستقل وانما استعملوه بمفاهيم متعددة تعدد الباحث والدارس وفسروا به األلفاظ والجمل والنصوص. وفي الدرس اللغوي الحديث نجد اإلشارة إلي السياق في مبحث سماه مشكلة اللفظ والمعنى في النقد وصلتها بالسياق وذكينه :) واما عن تشكلها في تأليف معنوي مع سواها في شروط خاصته ندعوها في مصطلحنا الحديث )بالسياق( ). )1( ويشير تمام حسان إلى أهمية السياق في السياق بأنه معني الكلمة في المعجم متعدد ومحتمل ولكن معني اللفظ في السياق واحد ال يتعدد بسبب : ما في السياق من ق ارئن تعين على التحديد ارتباط كل سياق بمقام معين يحدد في ضوء الق ارئن الحالية )2(. ويصرح فيرث بان المعني ال ينكشف إال من خالل تسييق الوحدة اللغوية أي وضعها في.)3( سياقات مختلفة حيث يرى أصحاب هذه النظرية أن )معظم الوحدات الداللية تقع في مجاورة وحدات أري وان معاني هذه الوحدات ال يمكن وضعها أو تحديدها إال بمالحظة الوحدات األخرى التي تقع مجاورة لها وعلى هذا فد ارسة معاني الكلمات تتطلب تحليال للسياقات والمواقف التي ترد فيها حتى ما كان منها غير لغوي( )4( K. Ammer وقد اقترح : تقييما للسياق ذا أربع شعب يشمل: 1 -السياق اللغوي 2 -السياق العاطفي. (1) (2) (3) (4) الجاحظ البيان والتبيين مرجع سابق ج 1 ص 83. تمام حسان اللغة العربية معناها ومبناها ص 316 ط 1 دار الثقافة 1994 المغرب أحمد مختار عمر علم الداللة ص 68 عالم الكتب مرجع نفسه ص

34 3 -السياق الموقف 4 -السياق الثقافي 2- أنواع السياق: للسياق القرآني عدة أنواع فهناك سياق السورة الذي يشكل وحدة عضوية متكاملة متتامة وسياق المقطع الذي يشكل محو ار رئيسيا من محاور سياق السورة وسياق اآلية الذي يرتبط إرتباطا وثيقا بسياق المقطع حيث يشكل سياق اآلية لبنة في بناء سياق المقطع وتتحد مباني اآليات حول معاني مقطعها ويشكل المقطع عضوا أساسيا في جسم السورة حيث تدور جميع المقاطع حول فلك السورة الواحدة أال و هو موضوعها الذي سبقت المعاني و 1 الموضوعات ألجله معنى هذا أن هناك ثالث أنواع من السياقات الق آرنية : سياق اآلية وسياق المقطع وسياق السورة. و الذي يهمنا في موضوعنا نوعان من السياق وهما: : السياق اللغوي ( الداخلي ) وهو الذي يرصد معنى الكلمة داخل النص 1-2 السياق الحال )المقام(: وهو السياق غير اللغوي وهو يشمل مجموعة الظروف التي 2-2 أحاطت بالنص )الخطاب( وسيأتي في الفصل الثاني الحديث عن العالقة بين النص والسياق 3- أهمية السياق: أشار العلماء والباحثون إلى أهمية السياق في فهم الخطاب )الرسالة اللغوية(.حيث قالوا لكل مقام مقال فالحملة أو النص ال معنى لها إال في السياق الذي ترد فيه,وبهذا يعد السياق ركنا أساسيا في فهم النص )الخطاب(. )1( المثى عبد الفتاح محمود نظرية السياق القرآني ص 77 ط 1 دار وائل للنشر 2008 األردن

35 ويؤكد فندريس فيقول:)الذي يعين قيمة الكلمة في كل الحاالت إنما هو السياق إذ أن الكلمة توجد في كل مرة تستعمل فيها في جو يحدد معناها تحديدا مؤقتا. والسياق هو الذي يفرض قيمة واحدة بعينها على الكلمة بالرغم من المعاني المتنوعة التي بوسعها أن تدل عليها(. )1( 4- عناصر السياق : وسنركز في هذه النقطة على عناصر السياق في النص القرآني 1 -المرسل الذي هو هللا 2 -المرسل إليه :)المتلقى( يرد هنا على درجات مختلفة 3 -العناصر المشتركة : وتتمثل في عالقة االلت ازم بما جاء في الخطاب بين هللا وعباده المؤمنين. تناول هذا المبحث مفهوم السياق ومن خالله عرفنا أن المفهوم اللغوي للسياق حسب المعاجم التي بحثت مادة ( س و ق ) يشير إلى التتابع واالتصال أما المفهوم االصطالحي ففي الت ارب العربي استعمل بمفاهيم لعل أبرزها قول البالغيين لكل مقام مقال أم المحدثون فيصرحون أن المعنى ال ينكشف إال من خالل تسييق الوحدة اللغوية أي وضئها في سياقات مختلفة. وعرفنا أن السياق نوعان : السياق اللغوي الذي يرصد معنى الكلمة داخل النص. وسياق الحال ( المقام ) الذي يشمل مجموعة الظروف واألحول التي أحاطت بالنص. - - (1) هذه العناصر استنبطت من كتاب إستراتيجيات الخطاب مقاربة اللغوية لعبد الهادي بن ظافر الشهري مرجع سابق ص

36 المبحث الرابع: النص والسياق في البحث القديم والمعاصر 1- التراث القديم 1-1- التراث األدبي النحويين عند البالغيين عند التراث النقدي التراث الديني علوم القرآن علم المناسبة المكي والمدني أسباب النزول الناسخ والمنسوخ البحث المعاصر

37 االتساق مظاهر االنسجام الخطاب التام والخطاب الناقص المبحث ال اربع : النص والسياق في الت ارث القديم البحث والمعاصر 1 -الت ارث القديم: 1-1 الت ارث األدبي: عند النحويين: يرى النحويون أن الجملة أعم من الكالم إذ شرطه اإلفادة بخالفها ولهذا يقولون: جملة الشرط جملة الجواب جملة الصلة وكل ذلك ليس مفيدا فليس بكالم )1(. فيظهر من هذا أن الجملة قد تحتاج إلى ما يتم معها المعنى والجملة قد تقع موقع الباب النحوي فتمثل عنص ار من جملة أخرى كوقوعها خب ار أو مفعوال به أوحاال أو نعتا... وقد ال تقع موقع الباب النحوي وانما تأتي الجملة مكملة لعنصر سابق كجملة الصلة أو مكملة لكالم سابق كالجملة التفسيرية و قد تأتي إستئنافية مؤذنة بانتهاء جزء من الكالم وبداية أخر. وقد تحتاج الجملة إلى اربط كالضمير أو اإلشارة أو الواو وهذا يبرز أن النحاة عندما عالجوا هذه األمور تجاوزوا العالقة بين مكونات الجملة إلى العالقة بين الجمل ليتم المعنى و تتشكل الفقرة أو النص. ط 1 دار الجيل 1991 (1) ينظر ابن هشام مغني البيب عن كتب االعاريب تحقيق حنا الفاخوري ج 2 ص 5 بيروت

38 ولقد أعطى النحاة لقضية التواصل اللغوي عناية فائقة من خالل حرصهم على حصول الفائدة لدى المخاطب من جهة و م ارعاة مقصد المتكلم من جهة أخرى. ولعدم حصول الفائدة لم يجيزوا االبتداء بالنكرة إال إذا أفادت قال سيبويه : )) وال يبدأ بما يكون فيه اللبس وهو النكرة أال ترى أنك لو قلت : كان إنسان حليما أو رجل منطلقا كنت ت لبس ألنه ال ي ستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا فكرهوا أن يبدؤوا بما فيه اللبس و يجعلوا المعرفة خب ار لما يكون فيه هذا اللبس ((. )1( ولم يشترط المتقدمون من النحاة بجواز اإلبتداء بالنكرة إال حصول الفائدة أما المتأخرون ف أروا حصرها للتسهيل فقد ذكر الغالييني أربعة شروط من موضوعات اإلبتداء بالنكرة )2(. ولم يغب عن النحاة م ارعاة السياق في معالجتهم الكالم بل أولوه العناية الكافية ومما يدل على هذا اعتمادهم على قاعدة ال حذف إال بدليل وما الدليل إال م ارعاة السياق اللغوي أو غير اللغوي. كما يشترط النحاة معرفة غرض المتكلم ومقصده لتحديد بعض الوظائف النحوية ففي بيت أبي تمام : ل عاب األ فاعي الق ات الت ل عاب ه وأر ي الج ن ى اشت ار ت ه أ ي د عواس ل. واذا قدرت : )لعاب األفاعي ) : مبتدأ و )لعابه( : خبر كما ي وه م ه الظ اه ر. أفسدت عليه كالمه وأبطلت الصورة اتي أ اردها. )3( (1) (2) (3) سيبويه الكتاب ج 1 ص 48 تحقيق عبد السالم هارون ط 3 مكتبة الخانجي 1988 القاهرة. ينظر مصطفى الغالييني جامع الدروس العربية ج 2 ص 254 ط 31 المكتبة العصرية ينظر عبد القاهر الجرجاني دالئل اإلعجاز ص 371 ط 3 مطبعة المدني القاهرة

39 وذلك أن م ارد المتكلم هنا هو أن يشبه مداد قلمه بلعاب األفاعي إذ أ ارد به الضرر ويشبهه بأزي الجنى )العسل( إذا أ ارد به النفع وعلى هذا يكون لعاب األفاعي :خب ار مقدما ولعابه : مبتدأ مؤخ ار. وهذا يدل على أنهم ي ارعون قصد المتكلم من الخطاب ويحرصون على حصول الفائدة لدى المخاطب. قال سيبويه : )) ومما يقوي ترك نحو هذا العلم المخاطب قوله عز وجل " والحافظين فروجهم والحافظات و الذاكرين هللا كثي ار والذاك ارت " ((.اآلية 35 سورة األح ازب. فلم ي عمل اآلخر فيما عمل األول استغناء عنه... وجاء في الشعر من االستغناء أشد من هذا وذلك قول قيس بن الخطيم : )1( " نحن بما عندنا و أنت بما عندك ارض وال أري مختلف " 10 فحذف المفعول به من الحافظات والذاك ارت لداللة ما تقدم عليه. وفي البيت حذف الخبر األول لداللة الخبر الثاني عليه واألصل : نحن بما عندنا ارضون وأنت بما عندك ارض ومن اعتمادهم على السياق الحمل على المعنى ففي إع ارب اآلية من سورة المنافقون قول عز وجل " لوال أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين " يقول )2( العكبري :"ويق أر بالجزم حمال على المعنى والمعنى ))إذا أخرتني أكن (( وهللا أعلم وقد ي ارعون السياق الخارجي أيضا قول سيبويه عن المثال الذي ضربه : )) حملت الجبل )3( وشربت ماء البحر (( مستقيم كذب فيرفض لهذا اإلعتبار. فهو تركيب صحيح لغويا لكنه مخالف للواقع سيبويه الكتاب مرجع سابق ج 1 ص. 74 العكبري التبيان في إعراب القرآن ج 2 ص 125 ط 2 دار الجيل 1987 بيروت. ينظر سيبويه الكتاب مرجع سابق ج 1 ص. 26 (1) (2) (3)

40 ومن م ارعاة السياق الخارجي أيضا قول سيبويه في حديثه عن تقديم المفعول به وتأخير الفاعل في مثل : )) ضرب زيدا عبد هللا ((. كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أعنى وان كان جميعا يهمانهم ويعنيانهم )1(. وال شك أن هذه العناية وهذا االهتمام تخضع لظروف ومالبسات الخطاب عند البالغيين : ال يخفى على أحد أن النظرة البالغية لها سبق تاريخي لعلم النص إذا نحن أخذنا في االعتبار توجهه العام المتمثل في وصف النصوص وتحديد وظائفها المتعددة كما تتوجه إلى المستمع أو القارئ تأثر فيه وتلك العالقة ذات خصوصية في البحث اللغوي النصي... فعملية اإلتصال تجمع عالقة بين أط ارف االتصال األساسية ( نص- منتج متلقي وكيفيات التفاعل بينها )2(. كما سنرى مع ابن قتيبة وبداية بحثه في اإلنسجام النصي والباقالني ونظرته الشمولية للنص. 1- ابن قتيبة : تبرز بداية البحث في اإلنسجام عند ابن قتيبة في كتابه "تأويل مشكل الق ارن" الذي ألفه في القرن الثالث الهجري وقد كان هدف الكتاب الرد على المالحدة الذين يريدون اإلنتقاص ولا طعن في الق ارن الكريم إذ انهم اتبعوا ما تشابه منه. فقال ابن قتيبة: " فأحببت أن أنضحى عن كتاب هللا و أرمي من و ارءه بالحجج النيرة وال ارهين )3( البينة وأكشف لناس ما يلبسون " ومن الواضح أن طعنوا الملحدين هؤالء في القرآن من (1) مرجع نفسه ج 1 ص. 34 (2) صالح فضل بالغة الخطاب وعلم النص مرجع سابق ص. 152 (3) ابن قتيبة تأويل مشكل القرآن ص 23 ط 3 المكتبة العلمية 1971 المدينة المنورة

41 وجوه عدة مردودة عليهم حيث أنهم إدعو اللحن في القرآن والتناقض واإلختالف وتأولوا كثي ار من القضايا. فبدأ ابن قتيبة بتقديم حجج هؤالء ثم يقوم بدحظها وكثي ار ما كان يستدل باآلحاديث النبوية الشريفة والشعر أيضا ثم ينتقل إلى حججه بمنهج واضح وبموضوعية تجعل ابن قتيبة يخطوا الخطوة االولى للدرس العلمي في ت ارث العربي اإلسالمي أكثر من هذا استطاع ابن قتيبة أن يقدم د ارسة للنص القرآني تقترب في الكثير من األحيان مما يعرف بعلم النص حديثا )1( ويتجلى في : الشمولية النظرة للنص القرآني كله. - ومن ذلك باب تك ارر الكالم والزيادة فيه فابن قتيبة يفرق بين الواو كأداة ربط والواو غير اربطة كما اهتم بدور أدوات الربط في اتساق النص. حديثه عن التك ارر والحذف في القرآن الكريم. انسجام القضايا الواردة في النص القرآني للرد على من إدعى على القرآن تناقض. - - فمن أهم القضايا التي درسها ابن قتيبة في كتابه قضية انسجام النص القرآني والتي تنظر إلى السورة واآليات المتباعدة نظرة متآلفة وكانت هذه القضية قضية خطابية نصية كان من الممكن أن يترتب عنها تنظير في نسق النص غير أن النقاش البالغي حولها ووقف عند حدود الكالم )2(. فقد كان ابن قتيبة ارئدا في كل القضايا التي هي من مجال لسانيات النص في الوقت الحالي وقد كان متأث ار بالجاحظ وتأثره بغيره أكبر كالرماني والخطابي والباقالني الذين كشفوا في النص القرآني مكامن اإلبداع واإلنسجام وتوصلوا إلى مفاهيم جمالية تخص النص القرآني. المغرب. نوال لخلف االنسجام في القرآن الكريم سورة النور مرجع سابق ص. 103 محمد العمري البالغة العربية أصولها وامتدادها ص 145 الدار البيضاء 1999 (1) (2)

42 -2 الباقالني : ألف الباقالني كتابه "إعجاز القرآن" وقد كان هدف الكتاب الوقوف على سر إعجاز القرآن لكن ما لبث أن اتجه إلى البحث في قضايا بالغية نصية. وسر إعجاز القرآن عند الباقالني يكمن في أسلوبه وهو سبب اختالف القوم الفصحاء في معارضته واإلتيان بمثله ولو كانت آية "فالقرآن معجز في أسلوبه الذي يسير على سنن ونمط متجانس دون ما إخالل أو اضط ارب أو تفاوت بين سورة و سورة أو آية و آية أو موضوع. )1( و موضوع فهو على دوام منفرد بذلك األسلوب" فالباقالني يرى في البشر النقص أسلوب واالضط ارب واالختالل في معانيه أحيانا وقد يظهر لك منه عدم انسجام المعاني و اختالل في المباني على عكس القرآن الكريم الذي تظهر لك منه روعة النظم وحسن السبك يقول :" وأنت ترى غيره - من أي القرآن- الكالم يضطرب في مجاريه ويختل تصرفه في معانيه ويتفاوت التفاوت الكثير في طرفه... ويريبك في أط ارفه وجوانبه... ونظم القرآني في مؤتلفه ومختلفة وفي فصله ووصله وافتتاحه واختتامه وفي كل نهجا يسلكه" )2(. فقضايا الفصل و الوصل وعالقة بداية السورة بنهايتها ودور مقدمة السورة إو افتتاحها بتماسك الكلي الشامل لسورة وت اربط موضوعها كلها مما له في لسانيات النص اآلن مكان فهو في القرن الخامس الهجري ينظر إلى القرآن نظرة شاملة وتجعله يجمع الفواتح والخواتم والمبادئ والمناسب والمطالع. 2-1 الت ارث النقدي : ومن أبرز من يمثل الت ارث النقدي في د ارسة النص حازم القرطاجني من خالل كتابه منهاج البلغاء والذي تناول فيه مباحث : اللفظ والمعنى والنظم واألسلوب ويرى إب ارهيم الباقالني إعجاز القرآن تحقيق أحمد صقر ص 205 ط 3 دار المعارف القاهرة. الباقالني إعجاز القرآن مرجع سابق ص (1) (2)

43 أن حازم خليل )1( لم يمن بعيد أو يكاد يتطابق مع فان ديك في حديثه عن ت اربط البنى لكل نص أين يستعمل مصطلح اإلقت ارن وهذا إضافة الى جملة من المستويات المستوى الصوتي والمستوى المعجمي والداللي والتداولي وهذا ما يشير إلى اسبق في الت ارث العربي. 3-1 الت ارث الديني : علوم القرآن : تبدو إشا ارت علماء علوم القرآن إلى النص والسياق واضحة من خالل الجهود والمباحث الجليلة التي أحاطوا بها كتاب هللا عز وجل وهذا باعتمادهم علوم التفسير وتبين معاني القرآن الكريم إشارة منها إلى ما يعرف في ظل اللسانيات الحديثة السياق اللغوي وسياق الحال و إذا نظرنا فيها وجدنا ما مدى السبق الذي نظر له المعاصرون وجعلوه في صيغة قابلة للتطبيق ولعل أبرز من يمثل هذا الجانب هما اإلمام الزركشي و السيوطي علم المناسبة : ذكر الزركشي أن أول من اهتم بعلم المناسبات هو اإلمام أبو بكر النيسابوري وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه اآلية : لم جعلت هذه اآلية جنب هذه )2( و ما الحكمة من جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة يقول الزركشي)) المناسبة في اللغة المقاربة وفالن يناسب فالنا أي يقرب منه و يشاكله ومنه النسيب القريب المتصل ولهذا قيل المناسبة أمر معقول ومرجعها وهللا اعلم الى معنى ما اربط بينهما : عام أو خاص عقلي أو حسي أو خيالي أو التالزم الذهني كالسبب إبراهيم خليل األسلوبية ص 61 دار الفارس 1997 عمان. ينظر الزركشي البرهان في علوم القرآن ج 1 ص. 36 (1) (2)

44 والمسبب والعلة و المعلول و النظرين والضدين ونحوه أو التالزم الخارجي كالمرتب على. )1( ترتيب الوجود الواقع في باب الخبر (( فالزركشي يظهر لنا العالقات التي تربط بين اآلي والسور وأنها متنوعة وهذا يقترب لما قاله فان ديك في مظاهر االنسجام تكلم عن عنصر ترتيب الخطاب ذكر االنتقال من العام والخاص والسبب الى النتيجة...ومن الكل الى الجزء. وهذا صريح أن علم المناسبة يبحث في النص وانسجامه وفائدته )2( :جعل أج ازء الكالم بعضها آخذ بأعناق بعض واستعمال لفظ الكالم والمناسبة إشارة إلى االنسجام الداخلي للنص. واذا كان علم لغة النص يشترط في النص معايير يجب أن تتوفر والتي ذكرناها في الفصل األول ضمن مبحث معايير النص السبعة وفي مقدمتها التماسك الداللي أو ال اربط النحوي فان علم المناسبة يبحث في هذا التماسك واالرتباط ولعل جهود العلماء في تطبيق ذلك والبحث عنه لخير دليل ونأخذ مثال على ذلك المؤلفات التي تنبئ من عناوينها تلك المحاوالت الجادة في انسجام الخطاب القرآني ومن ذلك :))نظم الدرر في تناسب اآليات والسور(( لإلمام برهان الدين البقاعي فهم بذلك يدرسون التناسب في النص القرآني من وجهين : الوجه األول : المناسبة داخل السورة الواحدة وفيها: 1 المناسبة داخل اآلية الواحدة : وهي البحث في التناسب بين دال الفاصلة واآلية التي تقع فيها )3(.وهذا التناسب أشار إليه الزركشي في البرهان تحت عنوان ائتالف الفواصل مع ما يدل عليه الكالم وهي منحصرة في أربع : التمكين التوشيح اإليغال التصدير )4( مرجع نفسه ج 1 ص. 35 الزركشي مرجع سابق ج 1 ص 36. محمد عبد الباسط عيد تقييم صالح رزق النص والخطاب في علوم القرآن ص 43 ط 1 مكتبة اآلداب الزركشي البرهان في علوم القرآن مرجع سابق ص 78. (1) (2) (3) (4)

45 وكل نقطة من هذه النقاط فيها من التفصيل والبيان وهو علم طويل البحث مرتبط بأس ارر كالم هللا عز وجل. 2- المناسبة بين اآليات داخل السورة الواحدة: يقول القاضي أبو بكر العربي في سي ارج المريدين : ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون الكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم لم يتعرض له إال عالم. )1( واحد عمل في سورة البقرة ثم فتح هللا عز وجل لنا فيه أي بمعنى أن يكون بين اآليات اربط يحكمها وهو كما أشار أحد المحققين حينما قال : والذي ينبغي في كل آية ان يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم )2(. والتناسب بين اآلي في السورة الواحدة ينقسم من حيث الت اربط وصفائه الى قسمين : األول: ظاهر لبت اربط نظر لتعلق الكالم بعضه ببعض وذلك بعدم تمام االولى اال بالثانية دون الثالثة... كأن تكون الثانية والثالثة على جهة : - -التأكيد - التفسير- التوضيح االعت ارض وهذا القسم واضح الت اربط لوضوح العالئق وشدة تالحم )3(. الثاني : وفيه تشتغل اآلية عن التي تليها ويشكل تبين العالقة بينهما وهو نوعان : - إما أن تكون الثانية معطوفة على األعلى بأحد أحرف العطف وال بد أن تكون بينهما جهة جامعة على ما سبق وفائدة العطف جعلها كالنضرين والشريكين مثل قوله تعالي : "وهللا يقبض مرجع نفسه ص. 36 الزركشي مرجع سابق ص 36. ينظر محمد عبد الباسط عيد مرجع سابق ص 55. (1) (2) (3)

46 و يبصط واليه ترجعون " البقرة )اآلية رقم 245 ( وقد تكون العالقة بينهما المضادة كمناسبة. )1( ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب - والنوع الثاني أن يفتقد ال اربط وهنا البد من البحث عن العالقة التي تربط اآلي أو وجه التناسب الذي يجمعهما الن ال ارعي إلى ذلك من وجود عدت منها : تعدد المواضيع في السورة الواحدة ( القصص الفئات( الفارق الزمني في نزول اآليات ومعلوم أن نزول القرآن كان منجما علي مدار ثالث - - وعشرين سنة. المناسبة بين فاتحة سورة لختمتها : وهي على شكل مقدمة الموضوع والخاتمة -3 )2( - استفتاح : وكان ذلك في كتاب هللا بعشرة أنواع : باألمر وباالستفهام بالثناء والتهجي والنداء والجمل الخبرية وبالقسم وبالشرط و وبالدعاء وبالتعليل. - حسن الخاتمة : وهي مثل الفواتح في الحسن ألنها أخر ما يقرع األسماع. 4- المناسبة بين ما جاء في سورة اسمها وعنوانها :يقول الزركشي قد يكون للسورة اسم واحد وهو كثير وقد يكون لها اسمان كسورة البقرة يقال لها فساط الق ارن لعضهما وبهائها. وينبغي النظر في وجه اختصاص كل سورة بما سميت به وال شك أن العرب ت ارعي في الكثير من المسميات أخذ أسماءها من نادر أو مستغرب يكون في الشيء من خلق أو تخصه... وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز تسمية سورة البقرة بهذا االسم ينظر الزركشي مرجع سابق ج 1 ص 40. ينظر الزركشي مرجع سابق ج 1 ص (1) (2)

47 لقرينة تبرز عجيب الحكمة فيها )1(.وذلك للبحث في مدى ارتباط عنوان السورة بالمحور أو المحاور التي ذكرت فيها. الوجه الثاني: التناسب بين السور ( نهاية السور مع التي بعدها (. سور القرآن الكريم على قسمي ملكي ومدني ومع ذلك يكون التناسب بينهما فمن سورة الفاتحة إلى الناس يكون التناسب مختلف ومتنوع : بين السورة المكية والمدنية )الفاتحة والبقرة (. وبين السورة المكية والمكية)األنعام األع ارف(. وبين السورة المدنية و المدنية )البقرة أل عم ارن(. وبين السورة المدنية والمكية)األح ازب سبأ (. فمن خالل علم المناسبة بين الكلمات واآلية الواحدة وبين اآليات في السورة وبين السورة نجد البحث يأخذنا إلى أن القرآن نص واحد متماسك ومنسجم رغم تفرق نزوله حسب الوقائع واألحداث. والعالقة التي تربط اآلي مع بعضه البعض هذه اآلية تشير إلى ما يعرف بالسياق الداخلي "اللغوي" لوجود جملة من اآلليات اللغوية كالعطف وتضاد وتمثيل وتنظير... والعام والخاص... إلى آخره. أما ما يمثل السياق الخارجي " المقام " في العلوم القرآن والتي لها عالقة بالواقع وظروف النفسية واإلجتماعية والثقافية والتاريخة ذات أهمية في فهم النص القرآني وهي المكي والمدني وأسباب النزول الناسخ والمنسوخ المكي والمدني : الزركشي مرجع نفسه ص (1)

48 معرفة المكي والمدني في القرآن من األمور المساعدة على فهم النص ألنها تمثل السياق التاريخي والسياق الثقافي الذي يرصد لنا الواقع الذي عاصر النزول القرآني. ويقول صبحي الصالح )1( : (... إذا وضعنا العلوم القرآنية موضع الموازنة فإن العلم بالمكي و المدني أحوجها إلى تمحيص الروايات وتحقيق النصوص والتحاكم إلى التاريخ الصحيح وهو على كل حال فهم النصوص القرآنية أحوج إلى هذا كله من " أسباب النزول"..(. فهو يرى ما يقدمه أن أسباب نزول أقل درجة من المعرفة بالمكي والمدني ألن أسباب النزول متعلقة بحادثة معينة ( فردية أو اجتماعية ) أما العلم بالمكي والمدني فهو تناول القرآن كله سور وآيات. : )2( - فوائد معرفة المكي والمدني البحث في م ارحل الدعوة اإلسالمية. مدى تجاوبها مع البيئة العربية في مكة السياق االجتماعي...(. الترتيب الزماني والمكاني. والمدنية ( السياق الثقافي السياق التاريخي وبما أن القول المشهور في معنى المكي والمدني أن : )المكي هو ما نزل قبل الهجرة ولو نزل بغير مكة والمدني ما نزل بعد الهجرة وان كان نزوله بمكة (. فإننا نالحظ أن الخطاب واآلليات اللغوية واألسلوب يختلف من مرحلة إلى مرحلة مما نلحظ ذلك التأثير الذي قام به السياق الثقافي والتاريخي والتقليد واألشخاص ألن الخطاب الذي كان صبحي الصالح مباحث في علوم القرآن ص 167 ط 13 دار العلم للمال 1981 بيروت. صبحي الصالح مرجع سابق ص 167. (1) (2)

49 قبل الهجرة وبعده يختلف وفي اإلطار العام الخطاب في مكة أغلبه الحث على عبادة هللا وحده متضمن للوعيد أما في المدنية خطاب تشريع أحكام متضمن االلت ازم به. فقد درس علماء علوم القرآن خصائص كل من المرحلتين المكي والمدني ومن خالل هذه الد ارسة تبين لهم أن بنية النص تختلف )البنية األسلوب( وهذا يرجع إلى : إختالف المخاطبين )المتلقين(.)الكفار المؤمنون(. اختالف المكان أسباب النزول : تكمن أهمية أسباب النزول في تلك الد ارسات التي خص بها سواء منها التي أف اردها بالتأليف منهم على بن المدني ومن أشهرها كما ذكر الزركشي تصنيف الواحدي وألهمية يقول: أخطأ من زعم أنه ال طائل تحته )...( ومنها الوقوف على المعنى )1(. يقول صبحي صالح : " كان جهل الناس بأسباب النزول كثي ار ما يوقعهم في اللبس واإلبهام فيفهمون اآلية على غير وجهها " )2( ثم أورد أمثلة على ذلك منها : ما حدث لمروان بن الحكم حين توهم أن قوله تعالى "ال ت ح س ب ن ال ذ ين ي ف ر ح ون ب م ا أ ت وا و ي ح ب ون أ ن ي ح م د وا ب م ا ل م ي ف ع ل وا ف ال ت ح س ب ن ه م ب م ف از ة م ن ال ع ذ اب و ل ه م ع ذ اب أ ل يم ( 188 )و ل ل م ل ك الس م او ات و األ ر ض و ا ل ل ع ل ى ك ل ش ي ء ق د ير " آل عمران: " وعيد للمؤمنين ف ازل اإلشكال وأنها في اليهود وكذا آية الخمر في سورة المائدة اآلية 193 وهكذا مع مجموعة من اآليات. )3( فقد نظر علماء علوم القرآن في العالقة بين النص والسياق من خالل أسباب النزول ألنها الوجهة التي من خ ؤاللها تظهر داللة النص القرآني لما فيه من عوامل تساعد على فهم النص ومقاصده منها : 1- الشخص )الفرد( الذي نزلت اآلية فيه تكون إما : الزركشي البرهان في علوم القرآن مرجع سابق ص 22. صبحي صالح مرجع سابق ص 130. مرجع نفسه ص. 131 (1) (2) (3)

50 جواب على سؤال. رفع وهم أو إشكال زمن النص )الخطاب( الناسخ والمنسوخ : يقول الزركشي : " العلم به عظيم الشأن وقد صنف فيه جماعة كثيرون منهم قاتدة بن دعامة السدوسي وأبو عبيد القاسم بن سالم وأبو داود السحبستاني وأبو جعفر النحاس. )1( وهبة هللا بن سالم الضريرة وابن العربي وابن الجوزي وابن األنباري ومكي وغيرهم " ومن ظريف ما حكي في كتاب هبة هللا انه قال : في قوله تعالى : إ ن م ا ن ط ع م ك م ل و ج ه ا ل ل ال ن ر يد م نك م ج ز اء و ال ش ك ورا " اإلنسان: 9 منسوخ من هذه اآلية الجملة ( وأسي ار( والم ارد بذلك أسير المشركين فقرئ الكتاب عليه وابنته تسمع فلما انتهى إلى هذا الموضع قالت : أخطات يا أبتي في هذا الكتاب! األسير يطعم وال يقتل جوعا. فقال لها : كيف يا بنية قالت : أجمع المسلمون على أن قال األئمة : ال يجوز ألحد أن يفسر كتاب هللا إال بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ وقد قال علي ابن أبي طالب رضي هللا عنه لقاص : أتعرف الناسخ والمنسوخ قال هللا أعلم قال:. )2( هلكت وأهلكت 1- والنسخ يأتي بمعنى : اإل ازلة ومنه قوله تعالى : "و م ا أ ر س ل ن ا م ن ق ب ل ك م ن ر س ول و ال ن ب ي إ ال إ ذ ا ت م ن ى أ ل ق ى الش ي ط ان ف ي أ م ن ي ت ه ف ي نس خ ا ل ل م ا ي ل ق ي الش ي ط ان ث م ي ح ك م ا ل ل آي ات ه و ا ل ل ع ل يم ح ك ي م " الحج: 52 التبديل : كقوله تعالى أ ك ث ر ه م ال ي ع ل م ون ضروب النسخ : " : و إ ذ ا ب د ل ن ا آي ة م ك ان آي ة و ا ل ل أ ع ل م ب م ا ي ن ز ل ق ال وا إ ن م ا أ نت م ف ت ر ب ل " النحل: 101 التحويل : كتناسخ المواريث. الزركشي مرجع سابق ج 2 ص. 28 الزركشي مرجع سابق ج 2 ص 29. (1) (2)

51 ما نسخ تالوته وبقي حكمه. ما نسخ حكمه وبقي تالوته. نسخ التالوة والحكم واذا تأملنا في قوله تعالى چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ آل عم ارن چ وذلك انه لما نزلت لم يعلموا تأويلها حتى سألوا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقالوا : يا رسول هللا ما حق تقاته فقال : أن يطاع فال يعصي وأن يذكر فال تنسى وأن يشكر فال يكفر فشق نزولها عليهم فقالوا : يا رسول هللا ال نطيق فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ال تقولوا كما قالت اليهود سمعنا عصينا ولكن قولوا سمعنا وأطعنا ونزلت بعدها قوله تعالى : چ 78 الحج چ ہ ە ە ٹ ٹ فكان هذا أعظم من األول ومعناها اعملوا حق عمله وكاد عقولهم " : )1( تذهل فلما علم هللا ما قد نزل بهم من هذا األمر يسر هللا ذلك وسهله ونزلت ف ات ق وا.16 للا م ا اس ت ط ع ت م " التغابن فإننا نالحظ مدى تأثير الواقع في النص أو العالقة بينهما والحكمة جلية في النسخ من خالل إظهار نعمة هللا على عباده في التخفيف وتحقيق مصالح العباد. 2 -البحث المعاصر: اعتمد محمد خطابي )2( في كتابه لسانيات النص الد ارسة اللسانية الوصفية وهو كتاب يتألف من مدخل وسبعة فصول حدد منه بعض المفاهيم مثل : النص والنصية واالتساق وخصت باقي الفصول ببحث مظاهر االتساق. قد اعتبر شرطا ضروريا وكافيا للتعرف على ما هو نص وعلى ما ليس نص فدافع البحث هو الكشف عن الخصائص المميزة للنص )3(. 2-1 االتساق : هبة هللا ابن سالمة الناسخ والمنسوخ الذي يلي أسباب النزول للواحدي ص 17 دار الضياء قسنطينة. محمد خطابي لسانيات النص مدخل إلى انسجام خطاب ص 11 ط 2 المركز الثقافي العربي 2006 بيروت. مرجع نفسه ص. 12 (1) (2) (3)

52 1-1-2 المفهوم اللغوي : يقول ابن منظور في معجمه الشهير : ))استوسقت اإلبل : اجتمعت ووسق اإلبل ك طردها وجمعها... واتسقت اإلبل واستوسقت : اجتمعت وقد وسق الليل واتسق وكل ما انضم م فقد اتسق والطريق يأتسق أي ينضم... واتسق القمر : استوى وفي التنزيل : )) ف ال أ ق س ب الش ف ق و الل ي ل و م ا و س ق و ال ق م ر إ ذ ا ات س ق (( سورة االنشقاق ) ). يقول ابن منظور يقول الف ارء : وما وسق اي وما جمع وضم. واتستق القمر : امتالؤه واجتماعه واستواؤه ليله ثالث عشرة وأربع عشرة... والوسق : ضم الشيء.. وقيل كل ما جمع فقد وسق. 1.. والتساق االنتظام (( يتضح مما أورده ابن منظور أن كلمة االتساق كثيرة المعاني ن إال أنها تكاد تجتمع في معاني معدودة رغم تشعب استخدامها إذ استخدم في مجملها في معاني : االجتماع واالنضمام واالنتظام واالستواء الحسن وكل هذا ليس بعيدا بل يكاد يتفق مع معنى االتساق في اصطالح المهتمين بلسانيات النص بل إن أحد هذه المعاني ما يؤدي معناه أي االتساق بدقة متناهية. وجاء في معجم الوسيط )) وسقت الدابة تسق وسقا : حملت وأغلقت على الماء رحمها فهي واسق... ووسقت النخلة : حملت ووسق الشيء : ضمه وجمعه... ووسق الحب : جعله وسقا وسقا واتسق الشيء اجتمع وانضم واتسق انتظم واتسق القمر : استوى وامتأل ( استوسق ) الشيء:اجتمع وانضم يقال : استوسقت اإلبل واستوسق األمر : انتظم (( مما هو مالحظ على ما جاء في المعجم الوسيط حول المادة )و.س.ق ) وبالتحديد االتساق أن معظم المعاني التي جاء بها فقد ذكرت في لسان العرب ن وهي أيضا تحمل معنى االجتماع. )1(- ابن منظور لسان العرب مرجع سابق ج 1 ص